«أتلانتيك كاونسل»: لماذا تفشل الخطة (ب) الإيرانية في سوريا؟

السبت 13 يونيو 2015 09:06 ص

في وقت سابق من هذا الشهر، قام «قاسم سليماني» قائد قوة القدس التابعة لفيلق الحرس الثوري الإيراني بزيارة مفاجئة إلى سوريا بالقرب من الخطوط الأمامية خارج اللاذقية، حيث تعهد بأن التطورات المقبلة في سوريا قريبا تحمل مفاجأة للعالم كله. وحتى الآن، لم يشهد العالم أي مفاجآت وما زال ينتظر مترقبا. وعلى العكس من ذلك، يبدو أن المعارضة تكتسب المزيد من الأرض كل يوم.

يواجه النظام الإيراني الآن عددا من الأزمات. بالإضافة إلى تحديات اللحظة الأخيرة قبل توقيع اتفاق نووي نهائي مع مجموعة الخمس زائد واحد بحلول 30 يونيو/حزيران والاقتصاد المتعثر، يتعين على إيران أن تواجه جبهة عربية موحدة في كل من اليمن وسوريا. ونظرا لعدم القدرة على إرسال مزيد من القوات إلى سوريا بسبب القيود المالية، فقد اختارت إيران التضحية أكثر بموارد حزب الله اللبناني.

وتركز أولوية إيران الآن على الحد من خسائرها في سوريا، وحماية الممر الذي يربط بين المنطقة الساحلية وسلسلة جبال لبنان الشرقية؛ أقصد بذلك وحزب الله. وللقيام بذلك، قام الحرس الثوري بسحب وحداته العسكرية والمتحالفة مع المليشيات الشيعية من شمال سوريا، وقام بنشرهم على طول الساحل العلوي في  دمشق، والجنوب الغربي لدعم قوات حزب الله في القلمون. وفي عملية السيطرة على هذه المناطق تأمين للممر الاستراتيجي الذي تحتاجه إيران لحماية مصالحها في سوريا. ويمكن أن يذهب كل شيء آخر إلى المتمردين أو حتى تنظيم «الدولة الإسلامية» هناك.

علاقة القلمون بدمشق وحمص والجزء العلوي على طول الساحل يجعل منها جائزة استراتيجية. كما أنه يعطي حزب الله الوصول الآمن إلى مرتفعات الجولان، والسماح للفريق بتطويق إسرائيل لاستخدامه كورقة ضغط جيوسياسية. ولا تزال خطة ب الإيرانية تواجه التحدي المتمثل في تحقيق مكاسب المتمردين الأخيرة في جنوب سوريا وتصاعد عدد قتلى حزب الله في القلمون.

وبعد أسبوع واحد من تعهد «سليماني»، جاءت المفاجأة من الجانب الآخر عندما استولت الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر على قاعدة لواء 52 في حرك بمقاطعة درعا، بعد ساعات من الهجوم الذي أعلن عنه لأول مرة. وباعتبارها ثاني أكبر قاعدة في جنوب سوريا، فإنها تحتل موقعا استراتيجيا هاما بين محافظات درعا والسويداء. السيطرة على هذه القاعدة يكسر الحلقة الأولى من الدفاع حول دمشق والنظام. وقد سجل المتمردون السوريون أيضا مكاسب في أجزاء أخرى من سوريا، ما جعل تعهدات «سليماني» تبدو كلاما أجوفا.

في حين أن هذه الانتصارات الأخيرة للمعارضة لم تكسب الحرب ضد «نظام الأسد»، إلا أنها فرضت واقعا جديدا على الأرض. ومن أجل تأمين هذا الممر، فإن إيران ربما تضطر لفرض نوع من المنطقة العازلة، والتي لن تكون من السهولة بمكان.

وعندما استعاد «جيش الفتح»، الجماعة المتمردة في القلمون والتي تحارب حزب الله، استعادت إدلب وجسر الشغور في وقت سابق من هذا العام، فقد بات الساحل العلوي لقمة سائغة. أما دمشق فهي قصة أخرى وحدث عنها ولا حرج. من يسيطر على دمشق سوف يكون له اليد العليا في سوريا. واليوم؛ تقترب الجبهة الجنوبية من المدينة، عازمة على المضي قدما في السيطرة على أزرع ودرعا؛ المدينتين الاستراتيجيتين اللتين يسيطر عليهما النظام. وسوف تكون معركة سهلة، ولكن لن تكون كذلك بالنسبة لإيران ومليشياتها.

وكما يفقد حزب الله المزيد من المقاتلين في القلمون مع كل يوم يمر، فإنه يكافح بشدة ليجهز من سيحل محلهم. وعلى الرغم من التصريحات الأخيرة لمسؤولين في الحزب، والتي تؤكد لأنصارهم على الانتصارات في القلمون، إلا إنه لا شيء بعد محدد. وقالت مصادر من المعارضة في القلمون لوسائل الإعلام اللبنانية إنه على الرغم من الانتصارات في بعض الأحيان، فإن حزب الله لا يمكنه استمرار إحكام قبضته ضد قوات جبهة النصرة. إذا كان لإيران أن تضمن الفوز في القلمون، فإن خسارتها ربما تهدد الوصول إلى الجولان جنبا إلى جنب مع الوصول إلى الساحل. ويدرك جيش الفتح وجبهة النصرة وغيرها من الفصائل أن المخاطر ضاعفت تضييق الخناق في هذه المعركة، ما يجعلها أكثر صعوبة على إيران وحلفائها.

وفي الوقت نفسه؛ فإن حزب الله ينزف في كل من لبنان وسوريا. المجتمع الشيعي اللبناني غير راض عن نتائج حزب الله في سوريا. وقد سقط الكثير من عناصره من دون أي انتصار. ويخسر «الأسد» الأرض، والشيعة باتوا أكثر عزلة من أي وقت مضى، وأصبحت الجنازات أمر متكرر يوميا. وكلما استمر هذا الاتجاه أطول، كلما تراجعت حماسة العائلات الشيعية اللبنانية المتعلقة بإرسال شبابها للقتال في سوريا، ما يضطر إيران إلى الاعتماد أكثر على الأفغان والباكستانيين الشيعة غير المدربين.

كل الدلائل تشير إلى أنه حتى لو أصرت إيران على هذا الممر، فإنه سيبقى عرضة لتهديد فصائل المعارضة والمتمردين الإسلاميين من جميع الجهات. ومع ذلك؛ قررت إيران منذ فترة طويلة أنه ليس هناك سوى حل عسكري في سوريا من شأنه أن يحمي مصالحها. ونظرا لكمية الدم المسال والمال المهدر، وإنفاق رأس المال السياسي بالفعل، فإن إيران لن تغير حساباتها بسهولة. وفي أحسن الأحوال، قد تحد من نطاقها لتأمين الممر، ولكن ليس من المرجح تركه.

وبينما يصر الغرب أنه ليس هناك سوى حل سياسي سوف يقضي على مشكلات سوريا، إلا إن إيران واصلت السير في الطريق العسكري. وسوف توقع الولايات المتحدة قريبا صفقة نووية مع إيران، ما يؤدي في النهاية إلى تخفيف العقوبات التي من شأنها أن تسمح لإيران بتعزيز جيشها الضعيف في سوريا. أي حديث عن حل سياسي لا يعترف بهذه الحقيقة محكوم عليه بالفشل، مثله مثل الحديث عن أي حل لا يعترف بالمخاوف الاقليمية من الهيمنة الإيرانية فإنه لن ينجح أيضا.

قد تتنازل إيران عن أجزاء من سوريا خارج هذا الممر الحيوي، ولكن لا يوجد هناك خطة (ج). إذا لم يتم تضمين الشعب السوري وداعميهم الإقليميين، وأؤكد على ذلك، في أي اتفاق سياسي، فلن يجدي أي حل، وسيستمر المتمردون الذين يقاتلون مع أي أسلحة يمكنهم الحصول عليها حتى إشعار آخر. ما لم تجبر الولايات المتحدة إيران على التسوية بشأن هذه المخاوف المحلية والإقليمية، فستواصل إيران سيرها مع خطة ب، والمعارضة ستواصل محاربتها، وسوف تستمر سوريا في التفكك متجهة إلى مزيد من الفوضى، وجر المنطقة إلى المزيد من الحروب وعدم الاستقرار.

  كلمات مفتاحية

إيران سوريا حزب الله قاسم سليماني القلمون نظام الأسد اللاذقية معركة القلمون

«ستراتفور»: العلويون في طرطوس يرغبون في التخلي عن نظام «الأسد»

كيف تغير انتصارات «الدولة الإسلامية» شكل الحرب الدائرة في سوريا؟

«ديبكا»: «القلمون» معركة حياة أو موت لـ«بشار» و«نصر الله» و«سليماني»

«هآرتس»: القلمون .. معركة «حزب الله» الاستراتيجية على الجبال السورية

المونيتور: ماذ يفعل الجنرال «قاسم سليماني» في لبنان؟!

«الحرس الثوري»: الحرب في سوريا والعراق واليمن ولبنان أبعدت المعارك عن إيران

«علماء باكستان» يطالب باتخاذ اللازم لوقف تجنيد الشباب لصالح «نظام الأسد»

إعادة رسم خطوط المواجهة في سوريا

أزمة إيران أم أزمة الشيعة ؟

وزير الخارجية التركي: «الأسد» يسعى لتشكيل دولة مصغرة في سوريا

خطة تقسيم سوريا .. ماذا بعد أن ينهار وقف إطلاق النار؟