استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المنهج التاريخي عند المستشرقين

السبت 11 يوليو 2015 09:07 ص

يمكن الكشف عن النعرة العلمية عند المستشرقين في مناهج أربعة حيث يستعملها المستشرقون إما على حدة أو مجتمعة، وهي إما شعورية يعيها المستشرقون، أو لا شعورية كامنة وراء عمل المستشرق وتحدد اتجاهاته أمام الظاهرة.

ويعتبر المنهج التاريخي هو المنهج الأول المعبر عن النعرة العلمية. ويتكون هذا المنهج أساساً من البحث عن الوقائع التاريخية أو الاجتماعية ووضعها بجوار بعضها بعضاً وترتيبها ثم الإخبار عنها والتعريف بها باعتبارها الظاهرة الفكرية ذاتها تاركاً كلية أصول الظاهرة في الوحي أو الشعور، وخالياً من كل تفسير أو فهم أو تأويل أو بحث عن دلالة أو تعرف على قانون.

والتاريخ قد يكون تاريخاً سياسياً عن طريق رصد النخب الحاكمة وتقلب والزعامات، أو تاريخاً اجتماعياً ووصف المؤسسات والنظم وكأن كل ما في الواقع مبني على أصول، أو تاريخاً عاماً يجمع كل شيء من سياسة واقتصاد واجتماع وقانون، أي أنه بمعنى ما مجرد دائرة معارف تعطي كل شيء في عمومه ولا تعطي أي شيء في خصوصه.

فإذا كان الموضوع علم التوحيد سردت الوقائع التاريخية كما يحلو للبعض أن يصفها وكأن علم التوحيد جزء من التاريخ العام. فإذا ذكرت المعتزلة ذكرت حادثة واصل بن عطاء مع الحسن البصري ونشأة المعتزلة باعتزاله مجلسه، وإذا ذكر قضية «خلق القرآن» ذكرت محنة المعتزلة وعصور المأمون والمعتصم والمتوكل. وإذا ذكرت الشيعة ذكرت أسماء الأعلام والأئمة.

وتنسب المذاهب والأفكار إلى الأماكن فهناك الحرورية والبصريون والبغداديون والكوفيون في حين أن الأفكار مستقلة عن الأماكن ولها وجودها الخاص في الشعور وإن كانت محمولة على الواقع وتظهر فيه في صورة حركات واتجاهات ونظم.

فإذا جاءت الفلسفة وعصر الترجمة ذكرت أسماء مراكز الترجمة وبيت الحكمة، وأسماء المترجمين وأسماء ترجماتهم، أما فن الترجمة ذاته وصلته بالفكر، ونشأة الألفاظ والمعاني والجدل بينهما فلا شيء منه يذكر. وإذا جاء الفقه والأصول ذكرت الحجاز والعراق ومصر، وذكر الأوزاعي وأبو يوسف وكأن مناهج التشريع من عمل الأمصار ومن وضع الفقهاء. وإذا جاء التصوف ذكرت البصرة وبغداد، وفارس والأندلس، ومصر والشام، وتناثرت القصص والحكايات، والنوادر والفكاهات، ولكن كيف نشأ التصوف في شعور الجماعة فذلك ما لم يعلمه أحد.

وقد يبدو التاريخ على أنه تاريخ حياة المفكرين وأنسابهم، مولدهم وثقافتهم، ميولهم وأهوائهم، مذاهبهم وأفكارهم، وظائفهم ومناصبهم، مع أن الفكر الإسلامي لا يضع أفكاراً بل يعرض طريقة في تفسير النصوص الدينية وفهمها وتحويلها إلى معانٍ وأبنية نظرية. فلا يأتي علم التوحيد من دراسة الشخصيات لأن عالم التوحيد لا يضع حقائق من اكتشافه الخاص لم تكن معروفة من قبل بل هو عارض لموضوعات الوحي على مستواه الثقافي وبلغة العصر.

ليست هناك نظريات للنظّام، وأخرى للجويني، وثالثة للغزالي، بل هناك نظريات الكمون، ونقد العلة. صحيح أن الأفكار الفلسفية قد ارتبطت في تاريخ علم الكلام بأصحابها، فهناك الكرامية والهذيلية والأشعرية والجهمية والواصلية.. إلخ ولكن مهمتنا نحن في القضاء على شخصنة الفكر لإبراز الفكرة اللاشخصية حتى يمكن التعامل مع الظواهر الفكرية باعتبارها مستقلة عن القائلين بها.

ويقال أيضاً السينوية والرشدية وكأن ابن سينا وابن رشد قد أبدعا ما لديهما من مذاهب ولم يعرضا أنماطاً حضارية مستقلة عن أشخاصهما. ولو لم يظهر ابن سينا وابن رشد لظهر غيرهما بنفس الأنماط الحضارية.

وكذلك في التصوف يُقال مذهب ابن الفارض أو ابن عربي، وكلاهما لم يبدعا مذهباً بل ظهرت أفكار التصوف والزهد من خلالهما. ولو لم تظهر فيهما لظهرت في غيرهما. وما الأشخاص إلا عوامل للأفكار وليسوا مصدراً لها.

 

* د. حسن حنفي أستاذ الفلسفة - جامعة القاهرة

  كلمات مفتاحية

المستشرقون الاستشراق النعرة العلمية المنهج التاريخي التاريخ علم التوحيد التصوف الحضارة علم الكلام نظريات الكمون

التراث وتحيزات الاستشراق

الدراسات الاستشراقية .. والنعرة العلمية

الاستشراق.. وتنميط العرب في أميركا

الاسـتشـراق ومنهـج الأثـر والتـأثــر

ما بعد الاستشراق الأمريكي والعالم الإسلامي: إنتاج المعرفة في عصر الامبراطورية

هل هناك فلسفة للتاريخ؟

عندما يخنق التاريخ الحاضر والمستقبل