فتحت لجان في البرلمان العراقي، مؤخرا، ملف صفقات السلاح مع الولايات المتحدة وروسيا والتشكيك التي أُبرمت في عهد الحكومة السابقة برئاسة «نوري المالكي»، وسط اتهامات بوجود شبة فساد طالت هذه الصفقات.
وبلغت قيمة هذه الصفقات نحو 44 مليار دولار منذ عام 2006، حسب لجنة الأمن في البرلمان العراقي، وخبير أمني.
ومن أبرز تلك الصفقات، التي طالتها شبهة فساد، عقود شراء طائرات من روسيا والتشيك، أبرمت العام الماضي، وأشرف «المالكي» (الذي تولى رئاسة الحكومة من مايو/أيار 2006 وحتى سبتمبر/ أيلول 2014) على توقيعها، بمشاركة وزير الدفاع آنذاك «سعدون الدليمي»، وعدد من قادة الجيش العراقي، وفق تقرير لموقع «عربي 21» الإخباري.
وقال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب «حامد المطلك»، إن الحكومة السابقة وقعت مع روسيا في عام 2012 صفقة لتزويد العراق بـ80 طائرة من طراز «مي28» و«مي35»، تسلم العراق منها أربع طائرات حتى الآن، بالإضافة إلى تزويده بـ15 طائرة من نوع سوخوي، لم يتسلم منها سوى 10 طائرات، مشيرا إلى أنه «بالرغم من ذلك؛ فقد تم تجديد العقد مرة أخرى في العام الماضي».
وأضاف «المطلك» أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن الطائرات الروسية تأخر تسليمها للعراق بحجة عدم تسلم المبالغ الكافية، على الرغم من أن الحكومة العراقية في ذلك الوقت كانت تملك تلك المبالغ، متسائلاً: «أين ذهبت تلك المليارات من الدولارات؟».
وتطرق المسؤول العراقي إلى عقد صفقة شراء طائرات «L159» مع جمهورية التشيك، بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار، لافتا إلى أن تاريخ تصنيع تلك الطائرات يعود إلى التسعينات، الأمر الذي اضطر الحكومة التشيكية إلى فتح مصانع كانت مغلقة لإعادة إنتاج تلك الطائرات بالمواصفات ذاتها، و«حقق ذلك لها أرباحا خيالية على حساب العراقيين».
حجة المحافظة على أسرار الدولة
من جهته؛ قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، «حاكم الزاملي»، إننا «لا نعرف الكثير عن العقود التي أبرمتها الحكومة السابقة، حتى إن لجنتي الأمن البرلمانية السابقة والحالية؛ لم يصلها إلى أية تفاصيل دقيقة بشأن تلك العقود؛ بحجة المحافظة على أسرار الدولة».
وأضاف: «اقتصرت المعلومات التي حصّلناها على مواعيد التسليم، والكميات، أما عقود الشراء، وكيف تمّت، والمبالغ المطلوبة، وطرق التسليم، ونوعية تلك الطائرات، وقدراتها، وسنوات تصنيعها؛ فلم نعرف عنها شيء من السلطات التنفيذية، كالحكومة أو وزارة الدفاع، وإنما حصلنا عليها من مصادرنا الخاصة، ما دعانا إلى فتح تحقيق عاجل بشأنها؛ لمعرفة مصير تلك الطائرات، بالإضافة إلى مليارات الدولارات التي أهدرت».
وتابع: «اتفقت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، مع لجنة الأمن والدفاع، على تشكيل لجنة مصغرة للتحقيق في تلك الملفات بشكل حازم، وعدم التستر عليها».
وقال رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب، «طلال خضير الزوبعي»، إن اللجنة بدأت أعمالها بداية الشهر الحالي، وقد أرسلت استفساراً رسمياً لوزارة الدفاع بشأن صفقات الأسلحة، باعتبارها المسؤولة حاليا عن تلك الصفقات، وخاصة بعد حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة من قبل رئيس الوزراء الحالي «حيدر العبادي».
وأوضح «الزوبعي» أن الوزارة تمتنع عن تزويد اللجنة بتفاصيل عقود التسليح، مشيرا إلى أنها «تجري العديد من التعاقدات بالدعوة المباشرة للشركات، من دون إجراء مناقصات أو دعوة اللجان الرقابية في مجلس النواب للاطلاع عليها، ما يفتح أبوابا كثيرة للفساد».
وقال الخبير في الشؤون العسكرية، اللواء المتقاعد «منير حمزة»، إن «عمليات الفساد التي وقعت في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والخاصة بصفقات الأسلحة؛ انعكست على الواقع الأمني في العراق، ومنحت فرصة للمجاميع الإرهابية بأن تتقدم بسهولة في عدة مناطق؛ بسبب ضعف المنظومة العسكرية التي تسببت بها تلك الصفقات».
وأضاف «حمزة» أن المبالغ التي صرفت على صفقات الأسلحة الروسية والتشيكية حتى الآن؛ تجاوزت 32 مليار دولار، مشيرا إلى أنه «لو تم استخدام هذه الأموال الطائلة بشكل صحيح؛ لانقلب الوضع في المناطق التي تشهد حاليا عمليات مسلحة بين القوات العراقية وبين تنظيم الدولة الإسلامية».
ملف صفات السلاح الأمريكية
صحيفة «المدى» العراقية فتحت هي الأخرى ملف صفقات الأسلحة التي جرى توقيعها في عهد رئاسة «المالكي» للحكومة.
وقالت الصحيفة، اليوم الأحد، إن لجانا برلمانية كشفت، أمس، إن حجم صفقات الأسلحة التي أبرمها العراق مع الجانب الأمريكي تزيد عن 12 مليار دولار منذ عام 2005، مؤكدة أن الحكومة العراقية دفعت نقداً ثمن مئات الصفقات مع برنامج تسليح وتجهيز الجيش العراقي المعروف بـ (FMS).
وأفادت اللجان، وفق الصحيفة، بأن واشنطن لم تف إلا بـ 10% من حجم الصفقات العسكرية التي أبرمتها مع بغداد، رغم قيام العراق قام بتسديد ثمن أكثر هذه العقود.
وقالت إن العراق غير قادر على استرجاع أمواله رغم تأخر الجانب الأمريكي في الإيفاء بمواعيد التسليم.
من جانبها، أكدت النائبة «ماجدة التميمي»، العضو في اللجنة المالية بالبرلمان العراقي، أن «الحكومة العراقية حولت مبالغ مالية من عام 2005 إلى العام الماضي في إطار برنامج (FMS) تقدر بـ11.8 مليار دولار».