البحرين: كيف تكون حياتك عندما تفقد الجنسية؟

الأربعاء 19 أغسطس 2015 01:08 ص

«كنت نائما عندما اكتشفت الأمر، جاء أولادي وأيقظوني، وكل ما استطاعوا قوله: أبي لقد حصلنا على أخبار سيئة، أنت موجود على القائمة»، بهذه الكلمات البسيطة استعاد المواطن البحريني سابقا «تيمور كريمي» اللحظات السيئة التي عايشها عندما علم بنبأ سحب الجنسية منه.

و«كريمي» واحد من أصل 159 شخصا جردتهم الحكومة البحرينية من الجنسية منذ عام 2012، وفق تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.

وكانت السلطات البحرينية أصدرت، في ثلاث مناسبات منفصلة  ودون إنذار مسبق، قوائم تضم أشخاصا تم سحب الجنسية منهم.

معاناة عديمي الجنسية

ومسلطا الضوء على معاناة من يتعرض لمحنة سحب الجنسية، أوضح «عبد النبي حسن العكري»، رئيس الجمعية البحرينية للشفافية (منظمة مدنية)، قائلا: «لا تستطيع أن تفعل أي شيء أصبحت عديم الجنسية؛ لا يمكنك شراء أو بيع أي شيء، لا يمكنك استخدام الخدمات الحكومية مثل الصحة أو التعليم، ويُطلب منك مغادرة البلاد، وإذا عصيت الأمر فسيُقبض عليك لكونك مهاجرا غير شرعي».

ويتم سحب وثائق الهوية من الأشخاص منعدمي الجنسية، ويصبحون غير مرئيين في نظر القانون.

ومن دون هذه الوثائق؛ تصبح المهام اليومية البسيطة أمرا مستحيلا. على سبيل المثال؛ يصبح الشخص غير قادر على العمل بشكل قانوني أو فتح حساب مصرفي.

كذلك، لا يمكن لأي شخص من دون بطاقة الهوية الإقدام على الزواج أو مراجعة طبيب محلي أو حتى الحضور إلى المدرسة.

وقبل أن يتم تجريده من جنسيته، كان «كريمي» محاميا معروفا، وفق حديثه مع «فورين بوليسي».

وأضاف: «بعد أن سحبوا جنسيتي، أخذوا مني رخصة مزاولة المهنة؛ لذلك قمت بإغلاق شركتي».

وتابع مستعرضا المحنة التي يمر بها: «أنا عاطل عن العمل منذ ذلك الحين، ولدي ثلاثة أطفال غير قادر على إعالتهم. لقد أجبرت السلطات البحرينية جميع البنوك في البلاد على إغلاق حساباتنا، إننا نعاني كثيرا».

وبدأت الحكومة البحرينية خطوة  سحب الجنسية من العشرات من مواطنيها بعد فترة وجيزة من الاحتجاجات التي انطلقت في فبراير/شباط عام 2011.

وبينما تقول الحكومة إن هذه الاحتجاجات تقف ورائها جمعية «الوفاق» المعارضة الشيعية، بدعم إيراني، تقول «الوفاق» إنها تطالب بتطبيق نظام الملكية الدستورية في البلاد، وهو مطلب للسنة والشيعية على حد سواء.

الطبيب والناشط السياسي «سعيد الشهابي» (شيعي)، نموذج آخر للمواطنين البحرينيين الذين تم تجريدهم من الجنسية؛ حيث تم سحبها منه في عام 2012.

ومتحديا خطوة سحب الجنسية منه، قال «الشهابي»: «لقد بدأت الخيارات تنفد أمام النظام، لقد عرض هذا النظام الناس للتعذيب، وجوّع الآلاف حتى الموت، و​​قتل علنا المئات من الناس في الشوارع، ورغم كل ذلك، لا يزال أهل البحرين مصرين على تحقيق التغيير. إبطال مواطنة الناس مجرد أداة أخرى لتخويف الناس وإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم».

ويعد معظم الناس الذين جردوا من الجنسية في البحرين من الشيعة الذين يشتكون من التمييز ضدهم في الوظائف بالجيش والقضاء أو المناصب العليا في البلاد.

ويشك المسؤولون البحرنيون في أن إيران الشيعية مسؤولة جزئيا عن تحريض الحركة الاحتجاجية لعام 2011 من خلال تدريب نشطاء المعارضة الشيعية.

إذ أن لدى العديد من البحرينيين الذين جردوا من جنسيتهم إما إرث إيراني بعيد أو أنهم قاموا بالسفر إلى إيران لسبب أو لآخر.

وحول ذلك، يقول «نضال السلمان»، من «مركز البحرين لحقوق الإنسان»: «معظم البحرينيين عديمي الجنسية هم من أصل إيراني. لكنهم موجودين في البحرين منذ أكثر من مائتي سنة، ويعتبرون أنفسهم بحرينيين. هذه أطول من مدة عائلة آل خليفة (الحاكمة)».

وتم سحب جواز سفر «حسين خير الله محمد»، وهو تاجر عديم الجنسية الآن، بعد عودته من رحلة لزيارة أخيه في إيران.

وعلق «محمد» على أسباب هذه الخطوة من وجهة نظره قائلا: «في الواقع، كان لدي مشاكل مع النظام منذ عام 2011 عندما كنت واحدا من الذين يقدمون الإسعافات الأولية لأشخاص كانوا يحتجون في دوار اللؤلؤة. وضعوني في السجن لمدة أربعة أشهر لقيامي بذلك الأمر. وتتم مراقبتي من قبل الدولة من وقتها».

وبدأت عملية إلغاء الجنسيات للمرة الأولى في أواخر عام 2012، عندما أصدرت وزارة الداخلية بيانا تضمن إخطار 31 شخصا بأنهم لم يعودوا بحرينيين وفقا للمادة 10 (3) من قانون الجنسية البحرينية.

وفي يوليو / تموز 2014، تم إدخال تعديلات على المادة 10، والتي أعطت السلطات قدرة إضافية على سحب الجنسية. واستخدم هذا القانون لتجريد 72 شخص من الجنسية في يناير / كانون الثاني من هذا العام.

قبل أن يستخدم مجددا في 15 يونيو / حزيران الماضي لتجريد 56 مواطنا من الجنسية بينهم تسعة من القصر. ووجهت اتهامات لكل الحالات - البالغ عددها 128 حالة – خلال هذا العام بـ«التورط في أنشطة ذات علاقة بالإرهاب».

ويقول «محمد التاجر»، وهو محام حقوق إنسان بحريني يمثل العديد من الأشخاص عديمي الجنسية في البلاد، إنه «عندما تنشر الحكومة البحرينية قوائم لأفراد جردوا من الجنسيات فإنها تتضمن مزيجا من الأبرياء وداعش (تنظيم الدولة الإسلامية) والإرهابيين الحقيقيين، لكن الغالبية العظمى من الناس على اللائحة تكون من الأكاديميين الشيعة العاديين فقط، ومن نشطاء حقوق الإنسان والمحامين ورجال الدين ورجال الأعمال».

وأضاف: «عن طريق وضع هؤلاء على القائمة مع الإرهابيين الحقيقيين، تحاول الحكومة تشويه سمعة أولئك الذين لم يقترفوا جريرة».

تحذير: التمييز يخلق الانقسامات

من جانبه، حذر الأكاديمي الشيعي «مسعود جهرمي»،  الذي أصبح من عديمي الجنسية في وقت سابق من هذا العام، من أن تمييز الحكومة ضد الشيعة يخلق الانقسامات بين الشيعة والسنة.

وأضاف: «في الماضي؛ لم تكن هناك مشاكل بين السنة والشيعة والأقليات الأخرى التي تعيش في البحرين. كنا نعمل معا، ونعيش معا، ونتزاوج. ولكن للأسف، تبذل الحكومة قصارى جهدها لوضع حد لهذا».

وعاش الأخوة «جلال» و«جواد فيروز» - وكلاهما عضو سابق في البرلمان عن حزب «الوفاق» الشيعي المعارض،  في المنفى في بريطانيا، منذ أن تم تجريدهما من الجنسية في عام 2012.

وقد استهدفت السلطات «الوفاق»، مثل الكثير من جماعات المعارضة في البحرين لعدة سنوات. ويتواجد زعيم الحزب الحالي، «علي السلمان»، وراء القضبان الآن.

ومتحدثا من منزله في شمال لندن، قال «جلال فيروز» إن «جهود الحكومة للحفاظ على السلطة تذهب إلى ما هو أبعد بكثير من فقط نشر الكراهية ضد الشيعة وإلغاء جنسياتهم».

وأضاف: «على مدى السنوات القليلة الماضية، أعطت الحكومة الجنسية البحرينية لآلاف وآلاف من السنة من دول مثل المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا وغيرها الكثير. هدفهم هو إحداث تغيير دائم في التركيبة السكانية في البلاد، بحيث تنتقل البحرين من بلد ذي غالبية شيعية إلى بلد ذي غالبية سنية».

وفي ثنايا تقريرها، لفتت «فورين بوليسي» إلى أنها سعت للحصول على تعليق من السلطات البحرينية بشأن المزاعم الواردة في التقرير، عبر توجيه طلبات إلى وزارة الداخلية والمكاتب الرسمية الأخرى، لكنها لم تتلق ردا على ذلك.

  كلمات مفتاحية

البحرين سحب الجنسية الشيعة احتجاجات حقوق وحريات

البحرين تحيل المعارض السني «إبراهيم شريف» للمحاكمة مجددا

بعد يومين من وقفها .. البحرين تسمح لصحيفة «الوسط» بالصدور مجددا

مصادر: اعتقال الناشط الحقوقي البحريني «ميثم السلمان»

«هيومن رايتس ووتش» تطالب البحرين بإطلاق سراح النشطاء الحقوقيين

ردا على انتقاد الخارجية الأمريكية.. البحرين: نتبع الإجراءات القانونية

اسـتقــلال البحــرين .. المـنـسـي!

32 دولة تنتقد تعذيب السجناء في البحرين

بسبب «حزب الله» .. البحرين تمنع دخول قياديين في اتحاد عمالي تونسي حائز على «نوبل» للسلام