هل تنتقم الداخلية والقضاء الكويتي من المعارضين السياسيين في البلاد؟

السبت 22 أغسطس 2015 05:08 ص

لم تكن مشاهد تغطية وزارة الداخلية الكويتية وجه النائب السابق والمعارض البارز «مسلم البراك» بقناع خلال نقله للمستشفى في 6 أغسطس/آب الماضي، ولا إحالة البرلماني «ناصر الدويلة» مع شقيقه «مبارك» والداعية «طارق السويدان» للقضاء الكويتي بتهم تتعلق بـ«معارضة الانقلاب في مصر» في 5 أغسطس/آب الجاري، ولا احتجاز الداخلية الكويتية «عواد النصافي» نائب أمين عام حركة حشد المعارضة بدعوي ظهوره مع «البراك» في فيديو قديم، مجرد صدف، وإنما تبدو حلقة في سلسلة تحركات ممنهجة للانتقام من المعارضين الكويتيين.

تغطية وجه «البراك» بقناع وتكبيله بطريقة مهينة، لم تكن أخر طرق امتهان وزارة الداخلية الكويتية لكرامة المعارضين، خاصة المحسوبين على التيار الاسلامي، فقد سبقها الكثير من الممارسات الأمنية التي تشير إما لسعي الداخلية أو الحكومة للانتقام من دعوات المعارضة خلال الربيع العربي بثورة في الكويت وتطهير الداخلية والقضاء على غرار مطالب الربيع العربي، أو للسعي للاستفادة من موجة «الحرب على الارهاب» في خرق القوانين وتوجيه مزيد من القمع تجاه المعارضين.

الانتقام من الربيع العربي

فخلال الاحتجاجات الكويتية 2011، والتي كانت عبارة عن سلسلة احتجاجات شعبية انطلقت مطلع عام 2011 م متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي وأطلق عليها «الربيع العربي»، طالبت هذه الاحتجاجات بإصلاحات سياسية وأخرى اجتماعية واقتصادية.

حيث طالبت المعارضة الكويتية حينئذ باستقالة رئيس مجلس الوزراء على خلفية تهم بالفساد وهو ما تم في 28 ديسمبر/كانون الثاني  بتقديم الشيخ «ناصر المحمد الصباح» استقالة حكومته للأمير، ليتم تكليف الشيخ «جابر المبارك الصباح» بتشكيل حكومة جديدة، كما صدر مرسوم أميري بحل البرلمان والدعوى لانتخابات جديدة في 2 فبراير/شباط 2012.

وانتشرت وقتها الدعاوي من المعارضة بتطهير الشرطة وتطهير القضاء الكويتي على غرار مطالب النشطاء في كل دول الربيع العربي، ما أثار قلق الأجهزة الأمنية وجهات قضائية، ما جعل نشطاء يعتبرون هذه الانتهاكات الاخيرة التي تتعمد إهانة المعارضين وسجنهم والتحقيق مهم هي رد فعل وانتقام لما جري في ذروة الربيع العربي الذي امتدت آثاره للكويت.

وعبر عن هذه الروح الانتقامية من المعارضين، ضمنا، أمير الكويت خلال القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ (مارس/أذار 2015) حينما قال أن «ما يسمى الربيع العربي لم يسفر عنه سوى عدم الاستقرار».

حيث قال أمير الكويت، الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح»، في كلمته بالقمة أن: «ما يسمى الربيع العربي لم يسفر عنه سوى عدم الاستقرار وتراجع معدلات التنمية»، وأضاف: «الربيع العربي أدخلنا في حسابات معقدة على كافة الأصعدة».

الاستفادة من الحرب على الإرهاب

أيضا تحجج وزير الداخلية الكويتي، الشيخ «محمد خالد الحمد الصباح»، بهذه الممارسات الأمنية بدعاوي أن بلاده تحارب الإرهاب، وكان مما قاله في جلسة خاصة للبرلمان لمناقشة تفجير أحد مساجد الشيعة بالكويت: «نحن في حالة حرب« مضيفاً أن «أمر الخلية الإرهابية التي نفذت عملية تفجير مسجد الإمام الصادق قد حسم ولكن هنالك خلايا أخرى لن ننتظر حتى تجرب حظها مرة أخرى.. نحن من سنذهب لهم».

أيضا شارك في الحملة ضد نواب المعارضة موالين للحكومة أبرزهم الناشط الكويتي، «محمود فاضل الجوبيري»، الذي أدان ما أسماه «تورط بعض المتطرفين والنواب في دعم الإرهاب بالمنطقة»، معتبرا أن «بعض النواب الكويتيين يقدمون الأموال لما يسمى المعارضة السورية ويدعمون القنوات التكفيرية ولابد ممن سهل للإرهابيين المهمة».

وقال تصريح خاص لوكالة أنباء (فارس) الإيرانية أن «هناك نوابا كويتيين ذهبوا إلى سوريا كما أن الإرهابي العرعور جاء إلى الكويت وجمع الأموال لقنواته الطائفية وأن العمل جار لجمع الأموال وهذا يدل على تورط بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتي في دعم الإرهاب في سوريا والمنطقة»، بحسب قوله.

وزعم هذا الناشط الكويتي أن جهاز الأمن الكويتي أعتقل 20 مشتبها بهم للإرهاب في البلاد، «كلهم من أقرباء المتطرفين في مجلس الأمة الكويتي» بحسب تعبيره.

انتهاكات ضد معارضين

وكانت وزارة الداخلية الكويتية قد مارست سلسلة من الإجراءات الأمنية القاسية بحق عدد من المعارضين تنم عن رغبة انتقامية ولا علاقة لها بتنفيذ القانون، منها وقع قناع علي وجه النائب السابق والمعارض البارز «مسلم البراك» خلال نقله للمستشفى، بعد أن أوصى طبيب السجن بنقله إليها، لتلقي العلاج اللازم بعد تعرض النائب السابق، لوعكة صحية.

وفسر معارضون وضع القناع الخاصة بالقوات الخاصة على انه مكايدة للبراك الذي سبق لـه التهكم ممن يلبس القناع، ما أثار بالغ الاستياء لدى أنصاره الذين طالبوا بمعاملته كإنسان وليس كمجرم حرب، وأدي هذا لامتناع «البراك» عن أخذ الأدوية، احتجاجا على «سوء معاملة وزارة الداخلية».

وكان المحامي الكويتي «محمد الجاسم»، كشف في يونيو/حزيران، أن «وزير الداخلية محمد الخالد يأمر إدارة السجن بحرمان مسلم البراك من حق الزيارة سواء للمحامين أو الأهل على السواء».

ويقضي «البراك» وهو أمين عام حركة العمل الشعبي (حشد)، حكم نهائي صدر ضده بالسجن سنتين لاتهامه بـ«الإساءة لأمير الكويت» في خطاب شهير ألقاه عام 2012 بعنوان «كفى عبثا».

أيضا تم تقديم البرلماني الكويتي السابق، المحامي «ناصر الدويلة»، هو وشقيقه «مبارك» والداعية «طارق السويدان» للمحاكمة أمام القضاء الكويتي بتهم تتعلق بـ«معارضة الانقلاب في مصر»، وهي تهمة غريبة على الساحة الكويتية.

وقال «ناصر الدويلة» في عدة تغريدات على «تويتر» حينئذ إن محاكمته «تصفية حسابات شخصية» وقال إنه «لا يعتبر ذات السيسي مصونة لا تمس، والذي قدمني للمحاكمة يريد أن يصفي حسابًا سياسيًا بيني وبينه».

وأضاف: اليوم يتم زج القضاء الكويتي في صراع سياسي، كل طرف يحلم أن يخرس صوت «ناصر الدويلة»، ويمنح فرعون مصر (يقصد: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي) حصانه تماثل حصانة حضرة صاحب السمو (يقصد: أمير الكويت).

ولفت إلى أن «الشيخ ناصر المحمد (رئيس الحكومة في الكويت خلال الفترة من فبراير 2006  وحتى نوفمبر 2011) يؤيد الانقلاب وحكومة الكويت (الحالية) تؤيد الانقلاب، والشعب الكويتي يرفض الانقلابات، ويتمسك بالشرعية الدستورية، وأنا أحاكم لوطنيتي».

 أيضا احتجزت الداخلية الكويتية «عواد النصافي»، نائب أمين عام حركة «حشد» المعارضة في يونيو/حزران الماضي، على خلفية ظهوره مع معارض محكوم بالسجن، واستدعته الإدارة العامة للمباحث الجنائية للتحقيق معه على خلفية ظهوره مع الأمين العام لحركة العمل الشعبي (حشد) «مسلم البراك»، الصادر بحقه حكم بالسجن عامين.

تحالف الشرطة والقضاء ضد المعارضين

وكان الدكتور «أحمد الـخـطيـب» قد كتب مقالا بعنوان: (استقلالية القضاء الكويتي غاية مستحيلة.. وهذه هي الأسباب) في نهاية يوليو/تموز الماضي أشار فيه إلى أن تجارب دولية مشابهة لقمع المعارضين قائلا: «وزارة الداخلية تلفق الاتهامات لقيادات الأحزاب الأخرى، وتقوم وزارة الإعلام بتضخيم هذه الاتهامات، فتأتي وزارة العدل، لتحكم في هذه القضايا، وتصدر الأحكام الكفيلة بتصفيتهم، سياسيا».

وأضاف: «الكويت ليست بلدا ديمقراطيا لديها دستور، فالدستور الكويتي تم إلغاؤه عام 1967، عندما تم تزوير الانتخابات، وتحوَّلت الكويت من دولة ديمقراطية إلى إمارة، أي حالها حال دول المنطقة، تخضع للتقليد المتبع، الذي يعتبر الأرض وما عليها وما فيها، ملكا خاصا للحاكم وحده، الذي لا يمكن أن يرضى بأي جهة أن تشكك في ذلك، أو تحاول أن تقلص من هذه الصلاحيات».

وأعتبر أنه لهذا السبب فإن «استقلال القضاء عندنا مستحيل، ومحاولة تشويه سمعته مستمرة، حتى في قضية الشيكات المزعومة، التي لا يصدقها حتى الأهبل، إذ كيف يقبل أي قاض بشيك رسمي، وهو الخبير بدهاليز الحرامية وأساليبهم الجهنمية في إخفاء جرائمهم؟ ولاسيما أن شعار معظمهم الأوامر الشفهية هي سلاح الحرامية»، بحسب وصفه.

وختم بقوله: «إن جسم القضاء، كغيره من الأجهزة، لابد أن تكون عليه ملاحظات، فالكامل هو الله وحده، لكن القضاء قادر على ترتيب بيته الداخلي عندما يحصل على استقلاليته الكاملة».

  كلمات مفتاحية

الكويت ناصر الدويلة طارق السويدان مسلم البراك

«قناع البراك» يثير الغضب في الكويت .. و«حشد» تصف تعامل الداخلية بـ«البلطجة»

«حاكم المطيري»: اعتقال «البراك» نهاية متوقعة لحقبة الوهم الديمقراطي

«العفو الدولية» تطالب بالإفراج عن «مسلم البراك» باعتباره «سجين رأي»

وزير الداخلية الكويتي يشيد بالتعاون الأمني مع واشنطن

الكويت تعتقل مواطنا يقيم في بريطانيا بتهمة الإساءة لحكام الخليج