الكويت وإندونيسيا: فرص سانحة للاسـتـثمـار بعيدا عن اضطرابات الشرق الأوسط

الخميس 17 سبتمبر 2015 06:09 ص

وقعت شركة النفط الاندونيسية، برتامينا، مؤخرا مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الكويتية، والتي تغطي التعاون في تطوير الفرص في صناعة البترول والغاز الطبيعي المسال، ومصادر الطاقة المتجددة.

وجاء الاتفاق بعد فترة وجيزة من إرسال الحكومة الكويتية رسالة تهنئة إلى الرئيس «جوكو ويدودو» في الذكرى الـ70 لاستقلال إندونيسيا في منتصف أغسطس/آب. وفي حين كانت علاقات الكويت مع أندونيسيا متواضعة نسبيا، فإن هذه التطورات الأخيرة هي مفاصل لتحولات تدريجية، وواضحة في العلاقات الثنائية.

على الرغم من أن جاكرتا والكويت أسستا العلاقات في عام 1968، حصل قليل من التقدم في التسعينيات مع دعم جاكرتا للاستقلال الكويتي بعد غزو العراق. منذ ذلك الحين، نمت العلاقات الثنائية بشكل مطرد. وإلى جانب زيادة الاستثمار، فقد ارتفع حجم التجارة (ولو في مستويات متواضعة جدا)، إلى ما يقدر بـ 130 مليون دولار في العام الماضي. أندونيسيا تستورد أساسا موارد النفط والمنتجات النفطية الأخرى، في حين تشمل واردات الكويت الأسمنت والخشب، والورق والمطاط، والأثاث والفواكه.

تشكل الطاقة عنصرا هاما في عملية انخراط الكويت مع أندونيسيا. ففي عام 2010، قامت الشركة التي تديرها الحكومة وهي الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية «كوفبيك» بشراء أسهم في الوحدة الاندونيسية كونوكو فيليبس، الذي تمثل  25% من كتلة أوجونغ في بحر جاوة الشرقية.

«كوفبيك» كما ورد تملك حصصا أخرى في البلاد، بما في ذلك كتلة حقل غاز في غرب ناتونا، سوى بلوك بولا في جزيرة سيرام، باستثمارات تبلغ 45 مليون دولار.

في نفس العام، خططت برتامينا ومؤسسة البترول الكويتية للاستثمار بقيمة 9 مليار دولار في مشروع مشترك لمصفاة في بالونجان في جاوة الغربية، مع إنتاج متوقع يقرب من 300 ألف برميل يوميا. وأعقب ذلك الاتفاق بين شركة SK الكورية الجنوبية للطاقة والبترول والكويتية العالمية المحدودة، في عام ،2012 لتطوير مشترك لمصفاة تنتج  30 ألف برميل يوميا في أندونيسيا. وبعد مرور عام، أعلنت الحكومة الكويتية عن خطط لبناء مصفاة بـ7 مليار دولار في إندونيسيا، ولكن الخطة ألغيت في وقت لاحق.

وكان لقضية العمال المهاجرين جانب هام في العلاقات بين أندونيسيا والكويت. ويعتقد أن هناك أكثر من 16 ألف عامل من إندونيسيا يعملون في الكويت. على الرغم من أن الحكومتين قد وقعتا مذكرة تفاهم تهدف إلى تنظيم توظيف العمال، وحالات العمال المهاجرين، ومن بينهم الأندونيسيين، الذين يلقون معاملة غير عادلة في الكويت منذ فترة طويلة مما شكل  مصدر قلق لحقوق الإنسان. ودفعت تداعيات الضغط الدبلوماسي الحكومتين لتوقيع اتفاق آخر يهدف إلى تحسين أوضاع العمال.

وحافظت أندونيسيا والكويت على مستوى معتدل في الدبلوماسية الشعبية. فقد ازداد عدد السياح الكويتيين الذين زاروا أندونيسيا بنسبة 30 إلى 40%، حيث وصلت إلى 1300 شخصا. وبالإضافة إلى ذلك، شاركت الكويت في القمة الآسيوية الأفريقية التي تعقد في باندونغ في وقت مبكر من هذا العام. من جانبها، شاركت إندونيسيا في معرض الكويت في وقت مبكر من هذا العام، على أمل تشجيع السياحة والثقافة في البلاد.

يجتمع البلدين أيضا في كثير من الأحيان في المباريات الرياضية. ويتم العمل على زيادة هذا التبادل. كما أعلنت جاكرتا قرار إعفاء الزوار الكويتيين من متطلبات الحصول على التأشيرة. وفي الوقت نفسه تعزيز الشراكة ليست عملية بسيطة، لكن زيادة الاتصال البشري ستساعد في تعزيز العلاقات بين البلدين.

كما تم تعزيز العلاقات من خلال المساعدات والقروض. فمنذ عام 2001، كانت الكويت واحدة من أكبر المانحين لأندونيسيا. على سبيل المثال، منحت لأندونيسيا قرضا ميسرا بقيمة  50 مليون دولار للمساعدة في تمويل مشاريع التنمية في البلاد. وكانت الكويت أيضا من بين الشركات الرائدة في المساعدات الإنسانية إلى اندونيسيا بعد أن تعرضت البلاد لأزمة من جراء كارثة تسونامي في عام 2004. وفي أعقاب زلزال جاوة في عام 2006، فقد نجح المال الكويتي ببناء قرية تقع في منطقة دمرها التسونامي، وتضم 150 منزلا، ومسجدا، فضلا عن مركز طبي.

كما أنجزت الكويت عددا من المشاريع الأخرى في إندونيسيا، بما في ذلك محطات تنقية المياه والبنية التحتية ودور الأيتام، ووفرت 300 قارب صيد، وتقديم معدات ثقيلة لتعبيد الطرق، وتبرعت بإمدادات إغاثية. وكان آخر مثال في يوليو/تموز من هذا العام عندما افتتحت جمعية الهلال الأحمر الكويتي مدرسة في باندا اتشيه.

تتزايد مبادرات الكويت في الأونة الاخيرة الى أندونيسيا، وتنظر الكويت إلى إندونيسيا باعتبارها أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا وعضو مجموعة العشرين مما يجعلها هدفا جذابا للاستثمار. كما يبلغ عدد سكانها أكثر من 250 مليون نسمة، فأندونيسيا تعد سوقا استهلاكية جذابة للغاية بالنسبة للصادرات الكويتية. كما يوفر الموقع الاستراتيجي لأندونيسيا فرصة للكويت لتعزيز موطئ قدم لها في المنطقة. مع عدم وجود إشارات تدل على عودة الاستقرار في الشرق الأوسط، فإنه ليس من المستغرب أن ترى الكويت في الاقتصادات النامية في جنوب شرق آسيا بدائل فاعلة.

أما بالنسبة لإندونيسيا، فإن وجود الكويت المتنامي هو موضع ترحيب. من ناحية فهي مصدر رئيسي لتزويد النفط، أندونسيا تستهلك الآن بقدر الطاقة التي ينتجها، والكويت هي واحدة من الدول المنتجة للطاقة الرئيسية في العالم. في الوقت نفسه، على الرغم من مكانتها باعتبارها أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، تحتاج أندونسيا لمليارات الدولارات من الاستثمارات لإصلاح اقتصادها وخفض معدل البطالة البالغ حاليا نحو 10%. وتبدو جاكرتا أيضا حريصة على توسيع سوقها الاستهلاكية للتحوط ضد خطر الفوضى الاقتصادي المحتمل في أمريكا وأوروبا، والكويت يعمل أيضا كمركز للتوسع الاقتصادي في منطقة الخليج و الشرق الأوسط.

  كلمات مفتاحية

الكويت أندونسيا تعاون اقتصادي