استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

اتفاقات أوسلو: خطيئة أم فرصة ضائعة؟

الخميس 8 أكتوبر 2015 05:10 ص

من المستبعد أن ينتهي قريباً الجدل حول إيجابيات وسلبيات اتفاقات أوسلو التي وقّعها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي اسحق رابين في أيلول/سبتمبر 1993. بيد أن الأمر الذي لاجدال فيه هو أن الاتفاقات أوجدت فرصة استراتيجية لأشكال جديدة من العمل الفلسطيني التي استفاد منها، بعكس ماهو متوقّع، حتى المعارضون للاتفاقات مثل حركة حماس، في نهاية المطاف.

تتمثّل نقطة الضعف الحرجة، من وجهة نظر فلسطينية، في أن الطاقة التي تم استثمارها في بناء نظام حكم ذاتي وإطلاق منافسات سياسية محلّية خلال الفترة الانتقالية، لم تقابلها عملية تعبئة منتظمة لتشكّل تحدّياً مستمراً لبرنامج إسرائيل الاستيطاني المتواصل.

من المؤكّد أن النقاد الفلسطينيين مثل «إدوارد سعيد»، لم يكونوا مخطئين في اكتشاف عيوب خطيرة في اتفاقات أوسلو التي سمحت للحكومة الإسرائيلية بإعادة إنتاج «مصفوفة السيطرة» الخاصة بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمتمثّلة في أنظمة الإدارة العسكرية المتشابكة، والمستوطنات وشبكات الطرق التي تربطها، والإجراءات القانونية البيروقراطية.

بيد أن الحجج التي تقول إن الاتفاقات حالت دون تحقيق أي نتيجة أخرى سوى الفشل والاستسلام الوطني الكامل، كانت تستند إلى تفسير جامد إلى حدّ بعيد للديناميكيات السياسية الفعلية والممكنة. ولم يكن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية «ياسر عرفات» مخطئاً في الاعتقاد بأن الواقع السياسي على الأرض سيتطوّر بسرعة تتجاوز النصّ الحرفي لاتفاقات أوسلو. غير أن قراءته للواقع السياسي الذي ينبغي تغييره، وكيفية القيام بذلك، كانت مخطئة من أساسها.

خلال أشهر من المحادثات التي سبقت التوقيع على «اتفاق التنفيذ» في القاهرة في مايو/أيار 1994، على سبيل المثال، رفض عرفات مناقشة التفاصيل العملية مع وفده المفاوض (ناهيك عن الإسرائيليين). بدل ذلك، كان همّه الوحيد هو تأمين موافقة إسرائيلية على أن يقف شرطي وأن يتم رفع علم الفلسطيني عند معبر أريحا مع الأردن، وهو الأمر الذي يرمز إلى «السيادة» التي كان على يقين من أنها ستتحقق قريباً وبصورة كاملة.

كان «عرفات» على قناعة بأن نظراءه الإسرائيليين فهموا حقيقة أن المضمون الكامل لاتفاقات أوسلو سيفضي إلى إقامة دولة فلسطينية، وأنهم بتوقيعهم عليها وافقوا بالفعل بحكم الأمر الواقع على هذه النتيجة.

إذن، لماذا الخلاف حول التفاصيل العملية مثل السيطرة على السكان وسجلّات الأراضي، والمسؤولية عن البنية التحتية والأشغال العامة والموارد المائية في المناطق المتبقية تحت السيطرة الإسرائيلية، وشروط حرية حركة وتنقل الأشخاص والسلع، أو أي من الترتيبات الأخرى التي لاتعدّ ولاتحصى والتي تنظّم الحياة اليومية عندما تكون هذه الأمور مؤقَّتة ليس إلّا، وسيتم إلغاؤها تلقائياً بمجرّد أن تصبح فلسطين مستقلّة؟

ولماذا يتم استثمار الرصيد السياسي في مجابهة برنامج (إسرائيل) الذي يتّسم بالنشاط الزائد لبناء المستوطنات وتوسيعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، طالما أن انسحاب المستوطنين والتسوية الاقليمية، كما كان يعتقد عرفات، كانت في طريقها لأن تكون جزءً لايتجزأ من صفقة شاملة على أي حال؟  ولماذا استثمار الوقت والطاقة في تعبئة المجتمع الفلسطيني والرأي العام الإسرائيلي والمجتمع الدولي في غضون ذلك، طالما أن مسألة قيام الدولة «محسومة» في الأساس؟

كانت فرصة المجابهة والتعبئة حاضرة بالتأكيد. فقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية، جنباً إلى جنب مع السلطة الفلسطينية التي أنشأتها في العام 1994، تتمتّع باعتراف غير مسبوق كشريك سياسي شرعي. وكان بمقدور النشطاء والناطقين الرسميين الفلسطينيين الوصول إلى كل بيت في إسرائيل من خلال وسائل الإعلام – ومن خلال الاتصال وجهاً لوجه في قاعات الاجتماع والجامعات – وهي ميزة غير مسبوقة لحركة لاتزال تسعى إلى التحرّر الوطني.

في آذار/مارس 1999 اعتبر الاتحاد الأوروبي رسمياً حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير «بما في ذلك خيار الدولة» مطلقاً، ولا «يخضع إلى أي فيتو» ولايتوقّف على التوصّل إلى حلّ عن طريق التفاوض، لينضمّ بذلك إلى معظم بلدان العالم التي أعلنت بالفعل دعمها غير المشروط للمبادئ نفسها.

كانت تلك هي «السنوات الذهبية» في عهد أوسلو، والتي تمتّعت خلالها منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها وأحزابها السياسية المختلفة، بما فيها المعارضة مثل حماس، بحرّية واسعة لتنظيم وتجنيد وإطلاق وسائل الإعلام، والحفاظ على حضور عام في جميع أنحاء مناطق الحكم الذاتي التابعة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك الأحياء النائية في القدس الشرقية.

كان بمقدور تلك الأطراف إحياء الخبرات الغنية و«سلطة الشعب» المثيرة للإعجاب للانتفاضة الأولى، بهدف التصدّي إلى كل موقع جديد للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي والتأكيد على مطالبة الفلسطينيين بالقدس الشرقية من خلال تظاهرات واعتصامات جماهيرية يومية.

كان سيُنظر إلى المقاومة النشطة غير العنيفة لاستعمار مزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة باعتبارها أمراً مشروعاً على الصعيد الدولي. والأمر الأشدّ خطورة هو أنها كانت ستواجه الناخبين الإسرائيليين مباشرة بالاختيار بين السلام أو المزيد من المستوطنات، وتمنح معسكر السلام الإسرائيلي نفوذاً إضافياً.

لكن بدلاً من ذلك، ركّز «عرفات» بصورة حصرية تقريباً على ترسيخ السيطرة السياسية والاجتماعية الداخلية للسلطة الفلسطينية، في حين ركّز المعارضون الفلسطينيون لاتفاقات أوسلو كذلك وبعزم وطيد على منازعة شرعية الاتفاقات والتلويح بمؤهلاتهم الوطنية. كانت النتيجة فشلاً جماعياً في مواجهة السياسات الإسرائيلية التي كانت الأكثر إزعاجاً لعملية السلام.

عندما بدأت الجرّافات الإسرائيلية العمل لبناء مستوطنة جديدة كبيرة في جبل أبو غنيم (هار حوما) بين القدس وبيت لحم في العام 1997، على سبيل المثال، جاء الردّ الفلسطيني الوحيد (باستثناء الاستنكار المتكرّر في وسائل الإعلام) من البرلمانيين فيصل الحسيني وصلاح التعمري وحفنة من الناشطين الذين نصبوا خيمة احتجاجية عند سفح التلّ.

كان التصرّف بصورة مختلفة يتطلّب وجود قيادة فلسطينية لاتفهم المجتمع الإسرائيلي وتدرك الحاجة إلى الانخراط معه وحسب، بل قيادة تنظر أيضاً إلى المجتمع الفلسطيني باعتباره طرفاً فاعلاً على قدم المساواة ينبغي تعبئته بصورة منهجية وإسناد دور سياسي مركزي له، بدلاً من معاملته على اعتبار أنه أداة خاملة يتم تفعيلها على نحو مفيد عند الحاجة لممارسة الضغوط التفاوضية في مواجهة الحكومة الإسرائيلية.

نتيجة لذلك، فشلت القيادة الفلسطينية في تقييم الآثار الكاملة لاغتيال «رابين» بصورة صحيحة على يد قومي إسرائيلي متطرّف في العام 1995، كما فشلت في مضاعفة جهودها للانخراط مع المؤسّسات السياسية والأمنية الإسرائيلية، والجمهور الإسرائيلي خصوصاً.

ولم تحفّز نهاية الفترة الانتقالية التي استمرت خمس سنوات في العام 1999 على تبنّي استراتيجية جديدة تجمع بين الالتزام بالمفاوضات وبين إجراءات بناء الدولة، نوعاً ما، التي أخذتها السلطة الفلسطينية على عاتقها لاحقاً، لكن في ظلّ ظروف معاكسة بصورة جذرية، رداً على «خريطة الطريق» للعام 2003 التي قدمتها اللجنة الرباعية الدولية في العام 2003، وفي خضم  سعيها لإقامة دولة فلسطينية عبر الأمم المتحدة منذ العام 2011.

في مواجهة هذا الخلل الهائل في موازين القوى مع (إسرائيل)، المؤسّسية والاقتصادية، وليس العسكرية فقط، أشار سعيد وغيره بصورة مبرَّرة، إلى أنه كان يتعيّن على القيادة الفلسطينية أن تعمل على معالجة الخلل عبر تعبئة المجتمع الفلسطيني بلا توقّف والانخراط بلا كلل مع نظيرتها الإسرائيلية.

ساعد الفشل في القيام بذلك على تمهيد الطريق لعسكرة الانتفاضة الثانية وتهميش الحركة الشعبية، والانهيار النهائي للنظام السياسي الفلسطيني. وبعد اثنين وعشرين عاماً، لم تعد الظروف قائمة للقيام بالنوع نفسه من التعبئة، حيث أبلغ خليفة عرفات، محمود عباس، الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30 سبتمبر/أيلول 2015، بأن منظمة التحرير الفلسطينية لن تكون ملزمة باتفاقات أوسلو. غير أن هذه الإخفاقات المتتالية لم تكن محتومة بسبب اتفاقات أوسلو.

يزيد صايغ باحث رئيسي في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، يتركّز عمله على الأزمة السورية، والدور السياسي للجيوش العربية، وتحوّل قطاع الأمن في المراحل الانتقالية العربية، إضافة إلى إعادة إنتاج السلطوية، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وعملية السلام.

  كلمات مفتاحية

فلسطين إسرائيل اتفاقات أوسلو منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات نتنياهو الاحتلال

توقيع اتفاق أوسلو .. يوم أسود فى تاريخ فلسطين

خبراء: الاحتلال سيستهدف كافة القطاعات الاقتصادية حال إلغاء «أوسلو»

مسمار فلسطيني في نعش «أوسلو»

القدس.. مقبرة أوسلو

«معهد الأمن القومي الإسرائيلي»: «نتنياهو» و«عباس» يتحالفان لمنع «انتفاضة ثالثة» في فلسطين