استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هكذا أقيل «هشام جنينة»

الجمعة 8 أبريل 2016 03:04 ص

إقالة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» غير المفاجئة للمستشار «هشام جنينة»، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، من دون إيراد أسباب الإقالة في متن قرار العزل، أثار بعض الاعتراضات في مصر، لكنها اعتراضات طفيفة وهامشية قياساً بأهمّية الحدث.

يرأس «جنينة» أهمّ جهاز للرقابة المالية في مصر، وهو جهاز مكلّف بالرقابة الفعّالة على أموال الدولة والكيانات المملوكة جزئياً أو كلياً من القطاع العام، المتشعّب والفضفاض.

سبب الإقالة الذي أغفله قرار «السيسي» وأوضحته وسائل الإعلام، أن «جنينة» فتح معركة مع أعلى السلطات وأهمّ المؤسّسات في الدولة المصرية: رئاسة الجمهورية والجيش ووزارة العدل ووزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، من دون توفير نادي القضاة، وسوى ذلك من المؤسّسات الحكومية وشبه الحكومية.

خاض «جنينة» معركة هجومية واستباقية مع السلطة رغم معرفته بأنها تخطّط لعزله. فلم يكتف بالتقارير الرسمية عن نتائج رقابته بل أدلى بتصريحات علنية مدوّية عن الفساد في البلاد، بلغت ذروتها في إعلانه أن كلفة الفساد في مصر بلغت خلال أربع سنوات 600 مليار جنيه مصري، ما يعادل 76 مليار دولار أميركي. وتحدث الرجل عن فساد في منظومة أراضي الدولة والنقل البحري وقطاع البترول والصناديق الخاصّة، مشيراً إلى مؤسّسات حكومية تفتح حسابات خارج المصرف المركزي لكي تبعد عملياتها عن عيون الرقابة.

لا نعرف إذا كانت لجنينة خلفيات سياسية، كما اتهمه أنصار النظام، ولا نستطيع الحكم على دقة أرقامه. لكن إقالته بهذه الطريقة أحبطت آمال الذين حلموا بأن ربيع مصر، الذي بدأ بالثورة على حكم الرئيس مبارك واستكمل بالانتفاضة ضد «الإخوان»، سيقود إلى ارتفاع في منسوب الديموقراطية والتزام أكبر بالقيم السياسية والدستورية وتحسن في إدارة المؤسّسات.

تعرّض الرجل لحملة هوجاء من وسائل الإعلام الموالية للنظام، اتهمته بتضخيم فاتورة الفساد في مصر بقصد الإساءة إلى الدولة وزعزعة الثقة بالاقتصاد المصري مدفوعاً بتأييده لتنظيم الإخوان المسلمين، لأنه عيّن في عهد الرئيس المعزول «محمد مرسي».

إن مواجهة الوقائع والأرقام «بشيطنة» جنينة أمام الرأي العام وكيل الشتائم له، وتوجيه اتهامات سياسية غير موثقة ضده، هي أقلّ سوءاً من الطريقة القانونية الشاذة التي اعتُمدت في إقالته.

استعداداً لقرار الإقالة، أصدر الرئيس «عبد الفتاح السيسي» في 11 تموز الماضي، قبل انتخاب البرلمان الجديد، قراراً له قوّة القانون منح نفسه بموجبه سلطة عزل رؤساء الهيئات الرقابية لأسباب عامّة غير محدّدة، ومن دون محاكمة أو تحقيق مستقلّ وموثوق. وشملت هذه السلطة رؤساء المصرف المركزي والهيئة العامّة للرقابة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية.

اذا افترضنا أن هدف الانتفاضات المصرية منذ آخر عهد «مبارك» هو تعزيز الممارسة الديموقراطية في مصر، فإن هذا التشريع يعتبر متخلفاً وشاذاً وغير مقبول. فمؤسّسات الرقابة في الدول الديموقراطية تتمتع باستقلالية كاملة حيال السلطة السياسية. وأهم مظاهر هذه الاستقلالية هو حماية هذه المؤسّسات من تعسّف الدولة وضغوطها عن طريق منع إقالة القيّمين عليها منعاً مطلقاً، إلا في حالات محدّدة تحديداً ضيقاً ودقيقاً، ولأسباب لا تحتمل الغموض أو التأويل.

من سوء طالع المصريين، أو من حسن حظهم، أنهم لا يستطيعون أن يقولوا عن معظم شؤونهم إنها شؤون داخلية لا دخل لباقي العرب بها. فمن الطبيعي أن تجذب شؤون مصر أنظار العرب واهتمامهم وأن تشغل حيّزاً كبيراً من تفكيرهم وعقولهم. ليس لأن مصر أكبر الأقطار العربية وحسب، بل لأنها كانت دائما قاطرة الأحداث والتوجّهات الكبرى في العالم العربي.

ولنا في التاريخ الحديث دلائل وشواهد. فمن نهضة مصر الثقافية والفكرية في القرن التاسع عشر بزغت أشعة التنوير التي عمّت المشرق وكل بلاد العرب. ومن الحركة الوطنية المصرية التي قادها سعد زغلول ومكرم عبيد ومصطفى كامل ومصطفى النحاس وسواهم، استوحت الحركة الوطنية في المشرق العربي قبل منتصف القرن الماضي نضالها من أجل التحرّر والاستقلال.

أطلق جمال عبد الناصر مدّاً قومياً عربياً عارماً تمحور حول أحلام الوحدة والاستقلال وقدسية فلسطين. وعندما غابت مصر بعده عن دورها القيادي العربي اختل توازن المشرق حتى وصل في أيامنا الحاضرة إلى الحروب الأهلية والمذهبية وبات على شفا التشرذم والتقسيم.

لذلك فإن الأصوات المصرية الشابة التي صدحت خلال الثورة ضد عهد مبارك، والتي عبّرت عن أرقى مفاهيم الديموقراطية والشفافية والحكم الرشيد، أوحت بأن عصرا عربيا ديموقراطيا وحضاريا يوشك أن يعمّ، ليس مصر وحدها بل كل بلاد العرب.

بالتالي، فإن التراجع السريع إلى الوراء هو خيبة مصرية وعربية في آن.

* د. غسان العياش كاتب وخبير اقتصادي لبناني. 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

مصر المستشار هشام جنينة عبد الفتاح السيسي الجهاز المركزي للمحاسبات بمصر أسباب الإقالة قرار العزل الرقابة المالية أموال الدولة القطاع العام الدولة المصرية رئاسة الجمهورية الجيش وزارة العدل وزارة الداخلية الأجهزة الأمنية نادي القضاة الفساد في مصر أراضي الدولة النقل البحري قطاع البترول الصناديق الخاصة المصرف المركزي

منابع الفساد و«ملاذاته الآمنة»

مصر.. اتهام «جنينة» بالتخابر مع قطر وتسريب وثائق تضر بالأمن القومي

هـشام رامز وهشام جنينة والخروج عن النص

محامي «هشام جنينة» يؤكد وضع موكله تحت الإقامة الجبرية ومصادرة هواتف الأسرة

مصر.. إعفاء «هشام جنينة» رئيس «المركزي للمحاسبات» من منصبه

مصر.. «جنينة» يفضل الحبس على دفع كفالة لإخلاء سبيله في قضية سياسية

سياسيون مصريون عن فصل ابنة «جنينة»: غياب لشرف الخصومة

ننشر تقرير «هشام جنينة» الذي فضح الفساد في مصر وتسبب في إقالته

مصر: حبس «هشام جنينة» سنة بتهمة نشر بيانات كاذبة حول الفساد

«هشام جنينة» بعد حكم حبسه: «أربأ بالقضاء المصري أن تسيس أحكامه» وسأطعن على الحكم