نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في تقرير لها، أمس الأربعاء، عن مصادر أمنية قولها إن أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية قامت بما يقرب من 40% من اعتقالات من أسمتهم المشبوهين بالتورط في التخطيط وتنفيذ عمليات استشهادية في الضفة الغربية، خلال الأشهر الأخيرة.

وقالت الصحيفة إن هذه المعطيات توضح ازدياد نشاط الأجهزة الأمنية الفلسطينية بثلاثة أضعاف، حيث أعلنت المصادر الإسرائيلية أن قوات الأمن الفلسطينية قامت بتنفيذ 10% من الاعتقالات المطلوبة قبل ثلاثة أشهر.

من جهته، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية»، «صائب عريقات» أنه تم تجميد الاتصالات لتقليص دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدن الفلسطينية.

وأوضح أن المفاوضات مع «إسرائيل» توقفت بعد رفضها تحويل كل مناطق «أ» إلى السلطة الفلسطينية، وكذلك بسبب الموقف الإسرائيلي من المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام في الصيف.

وقال إن اللجنة التنفيذية ستنظر في قرارات عدة صدرت عن اللجنة المركزية لحركة «فتح».

ووفقا لمسؤولين كبار في الحركة فإنه إذا تم تطبيق القرارات فإنها ستؤثر على التنسيق الأمني وعلى العلاقات بين السلطة الفلسطينية و«إسرائيل».

يشار إلى أن جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي «الشاباك» نقل قبل نحو إسبوعين إلى رئيس الحكومة «بنيامين نتنياهو» ووزير جيشه «موشيه يعالون» تحفظه إزاء مخطط تقليص الدخول الإسرائيلي إلى مناطق «أ» بادعاء أن ذلك سيصعب على الجيش إحباط العمليات، علما بأن موقف الجيش ووزير الأمن يختلف عن موقف «الشاباك».

وتحدثت مصادر إسرائيلية عن أن ما أعلنه «عريقات» على اعتبار أنه قرار من حركة «فتح» ومن أعلى سلطاتها «اللجنة المركزية» للحركة، وإذا ما تم إقرار ذلك من قبل اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» فإن ذلك بلا شك سيضع الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» في مأزق كبير كون حركة «فتح» هي من تضغط على الرئيس الآن.

وتعتقد المصادر الإسرائيلية في الوقت ذاته أنه حتى وإن أقرت تنفيذية المنظمة هذا القرار إلا أنه لن ينفذ قريبا أو بشكل سريع لكنه سيؤثر في نهاية المطاف على العلاقة الأمنية بين الجانبين.
وأشارت معلومات عرضها مسؤولون كبار في قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام مسؤولين سياسيين، أن أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية مسؤولة عن حوالي 40% من اعتقالات الذين تعتبرهم متهمين بـالإرهاب ما يعني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة، فيما تحمل الجيش الإسرائيلي النسبة المتبقية.

ولفتت هذه المعلومات إلى ازدياد نشاط الأجهزة الأمنية الفلسطينية بثلاثة أضعاف مقارنة بنسبة 10% قبل ثلاثة أشهر.

وفي ضوء توسيع نشاط الأجهزة الأمنية الفلسطينية قرر الجيش تقليص عمل قواته في المناطق «أ» خلال الأشهر الأخيرة، وبينما كانت قوات الجيش الإسرائيلي تدخل منذ بداية الهبة الشعبية بشكل يومي إلى هذه المناطق والعمل في المدن الفلسطينية مئات المرات شهريا فقد تم تقليص ذلك إلى عشرات المرات فقط في حين تتولى أجهزة الأمن الفلسطينية تنفيذ قسم كبير من الاعتقالات.

وكان وزير الجيش الإسرائيلي «موشيه يعالون» قد صرح قبل حوالي ثلاثة أسابيع بأن حجم نشاط جيشه في مراكز مدن الضفة يتعلق بنجاعة عمل قوات الأمن الفلسطينية.

وأضاف أن «المسألة ليست سياسية وإنما أمنية، فإذا قاموا هم بالعمل حسنا وما لا يفعلوه هم سنضطر نحن إلى عمله لكنه لا توجد أي حالة سنمتنع خلالها عن الدخول المطلق إلى مناطق (أ) وسيكون الدخول منوطا بنشاطهم، إذا عملوا بشكل أقل فسنعمل بشكل أكبر وإذا عملوا بشكل أكبر فسنعمل بشكل أقل».

وأوضحت البيانات أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقل منذ بداية الهبة الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول 2015 حوالي 2500 فلسطيني بشبهة الضلوع بأعمال مقاومة أو التخطيط لها، ومن بين هؤلاء حوالي 700 معتقل إداري وفي الفترة ذاتها اعتقلت أجهزة الأمن الفلسطينية مئات الفلسطينيين.

ويرى الجيش الإسرائيلي في التنسيق الأمني مع الفلسطينيين حاجة مشتركة ذات أهمية بالغة.

يذكر أن ملف التعاون الأمني بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية هو من أكثر الملفات حساسية في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، خاصة بين حركتي «فتح» و«حماس»، حيث ترفض الأخيرة أي تنسيق أمني مشترك بين السلطة و«إسرائيل»، بل تعتبره أوساط بها بمثابة خيانة للمقاومة، في حين ترفض السلطة الفلسطينية تماما هذه الاتهامات وتشير إلى أن الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية أوسلو بشقيها «أ» و«ب» يشيران صراحة إلى أهمية هذا التنسيق وموافقة الرئيس الراحل «ياسر عرفات» عليه.