شهادات عن استمرار ترحيل الشماليين من عدن اليمنية وقانوني يعتبرها «تطهيرا عرقيا»

الاثنين 16 مايو 2016 08:05 ص

رصدت صحيفة عربية صادرة من لندن شهادات لحقوقيين ومواطنين يمنيين تؤكد على استمرار القوات الأمنية في محافظة عدن، جنوبي اليمن، في ترحيل المواطنين الشماليين؛ الأمر الذي عده خبير قانوني «جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان».

صحيفة «العربي الجديد» قالت، في تقرير لها، إن الشهادات التي جمعتها، تشير إلى أن «اللجنة الأمنية العليا» في عدن، قامت حتى يوم الخميس 13 مايو/أيار الحالي، باعتقال 1207 مواطنين يمنيين من أبناء المحافظات الشمالية، وقامت بتهجير جماعي لـ841 مواطناً إلى محافظة تعز (158 كيلومتراً شمال مدينة عدن)، في حين ما يزال أكثر من 350 مواطناً في معتقلات متعددة.

ورغم ما تناقلته وسائل الإعلام نقلاً عن مسؤولي عدن لناحية التوقف عن تنفيذ تلك الحملة، فإنّها لا تزال مستمرة وبالوتيرة نفسها، لتصبح ترحيلاً جماعياً عرقياً.

في السابع من مايو/أيار الحالي، نفّذت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة المحلية في محافظة عدن اليمنية، وبدعم من التحالف العربي، حملة اعتقال واسعة طاولت مواطنين يمنيين من محافظات شمالية.

واجهت الحملة، انتقادات من هيئات حقوقية عدة، وشخصيات سياسية ومثقفين، واعتبر عدد من منظمات حقوق الإنسان أن ما تقوم به السلطات المحلية في عدن من تهجير للسكان يُشكّل «انتهاكاً واضحاً» لحقوق الإنسان.

من جهتها، دعت معظم القوى السياسية اليمنية الموالية للشرعية، إلى احترام حقوق المُرحّلين من منازلهم، مع «التفهّم» لمخاوف عدن أمنياً، وحديثها عن أن عمليات الترحيل تأتي بسبب مخالفات لإجراءات الإقامة.

وطالبت الحكومة بالتحقيق في جريمة انتهاك حقوق المواطنة بسبب ترحيل الشنلليين، كما رفض رئيس الجمهورية، «عبد ربه منصور هادي»، تهجير المواطنين اليمنيين من أبناء تعز.

وتحت هذا الضغط أعلنت اللجنة الأمنية العليا في محافظة عدن، يوم الثلاثاء، توقّف الإجراءات التعسفية، لكنها لم تتوقف، حسب شهادات من مواطنين تعرضوا للترحيل.

شهادات

فقد تم تسجيل حالة ترحيل يوم الأحد 8 مايو/أيار؛ إذ تلقى «مصطفى محمد أحمد» إنذاراً من «عاقل الحارة» (حكيم المنطقة أو الحيّ) يتضمن مغادرة مسكنه في منطقة المنصورة خلال 24 ساعة.

وفي اليوم التالي، غادر الرجل وأسرته، المكونة من 4 أفراد غيره، إلى مدينة الراهدة، جنوبي مدينة تعز.

«عبدالرقيب الهدياني»، نائب رئيس تحرير صحيفة «14 أكتوبر» الحكومية، التي تصدر من عدن، كشف من جانبه عن أن«رجال الأمن في نقطة رباط العيدروس في عدن، أوقفت الناشط الحقوقي البارز، عبدالولي هزاع مقبل، وذلك عند عودته من كلية الزراعة في عدن، إلى منزله ظهر يوم الأربعاء (11 مايو/أيار)، قبل أن يتم ترحيله إلى تعز».

ويلفت إلى أن «هزاع، يعيش في مدينة عدن، منذ عقدين من الزمن، وهو من ضمن فريق مبادرة: نحن نراكم لمكافحة الفساد، ومتزوج من ممثلة اليونيسيف بمدينة عدن، جميلة رحمة الله». ويشير «الهدياني» إلى أنه «تم اعتقال عبدالولي؛ لأن بطاقة الهوية الشخصية، تفيد أنه من مواليد تعز».

في السياق ذاته، يفيد الناشط «أحمد الوافي»، وهو من المتابعين لقضية الترحيل، بأنه تم اعتقال 109 طلاب من أبناء تعز يومي الجمعة والسبت الماضيين (13 و14 مايو/أيار).

ويلفت إلى أن 70 منهم من طلاب المعاهد المهنية، فيما 39 من الطلاب ينتمون لكلية المجتمع للعلوم التقنية.

وبينما يؤكد «الوافي» أن الحملة لا تزال مستمرة، يلفت إلى أنها تأخذ أشكالاً جديدة نتيجة مداهمات تهدف إلى بثّ حالة الرعب بين البسطاء من أجل إجبارهم على الرحيل.

ويشير إلى أن العديد من أبناء محافظة تعز اضطروا بالفعل للمغادرة نتيجة هذا الضغط.

تعذيب

الأمر لا يتوقف عند الترحيل، بل يمتد أيضا إلى تعذيب المرحلين، كما اشتكى بعضهم.

ففي معتقل السلطات الأمنية في عدن، يتعرّض عشرات المعتقلين لتعذيب يتوزع بين التكبيل، والضرب بقضبان من الخشب، وفقاً لرواية بعض المرحلين، ومنهم «فهد عبدالله عبدالولي»، الذي يعمل في البناء، لكن الحرب أوقفت كل شيء؛ مما جعله يبحث عن عمل آخر، يوفّر من خلاله ما يسد جوع أطفاله الستة. لجأ «عبدالولي» إلى العمل في محل لبيع الخضروات في سوق الخضار المركزي بعدن، مع أحد أقربائه. ويقول إن عناصر في نقطة تفتيش أمنية في عدن ألقت القبض عليه يوم السبت 7 مايو/أيار، بعدما أبرز لهم بطاقة الهوية، وعلموا أنه من محافظة تعز.

ويضيف: «تمّ نقلي على متن طقم عسكري إلى السجن العام في منطقة المنصورة، وداخل السجن، تعرضت للتعذيب من قبل السجناء، وبعد يومين من التعذيب، حقق السجناء أنفسهم معي، قبل أن يتمّ الإفراج عني في اليوم الثالث، بواسطة أحد جيراني من أبناء محافظة عدن».

وبلغ عدد القتلى ثلاثة، منذ بدء الحملة.

وحول ذلك، يقول الناشط، «عارف السوري»، إن «منظمات حقوقية، عثرت يومي الأربعاء والخميس على جثث ثلاثة مواطنين يمنيين في مناطق مختلفة في العاصمة المؤقتة عدن». ويضيف أنه «عُثر على جثة المواطن، محمد بجاش، وهو من أبناء محافظة تعز، ملقاة بجانب سور سجن مديرية المنصورة وعليها آثار تعذيب. كما عُثر على جثة شخص آخر من تعز أيضاً، في منطقة خور مكسر، ويدعى ابراهيم محمد حسن، وهو موظف في مخازن ميناء عدن. أما في منطقة الممدارة، فقد عُثر على جثمان مواطن مجهول الهوية من محافظة البيضاء».

«تطهير عرقي»

خبير حقوقي يمني عد ما يحدث في عدن من ترحيل قسري للمواطنين الشماليين «جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان».

وقال، «عبدالناصر المودع»، إن «ما قامت به السلطات الأمنية في عدن في 7 مايو/أيار من ترحيل قسري لمواطنين من المحافظات الشمالية، وسجن آخرين بغرض الترحيل، ومنح آخرين مهلة لمغادرة المحافظات الجنوبية؛ جريمة تطهير عرقي مكتملة الأركان».

وأضاف أن «توافر العناصر المتمثلة، باستهداف مجموعة سكانية محددة (شماليين)، وترحيلهم عن طريق استخدام القوة القاهرة إلى خارج المحافظات الجنوبية، وحجز مجموعة سكانية محددة (شماليين) بغرض ترحيلهم القسري، ومنح مجموعة سكانية محددة (شماليين) مهلة لمغادرة المحافظات الجنوبية، بالشكل الذي ذكر، فإن العدالة تقتضي محاسبة المسؤولين عنها، من المنفذين، والمقررين، والمحرضين، وكذلك المسؤولين الذين لم يبادروا إلى منعها، ومعاقبة مرتكبيها».

وأوضح أن «تبرير المسؤولين في عدن جريمة التطهير العرقي بأنها أتت لمخالفة المرحلين نظام الإقامة في عدن، وبأن المرحلين لا يحملون هويات شخصية، ليست له أية حجة قانونية؛ فمحافظة عدن هي جزء من الجمهورية اليمنية، وليس هناك من نظام إقامة في عدن أو أية مدينة يمنية أخرى تشترط على المقيمين من اليمنيين، الحصول على إقامة فيها، وكأنهم أجانب».

المصدر | الخليج الجديد + صحيفة العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن عدن تعز ترحيل الشماليين تطهير عرقي

«النفيسي» يلمح لتورط الإمارات في التحريض على اليمنيين الشماليين

يمنيون يحملون الإمارات مسؤولية ترحيل أبناء محافظة تعز من عدن

استهجان واسع لترحيل يمنيين شماليين من عدن

«الحراك الجنوبي» يتظاهرون بعدن للمطالبة بانفصال جنوب اليمن

بعد الترحيل.. ماذا بقي من عـدن؟

عدن .. صوت العصبوية العالي