بعد استهداف المفتي السابق ومساعد النائب العام.. من هي «حسم» التي تهدد حلفاء السيسي؟

الأحد 2 أكتوبر 2016 09:10 ص

6 عمليات في أقل من ثلاثة أشهر، واحدة منها فقط يمكن وصفها بـ«العملية النوعية»، لكن الفشل الذي مُنيت به في أكثر من عملية يطرح تساؤلات عن حجم قدراتها، ومصادر تمويلها، ومدى انتشارها في الأراضي المصرية، وما إذا كانت تمثل تهديدا جديًا للنظام الحاكم في مصر أم لا.

«سواعد مصر» المعروفة اختصاراً باسم «حسم»، الحركة التي أعلنت تبنيها المسئولية عن محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز، والذي لم يصب بأّذى، ربما في طور التحول إلى تنظيم أكثر احترافية وخطورة، بالنظر إلى التطور العملياتي الذي شهدته الحركة في وقت قصير.

عمليات بدائية

في 16 يوليو من العام الجاري، نفذت «حسم» أولى عملياتها باغتيال الرائد محمود عبد الحميد رئيس مباحث مركز شرطة طامية بمحافظة الفيوم غرب البلاد، وفي 5 أغسطس الماضي نجا مفتي مصر السابق الدكتور على جمعة، من محاولة اغتيال فاشلة نفذتها الحركة بإطلاق النار عليه بمنطقة 6 أكتوبر غرب القاهرة، وهو المصير الذي تكرر في 29 سبتمبر الماضي عند محاولة اغتيال النائب العام المساعد، لكن هذه المرة بسيارة مفخخة.

تخلل عمليتي «المفتي» و«النائب العام المساعد» تصفية أمين شرطة بمباحث قسم 6 أكتوبر يدعى صلاح حسن عبدالعال، وزرع عبوات ناسفة بمحيط نادي الشرطة بدمياط شمال مصر ما أسفر عن إصابة 3 من رجال الشرطة، وهجوم على «كمين العجيزي» في المنوفية أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة 5 آخرين.

«حسم» التي ظهرت للعلن بـ 5 بيانات حتى الآن، تنتهج أسلوب العمليات البدائية، وغير المتطورة، الأمر الذي بدا خلال 4 عمليات اعتمدت بشكل رئيسي على إطلاق النار باتجاه الهدف، وعملية واحدة تمت بزرع عبوات ناسفة، بينما شهدت عملية واحدة تطورا نوعيا بانتهاج أسلوب السيارات المفخخة المعروف عن تنظيم الدولة الإسلامية.

ويبدو أن بدايات الحركة تنظيميا ربما يرتبط بالمحافظات الإقليمية جنوب البلاد، والتي تشهد عداء واضحا لانقلاب 3 يوليو الذي أطاح بحكم الإسلاميين وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، الإشارة إلى ذلك جاءت عبر بيان الحركة الأول، الذى دشن النشاط العملياتي لـ«حسم» من محافظة الفيوم إحدى معاقل الإسلاميين في مصر، وواحدة من أكثر المحافظات التي فقدت الكثير من أبنائها في مجزرتي رابعة والنهضة 14 أغسطس 2013، وتعرضت لتنكيل وقمع متزايد وحملات اعتقال عشوائي من قبل السلطات المصرية.

تمدد الحركة جغرافيًا كان باتجاه مدينة 6 أكتوبر القريبة أيضا من محافظة الفيوم، حيث موقع تنفيذ العملية الثانية، لكن الفشل الذي منيت به «حسم» فى محاولة اغتيال المفتي السابق «علي جمعة»، كشف عن بدائية الحركة في أساليب التكتيك والتخطيط والتنفيذ العملياتي، مقارنة بالتنظيمات الإرهابية الكبيرة على وزن أنصار بيت المقدس، قبل أن يتحول إلى «ولاية سيناء» ويبايع تنظيم «الدولة الإسلامية».

بيان عملية «المفتي» وصف «علي جمعة» بشيخ النفاق ومفتى الإعدامات، وقال إن العملية ضد من وصفه بـ«الاحتلال العسكرى» ومليشياته التابعة لـ«عبد الفتاح السيسي»، وقالت الحركة إن «ظهور عموم المدنيين فى المشهد وهرولته نحو المسجد كالفأر المذعور منعنا من الإجهاز عليه خشية الدم الحرام وإصابة الأبرياء غير أن القادم لن يفلت منه»، ما يعنى أن الحركة تتبنى تكتيكًا يمكنها من الوجود فى المناطق الخالية من السكان، في محاولة لتفادي سقوط مدنيين خلال عملياتها.

تضع «حسم» على موقعها الإلكترونى شعار «نحن قدر الله النافذ إليكم» و«بسواعدنا نحمى ثورتنا»، فيما تصف الحركة منشوراتها بـ«البيانات العسكرية» وأنهم يعاهدون الله والشعب المصرى على عدم ترك السلاح إلا وقد تحرر الشعب من ظلم ما وصفوه بالآلة العسكرية الغاشمة ومليشياتها حتى آخر فرد من أفراد الحركة وأنهم لن يغادروا أرض المعركة إلا وهم شهداء أو منتصرون.

ووفق البيان الثاني للحركة، وتفاصيل محاولة اغتيال «جمعة»، فإن «حسم» لا تملك تكتيكات عالية المستوى، أو تسليحًا كبيرًا، حيث لم تنتهج أسلوب السيارات المفخخة او العبوات الناسفة لتنفيذ الجريمة، واعتمدت فقط على تبادل إطلاق النار مع طاقم حراسة «جمعة».

تطور نوعي

عملية حي «الياسمين» بالتجمع الخامس شرق العاصمة المصرية القاهرة، شهدت تحولا نوعيا في قدرات الحركة، وخبراتها التكتيكية، حيث لجأت للمرة الأولى إلى أسلوب السيارات المفخخة، بعد تنفيذ عملية رصد دقيقة لمسئول قضائي بارز، واختراق لمسرح عمليات من المفترض أنه يحظى بتأمين عال، كونه يقع على مقربة من مقر وزارة الداخلية الجديد، ومحكمة القاهرة الجديدة، ومقر نيابة أمن الدولة العليا.

وأصيب شخص عندما انفجرت سيارة ملغومة عقب مرور سيارة النائب العام المساعد بالقرب من منزله في حي الياسمين، ووفق بيان وزارة الداخلية المصرية على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك «لم يترتب على الحادث أي إصابات بالسيد النائب العام المساعد أو قوة الحراسة المرافقة، بينما أصيب أحد المواطنين».

ووفق التحريات الأمنية فإن السيارة التي انفجرت كانت من موديل «دايو نوبيرا»، بيضاء اللون، وتم تفخيخها بنحو 3 كيلو من مادة TNT، لكن المفاجأة النوعية في العملية كانت تجميع السيارة المُستخدمة في التفجير من لوحة أرقام مسروقة، و«شاسيه» سيارة ماركت سيات تتبع محافظة كفر الشيخ، و«ماتور» خاص بإحدى السيارات المسروقة في محافظة الغربية.

«حسم» في بيانها عبر موقعها على شبكة الانترنت قالت إنه تم استهداف موكب النائب العام المساعد باستخدام سيارة مفخخة، كما نشرت صورة للسيارة التى تم تفخيخها قبل تفجيرها، وعن تفاصيل العملية، قالت الحركة إنه تم استهداف النائب العام المساعد في حي الياسمين الثالث بالتجمع، من خلال سيارة مفخخة بالقرب من منزله ووسط حراساته المشددة، لافتة إلى أن السيارة تخطت الكمائن والتواجد المكثف لقوات الأمن حيث تكتظ هذه المنطقة بالقضاة، وأن التفجير تم وقت مرور الموكب وليس بعد دقائق، ما أدى إلى إصابة عدد من الحراسات وعدد من السيارات غير المصفحة التي كانت بالموكب، وفق البيان.

يعد انفجار «الياسمين» الثاني من نوعه الذي يستهدف مسئولا قضائيًا بارزًا في مكتب النائب العام أعلى سلطة في جهاز النيابة العامة.

وعمل المستشار «زكريا عبدالعزيز» عثمان بمحكمة استئناف القاهرة، وسبق انتدابه قائما بأعمال المحامى العام الأول لنيابة الاستئناف، وتم تعيينه مديرا لإدارة التفتيش القضائى للنيابات، كما اختير فى منصب النائب العام المساعد.

وكان النائب العام السابق المستشار «هشام بركات» اغتيل في انفجار سيارة ملغومة في يونيو/حزيران من العام الماضي.

وتقول الحركة إن العملية يقصد بها «كل قاضٍ ظالم مستهتر بقيمة العدل، يرسل المئات بل الآلاف إلى منصات الإعدام والسجن المؤبد دون ذنب»، متوعدة من أسمتهم بـ«أعوان العسكر من القضاة والإعلاميين وميليشيات الداخلية» بما وصفته بـ«التطهير».

اللافت للنظر، أن الحركة بدت متطورة فى استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت، وعمدت إلى نشر صور تتضمن رصد بيت النائب العام المساعد وسيارته وموقع العملية قبل التفجير وبعده، وسيارة الهدف، في دلالة على وجود ثغرات أمنية في منظومة التأمين، ومؤشرات نحو إمكانية تمكن الحركة من تنفيذ عمليات ربما تنجح مستقبلا في اغتيال شخصيات هامة.

«حسم» ووفق استقراء بياناتها، أماطت اللثام عن بعض من بنيتها التنظيمية بالإعلان عن وجود وحدة للرصد العملياتي، وفرقة التفجيرات المركزية، وفرقة الاغتيالات، فضلا عن وحدة إعلامية بقدرات عالية على الشبكة العنكبوتية، ما يعني أن عمليات الحركة في تصاعد واضح بشكل أكثر احترافية ودموية.

واتهمت صحف مصرية حكومية وخاصة الحركة بأنها تتبع لجماعة الإخوان المسلمين، في حين يعود تاريخ إنشاء صفحة «حسم» على الشبكة العنكبوتية إلى 16 يوليو/تموز الماضي.

ولم تتوصل بعد الجهات الأمنية في مصر لأي خيط يقود إلى قيادات الحركة، أو مصادر تمويلها، وسط عمليات بحث واسعة النطاق لتتبع الحركة على السوشيال ميديا، وفحص صور عملياتها، ورصد تطورها العملياتي اللافت خلال زمن قصير، ما يضعها تحت بؤرة الاهتمام الأمني والاستخباراتي في مصر خلال الفترة المقبلة.

وتشهد مصر هجمات في شمال سيناء تقودها جماعة ولاية سيناء التي بايعت تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ«داعش» قتل فيها مئات الجنود وأفراد الشرطة، ووقعت هجمات في القاهرة ومدن أخرى.

وفي مايو من العام الماضي، استهدف انتحاريون بسيارة مفخخة فندقا بمدينة العريش كان ينزل به قضاة يشرفون على انتخابات مجلس النواب، ما أسفر عن مصرع 3 قضاة وسائق، وإصابة قاضيين آخرين.

وأعلن تنظيم «ولاية سيناء»، مسؤوليته عن الهجوم، وقال التنظيم في بيان له على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، إنه استهدف الفندق بعملية انتحارية قام بها اثنان من عناصره أحدهما يدعى «أبو حمزة المهاجر»، والآخر يدعى «أبو وضاح المهاجر».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حسم سواعد مصر النائب العام المساعد مصر زكريا عبدالعزيز على جمعة محاولة اغتيال