«غريش»: «السيسي» يواجه لحظة الحقيقة بعد بيع الأوهام للمصريين والجيش سيحاور الإخوان

الخميس 6 أكتوبر 2016 05:10 ص

قال الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي البارز «آلان غريش» إن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» يواجه الآن لحظة الحقيقة، بعد ذهاب الأوهام التي تم تسويقها إلى الشعب المصري، وكشف زيفها، على حد قوله.

وتوقّع «غريش» في حواره مع صحيفة هافينغتون بوست عربي، على هامش زيارته الأخيرة للقاهرة، أن الجيش ربما يضطر إلى توسيع قواعد اللعبة قليلاً وفتحها ولو إلى حين، بإجراء حوار مع جزء من جماعة الإخوان المسلمين، لاحتواء الأزمة السياسية التي أدخلت مصر في نفق مظلم منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب «محمد مرسي» في 3 يوليو/تموز 2013.

وقال «غريش» رئيس التحرير السابق لدورية لوموند ديبلوماتيك، المتخصصة في التحليل السياسي، إن قرار رحيل «السيسي» في يد المصريين وحدهم ولا أحد غيرهم.

وعن الدعم الغربي للديكتاتوريات العربية، قال الصحفي الفرنسي من أصل مصري إن دعم الغرب للديكتاتوريات العربية كان مبدأ أساسياً قبل الربيع العربي في عام 2011، لأسباب عديدة، منها الاعتقاد بأن حكم الديكتاتوريات العسكرية يصحبه غالبا استقرار الأوضاع، وضمان عدم وجود إسلاميين في الحكم، مع انتشار فكرة غريبة في الدول الغربية تقول إن الشعوب العربية لا تصلح معها الديمقراطية.

وأضاف «غريش»«وبعد ما حدث في 2011 عربياً، حدث نوع من النقد الذاتي الأوروبي، واتفقوا على دعم الديمقراطية، لأنه من الصعب أن يرفضوا علنا دعم الديمقراطية، فحدث التغيير. ولكن بعد فوز الإسلاميين وما تلاه من توتر في المنطقة، عادت أوروبا والولايات المتحدة إلى سيرتهما الأولى في دعم الديكتاتوريات العسكرية، لاسيما في مصر، ظناً منهم أن هذا هو الأفضل لهم، فرجعنا إلى الوراء للأسف الشديد».

وأشار «غريش» إلى أن أمريكا منذ 3 يوليو/تموز 2013 لم تكن لها مواقف واضحة تجاه ما حدث في مصر، وحدث ضغط كبير من اللوبي الصهيوني لتأييد «السيسي، معتبراً أن دول أوروبا كانت موافقتها مما حدث في مصر متباينة، حيث كان الموقف الفرنسي أكثر تشدداً في دعم «السيسي»، وكان الموقف الإيطالي كذلك. ولكنه تغير بعد ما حدث في واقعة اغتيال الباحث الإيطالي «جوليو ريجيني في القاهرة. بينما كانت هناك دول ترفض الانقلاب أو تتحفظ عليه، إلا أن الوضع تغير في الوقت الراهن وبات الجميع يؤيدون «السيسي».

كان «غريش» قد ذكر في تصريح سابق أنه يخشى أن يستمر الوضع في مصر على ما هو عليه للأبد، لكنه غير رأيه في الحوار قائلا إن الأوضاع في مصر لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه.

السبب من وجهة نظر الصحفي الفرنسي «أنه لا يوجد بديل سياسي في مصر الآن. فالإسلاميون في السجون، والتيارات الليبرالية واليسارية ليس لها وزن كبير في المشهد السياسي. ولكن في الوقت نفسه المشكلات موجودة ولا سيما المشكلات الاقتصادية المتعددة، وهذا من الممكن أن يهز النظام».

وأضاف «يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يضطر الجيش إلى أن ينفتح قليلاً على الآخرين، ويجري حواراً مع جزء من الإخوان، في إطار السعي لفتح اللعبة السياسية قليلاً، ليحدث تغييرٌ في المشهد السياسي تحت إشراف المجلس العسكري، وليس من خارجه. ولن يكون هناك حل آخر».

قرار الشعب المصري

ورأى «غريش» أن رحيل «السيسي» -إذا ما اهتز النظام- ليس في يد أمريكا، ولا في يد الغرب الأوروبي مهما كانت درجة قوتهم أو ضغطهم على مصر، وهم الآن لا يضغطون».

وقال «أعتقد أن رحيل السيسي في يد الشعب المصري بناء على الوضع الداخلي (الأزمة الاقتصادية والسياسية)، والوضع الإقليمي في الشرق الأوسط وتداعياته. فعندما جاء السيسي إلى الحكم، جاء بأوهام كثيرة. والآن لم يعد هناك مجال للأوهام وحانت لحظة الحقيقة».

وتابع أن ما حدث في يناير/كانون ثان 2011 كان من الممكن أن يحدث في عام 2005 مع نظام مبارك، ويمكن أن يحدث مع «السيسي» بعد 5 سنوات من الآن.

ما نعرفه أن ثمة أزمة كبيرة تواجه نظام «السيسي» خاصة في المجال الاقتصادي، والحكومة والدولة غير قادرة على حلها، بحد قوله.

الإسلاموفوبيا

ويقف «غريش»، الذي يعدّ نفسه معنياً بالدفاع عن الإسلام، لظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا بالمرصاد، لكنه يقول إن هذه الظاهرة المرضية موجودة أيضاً داخل المجتمعات الإسلامية نفسها منذ فترة طويلة.. "حيث تبنى بعض المثقفين الليبراليين العرب فكرة أن الديكتاتوريات العسكرية أفضل من رفع لواء الإسلام خوفاً منه. وأضرب مثلاً بحزب التجمع الذي يضم فصائل اليساريين بمصر، وقد أيد (الرئيس المخلوع) مبارك سابقاً في مواجهة الإخوان والإسلاميين، وهو الآن يؤيد الرئيس السيسي بالحجة ذاتها».

أما عن موقف العلمانيين المصريين مما حدث في يوليو/تموز 2013، فرأى الصحفي والمحلل الفرنسي أن أوهاماً كثيرة كانت مسيطرة على قطاع عريض منهم، لذلك أيدوا تدخل الجيش للإطاحة بحكم الإخوان، مضيفا أن «هذا كان خطأً كبيراً. وأظن الآن –وأنا لا أتكلم هنا عن التيار الذي يؤيد العسكريين منذ البداية مثل التجمع- يوجد كثير من المثقفين العلمانيين غيروا مواقفهم، وأيقنوا أن هذا النظام نظام ديكتاتوري، لا يسمح بالحريات لكائن من كان».

واعتبر «غريش» أن ظاهرة دعم الكنيسة المصرية لـ«السيسي لها بعدين أساسيين: الأول أن جزءاً كبيراً من الأقباط في مصر يخافون من الإسلاميين، وهذه مسؤولية الإخوان».

الأمر الآخر بروز ظاهرة جديدة لاسيما بين الشباب القبطي، ووقوفهم ضد الكنيسة، فكان على الكنيسة أن تحاول الظهور في المشهد بهذه الصورة التي يراها الجميع.

وعن ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» في المنطقة العربية، لا يظن «غريش» أن وراءه مؤامرة، ولكن توجد سياسة أدت إلى ظهور التنظيم لاسيما السياسة الأمريكية.

ويشرح أنه قبل 2003، لم يكن هناك تنظيم القاعدة ولا ظهرت داعش، قائلا «أمريكا صنعت القاعدة بعد حربها في أفغانستان ضد السوفييت، حيث كانت تعتقد أن الإسلاميين هم أسلحة أساسية في الكفاح ضد السوفييت، ولم ينتبهوا إلى أن هذا السلاح سيرتد إليهم».

وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دعت «غريش» لإلقاء محاضرة بالقاهرة مساء الثلاثاء، قال فيها إن السياسيين والإعلاميين الغربيين هم من يؤججون نار العداوة ضد الإسلام وأهله في فرنسا، مشيراً إلى أن ثمة تياراً يكافح هذه الظاهرة المرضية وإن كان ليس في قوة التيار المقابل المؤجج لها.

ونبَّه «غريش» في محاضرته إلى سببين ظاهرين لتوتر العلاقة بين الغرب والإسلام، وهما: العمليات الإرهابية التي تحدث في أوروبا مما يجعل الغربيين يرفضون الإسلام.

والسبب الثاني، بحسب «غريش»، رفض عدد من المسلمين لهوية هذه المجتمعات الغربية ومبادئها الأثيرة عن الدولة والدين والفصل بينها.

المصدر | الخليج الجديد + هافينغتون بوست

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي آلان غريش إخوان