في ذكراه الـ21 .. تفاصيل اغتيال الموساد لـ«الشقاقي» مؤسس «الجهاد الإسلامي»

الخميس 27 أكتوبر 2016 05:10 ص

صادف يوم الأربعاء، 26 أكتوبر/تشرين ثان 2016 الذكرى الـ21 لاستشهاد الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الدكتور «فتحي إبراهيم الشقاقي»، والذي اغتيل على يد الموساد الإسرائيلي في نفس اليوم من عام 1995.

المؤلّف الإسرائيلي، «رونين بيرغمان»، المعروف بصلاته المتينة مع أجهزة الأمن في (إسرائيل)، كشف في كتابه «نقطة اللاعودة» رواية «الموساد» عن تفاصيل اغتيال «الشقاقي»، في جزيرة مالطا المتاخمة لإيطاليا، وذلك أثناء عودته من مؤتمر في ليبيا.

وبحسب الكتاب، فإنّ رئيس الوزراء آنذاك، «يتسحاق رابين»، أمَرَ في يناير/كانون الثاني 1995باغتيال «الشقاقي» في أعقاب تنفيذ الجهاد الإسلاميّ عملية أسفرت عن قتل 22 إسرائيليا وجرح 108آخرين.

وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيلية (أمان)، «أوري ساغي»، حذّر الموساد من الإقدام على تنفيذ عملية الاغتيال في دمشق، مؤكّدا أنّها ستؤدّي إلى غضبٍ سوري كبير.

ولكن في بداية شهر أكتوبر/تشرين الأوّل 1995، وفقًا لرواية «الموساد»، تلقّى «الشقاقي» دعوة للمشاركة في ندوة «تجمع رؤساء تنظيمات حرب العصابات» في ليبيا، وعلم «الموساد» أنّ «سعيد موسى مرارة» (أبو موسى) من «فتح» سيشارك أيضًا في الندوة.

مسار سفر «الشقاقي» إلى ليبيا كان معروفا للموساد من خلال رحلاته السابقة، أي عن طريق مالطا، وعندها، حسب «بيرغمان»، أعدّ أعضاء وحدة الاغتيالات في الجهاز «قيسارية» خطتين الأولىى: اختطافه خلال سفره من مالطا إلى ليبيا، لكنّ «رابين» رفض الخطّة خشية التورط دوليًا، أما الثانية، فكانت تصفية الشقاقي أثناء وجوده في الجزيرة.

وتابع «بيرغمان» في كتابه الذي نشرت فحواه صحيفة «يديعوت أحرنوت»، ونقلته عنها صحف فلسطينية: «سافر عناصر الموساد إلى مالطا وانتظروا الشقاقي في المطار، لكنه لم يخرج في الرحلة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة».

بدأ رجال الموساد يفقدون الأمل بهبوط «الشقاقي» في مالطا، لكنهم سمعوا صوت أحد رجال الجهاز في أجهزة الاتصال يقول: لحظة، هناك أحد يجلس جانبًا ووحيدا.

اقترب رجل «الموساد» من هناك، وقال مرة أخرى في الجهاز: على ما يبدو هذا هو، وضع على رأسه شعرًا مستعارا للتمويه.

انتظر «الشقاقي» ساعة في مالطا، ومن بعدها سافر إلى المؤتمر في ليبيا، من دون علمه أنّ عناصر «الموساد» يتعّقبوه ويُراقبوه.

وفي 26 من ذات الشهر، عاد إلى مالطا، وعلم الموساد أنَه يستخدم جواز سفر ليبيا باسم «إبراهيم الشاويش»، ولم يجد صعوبة في تحديد مكانه في مالطا، بناء على اسمه في جواز السفر.

وصل الشقاقي في صبيحة اليوم نفسه إلى مالطا، واستأجر غرفة في فندق يقع في مدينة النقاهة، استأجر غرفة لليلة واحدة، كان رقمها 616.

في الساعة الـ11 والنصف، خرج من الفندق بهدف التسوق، دخل إلى متجر «ماركس أند سبنسر» واشترى ثوبا من هناك، وعرج على متجرٍ ثان  وابتاع ثلاثة قمصان.

بعد ذلك، بحسب الكتاب الإسرائيلي، واصل سيره على الأقدام، ولم ينتبه إلى الدراجة النارية من طراز (Yamaha) التي لاحقته طيلة الطريق بحذر.

بدأ سائق الدراجة النارية يقترب من «الشقاقي» حتى سار إلى جانبه محتسبًا كل خطوة.. أخرج الراكب الثاني، الذي كان جالسا وراء السائق مسدسًا من جيبه مع كاتم للصوت، وأطلق النار على الشقاقي.. ثلاثة أعيرة ناريّة في رأسه حتى تأكّد من أنّه لن يخرج حيًّا من هذه العملية.

وكشف الكتاب النقاب عن أنّه تمّ لصق جيب لالتقاط الأعيرة النارية الفارغة، لتفريغ منطقة الجريمة من الأدلّة وتجنب التحقيقات، وذلك لإبعاد الشبهات المؤكدة حول تورّط (إسرائيل).

وبحسب الكتاب، فإن الموساد اعتبر عملية اغتيال «الشقاقي» إحدى أنجح العمليات التي قام بها، ولكن بالمُقابل، أدخل الدولة العبريّة في حالة من التأهب القصوى بعدما وصلت إنذارات بعمليات تفجيرية.

من هو «فتحي الشقاقي»

والشهيد «فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي»، مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من قرية زرنوقة بالقرب من يافا في فلسطين المحتلة عام 1948، هاجرت عائلة الشهيد المعلم من القرية بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 إلى قطاع عزة حيث استقرت في مدينة رفح، وأسرة الشهيد المعلم «الشقاقي» هي أسرة فقيرة حيث يعمل الأب عاملاً.

ولد «الشقاقي» في مخيم رفح للاجئين عام 1951، وفقد أمه وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان أكبر إخوته، درس في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية وتخرج من دائرة الرياضيات وعمل لاحقاً في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية ثم جامعة الزقازيق، وعاد إلى الأراضي المحتلة ليعمل طبيباً في مشفى المطلع بالقدس وبعد ذلك عمل طبيباً في قطاع غزة.

لم يكن «الشقاقي» بعيدا عن السياسة، فمنذ عام 1966م أي حينما كان في الخامسة عشرة من عمره كان يميل للفكر الناصري، إلا أن اتجاهاته تغيرت تمامًا بعد هزيمة 67، وخاصة بعد أن أهداه أحد رفاقه في المدرسة كتاب «معالم في الطريق» للشهيد «سيد قطب»، فاتجه نحو الاتجاه الإسلامي، ثم أسَّس بعدها «حركة الجهاد الإسلامي» مع عدد من رفاقه من طلبة الطب والهندسة والسياسة والعلوم حينما كان طالبًا بجامعة الزقازيق.

اعتقل «الشقاقي»في مصر في 1979 بسبب تأليفه لكتابه «الخميني، الحل الإسلامي والبديل»، ثم أعيد اعتقاله في يوليو/تموز1979 بسجن القلعة على خلفية نشاطه السياسي والإسلامي لمدة أربعة أشهر، وغادر مصر إلى فلسطين في نوفمبر/تشرين ثان 1981 سرا بعد أن كان مطلوبا لقوى الأمن المصرية.

قاد بعدها «الشقاقي» حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وسجن في غزة عام 1983 لمدة 11 شهرا، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1986 وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 4 سنوات و5 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة الارتباط بأنشطة عسكرية والتحريض ضد الاحتلال الإسرائيلي ونقل أسلحة إلى القطاع.

وقبل انقضاء فترة سجنه أبعدته سلطات الاحتلال من السجن مباشرة إلى خارج فلسطين بتاريخ 1 أغسطس/آب 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، تنقل بعدها بين العواصم العربية والإسلامية لمواصلة جهاده ضد الاحتلال، إلى أن تم اغتياله.

المصدر | الخليج الجديد+ متابعات

  كلمات مفتاحية

إسرائيل فلسطين الموساد فتحي الشقاقي الجهاد الإسلامي اغتيال