حصاد مؤتمر «السيسي» في شرم الشيخ.. وعود وتهديدات و«ثلاجة فاضية»

الجمعة 28 أكتوبر 2016 06:10 ص

قرار جوهري وحيد، وتحذيرات عديدة، ووعود كلامية، ومظاهر بذخ، ومقاطعة سياسية، أبرز ما تمخض عنه المؤتمر الوطني الأول للشباب المنعقد بمدينة «شرم الشيخ» شمال البلاد، على مدار 3 أيام، بحضور الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ووزراء الحكومة المصرية.

المؤتمر الذي عقد قبيل أيام من تظاهرات 11/11 والمعروفة إعلاميا بـ«ثورة الغلابة»، وتكلف ملايين الجنيهات، لم يقدم حلولا واقعية لأزمات الغلاء واختفاء السلع الأساسية وانهيار الجنيه المصري، وسط مظاهر بذخ في بلد يقول المسؤولون عنه، إنهم قرروا تنفيذ خطة حازمة للتقشف وترشيد النفقات.

توصيات وقرارات

حزمة القرارات التي خرجت في شكل توصيات، وأعلنها «السيسي»، في ختام المؤتمر، مساء أمس الخميس، تضمنت قرارا واحدا يمكن أن يعد نقلة نوعية حال تحقيقه، وهو تكليف الحكومة مع الجهات المعنية بالدولة، بدراسة مقترحات تعديل قانون التظاهر، المقدمة من الشباب خلال المؤتمر، وإدراجها ضمن القوانين المخطط عرضها على البرلمان، وتشكيل لجنة من الشباب بإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية لمراجعة وفحص كل الشباب المحبوسين على ذمة قضايا ولم يصدر بحقهم أحكام على أن تقدم تقريرها خلال ١٥ يوما؛ لاتخاذ ما يناسب الإجراءات بحسب كل حالة وفى حدود الصلاحيات المخولة دستوريا وقانونيا لرئيس الجمهورية.

لكن المخاوف قائمة إزاء تنفيذ تلك التوصيات، التي سبق أن طالبت بها قوى شبابية وسياسية، وانتهت إلى الإفراج عن العشرات فقط من النشطاء السياسيين ممن انتهت فترة محكوميتهم، أو اقتربت من الانتهاء، مع الأخذ في الاعتبار، تكرار وعود «السيسي» بالإفراج عن الشباب المعتقلين على ذمة قانون التظاهر، دون حدوث ذلك فعليا.

القرارات الرئاسية الصادرة عن مؤتمر شرم الشيخ، تمخضت عنها قرارات بمؤتمرات أخرى، منها عقد مؤتمر شهرى للشباب يتم خلاله عرض ومراجعة جميع التوصيات الصادرة عن المؤتمر الأول للشباب، وعقد حوار مجتمعي بين الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والجهات المعنية بالدولة، والمتخصصين؛ لوضع ورقة عمل وطنية لتصويب الخطاب الدينى، وتشكيل لجنة من كافة أطياف الشباب المصري؛ لوضع تصورهم ومقترحاتهم لتطوير التعليم المصري.

وشملت القرارات الرئاسية أيضا إنشاء مركز وطني لتأهيل الكوادر الشبابية سياسيا واجتماعيا وأمنيا واقتصاديا، وتكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب، للإسراع بإصدار التشريعات المنظمة للعمل الصحفى والإعلامى.

لكن الملف الشائك والأبرز على المسرح المصري، ألمح إليه «السيسي»، بترك باب المصالحة السياسية مفتوحا مع جماعة «الإخوان»، لكنه رهن ذلك بإرادة الدولة، قائلا، ردا على سؤال حول المصالحة مع جماعة الإخوان: «مش هقدر آخد فيها قرار لوحدي.. المصالحة مش هقدر آخد فيها قرار لوحدي، دا قرار دولة، وأنا أكتر واحد أتحت ليهم فرصة في 3- 7.. والبيان الذي تم إصداره كان متزنا للغاية»، على حد قوله. 

رسائل تهديد

حملت تدوينة «السيسي» على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» في اليوم الثالث للمؤتمر، تهديدا مبطنا للمصريين، من نفاد صبره تجاه الشعب، الذي يحكمه منذ الانقلاب على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب، في 3 يوليو/ تموز 2013، .

كتب «السيسي»، في تدوينته، قائلا: «خلال العامين الماضيين حجم ضبط النفس من الدولة تجاه الشعب كان كبير لتجنب حالة الاحتقان السائد».

«انزل مع ابنك علشان يرجع سليم».. كانت محور رسالة التهديد الثانية التي وجهها «السيسى»، خلال مشاركته بجلسة نقاشية حول مسببات العنف بالملاعب بالمؤتمر الوطني للشباب، قائلاً: «لو هذا المجتمع يريد عودة الجماهير للملاعب لازم يساعد مصر وينزل مع أولاده المباريات ويوجد حل معانا».

وتابع: «طب ما تنزل يا والد مع ابنك عشان يرجع معاك سليم، لأن الشاب الذي سيذهب مع والده لمشاهدة المباراة في الاستاد سيراعي وجود أسرته ولن يقوم بأي تجاوزات»، على حد قوله.

وقتل 74 شابا داخل ستاد بورسعيد، شمال شرق البلاد، 1 فبراير/شباط 2012، عقب مباراة كرة قدم بين النادي «المصري» و«الأهلي»، وهي أكبر كارثة في تاريخ الرياضة المصرية، وسط شبهات حامت آنذاك حول تورط المجلس العسكري الحاكم للبلاد في الوقوف وراء المجزرة؛ لإثارة حالة من الفوضى في البلاد وتشويه ثورة يناير/كانون ثاني 2011.

وفي 8 فبراير/شباط 2015، وقبل مباراة الدوري المصري بين نادي «الزمالك» ونادي «إنبي» في استاد دار الدفاع الجوي بالقاهرة، لقي 22 مشجعا زملكاويا مصرعهم، إثر إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز على الجماهير، وحدوث حالة من التدافع تسببت في اختناق وموت الضحايا.

لكن في اليوم الأول للمؤتمر، كانت لغة التهديد حاضرة بقوة في تصريحات «السيسي»، محذرا من تداعيات الخروج على نظامه في تظاهرات 11/11 ضد الغلاء والفقر، والتي يتزايد حجم تداول منشوراتها يوما بعد الآخر على مواقع التواصل الاجتماعي.

قال «السيسي» مخاطبا المصريين «ما تخلوش المطالب بتاعتكم تاخد الشكل الاحتجاجي علشان خاطر البلد، لأن حجم الضرر سيكون كبيرًا جدًا إذا لم نضع هذا الأمر نصب أعيننا».

وكرر «السيسي» خلال اللقاء الذي بثه التليفزيون المصري، مساء الثلاثاء الماضي، تحذيراته، قائلا «نحذر من أي تحركات لهدم البلد»، على حد قوله.

حملات سخرية

احتل هاشتاج «#ثلاجة_السيسي» على موقع التدوينات «تويتر» المرتبة الثالثة على مستوى العالم، الأربعاء الماضي، في دلالة قوية على تنامي تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وحجم ما تمثله من ضغط على صانع القرار في مصر.

كان «السيسي» قال، خلال لقائه مجموعة من الشباب في جلسة بعنوان «أزمة سعر الصرف»، على هامش المؤتمر، الثلاثاء الماضي، «أنا واحد منكم.. والله العظيم قعدت 10 سنين تلاجتي كان فيها ميه بس ومحدش سمع صوتي».

وكان الملفت أن أبرز الدول المغردة لم تكن مصر، بل كانت المملكة العربية السعودية تلتها مصر ثم بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وليبيا وإيران وشبه الجزيرة الكورية.

تصريح «السيسي» بوجود الماء فقط في ثلاجته لمدة عشرة سنوات، اعتبر مؤشرا على الأزمة الاقتصادية الطاحنة في البلاد، بحسب موقع «ميدل ايست اي» البريطاني.

وحلل الموقع البريطاني تصريح «السيسي» بأنها رسالة منه للشعب المصري بتحمل الوضع الاقتصادي السئ الذي تمر به البلاد.

إلى جانب هاشتاج «#ثلاجة_السيسي» على موقع التدوينات «تويتر»، شهد وسم «#هي_دي_مصر_يا سيسي» انتقادات واسعة لأضاع البلاد في ظل قيادة كانت تعد المصريين بـ«مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا»، و«بكرة تشوفوا مصر»، لكنهم استيقظوا على «ديون 4 تريليون جنيه، عجز موازنة360 مليار، عجز مدفوعات 26 مليار دولار، جزر بتتباع، سياحة مفيش، تصدير مفيش، شغل مفيش، سكر مفيش، 60 ألف معتقل» ، وفق تدوينة الصحفي «جبر المصري» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».

وخلال اليوم الأول للمؤتمر، الذي قاطعته أحزاب سياسية وقوى شبابية مصرية، كان «#الشباب_فين» الوسم الأكثر تداولا على موقع التدوين المصغر «تويتر»، واعتبره سياسيون في مصر ردا واضحا على مؤتمر شرم الشيخ، إلى جانب هاشتاجات أخرى من بينها «#الشباب_معتقل، #الشباب_محبوس_انفرادي، #الشباب_مختفي_قسريا، #الشباب_اعتقل_وهو_بيشوف_ماتش، وكلها كانت تصب في ذات الإتجاه، وهو أن مؤتمر الشباب بدون شباب؛ لأن أغلب الشباب خلف الأسوار.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبد الفتاح السيسى شرم الشيخ المؤتمر الوطني للشباب ثورة الغلابة جماعة الإخوان