آلاف من المسلمين «الروهينغا» يفرون من العنف في بورما بأجواء مأساوية

الخميس 24 نوفمبر 2016 04:11 ص

روى الهاربون من أبناء اقلية «الروهينغا» المسلمة قصصًا مروعة عن الاغتصاب الجماعي والتعذيب والقتل في بورما، والتي فروا منها الى بنغلادش في الأيام الأخيرة هربًا من أعمال العنف التي تستهدفهم.

ونزح حوالى ثلاثين ألف شخص بسبب أعمال العنف التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى منذ تشرين الأول/ أكتوبر في ولاية راخين في غرب بورما حيث تعيش هذه الاقلية، حسب الأمم المتحدة.

ورفضت بنغلادش الدعوات الدولية لفتح حدودها لتجنب اندلاع أزمة إنسانية، ودعت بورما بدلًا من ذلك إلى العمل لمنع الاقلية المسلمة الفقيرة من دخول اراضيها، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي رد فعل مُعلن وحيد في العالم الإسلامي تظاهر مئات الإندونيسيين في شوارع العاصمة جاكرتا ومدن أخرى، اليوم الخميس، احتجاجًا على الانتهاكات الحقوقية التي ترتكب بحق مسلمي «الروهنغيا» في ميانمار، بحسب «الأناضول».

ومن جانبه روى «محمد عياض»، وأحد من أقلية «الروهينغا» الهاربين من بورما، وهو يحمل طفله الذي يبلغ نحو العامين كيف هاجمت القوات «البورمية» قريته وقتلت زوجته الحامل.

ويضيف أن الجنود قتلوا 300 رجل على الأقل في سوق القرية؛ واغتصبوا عشرات النساء قبل إحراق نحو 300 منزل ومتجر يملكها مسلمون والمسجد الذي كان يؤم المصلين فيه.

وأضاف «اطلقوا النار على زوجتي (جنة النعيم) التي كانت تبلغ من العمر 25 عامًا وحاملًا في شهرها السابع، واختبأتُ في مجرى مائي مع طفلي ذي العامين الذي لقي ضربة من عقب بندقية»، مشيرًا إلى جرح على جبهة الطفل.

واضطر «عياض» إلى بيع ساعته وحذائه ليدفع ثمن الرحلة إلى بنغلادش، واستقر حاليًا مع 200 من جيرانه في مخيم للاجئين غير المسجلين من «الروهينغا».

قلق شديد

ويقول العديد من اللاجئين إنهم ساروا لعدة أيام واضطروا لاستخدام زوارق متهالكة للعبور إلى دولة بنغلادش المجاورة والتي يعيش فيها مئات الآلاف من اللاجئين المسجلين من «الروهينغا» منذ عقود.

ويبدي كثيرون في بورما الكراهية لمسلميّ «الروهينغا» الذين يعتبرونهم مهاجرين غير شرعيين جاؤوا من بنغلادش المجاورة رغم أن جذورهم في بورما تعود إلى عدة أجيال إذ يعيش مئات الآلاف منهم في ولاية راخين النائية غرب بورما.

وأعلنت بنغلادش، أمس الأربعاء، أنها استدعت سفير بورما لديها للإعراب عن «قلقها الشديد».

وقالت السلطات إنه «على الرغم من جهود حرس الحدود لمنع التدفق، يواصل الآلاف من مواطنيّ بورما المنكوبين بينهم نساء وأطفال وكبار في السن عبور الحدود إلى بنغلادش».

وأضافت أن المزيد من اللاجئين يتجمعون قرب الحدود استعدادًا إلى العبور.

تعذيب واغتصاب

وينفذ الجيش «البورمي» عمليات في ولاية راخين المحاذية لبنغلادش بعد هجمات دامية في بداية تشرين الأول/ أكتوبر على مراكز للشرطة.

وتخضع حكومة بنغلادش العلمانية إلى ضغوطات كبيرة لفتح حدودها لتجنب حدوث كارثة إنسانية منذ اندلاع موجة العنف الأخيرة.

لكنها عززت الدوريات الحدودية ودوريات خفر السواحل وتمكنت من منع نحو ألف من «الروهينغا» من الدخول إلى أراضيها خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق الجيش.

وكان المزارع «دين محمد» (50 عامًا) من بين الآف تمكنوا من تجنب دوريات الجيش وتسللوا إلى مدينة تكناف الحدودية قبل أربعة أيام مع زوجته واثنين من أطفالهما الأربعة وثلاث عائلات أخرى.

وقال «إن الجيش البورمي أخذ ابنيّه وهما في التاسعة والثانية عشرة من العمر بعد اقتحامه قريته»، مؤكدًا «لا أعلم ما الذي حل بهما».

وأضاف «أخذوا النساء إلى غرف وأغلقوا عليهن من الداخل، تم تعذيب نحو 50 امرأة وفتاة من قريتنا واغتصابهن».

وقال النازحون إنه تم إحراق المنازل في قراهم.

وكشفت صور التقطت بالأقمار الاصطناعية نشرتها منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، الاثنين الماضي، أن أكثر من ألف منزل دُمرت في قرى مسلمة في بورما.

ونفى الجيش «البورمي» إحراق القرى، وألقى باللوم على «الروهينغا» أنفسهم.

ويُتهم الجيش «البورمي» بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ضد الأقلية المسلمة من اغتصاب نساء إلى قتل مدنيين. وهذه الاتهامات يصعب التحقق منها من مصدر مستقل إذ إن السلطات تفرض قيودًا صارمة على الدخول إلى المنطقة وتمنع الصحفيين من الوصول إليها.

وفرت «جنات آرا» مع جيرانها بعد اعتقال والدها واختفاء شقيقتها الصغيرة التي تعتقد أن الجيش البورمي اغتصبها وقتلها.

وتروي الشابة التي دخلت بنغلادش الثلاثاء «سمعنا أنهم عذبوها حتى الموت ولا أعلم ماذا حل بوالدتي».

وخشية طردهم، يختبئ اللاجئون في مخيمات اللجوء القائمة منذ عشرات السنين في بنغلادش.

وأوقفت شرطة بنغلادش، أمس الأربعاء، 70 شخصًا بينهم نساء وأطفال. وقالت إنها تعتزم إعادتهم إلى بورما.

وقال أحد أعيان «الروهينغا» طالبًا عدم ذكر اسمه «قاموا حتى بتكبيل أيادي الفتيات الصغيرات والأطفال وأخذوهم لإعادتهم إلى بورما» مؤكدًا أن مصيرهم الموت في حال إعادتهم.

مظاهرات إندونيسية

ومن جانبهم تظاهر مئات الإندونيسيين في شوارع العاصمة جاكرتا ومدن أخرى، اليوم الخميس، احتجاجًا على الانتهاكات الحقوقية التي ترتكب بحق مسلمي «الروهنغيا» في ميانمار. 

وتجمع المتظاهرون أمام القصر الرئاسي، وسفارة ميانمار، رافعين لافتات تقول «أنقذوا المسلمين الروهنغيا»، «ميانمار، اوقفوا التطهير العرقي ضد المسلمين»، و«اوقفوا الإبادات الجماعية ضد الروهنغيا». 

وقال «ديان هارديانا»، منسق الاحتجاج في مدينة باندونغ في إقليم جاوة الغربية، إن المواطنين الإندونيسيين متعاطفين بشكل كبير مع مسلمي «الروهنغيا»، رغم أنهم يعيشون في بلد مختلف. 

ونقلت صحيفة «ديتك. كو (detik.com)» عن «هارديانا» قوله «إن المسلمين إخوة»، وإن كانت الجغرافيا تفصل بيننا، إلا أن قلوبنا واحدة» .

وفي 8 من أكتوبر/تشرين أول الماضي، اقتحم مسلحون 3 مراكز شرطة في بلدتي ماونغداو، وياثاي تايونغ في أراكان، ما أسفر عن مقتل 4 جنود، و9 من أفراد الشرطة إضافة إلى سرقة عشرات الأسلحة وآلاف الذخائر. 

وأطلق الجيش حملة عسكرية، عقب الهجمات، شهدت أعمال عنف، واعتقالات واسعة في صفوف السكان. 

وتشهد الولاية حالة من القلق مع استمرار العملية العسكرية، لملاحقة أعضاء منظمة «مجاهدين أكا مول»، التي حملتها رئاسة ميانمار مسؤولية الهجمات. 

ويعيش نحو مليون من مسلمي «الروهينغا»، في مخيمات في ولاية أراكان، بعد أن حُرموا من حق المواطنة بموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982. 

وتعتبر الحكومة مسلمي «الروهينغا» مهاجرين غير شرعيين، من بنغلاديش، بينما تصنفهم الأمم المتحدة بـ«الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم».

 

  كلمات مفتاحية

آلاف مسلمون روهينغا فرار بورما

تحذير من مؤامرة لحرمان الروهينغا من المواطنة ومطالب بمساعدات عاجلة

السعودية تطالب حكومة «ميانمار» بوقف الاضطهاد والتهجير بحق مسلمي «الروهينغا»

رئيس الوزراء الماليزي يدعو بورما لوقف إبادة الروهينغا في ميانمار

«العفو الدولية» تتهم جيش ميانمار بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

هجمات البوذيين تجبر 38 ألف مسلم روهينغي على الفرار لبنغلاديش