التعليم الأزهري بمصر يواجه المجهول.. دعوات بالإلغاء وتحذيرات من انفراط العقد

السبت 17 ديسمبر 2016 05:12 ص

ما بين التقليص والإلغاء والدمج، يواجه التعليم الأزهري في مصر، مصيرا مجهولا في ظل دعوات حقوقية تارة، وبرلمانية تارة أخرى، باستخدامه في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.

وقال «جمال فهمي» رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس القومي، في تصريحات صحفية عقب الاجتماع الشهري الأخير للمجلس: «ناقشنا خطوات مهمة في التعامل مع الإرهاب، أهمها إنهاء الازدواج بين التعليم العام والتعليم الديني»، معللا بأن «التعليم الديني ظاهرة خطيرة تصنع بيئة خصبة للأفكار المتطرفة والمنحرفة».

كما اعتبر «فهمي» أن هذا التعليم «طعن للمواطنة في قلبها بمراحل سنية صغيرة»، مستبعدا مناقشة المقترح مع مؤسسة الأزهر بقوله: «نحن دولة مدنية، والتعليم يخص الدولة، وهو شأن وطني، والأزهر مؤسسة دينية روحية».

فيما طالب «منير مجاهد» مؤسس جمعية «مصريون ضد التمييز الديني»، في تصريحات صحفية، أنه «على الدولة أن تعيد التفكير في استخدام المنهجية الأمنية في مواجهة الإرهاب، وأن تستعين بالفكر، لمحاربة الإرهاب، من خلال تغيير مناهج التعليم، وإلغاء التعليم الأزهري في مرحلة التعليم الأساسي، واقتصاره على التعليم الجامعي فقط، من أجل تخريج دعاه مستنيرين، قادرين على تعليم صحيح الدين».

بينما طالب نواب بالبرلمان على خلفية حادث تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة، بإلغاء التعليم الأزهري أو تقليص عدد المعاهد الأزهرية في مصر.

وقال النائب «مجدى مرشد»، إنه وجه نداء واستغاثة إلى رئيس الجمهورية ووزراء الدفاع والداخلية والتعليم والأوقاف وشيخ الأزهر والبابا «تواضروس الثاني»، لتغيير الخطاب الدينى تماما ومناهج التعليم، مشددا على أن «مصر لن ينصلح حالها إلا بتغيير مناهج التعليم».

وأوضح «مرشد»، أنه دعا لجنة التعليم بالبرلمان للاجتماع مع وزير التعليم وتشكيل لجنة لتغيير المناهج، وكذلك إجراء ثورة فى التعليم الأزهرى، مضيفا: «نحتاج لتربية نشء بكم كبير من الأخلاقيات والمبادئ وقيم التسامح».

خطر مجتمعي

وفي تعليقه على ذلك، يرى أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر «أحمد عبد الحليم» أن «الرغبة في إلغاء مراحل التعليم الأزهري الأساسية أو دمجها في التعليم العام أمر بالغ الخطورة كونها المرحلة الأهم التي تتشكل فيها أفكار وتغرس فيها قناعات الطلاب».

وأضاف في حديثه لموقع «الجزيرة نت»: «لو أجرينا حصرا لمن قاموا بأعمال إرهابية على مدار عقد أو عقدين من الزمن، لوجدنا أن نسبة من ينتمون إلى التعليم الأزهري بين هؤلاء لا تكاد تذكر مقارنة بغيرهم ممن ينتمون إلى التعليم العام».

ويرى «عبد الحليم» أن «الأزهر رغم ما ألم به من وهن وما يلقاه من تهميش وإسكات للأصوات الحرة من علمائه، سيظل طوق النجاة لمصر بكل طوائفها وللمسيحي قبل المسلم»، لافتا إلى أنه «في حال مُررت هذه المطالب سيكون تأثير ذلك وخيما على المجتمع المصري بكل أطيافه».

واتفق معه الكاتب الصحفي «جمال سلطان» رئيس تحرير صحيفة «المصريون»، الذي استنكر في مقال له اليوم، الهجمة الشرسة التي يشنها البعض ضد الأزهر الشريف عند وقوع أي حادث إرهابي والذين يتهمون الأزهر بالتقصير في تجديد الخطاب الديني.

وسرد «سلطان» دلائل براءة الأزهر من تخريج إرهابيين، مؤكدًا أن 99% من الإرهابيين هم من تعلموا تعليم عام وليس أزهري، متهمًا وزارة التربية والتعليم بالتسبب في ذلك بسبب تهميش الدين في الكتب الدراسية.

في هذا السياق، أبدى أستاذ التفسير بالجامعة «رمضان خميس» قلقه من هذه المطالب، معتبرا أنها تأتي في سياق «السعي لهدم التعليم الأزهري كونه يمثل صمام أمان لهوية الأمة المسلمة ويجسد فكرها وثقافتها وأصولها العلمية».

ورأى أنه «لو تم ذلك الله فأثره شنيع في غياب حارس أمين على فكر الأمة وتراثها، ويُخشى بسببه أن يذهب الفكر الوسطي الذي يتبناه الأزهر من قديم، ويُفَرِّخ لنا التعليم غير المنضبط شرعا أفكارا تزيد الطين بلة والداء علة».

وتابع: «الأزهر شأنه شأن كل مؤسسة فكرية تعليمية، لا يتنفس إلا حرية ولا يحيا إلا في ظل الأمان، وهذه الأحوال التي لم يسبق للأمة أن مرت بها يخشى من آثارها على هذا الحصن الشامخ من التواري والذوبان، وساعتها ينفرط عقد التعليم الشرعي أساسا».

بدوره، يكشف رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام «مصطفى خضري» أن «استهداف التعليم الأزهري بدأ منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، بالسعي تدريجيا لهدم دوره، حتى بدأت التصفية الصريحة منذ عام 2009، حين عارض الأزهر التوقيع على اتفاقية السيداو (تدعو للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة) لمخالفتها الشريعة الإسلامية».

وتابع: «انخفضت نسبة الالتحاق بالتعليم الأزهري الابتدائي من 31% في 2008 إلى 8.8% في 2016 بمعدل انخفاض 71%».

وذهب إلى أن السعي لتحجيم التعليم الأزهري «سيأتي برد فعل عكسي كون طبيعة العلوم الشرعية مقاومة للقهر وتزدهر كلما زاد التضييق"، لافتا في هذا السياق إلى أنه "عندما ضيِّق على المعاهد الأزهرية الحكومية ظهرت المعاهد الأزهرية الخاصة وزاد الإقبال عليها».

وهذه ليست المرة الأولى التي تظهر هذه الدعوات، حيث سبق أن دعا حقوقيون ومثقفون وإعلاميون في ماس/ آذار 2016، عقب إعلان اللواء «مجدي عبد الغفار» وزير الداخلية، تورط طلاب من جامعة الأزهر في حادثة اغتيال النائب العام المستشار «هشام بركات»، حيث شنوا هجوما عنيفا على المؤسسة الدينية، مشككين في قدرتها على نشر سماحة الدين الإسلامي، وواصفين علمائها بالعمائم فارغة الجماجم، متهمين مناهج الأزهر بصناعة الإرهاب.

وفي أغسطس/ آب الماضي، شن وزير الثقافة «حلمي النمنم»، هجوما ضد مناهج الأزهر، حين قال إن «المجتمع المصري يجب أن يتحلى بالشجاعة ومواجهة ظاهرة العنف، حيث يعاني المجتمع المصري من قصور في النواحي الثقافية والتعليمية، وذلك يرجع إلى عدة أسباب منها توغل التعليم الأزهري في مصر، حيث يشكل التعليم الأزهرى نسبة كبيرة، وهو أمر لابد من إعادة النظر فيه، وكذلك إعادة النظر فى المناهج الدينية التى تدرس في المعاهد الأزهرية».

  كلمات مفتاحية

التعليم الأزهر مجلس النواب مصر تحذيرات

«أحمد الطيب»: الإعلاميون المهاجمون لـ«الأزهر» يريدون النيل من «ثوابت الإسلام»

«الأزهر» يطالب موظفيه بالتبرؤ رسميا من «الإخوان» و«علماء المسلمين»

التعليم المصرية تحذف «صلاح الدين» و«عبقرية عقبة بن نافع الحربية» منعا للعنف!