مبادرة مصالحة جديدة بمصر تقوم على تنازل كل الأطراف بقدر الأخطاء

الأحد 18 ديسمبر 2016 04:12 ص

طرح نقابي مصري بارز، مبادرة للمصالحة في مصر، تبدأ بإيجاد مخرج لوصف الإخوان، كـ«جماعة إرهابية»، وتقوم على تنازل أطراف الأزمة عن المطالب بقدر ارتكاب الأخطاء.

وكشف «منتصر الزيات»، المعروف بوصفه «محامي الجماعات الإسلامية في مصر»، أن مبادرته تهدف إلى مصالحة وطنية شاملة، لا تستبعد النظام الحاكم، ولا جماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح أن مبادرته المكتوبة في 57 صفحة، سيطرحها للنقاش المجتمعي، بعد إرسالها لكافة الأطراف.

وقال «الزيات»، في مقدمة المبادرة: «نهيب بالأطياف الفكرية والسياسية كافة، ضرورة استشراف المستقبل بروح الأخوة الوطنية والتعايش السلمي، بعيدا عن روح العداء أو الإقصاء».

وفي مبادرته، تحدث «الزيات» عن «إشكاليات الحالة المصرية، المرتبط بعضها بعدم توقف العنف، ووصف جماعة الإخوان المسلمين (حكوميًا) بأنها إرهابية، وخطاب شيطنة الآخر».

وطالب «الزيات»، قبل البدء في إجراء مصالحة وطنية، بضرورة إيجاد مخرج لوصف «الإخوان» كـ«جماعة إرهابية»، مضيفًا: «ليس من المعقول إجراء مصالحة مع جماعة موصوفة بالإرهاب».

وأعلنت الحكومة المصرية في ديسمبر/ كانون الأول 2013، الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية»، وحظرت جميع أنشطتها، واتهمتها بتنفيذ التفجير الذي استهدف مبنى مديرية أمن محافظة الدقهلية، شمالي البلاد.

تفاصيل المبادرة

«الزيات» شدد على أن «نجاح أي مصالحة وطنية قائم بالأساس على تنازل أطراف الأزمة عن المطالب بقدر ارتكاب الأخطاء».

وحول رؤيته للمصالحة، طرح 6 نقاط بينها «تحديد أطراف المصالحة وعدم استبعاد أي طرف مهما كان غير مؤثر، والتعرف على مدى استعداد الجميع (لم يسمهم) للدخول في عملية مصالحة جادة».

والنقاط الأخرى، بحسب «الزيات» هي: «تهيئة الأجواء لمساندة عملية المصالحة إعلامياً ونخبوياً وفكرياً، وبحث أسباب الصراع بعمق، ووضع تصور واضح للقضايا محل الخلاف، ووضع تصور شامل لمعالجتها مع تحديد الأهداف الاستراتيجية اللازم تحقيقها لبلوغ المصالحة دستورياً وقانونياً واجتماعياً، وأخيرا وضع جدول زمني لمراحل وإجراءات المصالحة».

وطرح «الزيات» إجراءات أولية للمبادرة، تبدأ بـ«عقد لقاءات خاصة بعيداً عن وسائل الإعلام مع أطراف الصراع، بهدف استكشاف مدى مرونة كل فريق نحو الآخر، وتقريب وجهات النظر المختلفة، والبحث عن الحلول المقبولة في معالجة الملفات والقضايا المختلف حولها».

فضلاً عن «تحديد واختيار فريق الخبراء من الفقهاء الدستوريين والقانونيين والساسة بهدف صياغة مشروع مصالحة وطنية مصرية يشتمل على اتفاق المصالحة الشاملة، وقانون المصالحة وصياغة مواده، واختيار آلية المصالحة، والتهيئة العامة لها، وعقد لقاءات مفتوحة لإجراء حوار مجتمعي».

وحول رؤيته لمضمون المصالحة، ذكر الزيات 8 نقاط هي «دستور المصالحة يشمل نقاط منها المسامحة، إرجاع الحقوق، ومعاقبة المخطئ، فضلا عن الاتفاق على ثوابت وطنية جامعة والتوصل إلى حل عادل في حقوق الضحايا والمصابين، ووجود جهة محايدة ومستقلة تعني بتقييم النتائج، واتباع إطار مؤسسي شامل للمصالحة».

ورأى «الزيات» أن آلية المصالحة الوطنية في مصر تكون عبر «إنشاء إطار مؤسسي (وزارة - مفوضية – لجنة عليا- مجلس أعلى) له استراتيجية وطنية شاملة وقوانين حديثة في معالجة آليات العدالة الانتقالية واجبة التطبيق وتحدد الجهات القائمة عليها».

وأشار إلى أنه «لم يناقش أحدًا فيها بعد، سوى المكتب التنفيذي لمنتدى الفكر والثقافة (مركز بحثي غير حكومي/ مقره القاهرة)، والذي يرأسه».

ومنذ فترة تشهد مصر تصريحات يرى البعض أنها ربما تمهد لمصالحة، ففي أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ألمح الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في مؤتمر الشباب بمنتجع شرم الشيخ (شمال شرق)، إلى إمكانية قبول «من لم تتلوث يده بالدماء» في المشهد المصري، بدون ذكر اسم «الإخوان».

جاءت هذه التصريحات في ظل أحاديث سابقة لـ«السيسي»، أنه «لا تسوية وإنما تصفية»، وأخرى قال فيها إن «الشعب المصري لن يقبل المصالحة مع الإخوان»، وفي ظل وصف «السيسي»، دائما للمعارضين له بأنهم «الأشرار وأهل الشر».

على الجانب الآخر، قال «إبراهيم منير» نائب مرشد «الإخوان»، إنهم يمكنهم القبول بمصالحة مشروطة إذا تدخل العقلاء في مصر والعالم، قبل أن تعود الجماعة وتعغل في بيان رسمي أنه «لا تنازل عن الشرعية (في إشارة إلى مرسي)، ولا تفريط في حق الشهداء والجرحى، ولا تنازل عن حق المعتقلين في الحرية وحق الشعب في الحياة الكريمة، ولا تصالح مع خائن قاتل (لم تسمه)».

يشار إلى أنه في 3 يوليو/ تموز 2013، انقلب الجيش المصري على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة «الإخوان»؛ ما أدخل مصر في أزمة، ولم تفلح حتى الآن مبادرات وساطة مصرية ودولية بين نظام حاكم يرفض عودة «الإخوان» إلى المشهد، وقطاع من المصريين يرفض بقاء الرئيس «السيسي» (كان وزيرا للدفاع عند الانقلاب بمرسي) في الحكم.

ومنذ انقلاب «السيسي»، تشن السلطات المصرية حملة واسعة ضد أنصاره خلفت آلاف القتلى وأدت إلى توقيف عشرات الآلاف من المعارضين، على رأسهم قيادات الصفين الأول والثاني والثالث في جماعة «الإخوان المسلمين» الذين يحاكمون بتهم مختلفة.

وصدرت أحكام بالإعدام على مئات من أنصار «مرسي» في محاكمات جماعية سريعة وصفتها «الأمم المتحدة» بأنها «غير مسبوقة في التاريخ الحديث».

وتتهم المنظمات الحقوقية نظام «السيسي» باستخدام القضاء وسيلة لقمع المعارضين.

ومنذ الانقلاب على «مرسي»، تعاني البلاد أزمة سياسية وانقساما مجتمعيا، وفق مراقبين، لم تفلح معها حتى الآن مبادرات محلية ودولية.

وكلما تجدد الحديث في مصر عن ضرورة المصالحة، أو ترددت أنباء عن محاولة وساطة، تصدر تصريحات رسمية مناهضة، ويندد إعلاميون باحتمال المصالحة، مرددين أن الشعب لن يقبل بها.

  كلمات مفتاحية

مبادرة مصالحة الإخوان السيسي مصر مرسي منتصر الزيات

آمال مصرية في استلهام تجربتي جنوب إفريقيا والمغرب في المصالحة