«معهد واشنطن»: مصر منحت (إسرائيل) تفويضا مطلقا في سيناء

الثلاثاء 20 ديسمبر 2016 04:12 ص

كشف «ديفيد شينكر» مدير برنامج السياسة العربية في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» أن مصر منحت «إسرائيل» تفويضا مطلقا لنشر طائرات بدون طيار فوق شبه جزيرة سيناء لاستهداف مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» المتواجدين فيها.

وقال «شينكر» في مقابلة نشرها موقع المعهد تحت عنوان «الحفاظ على العلاقات خلف الأبواب الموصدة» إن السلام بين مصر و«إسرائيل» وصف  بالبارد لعقود طويلة، ولكن هذه الدينامية قد تغيرت منذ الانقلاب على الرئيس «محمد مرسي»، وأن التعاون بين البلدين منذ ذلك الوقت قد ساهم إلى حد كبير في تحسين العلاقات بين البلدين.

ونقل «شينكر» عن نائب رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، اللواء «يائير جولان» وصفه للتعاون الاستخباراتي بين مصر و«إسرائيل» في عام 2016 بأنه غير مسبوق.

وأكد «شينكر» أن مصر و«إسرائيل» تتعاونان بشكل وثيق على الحدود، وتحديدا فيما يخص اكتشاف الأنفاق وتدميرها وعلى الأخص، كما أكد أنه وفقا لبعض التقارير، فإن مصر قد منحت «إسرائيل» تفويضا مطلقا لنشر طائرات بدون طيار فوق سيناء، وسمحت لها باستهداف المقاتلين الإسلاميين وفقا لما تراه إسرائيل مناسبا، مشيرا إلى أن البلدين لا تعلقان على هذا الترتيب لأسباب واضحة، على حد قوله.

ووصف «شينكر» العلاقات بين قيادتي الدولتين بأنها ممتازة، إذ تشير تقارير صحفية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» والرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» على تواصل مستمر، حتى إن هناك بعض المقالات التي تشير إلى هذا الموضوع مرة واحدة على الأقل أسبوعيا.

ولفت إلى أنه في عام 2016، أرسل «السيسي» وزير خارجيته «سامح شكري» إلى القدس، للقاء «نتنياهو»، وهي أول زيارة من نوعها منذ 9 سنوات، مشيرا إلى أن كلا الزعيمين يعتبران حركة «حماس» مصدر تهديد.

وأضح «شينكر» أن «نتنياهو» ولم يتوان عن الدفاع صراحة عن مصر بعد استمرار تراجع شعبيتها في واشنطن، قائلا: «ليس من المستغرب أن يكون نتنياهو منفتح القلب عندما يتحدث عن السيسي».

وأشار إلى أنه في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر وتراجع شعبية «السيسي» في بلاده، فإنه سوف يكون من الصعب زيادة التعاون الظاهر مع «إسرائيل»، لكن من المتوقع استمرار التعاون في سيناء وتحسينه، بما أنه ليس ظاهرا.

أرض الفيروز

وتمثل شبه جزيرة سيناء موقع استراتيجي هام، إذ تقع في الجزء الشمالي الشرقي من مصر ولها شكل مثلث، حيث تطل على البحر الأبيض المتوسط من الشمال وعلى البحر الأحمر من الجنوب، بينما يحدها من الغرب خليج السويس وقناة السويس، أما من الشرق فيحدها خليج العقبة وقطاع غزة وصحراء النقب.

وتبلغ مساحة سيناء نحو 61 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 6% من جملة مساحة مصر، وتنقسم إداريا إلى محافظتين: شمال سيناء وعاصمتها العريش، وتقع على ساحل البحر المتوسط، وجنوب سيناء وعاصمتها الطور، ومن أهم مدنها طابا وشرم الشيخ ونويبع.

وتملك سيناء وحدها نحو 30% من سواحل مصر، حيث تحاط بالمياه من أغلب الجهات: البحر المتوسط في الشمال (بطول 120 كيلومترا) وقناة السويس في الغرب (160 كيلومترا) وخليج السويس من الجنوب الغربي (240 كيلومترا) ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقي والشرق (150 كيلومترا).

وقدر عدد سكان شبه جزيرة سيناء في أبريل/نيسان 2013 بـ597 ألف نسمة، يهيمن على غالبيتهم نمط عيش البدو، وتعود أصول وجذور أهالي سيناء لقبائل عربية، اختلطت بها قبائل أخرى ليبلغ عددها نحو 26 قبيلة، يعد نصفها أقدم القبائل بسيناء.

واستقبلت عددا من الأسر الفلسطينية بعد حرب 1948، واضطر عدد من سكانها في عدوان يونيو/حزيران 1967 إلى الهجرة، ولم يعودوا إليها بكثرة إلا بعد 1973، وكذلك بعد اتفاقية «كامب ديفيد» المصرية الإسرائيلية تمركز السكان بشكل أكبر في شمال شبه الجزيرة٬ حيث الزراعة والإدارة والطرق.

وتعد شبه جزيرة سيناء المورد الأول للثروة المعدنية في مصر، حيث يتدفق من أطرافها الغربية البترول ومن شرقها النحاس والفوسفات والحديد والفحم والمنغنيز واليورانيوم، كما تشتهر بوجود أجود أنواع الفيروز في العالم الذي اكتشفه قدماء المصريين على أرضها واستخدموه في تزيين المعابد والتماثيل.

واستفادت من تنوع طبيعتها في ازدهار السياحة بأنواعها المختلفة الترفيهية والأثرية والتاريخية، والمغامرات وسياحة العلاج، مستفيدة في ذلك من عيون المياه التي تساعد على شفاء العديد من الأمراض، والرمال الساخنة، والأعشاب المفيدة في علاج أمراض عديدة.

ويوجد بسيناء أهم المطارات المصرية الدولية كمطار شرم الشيخ ومطار العريش، ومطار الطور، ومطار سانت كاترين الدولي.

وكان لأهلها دور كبير في ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 وإسقاط حكم الرئيس المخلوع «حسني مبارك» وزلزلة نظامه.

وبعد انقلاب الجيش على حكم الرئيس «محمد مرسي» في يوليو/تموز2013 عرفت هجمات عسكرية من القوات المصرية بمبرر ملاحقة جماعات إرهابية، وبنفس المبرر هدمت السلطات المصرية المنازل الموجودة على الحدود مع قطاع غزة، وكذلك المدارس والمستشفيات والمزارع وشردت السكان بحجة مكافحة الإرهاب.

واتهم «مرسي» من قبل معارضيه ببيع سيناء لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، فيما اتهم معارضو الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي» بأنه نكل بأبناء سيناء، وخلق واقعا مؤلما أمنيا وسياسيا واجتماعيا.

وكشفت مصادر صحفية تغلغل الاستخبارات الإسرائيلية في سيناء عبر عمليات التهريب، وتجنيد مصريين محتجزين في سجون «إسرائيل» للعمل لحسابها في سيناء ونقل معلومات عما يحدث فيها.

وتتعرض مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن، لهجمات مكثفة خلال الأشهر الأخيرة في شبه جزيرة سيناء، ما أسفر عن مقتل العشرات، فيما تعلن جماعات مسلحة مسؤوليتها عن كثير من تلك الهجمات، ومن أبرزها تنظيمي «أجناد مصر»، و«أنصار بيت المقدس»، الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغير اسمه لاحقا إلى «ولاية سيناء».

ومنذ سبتمبر/أيلول 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة في البلاد، حملة عسكرية موسعة، لتعقب ما تصفها بالعناصر الإرهابية والتكفيرية، في عدد من المحافظات، وخاصة سيناء، والتي تتهمها السلطات بالوقوف وراء استهداف عناصر الجيش والشرطة.

يذكر أن معدل عمليات تنظيم «ولاية سيناء» شهدت تصاعدا في الآونة الأخيرة ضد قوات الجيش المصري في محافظة شمال سيناء شرقي مصر، ويرى بعض المحللين السياسين والعسكريين أن الجيش يفقد السيطرة تدريجيا على الأوضاع هناك، خصوصا مع تعاظم نفوذ التنظيم المسلح وقدراته العسكرية وتزايد عملياته ضد القوات المشتركة من الجيش والشرطة.

وتنوعت هذه العمليات بين استهداف المدرعات والآليات العسكرية للجيش والشرطة، فضلا عن قنص وتصفية الضباط والجنود، وراح ضحيتها العشرات من الجنود بين قتلى وجرحى.

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل سيناء حماس عبدالفتاح السيسي بنيامين نتنياهو