«فوربس»: منظمة وهمية تجسست على ناشطين حقوقيين واستهدفت قطر

السبت 24 ديسمبر 2016 05:12 ص

كشف تقرير أن قطر وقعت في عام 2015 ضحية مزاعم تقارير متتالية تدعي مقتل 1200 مهاجر من العمال أثناء تجهيزات قطر لاستقبال «كأس العالم 2022».

وبحسب التقرير الذي أعدته مجلة «فوربس» الأمريكية، فقد أدت هذه المزاعم إلى أن أسست مجموعة صغيرة من حقوقيين غير معروفين بريطانيين وفرنسيين جمعية باسم Voiceless Victims، أو «ضحايا بلا صوت».

وقال التقرير إن المجموعة ملأت موقعها وحساب «تويتر» بسيل من الصور المروعة لظروف العمال مطالبة بالانتباه العالمي للكارثة، موضحة أنه في أكتوبر/تشرين الأول 2015 تواصلت المجموعة مع عدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية لمشاركة فيديو بالانتهاكات أو كما وصفه مديرها «لوك هان» بالـ«فيديو المستفز ذي الانتشار الفيروسي»، كما طالبوا عملاق كرة القدم «برشلونة بوقف تعاقده مع «الخطوط الجوية القطرية».

وأضاف أن هذه المجموعة وصلت للأشخاص ذوي العلاقات مع المنظمات الدولية بما في ذلك «منظمة العفو الدولية» ومنظمة «مكافحة الرق الدولية» و«الاتحاد الدولي للنقابات» وغيرها، وبدت لهم مثل أي منظمة غير حكومية أخرى غير ربحية تحارب من أجل قضية تستحق.

وتابع تقرير «فوربس»: «إلا أن ما غاب عنهم جميعا أنها منظمة مزيفة متهمة بالتجسس الإلكتروني على الناشطين الحقوقيين في الشرق الأوسط، حاولت التوصل لمواقعهم وهوياتهم، منظمة محتالة مدعومة بالمال لخداع الأشخاص الذين يعملون في أماكن العمل ذات الطبيعة الخطرة من أجل كشف معلومات حساسة».

عمل وهمي بلا كلل

ووفق التقرير، قال «توماس فوكس» إن «منظمة العفو الدولية» أول من كشف عن نشاط «ضحايا بلا صوت» (الغريب)، موضحا أن المنظمة طلبت من «كلوديو جوارنيري» التحقيق في أمر وصول العديد من رسائل إنذار البريد الإلكتروني لفريق العمل بالمنظمة.

واكتشف «جوارنيري» أنه بفحص عدد من رسائل مزاعم الانتهاكات بحق العمال في قطر، عند الضغط على بعض المرفقات كانت ترسل تقارير مرة أخرى للمرسل تحتوي على عنوان الـIP والموقع الجغرافي التقريبي ومعلومات عن جهاز حاسب المستخدم كنظام التشغيل والمتصفح، كما احتوت بعض الرسائل على رسومات GIF غير مرئية بها شفرة ترسل نفس البيانات السابقة للمرسل.

ويقول المحقق إن مثل تلك التقنيات قد يستخدمها العاملون في التسويق، لكن تلك تحديدا أكثر استهدافا واختراقا.

وأضاف «جوارنيري»: «يبدو أنهم عثروا على خدمة يمكن استخدامها لهدف محدد في كشف الهويات المجهولة وتحديد الموقع الجغرافي للناس الذين يعملون على القضايا القطرية».

وقال التقرير إن «العفو الدولية» استكملت البحث في أمر «ضحايا بلا صوت»، وتلك المرة كان مجال البحث في حساب المنظمة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووجدت «العفو الدولية» أن منشورات المنظمة المزعومة تختلف عن طبيعة منشورات المنظمات الحقوقية فكانت «عامة للغاية» و«لا طعم لها»، فضلا عن أنها وجدت أحد الأخبار المحرفة، إذ وضع اسم «ضحايا بلا صوت» بجوار أحد الأخبار المفبركة تحت شعار موقع «الجزيرة باللغة الإنجليزية».

وأضاف «توماس»: «إن منظمة العفو لم تتوقف عند ذلك الحد، بل أتت بـ(فابين جوا) للتمادي في البحث، وزار (فابيان) وأحد زملائه في فرنسا العنوان المذكور على الموقع الرسمي في مدينة ليل، وعند سؤالهم عن مقر موقع Vlvictims.org، تبين أن أحدا لم يسمع عنه قط، وأن المكان المذكور شغلته إحدى نقابات المعلمين طوال 6 أشهر، وذلك حسبما أورده رجل البريد».

وأشار التقرير إلى أنه تبين لـ«توماس» و«العفو الدولية» من كلام «فابين» أن المنظمة إذا كانت وهمية إذا فهي حتما خطرة، لكن السؤال الأهم حسبما قال «جيمس لينش» –نائب مدير القضايا الدولية في منظمة العفو الدولية– هو «هل تلك المنظمة برعاية دولة أم أنها مبادرة فردية؟» إذ يبدو أن لها إمكانات كبيرة يمكن أن تقوض أو تشكل خطرا على مجموعات العمل المدني الشرعية، «حتى وفقا لمعايير الدفاع عن حقوق الإنسان الدولية».

استعراض فارغ المضمون

وفي بحث «توماس» الشخصي، تكشف له أن «هان» مدير منظمة «ضحايا بلا صوت» ليس إلا كاذبا، بالبحث عن حسابه في موقع «لينكد إن»، ذكر «هان» أنه كان مديرا لمركز «جلوبال جاستيس Global Justice Center لمدة 7 سنوات، وأنه حاصل على شهادة القانون من جامعة أكسفورد، التي لم يكن لديها أي سجل عن انضمام شخص حامل لهذا الاسم مطلقا.

وحاول الوصول لـ«هان» وصديقته الموجودة على حساب «لينكد إن، إلا أنه لم يكن لهم أي جهات اتصال أو أصدقاء يمكن التواصل معهم، وكذلك حساباتهم على «فيسبوك» و«تويتر».

واستمرت محاولة البحث في سجلات الموقع المحمية منذ تأسيسه في مارس/آذار 2016، إلا أن أحد السجلات المرسلة في 2015 لم يكن محميا وكان يحتوي على اسم «هان»، وكان السجل يحتوي على بريد إلكتروني روسي وعنوان ورقم تليفون.

وبحسب التقرير، فإنه بعد محاولة الاتصال بالرقم، أغلق الخط، وبإرسال رسالة بريد عاد الرد بفشل الإرسال، وبالبحث مجددا في مجال الموقع توصل «توماس» لاسم أحد المسجلين «يووالد هارم» يعيش في أمستردام، بهولندا، وبالاتصال بالرقم المذكور، أدى به إلى بريد صوتي لصوت رجل حقيقي وليس إلكترونيا يدعى «أنوويم دي جونج» مدير في شركة تأجير سيارات، ولم يجب على رسالة البريد الصوتي طلبا للتعليق.

وذكر «توماس» أن الموقع صممته شركة محاماة أمريكية مقرها نيويورك تدعى «سوزان فلانجان وشركاؤها» والتي بدت شركة قانونية، وعند الاتصال بها قالت «فلانجان» أنها محامية مهتمة بمقاضاة دور رعاية المسنين بالإهمال والإساءة للكبار في ولاية نيويورك، وفيما يخص الموقع، قالت «اشتريت الموقع لتأسيس شركة غير ربحية تهتم بقضايا كبار السن والحيوانات الضالة المشردة والأطفال المصابين بالتوحد» لكنها كانت منهمكة في عملها للغاية لدرجة لم تمكنها من العمل على الموقع حقيقة.

وقدم «توماس» تلك المعلومات لمنصة «بي آر نيوزواير» التي تستضيف موقع «ضحايا بلا صوت» ونشرت المنظمة الوهمية منها خبر انطلاق الموقع، بالتبعية أزالت المنصة خبر إطلاق الموقع، فضلا عن أن صحيفة «لوموند» الشهيرة الفرنسية أعلنت أنه لا وجود لأي سجلات بمنظمة مسجلة في فرنسا باسم «ضحايا بلا صوت».

وكانت الخطوة التالية لـ«توماس» أنه جمع كتلة الأدلة التي توصل إليها وذهب بها إلى «دانيال كوثبرت» –المدير التنفيذي للاستشارات الأمنية في شركة سينسبوست Sensepost– وكان تقييمه للأمر مشابها لما توصل إليه.

وأضاف أن الإنذار الأكبر يكمن في حقيقة أن الموقع لم يظهر في أي مكان آخر على الإنترنت، «لم يتحدث عنه أحد، كما لو أن لم يوجد من الأساس».

اتصال للتحريف والتضليل

وقال التقرير إنه في خضم كل ذلك، أتى «توماس» بريد من شخص يدعى «لوك هان» بتاريخ (14 ديسمبر/كانون الأول) بعد كل المحاولات الفاشلة في الاتصال به وبصديقته المزعومة «إيميلي»، يتواصل معه.

وبعد أن وضح «توماس» ادعاءه بأنه محتال وكذلك الموقع، أتاه الرد من «هان» كالتالي: «حاولنا بمواردنا المحدودة أن نرفع من الوعي العام ونكشف الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان بحق العمال في قطر؛ للأسف، منذ أن بدأنا تلك الحملة ونتلقى العديد من التهديدات. نتمنى ألا تكون معلوماتك من نفس المصدر الذي يحاول إسقاطنا ومنع الحقيقة عن وضع العمال الأجانب في قطر من الظهور».

وفي تحريف آخر للأحداث، عقب تلك الرسالة أغلق الموقع وعلق رسالة «الأشرار، أيا كانوا فقد فازوا».

وقال التقرير: «لاحقا ادعى (هان) أنه على سفر ولا وقت لديه للرد على الرسائل، وهنا تعجب (توماس) كيف تكون هوية شخص موضع شك ولا يعطي الوقت الكافي لتوضيحها؟، وفي بريد بتاريخ (19 ديسمبر/كانون الأول) ادعى أن (ضحايا بلا صوت) واجهت كافة أنواع التهديدات والهجمات من قبل أولئك الذين يحاولون كشف أفعالهم».

وذكر «توماس» أن جميع محاولات الاتصال بهم هاتفيا لم يتم الرد عليها، فبعد هدوء دام طوال فصل الصيف الماضي، عادت بشكل عجيب من جديد بمطالب صارخة، على الرغم من أنها لم تقدم أي دفاع على الاتهامات المقدمة ضدها.

وبعد ذلك اختفت صفحة «ضحايا بلا صوت» وكذلك حساب «إيميلي ليفيبفير» صديقة «هان» وحسابها على «تويتر»، ربما كان الخناق حقا يضيق عليهم.

التجسس في الشرق الأوسط بلا توقف

وقال «توماس» إن حملات التجسس الإلكتروني في الشرق الأوسط أمر متكرر، من خلال أداة من خادم البريد المستخدم من قبل «ضحايا بلا صوت» لتتبع بريد المستلم كشف عن برامج تجسس عدة، أحد البرامج الخبيثة يصل من الخادم خلال ملف مصمم ليكون «إغراء» على هيئة استمارة تسجيل من «مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الخيرية».

ويقول أحد المتخصصين في البرامج الخبيثة والذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أنه بمجرد فتح الوثيقة يتم تحميل برامج نوعية njRAT وهو يضمن التحكم بنظام الويندوز للضحية عن بعد، ويشمل الاختراق وسرقة كلمات السر وحق الولوج للكاميرا، وقد استخدم njRAT على مر السنوات الثلاث السابقة في عمليات المراقبة التي استهدفت حكومات في الشرق الأوسط وشركات الاتصالات وصناعة الطاقة.

من يقف خلف المنظمة؟

يقول «توماس» إنه يشك في أن نكتشف أبدا حقيقة من وراء المنظمة الوهمية، فقد يكون أعداء في الإمارات ومصر، لكن الأكيد أن قضية «ضحايا بلا صوت» تؤكد سهولة أن تنشأ منظمات وهمية إلكترونية بهدف التجسس، وهو أمر خطير وحقيقي.

المصدر | فوربس - ترجمة ساسة بوست

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات مصر منظمة وهمية كأس العالم 2022