قانون «الصحافة والإعلام» بمصر.. انتقادات لعدم الاستقلالية ومخالفة الدستور

الأربعاء 28 ديسمبر 2016 03:12 ص

يواجه قانون تنظيم «الصحافة والإعلام» الذي أصدره الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، انتقادات لاذعة، وتثير تحفظات نقابة الصحفيين التي ترى أنه لا يضمن استقلالا للهيئات المسؤولة عن الصحافة والاعلام عن السلطة التنفيذية.

ويقضي القانون الجديد، الذي أقره البرلمان، وأصدره «السيسي» مساء الاثنين الماضي، بتأسيس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» الذي يتكون من رئيس و8 أعضاء على أن يقوم رئيس الجمهورية باختيار رئيسه، إضافة الى اثنين من الأعضاء «من الشخصيات العامة».

ووفقا للقانون الذي نشر في الجريدة الرسمية فان «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (..) يتولى تنظيم شؤون الإعلام المرئي والمسوع والصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها».

كما يضم المجلس ممثلين للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (حكومي) وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار (حكومي)، واثنين من الشخصيات العامة يختارهما البرلمان (الموالي للسلطة التنفيذية)، واربعة من الصحفيين والإعلاميين ترشحهم نقابتا الصحفيين والإعلاميين وممثل للمجلس الأعلى للجامعات وممثلا لمجلس الدولة.

وينص القانون على أن مهام هذا المجلس تتمثل أساسا في «تلقي الإخطارات بإنشاء الصحف ومنح التراخيص اللازمة لإنشاء وسائل الاعلام المسموع والمرئي والرقمي وتشغليها» وكذلك «وضع وتطبيق» المهنية والاخلاقية للعمل الصحفي والاعلامي.

وسيكلف المجلس الجديد بمقاضاة المؤسسات الإعلامية التي تنتهك قواعده، ووضع قائمة من العقوبات وتغريم المنظمات الإعلامية التي تخالف شروط الترخيص، كما يمكن أن يلغي أو يعلق حق النشر أو البث.

وذكرت الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون أن المجلس سيضمن أيضا منافسة عادلة بين المجموعات الإعلامية، واستقلالها وحيادها والتزامها بالأخلاقيات الصحفية، كما سيتأكد من عدم تعريضها الأمن القومي للخطر.

رفض نقابي

وقال نقيب الصحفيين المصريين «يحيى قلاش» لوكالة «فرانس برس»، إن القانون الجديد «ليست فيه ترجمة لفكرة استقلال المؤسسات المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي عن السلطة التنفيذية التي استهدفها دستور 2014».

وأضاف أن تشكيل المجلس الاعلى للإعلام وفقا للقانون الجديد يتضمن «ممثلين للسلطة التنفيذية أكثر من الهيئات المنتخبة».

كما أكد «خالد البلشي» وكيل نقابة الصحفيين، أن «القانون الجديد يكرس الوضع القائم بما فيه من سيطرة على الإعلام من خلال إنشاء مجلس تختار السلطة التنفيذية أعضائه».

وقال رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين لوكالة «الأناضول»: «كنا نريد قانونا موحدا تراعى فيه مواد الحريات واستقلالية الهيئات، لكن القانون الحالي بشكل عام يكرس هيمنة السلطة على الإعلام والصحافة».

وكانت نقابة الصحفيين، قدمت للحكومة منذ شهور عدة «مشروع قانون موحد» للإعلام يغطي جميع الضمانات والبنود الواردة في دستور 2014، بشأن الحريات الصحفية والإعلامية وتنظيم العمل في هذا المجال، إلا أنه لم يتم الأخذ به، بحسب ما أوضح «قلاش».

ويشكو صحفيون في مصر من التضييق عليهم في الفترة الاخيرة.

وفي 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، صدر حكم بحبس «قلاش» واثنين من أعضاء مجلس النقابة هما «خالد البلشي» و«جمال عبد الرحيم»، لمدة عامين مع كفالة 10 آلاف جنيه لكل منهم لوقف التنفيذ، بتهمة «إيواء» صحفيين اثنين مطلوب توقيفهما داخل مقر النقابة.

وكانت الشرطة اقتحمت مقر النقابة في مايو/ أيار الماضي، في إجراء غير مسبوق لتوقيف الصحفيين المطلوبين لمشاركتهما في تظاهرات احتجاجا على اتفاقية «تيران وصنافير» التي منحت السعودية حق السيادة على الجزيرتين الواقعتين عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة.

وفيما تندد المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بالحكم، تصر الحكومة المصرية أن الصحفيين يحاكمون في مسائل جنائية لا تتعلق بحرية الرأي.

وكشف «قلاش» في تصريح لوكالة «رويترز» أن البرلمان لا يزال يناقش تشريعا آخر بشأن الإعلام.

وكانت نقابة الصحفيين قد ضغطت لإقرار قانون موحد للإعلام يشمل جميع القضايا، لكن البرلمان قرر إصدار قانونين منفصلين.

وأفاد نواب في البرلمان وأعضاء بنقابة الصحفيين في مصر بأن قانونا ثانيا للإعلام سيغطي العقوبات وحرية الإعلام وسرية المصادر والعلاقة بين الصحافة والأمن القومي.

واتفقت الحكومة مع الصحفيين في مايو/أيار الماضي على مشروع قانون واحد ستقدمه للبرلمان بعنوان «مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد».

غير أن الحكومة تقدمت مؤخرا إلى المجلس النيابي بمشروعي قانونين، أحدهما يختص بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، والثاني مختص بقوانين الصحافة والإعلام ولم يصدر بعد.

غضب إعلامي

الأمر لم يتوقف فقط عند الموقف الرسمي لنقابة الصحفيين، بل وصل إلى انتقاد صحفيين وإعلاميين، حيث قال الكاتب الصحفي «صلاح عيسى» الأمين العام للمجلس الأعلى للصحفاة، إن هناك تحفظات كثيرة من المجلس على القانون، مضيفا: «مسمعناش غير أصوات محددة هي التى تؤيد هذا القانون».

وأكد «عيسى»، أن كل ما يقال عن هذا القانون سينظم المهنة ويمنع التجاوزات ويطبق المبادئ ويلغي العقوبات لجرائم النشر «هو مجرد تحلية بضاعة».

وأكد أن المجالس التي سيتم تشكيلها ستطبق القوانين السابقة، متهما الحكومة بالتلاعب بالألفاظ، وأنها لا تريد تحرير الصحافة والإعلام.

كما انتقد الإعلامي «يوسف الحسيني» ما اعتبره سعيا من حكومة المهندس «شريف إسماعيل»، إلى تقييد حرية الصحافة والإعلام من منطلق أن «وسائل تعمل ضد مصالح الدولة».

وقال خلال حلقته ببرنامج «السادة المحترمون»، المذاع على قناة «أون لايف»: «هو عشان أنتم فشلة، مش عايزينا نقول كده».

وهاجم «الحسيني» الحكومات السابقة، قائلا: «الحكومات الأربعة الأخيرة نسيوا إن الإعلان لعب دور كبير جدًا في إنجاح ثورة 30 يونيو، وكانوا خط المواجه الأول أثناء هذه الفترة، ونسيوا إنهم كانوا مهددين في أسرهم وجيرانهم وأصدقائهم.. حكومة دلوقتي شايفة إن الإعلام بيشتغل ضدها ومش عايزة تديله حرية واسعة».

في الوقت الذي قال الكاتب الصحفي «مجدي الجلاد»، المقرب من السلطات، إن هناك مشكلة في قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، لأن «هناك حالة عدم ثقة بين الحكومة ونقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة، أدت بنا لحالة من النقاش خارج سياق القانون نتيجة لفقدان الثقة».

وتساءل «الجلاد»، عن مدى استقلالية المجلس الوطني للإعلام في ظل تشكيله من 13 عضوا 9 أفراد منهم تابعين لجهات حكومية.

وتعجب الإعلامي «عمرو أديب» من مواد قانون تنظيم الإعلام والصحافة، قائلا: «رئيس الهيئة الوطنية للصحافة هيعينه رئيس الجمهورية بنفسه، وهذا الأمر يهدد فكرة الاستقلالية».

مخالفة دستور

قانونا، قال الدكتور «نور فرحات» الفقيه الدستوري, إن «قوانين الصحافة والإعلام الجديدة تجهض ما نص عليه الدستور من حريات صحفية», متوقعًا التحايل على النص الخاص بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا الرأي والنشر.

وأشار في تصريحات صحفية، إلى أن «الإعلاميين ذوى المصالح والارتباطات بالأجهزة مارسوا ضغوطًا لتقسيم قانون الصحافة إلى قانونين منفصلين، بهدف سياسي أن تأتي مجالس غير مستقلة تتحكم فيها السلطة التنفيذية».

وأَضاف «فرحات» أن «الهدف السياسي، أن تأتى مجالس غير مستقلة تتحكم فيها السلطة التنفيذية تضع لاحقًا قوانين تجهض بها الحريات الدستورية وتحكم قبضة الدولة على الإعلام».

وتابع: «هذا عبث تشريعي لن يطول به الأمد»، مؤكدًا أن «مستقبل الإعلام واضح كالشمس متوقعًا إصدار قانون المؤسسات الإعلامية أولًا, ثم تشكيل المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام من أشخاص يتآمرون بأوامر السلطة التنفيذية».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قانون مصر انتقادات الصحافة نقابة الصحفيين الدستور السيسي مجلس النواب