«البرادعي» يعود لصدارة المشهد بمصر.. دعوة للوحدة وأخرى لسحب «قلادة النيل»

الاثنين 9 يناير 2017 05:01 ص

أثارت حلقتان تلفزيونيتان، كان محورهما الرئيس الأسبق لوكالة الطاقة الذرية النائب السابق لرئيس الجمهورية في مصر «محمد البرادعي»، الجدل في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي.

الحلقة الأولى، كانت عبر فضائية «العربي»، التي حل فيها «البرادعي»، ضيفا، مساء السبت، في أول ظهور إعلامي له على شاشة عربية منذ حوالي 3 سنوات، والتي أعلن فيها عودته للعمل العام، بعد ما أسماه «ابتعاد لمدة 3 سنوات»، دون أن يوضح طريقة تلك العودة.

وحول توقيت ظهوره الإعلامي، قال «البرادعي»: «ابتعدت عن العمل العام 3 سنوات بعد 16 سنة عمل عام منها 12 في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (1997: 2009) و4 سنوات في مصر (2010: 2013) حاولت خلالها نقلها من حكم سلطوي لحكم حر».

«البرادعي» وصف الـ 16 عاما بأنها «تهد جبلا» (تعبير شهير للدلالة على تحمل المصاعب)، مؤكدا في مقابلته مع القناة التي تبث من لندن، أنه خلال تلك الفترة التي عايش فيها ما يحدث في العراق وإيران كان «يحاول أن يقول لا تقتلوا بعضكم البعض، وتعالوا نعيش معا».

وعن سبب ابتعاده عن العمل العام خلال السنوات الأخيرة، قال: «ابتعدت عن الحدة التي كانت موجودة (يقصد في مصر)، ولأعطى فرصة لوجهة نظر أخرى (لم يحددها)»، مضيفا: «كنت حزينًا لأنني كنت على صواب».

وبشأن عودته للظهور إعلاميا والعمل العام، قال: «لابد الآن (..)، أن يتحدث كل شخص وبخبرته يساعد (..) لن ينصلح الحال في مصر ولا العالم العربي إلا بالتوافق على العيش معا، دون ذبح وشيطنة الآخر».

وتجاوب «البرادعي» الحائز على جائزة نوبل للسلام سنة 2005، مع حديث المحاور في أن يكون له دورا في التغيير لاسيما في مصر خلال الفترة المقبلة، مستدركا: «لكن لست وحدي».

تسريبات

أما الحلقة الثانية، مساء ذات اليوم، فبث فيها «أحمد موسى»، الإعلامي المصري المقرب من أجهزة أمنية في البلاد، في برنامجه «على مسئوليتي» المذاع على فضائية «صدى البلد»، 13 مكالمة شخصية نسبها لـ«البرادعي»، حول علاقاته ودوره في مصر عقب ثورة يناير/ كانون ثان 2011.

هذه التسريبات، قال عنها «موسى» الذي دأب على نشر تسريبات مسجلة لمعارضي النظام، إنها «تكشف توجيه البرادعي اتهامات وسباب للمؤسسة العسكرية ولسياسيين وإعلاميين، ومسؤولين مصريين سابقين»، حيث تضمنت مكالمالت مع «عمرو موسى» الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، و«حمدين صباحي» القيادي اليساري، بخلاف مكالمة بينه وبين «سامي عنان» رئيس أركان الجيش المصري حينئذ، ونائب رئيس المجلس العسكري الذي كان يقود المرحلة الانتقالية عقب الثورة المصرية.

وقابل «البرادعي»، هذه التسريبات بالقول إنها «محرفة»، وقال في حسابه الرسمي، بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»:«‏تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية إنجاز فاشي مبهر للعالم»، مضيفا: «أشفق عليك ياوطني (أي مصر)».

قبل أن يضيف في تغريدة أخرى: «شرعية النظام فى أي دولة مستمدة من حماية الحقوق والحريات.. عندما يُجرم نظام في حق مواطنيه فهو بذلك يفقد مبرر وجوده.. ليتنا نتعلم من التاريخ».

الحلقتان، أثارا جدلا واسعا، دفعت البعض لإطلاق عدة وسوم معارضة لـ«الربادعي»، وصلت للحد الذي يطالب بسحب قلادة النيل التي حصل عليها منه، بل وسحب جنسيته، واتهامه بتقلد جائزة نوبل دون توافر الشروط الخاصة بها.

وسمان، تصدرا المشهد من المعارضين لـ«البرادعي»، الأول أطلقه «موسى» في برنامجه كان بعنوان «افضح البرادعي سليط اللسان»، ردا على التسريبات.

فغرتد «دكتورة تويتر»، قائلة: «كل دول العالم بتسجل المكالمات.. لكن محدش بيذيعها ع الهوا.. اه احنا بنذيعها لأننا في حرب قذرة.. وفي الحرب كل شيء مباح».

وكتب «رجل القوس»: «قال عليهم زبالين وشوية حمير وأفاقين ومع ذلك هتلاقيهم سايبين ده كله ويقولك ازاي الدولة تنشر تسجيلات البوب».

في الوقت الذي قال «محمد السيد»: «لو أحمد موسى رجل وطني يذيع تسجيلات السيسي زي ما بيذيع تسجيلات البرادعي».

وأضافت «مصرية»: «لما انتو عصابة ومع بعضكم.. وشايفين بعضكم زبالة وولاد ستين كلب.. يبقي احنا شايفينكم صح يا خونة يا زبالة يا ولاد ال....».

بيد أن المحامي «طارق العوضي» على «فيسبوك»، قال إن بث تسجيلات قائد سابق في الجيش (يقصد سامي عنان) «يمثل خطرا على الأمن القومي».

وأضاف: «أطالب المدعي العام العسكرى بالتحقيق في واقعة تسجيل ونشر مكالمات خاصة (...) بعنان.. هذه الواقعة تشكل خطرا واختراقا للقوات المسلحة وتهدد الأمن القومي المصري».

يشار إلى الدستور المصري، يحظر التنصت على المكالمات أو تسجيلها؛ حيث تنص المادة (57) على أنه «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة».

سحب قلادة النيل

أما الوسم الثاني، فكان بناء على مطالبات برلمانية، وحمل عنوان «سحب قلادة النيل من البرادعي».

فأكد عدد نواب البرلمان المصرى، استعدادهم لتقديم طلبات للبرلمان، لإسقاط الجنسية عن «البرادعي»، وسحب قلادة النيل التي حصل عليها في 2006، نظراً  لما وصفوه بأنه «تكديره السلم والأمن العام للدولة المصرية».

وقال النائب «خالد مجاهد»، إنه سوف يتقدم بطلب عن الكتلة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار»، لسحب قلادة النيل من «البرادعي»، وهو الطلب الذي انضم إليه كل من النائبة «لميس جابر»، والنائب «فايز بركات»، الذي أضاف أنه سيقدم طلب آخر لإسقاط الجنسية المصرية عن «البرادعي».

فغرد حساب يحمل اسم «وطني»، بالقول: «سحب قلادة النيل من البرادعي مطلب شعبي، لأنه بياخد 100 ألف جنيه شهريا على حس القلاده دي».

فيما طالب «أحمد عبد المنعم» بسحب القلادة قائلا: «سحب قلادة النيل من البرادعي النصاب».

وأضافت «سارة فهمي»: «سحب القلادة ده أقل واجب.. عار على مصر أن قلادة النيل تمنح لحقير أفاق زي ده».

في الوقت الذي شارك الإعلامي المعارض «أسامة جاويش» في الوسم، وقال: «يا جماعة عيب والله.. دي لو عزبة أبوكم مش هتعملوا كده.. دعوات سحب قلادة النيل من البرادعي دليل جديد أن جنرالا مهزأ بات يحكم أشباه دولة».

وأضافت «نادية»: «أنا مش فاهمة انتوا سايبين اللي باع الأرض وخرب البلد وماسكين البرادعي وهو أصلا مالوش وجود ولا تأثير».

عضو بالإخوان

اتهام «البرادعي» وصل للدرجة التي وصفه معارضوه بأنه من الإخوان المسلمين وينفذ أجندتهم.

فقال النائب «مصطفى بكري» في تصريح له أمس، إن «البرادعي» يهدف من حديثه لتدمير الدولة المصرية وإحراقها، مشيرا إلى أنه بحديثه هذا «أصبح عضوًا رسميًا في جماعة الإخوان المسلمين».

بينما أوضح «حسن شاهين» أحد مؤسسي حركة «تمرد»، إنَّ حديث «البرادعي» تحمل تقاربا وتصالحا مع تيار الإخوان، وتكشف أن لديه حسابات خاصة به وبأجندته.

وأضاف «شاهين»: «البرادعي كان سيكون أشرف له إذا ناضل من داخل بلده وليس كما يفعل الآن وهو يناضل على حسابه الخاص بموقع (تويتر) من الخارج، ويحاول إثارة وتسخين بعض الشباب بتغريدات تخدم مصالح الإخوان».

مستنقع

بينما دعا المحامي «مالك عدلي» في تدوينه له على «فيسبوك» إلى الاهتمام بالواقع الحاضر «بدلا من الاستماع إلى أحاديث مسؤولين سابقين».

وأضاف: «لا حوار البرادعي ولا ما نسب إليه من مكالمات يتضمن جديدا»، داعيا إلى «التعقل والتركيز على البكابورت (المستنقع)» بدلا من التفتيش «في الدفاتر القديمة».

و«البرادعي»، وُصف في مطلع عام 2010، بـ«المُخلص من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك»، حيث استقبله مئات النشطاء والشباب بمطار القاهرة في فبراير/شباط 2010، وقاد بمشاركة الإخوان المسلمين، الجبهة الوطنية للتغيير (جمعت طيف كبير من المعارضة آنذاك)، وبرز اسمه بقوة عقب الإطاحة بمبارك في 11 فبراير/ شباط 2011.

وقاد منذ 5 ديسمبر/ كانون أول 2012 جبهة الإنقاذ الوطني، المعارضة لحكم «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وألقى كلمة حين أطاح قادة الجيش بالأخير، في انقلاب عسكري يوم 3 يوليو/ تموز 2013.

وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية المؤقت وقتها «عدلي منصور»، قبل أن يستقيل من منصبه منتصف أغسطس/آب 2013، احتجاجا على فض اعتصامات مؤيدي «مرسي» بالقاهرة بالقوة مما خلف مئات القتلى والمصابين.

ويدور الخلاف الرئيسي بين «البرادعي» والنظام الحالي حول إدارة ملف الأزمة مع «الإخوان»، التي صنفتها السلطات جماعة إرهابية.

وفي بيان سابق، قال «البرادعي» إنه فضل الابتعاد عن العمل السياسي عام 2013 بعد أن «تلقى رسائل تحذيرية من أجهزة سيادية، تُخبرُه أن هجوم الصحافة والتلفزيون عليه كان مجرد تحذير، وأنها ستدمره إذا استمر في محاولات العمل للتوصل إلى فض سلمي للاعتصامات في (رابعة) وغيرها، أو صيغة للمصالحة الوطنية».

وسبق أن دعا «البرادعي» إلى مصالحة عامة، تشمل «الإخوان»، بينما ويتخوف مؤيدو النظام الحالي من عودته وقيادته انتفاضة جديدة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرادعي مصر إخوان تويتر قلادة النيل سحب جنسية تسريبات