تأشيرة عبور المصريين إلى سيناء.. انتقادات حادة وتبرئة لغزة وتبرير أمني

السبت 14 يناير 2017 02:01 ص

ما بين انتقادات ومعارضة البعض، وتبرير أمني لآخرين، بات الدخول إلى سيناء المصرية (شمال شرقي البلاد)، سواء للعمل أو السياحة، بأمر من السلطات الأمنية، في تكرار لمشهد سابق في مصر، إبان عهد الرئيسين السابقين «حسني مبارك» و«جمال عبد الناصر».

وكانت السلطات الأمنية المصرية، بدأت منذ مطلع العام الجاري، تطبيق «قيود أمنية» تفرض شروطا على دخول المصريين «براً» إلى محافظة سيناء، ومناطقها السياحية، عرقلت حركة المواطنين نحو سيناء عبر نفق «الشهيد أحمد حمدي»، وهو المنفذ البري الوحيد تقريبا للدخول «براً» إلى محافظتي شمال وجنوب سيناء.

إجراءات أمنية

وقال مدير أمن محافظة جنوب سيناء اللواء «أحمد طايل»، في تصريحات صحفية، إن «الإجراءات الأمنية الجديدة بدأ تطبيقها بالفعل منذ بداية العام الجديد، بهدف إحكام قبضة الأمن على شبه جزيرة سيناء، وضبط عمليات التهريب للمواد المخدرة، ومنع تسلل أي عناصر إجرامية أو إرهابية لسيناء».

وأكد أن «القرار ليس لفترة معينة، بل سيتم تفعيله بشكل دائم، ولن يقتصر تطبيقه على نفق الشهيد أحمد حمدي، لكن على جميع الأنفاق والمعديات (العبّارات) على محور قناة السويس، والرابطة بين محافظات القناة والدلتا والوادي في شبه جزيرة سيناء».

وتابع: «الإجراءات تساعد على سرعة تحديد هوية الوافدين لشبة جزيرة سيناء، للحد من تكرار العمليات الإرهابية التي تستهدف رجال الجيش والشرطة بمحافظة شمال سيناء».

والشروط الأمنية الجديدة لدخول مدينة شرم الشيخ السياحية، أو أي مكان آخر في سيناء، مرتبطة بوجود بطاقة هوية أو أي مستند يثبت أسباب الزيارة أو السياحة، بخلاف استخراج فحص جنائي للعامل داخل المحافظة، أو حجز السياحة والفندق، بحسب بيان لمديرية أمن (أعلى جهة شرطية بالمحافظة) محافظة جنوب سيناء.

فيما كشف نشطاء حقوقيون سيناويون وإعلاميون، ومن ثم صحف محلية، عن استخراج «الكارت الأمني لعبور نفق أحمد حمدي».

ووفقا لتلك الإجراءات، أصبح يقتصر دخول سيناء على «حاملي البطاقات الشخصية الصادرة عن مديريتي أمن سيناء، والموظفين العاملين في جهات حكومية أو خاصة، شريطة حملهم بطاقات خاصة صادرة عن إدارة البحث الجنائي أو صحيفة حالة جنائية».

أما المسافرون لأغراض سياحية، فإنه «يستوجب عليهم إبراز عقد تملك أو إيجار أو حجز فندقي لأحد العقارات السياحية العاملة في سيناء أو صورة من الحجز على واتس آب».

انتقادات حقوقية

وانتقد النشطاء الإجراءات الجديدة، فقالت الحقوقية «عايدة سيف الدولة»: «بقينا محتاجين تأشيرة لدخول سينا».

وأضاف «عمر حمدي»: «عبور نفق الشهيد أحمد حمدي أصبح مأساة».

وتساءل «عبده صابر»: «فين اللي بيقولوا سينا رجعت كاملة ليناهندخل سينا بتأشيرة ده لو عرفنا ندخلها اصلا».

فيما غردت «عزة مطر»: «عزل أهل سيناء في أماكنهم وقتل تام للسياحة فى سيناء فى مقابل تسهيل دخول الإسرائيليين».

وأضاف «عصام سالم»: «جميع جنسيات أوروبا و(إسرائيل) تيجي سيناء تدخل بدون تأشيرة أو حجز مسبق.. المصري لازم تحجز او قريب يبعتلك دعوة.. احنا ملناش دعوة لنا الدعاء».

ووفقا للإعلامي السيناوي «حسام الشوربجي»، فإن «هذا القرار قد تسبب في ارتباك حركة النقل والمسافرين مع عودة عدد كبير من سيارات الأجرة والنقل».

بينما قال الناشط «أحمد الغول» من العريش: «مفيش حاجة مفهومة القرار ده ليه! ولا امتى! وايه التخلف العقلي اللي خلاهم ياخدوه فجأة؟.. هما بيتعاملوا مع أهالي سيناء إنهم شوية بهايم مثلا يحبسوهم ويقفلوا عليهم؟ ويمنعوهم من قضاء مصالحهم؟.. وإزاي أصلا يتم منع مواطن إنه يروح أي مكان في دولته؟ هو ايه اللي بيحصل ده؟ فيه ايه!».

وأضاف «ناشط سيناوي»: «تخيل يا أخي مسؤولين دولة صحيوا الصبح قرروا يمنعوا سكان محافظة داخل جمهورية مصر العربية، أنهم يتحركوا ويتنقلوا ويسافروا لأي محافظة تانية داخل جمهورية مصر العربية برضه! بدون سبب ولا قرار معلن ولا حتى توضيح اللي بيحصل ده بيحصل ليه؟».

يشار إلى أن المادة 62 من دستور 2014 في مصر تنص على: «حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة. ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال المبينة في القانون».

تأشيرة دخول

من جانبه، قال «يحيي عقيل» البرلماني السابق والقيادي السيناوي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في تصريحات صحفية، إن «الخطوة الجديدة تأتي بعد عزل المصريين نفسيا عن سيناء بأنها مصدر للقتل والإرهاب، والآن يأتي العزل المادي عبر إجراءات مشددة لدخولها لا يطبق مثلها على الزوار الأجانب».

وتابع «عقيل» أن «المواطن المصري بات أقل فرصة من دخول نظيره الإسرائيلي، الذي يدخل بسلاسة عبر بوابة طابا»، واصفا تلك الإجراءات بأنها «تقييد لحق الحركة داخل الوطن».

ويعتبر البرلماني السابق أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مؤامرة تحاك لسيناء تهدف في النهاية لفصل جزء من الشمال الشرقي منها عن مصر وإخضاعها لسيناريوهات لا تصب على أي حال في صالح الشعب المصري، وفق تحليله.

بدوره، قال الناشط والباحث بشؤون سيناء «عيد المرزوقي»، إن «سيناء بالفعل معزولة، فهذا ليس أول قرار يعمل على عزل سيناء، فقد صدرت قرارات عقب الانقلاب بإغلاق كوبري السلام تماما أمام حركة سير المواطنين، ولا يزال ساريا، واليوم يصدر قرار بخصوص جنوب سيناء يزيد من عزلتها».

وأشار إلى أن «من الشروط المقرة حديثا للمرور من نفق الشهيد أحمد حمدي حسب عاملين في مجال السياحة اشتراط الحصول على حجز فندقي، وهو أحد متطلبات الحصول على تأشيرة دولة أخرى وليس للمرور إلى محافظة داخل ذات الدولة».

ويرى «المرزوقي» أن هذه القرارات «ليس لها أسباب منطقية سوي عزل سيناء نهائيا عن محافظات وادي النيل، وهي وإن كانت متعلقة بدخول جنوب سيناء فإن شمالها مشتعل بالحرب على الإرهاب ولا تحتاج إلى قرارات، فغالبية سكانها إما مهجرون أو راغبون في الهجرة من أهوال القمع غير المسبوق الذي يتعرضون له».

عزلة وإرهاب

أما الكاتب والمحلل «أسامة الهتيمي»، أكد في تصريحات صحفية، أن «إجراءات التضييق الجديدة على دخول المصريين لسيناء تحمل عدة دلالات؛ من بينها تهافت الحديث عن أن مصدر الإرهاب هو قطاع غزة الفلسطيني، وهو الادعاء الذي كان يحلو للكثيرين أن يروجوه في إطار المكايدة السياسية لفصائل المقاومة الفلسطينية خاصة الإسلامية منها والتي اتخذت موقفا رافضا لتطورات المشهد السياسي المصري بعد يونيو/ حزيران 2013».

وأضاف «الهتيمي»: «هذه الإجراءات تكشف أيضا عن التباين في طريقة التعامل الأمني مع المصريين؛ فرغم أن سيناء جزء من التراب الوطني إلا أن الوصول إليها صار يتطلب شروطا، وكأن المصري غريب ينتقل إلى بلد آخر، في حين أن ذلك لا يحدث مع السائحين الأجانب».

وأكد أن هذه «الإجراءات تعد تكذيبا لادعاء أنه تم القضاء على بؤر الإرهاب في سيناء؛ إذ جاءت هذه الإجراءات بالتزامن مع تصاعد حدة ووتيرة العمليات الإرهابية هناك، فيما طالب السلطات بإعادة النظر في طريقة التعامل الأمنية مع الإرهاب».

أما الكاتب المصري المهتم بالشأن الفلسطيني «هاني علي»، فأكد أن ما يقوم به النظام المصري من تطويق وحصار لسيناء وتضييق على الدخول والخروج منها، «بدأ مع عزلها عن غزة ومنع سكان القطاع من دخول مصر بإغلاق المعابر».

وأشار إلى أن «التفتيش الدقيق للمصريين بنفق الشهيد أحمد حمدي جعل المصريين يحجمون عن السياحة والعمل في سيناء، وذكر واقعة منعه هو شخصيا من العبور بسيارة عائلية كبيرة بحجة استخدام الإرهابيين لتلك السيارات».

وقال «علي»: «رغم أن الحقائق تشير لبراءة حماس مما يتهمها به النظام المصري إلا أنه لن يعلن براءة الحركة الإسلامية التي مازال ينظر إليها باعتبارها الذراع العسكري لجماعة الإخوان في مصر».

ولفت إلى أن ما يقوم به النظام الآن يعد تسليما لسيناء على طبق من ذهب لـ(إسرائيل)، وأشار إلى التواجد العسكري الإسرائيلي وإجراء مناورات على الحدود، بالإضافة للتنسيق الأمني الدائم بين البلدين لضبط الحدود والاستثمار الاقتصادي والسياحي المشترك.

تبرير أمني

في المقابل، يرى الخبير العسكري اللواء «صادق عبد الواحد» أن هذه «الإجراءات ضرورية ومهمة وتهدف لإحكام السيطرة على منطقة سيناء لمنع تسلل الإرهابيين إليها، وإيقاف أي إمداد لمن هم بداخلها منهم».

وتابع في تصريحات صحفية: «من يروج لاعتبار أن هذه الإجراءات تهدف لفصل سيناء هم الإخوان والطابور الخامس من خلال نشر شائعات لا أصل لها تهدف لزعزعة الثقة بنظام الحكم والعمل على استمرار الأوضاع غير المستقرة، لكن الشعب يدرك أن هذه الإجراءات تصب في مصلحة الأمن الوطني».

فيما قال مصدر أمني، رافضا ذكر اسمه كونه غير مخول له الحديث لوسائل الإعلام، إن تطبيق الاشتراطات الأمنية الجديدة المتعلقة بدخول المصريين إلى سيناء، بدأ عقب الانتهاء من تأمين أعياد الميلاد (7 يناير/ كانون ثان الجاري)، بعد لقاءات أمنية عالية المستوى.

وحول اعتبار البعض القرار تقييدا على المصريين، أضاف: «لقد أفسحنا المجال للجميع للعبور لكن مع إثبات حقيقي وواقعي لسبب العبور».

وتابع: «من لا تنطبق عليه تلك الشروط فلماذا يذهب من الأساس، ما وجه الاعتراض هنا إذا كنا نود تنظيم الأمر حتى لا يكون ثغرة للإرهابيين والمهربين؟»، وفقاً لتعبيره.

وشدد المصدر الأمني ذاته على أن «الأمر ليس عزلاً لسيناء عن بقية المحافظات، فالذاهبون دائما إما عاملون أو سائحون أو مقيمون وبطبيعة الحال لديهم ما يثبت إقامتهم هناك».

وردا على من يقولون إن الخطوة تعد تضييقا على المصريين في الوقت الذى يدخل فيه الإسرائيليون بحرية لشرم الشيخ، قال: «هذه ادعاءات مبالغ فيها»، موضحا أن «الإسرائيليين يعبرون إلى طابا بتذكرة دخول، لكن سيناء ملك المصريين».

وحسب الاتفاقيات الملحقة باتفاقية السلام الموقعة بين مصر والاحتلال (الإسرائيلي) في 1979، فإن حاملي الهويات (الإسرائيلية)، لهم الحق في دخول شبه جزيرة سيناء، أي وقت، ودون أي إجراءات بما في ذلك الحصول على تأشيرة دخول أو الحصول على حجز فندقي، مع الاكتفاء بحمل الهوية الشخصية، ويشمل اتفاق الدخول السيارات الخاصة، دون حمل لوحات جمركية، وبلوحاتها المرورية المعتمدة في (إسرائيل).

على خطى «مبارك» و«ناصر»

وتعيد هذه الإجراءات الأمنية المشددة، للأذهان، العزل الذي كان يفعله نظام الرئيس المخلوع «محمد حسني مبارك»، إذ منع الدخول إلا لفئات محددة للسياحة في شرم الشيخ، فضلاً عن تشديدات على العاملين في مجال السياحة، ما يفتح مجالاً للحديث حول سير الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، على خطى سابقه، خصوصاً مع تكرار تنظيم فعاليات في المدينة، منها المؤتمر الاقتصادي ومؤتمر الشباب واحتفالية لمناسبة مرور 150 عاماً على البرلمان المصري.

وكانت شرم الشيخ، إبان حكم «مبارك»، العاصمة الفعلية التي يستقبل فيها مبارك الرؤساء والمسؤولين، وهو ما يسعى «السيسي» حالياً لتكراره.

كما أن سلفهم «جمال عبد الناصر»، كان إبان فترة توليه رئاسة مصر، يجري إجراءات مشابهة، ولا يسمح بدخول سيناء إلا أهلها، أو الحاملين لتصريح وإذن من المخابرات.

وتنشط في شبه جزيرة سيناء عدة تنظيمات، أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغير اسمه لاحقا إلى «ولاية سيناء».

وتتعرض مواقع عسكرية وأمنية شمالي شبه جزيرة سيناء لهجمات كثيفة في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى مقتل العشرات من أفراد الجيش والشرطة، بينما تعلن الجماعات المتشددة المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.

في المقابل يعلن الجيش المصري، من حين لآخر، شن هجمات على مواقع المسلحين الذين يتم وصفهم بالإرهابيين أو التكفيريين، أوقعت عشرات القتلى في صفوفهم وفق تقارير محلية.

وفي أكتوبر/ تشرين أول 2015، سقطت طائرة روسية بسيناء، عقب خروجها من مطار مدينة شرم الشيخ ما أدى لمقتل 224 شخصًا.

وفي أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عن هجوم على نقطة تفتيش أمنية قتل فيه 15 جنديا.

وقبل أيام، نشر تنظيم «الدولة الإسلامية» صورا قال إنها لعملية استهدفت نقطتي تفتيش أمنيتين بالعريش كبرى مدن شمال سيناء المصرية، تم في البداية عبر تفجير سيارة ملغومة ومن ثم مهاجمة المركز الأمني عقب التفجير، مما أسفر عن مصرع وإصابة 25 من رجال الشرطة.

وحث التنظيم في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في صحيفته الإلكترونية الأسبوعية أعضاءه على الانضمام إلى أفرع أخرى للتنظيم تنشط في مناطق مثل سيناء وليبيا واليمن وغرب أفريقيا إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى ما يطلقون عليه «دولة الخلافة في العراق وسوريا».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سيناء تأشيرة حقوقيون انتقادات غزة الدولة الإسلامية العزلة الإرهاب