تسوية ملف «كونراد أديناور» بعد ضغوط ومساومات استمرت عاما.. و«ميركل» ستزور القاهرة

السبت 14 يناير 2017 05:01 ص

في زيارة تم تأجيلها لأكثر من عام، أعلنت رئاسة الجمهورية في مصر، أن المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» ستزور البلاد في الربع الأول من العام الحالي، فيما قالت مصادر في وزارة الخارجية إنه تم الاتفاق على الزيارة بعد حل مشكلة مؤسسة «كونراد أديناور».

وقالت الرئاسة في بيان، نشرته صحف محلية، إن «الرئيس عبدالفتاح السيسي أجرى أمس اتصالاً هاتفياً مع المستشارة الألمانية في إطار التشاور الدوري بين الجانبين في مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، وتم خلاله تبادل التعازي في ضحايا العمليات الإرهابية التي شهدها البلدان أخيراً، والتشديد على التضامن في مكافحة الإرهاب الذي يستهدف أمن المواطنين الأبرياء وسلامتهم».

وأوضح البيان أن الجانبين أعربا عن إدانتهما هذه الاعتداءات الآثمة التي تتطلب من الدول والشعوب المُحبة للسلام مزيداً من التكاتف والتعاون للتصدي لها، كما تناول الاتصال مناقشة العلاقات الثنائية المتميزة بين مصر وألمانيا، وحرص البلدين على دفع هذه العلاقات قدماً وتطويرها في كل المجالات، خصوصاً في ضوء الإعداد لزيارة المستشارة الألمانية لمصر خلال الربع الأول من العام الحالي، والتي تمثل «دفعة قوية» لتعزيز العلاقات.

وكان وزير الخارجية المصري «سامح شكري» قال خلال زيارته لبرلين إن «ميركل أبدت اهتماماً كبيراً بزيارة مصر تلبية لدعوة السيسي»، لكـنه لم يحدد موعداً للزيارة التي قال الناطق باسم وزارة الخارجية المستشار «أحمد أبو زيد» إن الإعداد جارٍ لها.

والتقى «شكري» في برلين أمس وزير الداخلية الألماني «توماس ديمزير» لبحث «جهود مكافحة الإرهاب والتعاون والتنسيق بين البلدين في هذا المجال»، إضافة إلى مواضيع أمن الطيران والجهود التي تقوم بها مصر في مجال تعزيز الإجراءات الأمنية في مطاراتها.

وقال «أبو زيد» إن «شكري» استعرض خلال اللقاء جهود مصر في مجال مكافحة الإرهاب، خصوصاً مكافحة الفكر المتطرف ودحض الروافد الفكرية والأيديولوجية للتنظيمات الفكرية المختلفة والجهود التي تقوم بها المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر ودار الإفتاء في هذا المجال.

حل أزمة «كونراد أديناور»

مصادر خاصة في الخارجية المصرية كشفت لـ«الخليج الجديد»، أن الزيارة تم تأجيلها لأكثر من عام كامل بسبب رفض «ميركل» زيارة القاهرة، قبل حل مشكلة مؤسسة «كونراد أديناور» في مصر، التي أغلقتها القاهرة أثناء حكم المجلس العسكري (تولى حكم البلاد عقب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011) ثم صدر حكم بحبس مديرها وبعض موظفيها.

ولفتت المصادر إلى أن المستشارة الألمانية، خشيت من رد فعل السياسيين الألمان، خاصة أن المؤسسة تعتبر تابعة للحزب الذي تنتمي إليه.

يشار إلى أن السلطات المصرية، دهمت في 29 ديسمبر/ كانون الثاني 2011، مقرات ومكاتب 17 مؤسسة مصرية وأجنبية غير حكومية، بينها مؤسسة «كونراد أديناور» الألمانية بتهمة «التمويل غير الشرعي وعدم وجود تراخيص».

وقد قوبلت هذه الخطوة بانتقادات شديدة داخل مصر وفي أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية أيضا.

قبل أن يعاد فتح مقر المؤسسة مرة أخرى، في 3 يناير/ كانون الثاني 2012، ويعلن «هانز غيرت بيترينغ» رئيس المؤسسة أنه ينتظر من الحكومة المصرية أن تؤسس الإطار السياسي والقانوني كي لا تتكرر هذه الأحداث وتعطيل عمل المؤسسة.

وبحسب المصادر، فقد ضغطت برلين على القاهرة، حتى التوصل لصيغة يتم من خلالها ضم المؤسسة إلى اتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين الموقع في 1959، ووضع بعض القيود على أنشطتها، وهو ما طلبت بريلن أن يكون غير معلن حتى لا تطلب دول عربية أخرى معاملة مماثلة لفروع المؤسسات الألمانية العاملة بها.

علاقات متوترة

وتأثرت العلاقات المصرية الألمانية، بشكل سلبي وغير مسبوق، بسبب الأحكام المصرية الصادرة في يونيو/ حزيران 2013، ضد المدير السابق لفرع مؤسسة «كونراد أديناور» الألمانية في القاهرة «اندرياس ياكوبس» بالسجن خمس سنوات وغرامة مالية‏,‏ وكذلك بالسجن لمدة عامين وغرامة مالية لمساعدته الألمانية، فضلا عن إغلاق مكتب المؤسسة ومصادرة وثائقها وممتلكاتها بتهمة العمل لصالح منظمات غير حكومية غير مرخصة‏.‏

وشهدت أروقة الحزب المسيحي الديمقراطي، الحاكم في ألمانيا، غليانا بسبب هذا الحكم، ومطالب ليس فقط بخفض المساعدات التنموية التي تقدمها ألمانيا لمصر، بل وأيضا بتقليص حجم التبادل الدبلوماسي بين البلدين.

وقد تم التعبير عن ذلك التوجه الألماني بوضوح علي أعلى مستوي، عندما سئلت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» في مؤتمر صحفي، عن تعامل ألمانيا في المستقبل مع دول الربيع العربي, فأشادت بتونس وأثنت علي ما حققته من تقدم علي صعيد عملية التحول الديمقراطي وهو ما تكافئه ألمانيا بتحويل الديون التونسية وبتكثيف مساعدتها التنموية لهذا البلد, ثم مصمصت «ميركل» شفتيها، وقالت إنه «بالنسبة لمصر لابد أن ننتظر لنري كيف ستسير التطورات بالنسبة لمحاكمات العاملين في المؤسسات الألمانية»، مؤكدة أنها تضم صوتها للانتقادات الشديدة التي تم توجيهها لمصر من المسئولين الألمان قبل أن تنهي عبارتها بتهديد مبطن بمراجعة الدعم الألماني التنموي للقاهرة وربطه في المستقبل بتطورات الوضع السياسي في مصر.

وكانت الحكومة الألمانية ممثلة في وزارة الخارجية، قد أعربت عن انزعاجها الشديد بل وصدمتها جراء الأحكام التي وصفتها بالقاسية، كما وصف تصرف القضاء المصري بأنه يدعو للقلق ويضعف المجتمع المدني الذي يعد ركيزة مهمة من ركائز الديمقراطية.

وسبق للسفارة الألمانية في القاهرة، أن نفت ما أوردته الصحافة المصرية بشأن التحويلات المالية لمؤسسة «كونراد أديناور»، وقالت إنها لا تقبل أي مخصصات أو تبرعات من أي مصادر أخرى ولا تعمل مع منظمات من بلد ثالث، ولم تقم أو عاملوها بإدخال أموال نقدية إلى مصر بصورة غير شرعية في أي وقت من الأوقات، كما لم يتم العثور على أي مبالغ مالية نقدية في مقر المؤسسة عندما تم تفتيشها من قبل السلطات المصرية في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2011.

وقالت السفارة حينها، إنها تفاجئت بما وُجه إلى المؤسسة من تُهم جنائية، حيث لم تقم السلطات المصرية في أي وقت من الأوقات بالتنبيه على مؤسسة «كونراد أديناور» بوجود أي مخالفة محتملة تتعلق بشرعية عملها فى مصر منذ بدايته، بل إن كبار المسئولين في الدولة كانوا يشاركون فى حضور الندوات وورش العمل التي تنظمها وإلقاء محاضرات بها.

ما هي «كونراد أديناور»؟

تعتبر مؤسسة «كونراد أديناور» منظمة ألمانية شبه حكومية، مؤسسة طبقا للقوانين محددة الأغراض.

وتعمل مؤسسة «كونراد أديناور» بمصر منذ عام 1973، من خلال نشاطات مكتب تمثيل لها في مصر منذ عام 1979.

وقام مجلس الشعب الألماني «بوندستاج» بتكليف «كونراد أديناور»، بالعمل لصالح تنمية  العلاقات المصرية الألمانية، كما يندرج تحت واجباتها دعم الحوار الألماني المصري وتعزيز التعاون الثقافي والاجتماعي.

ويعتمد عمل المؤسسة على اتفاقيات مع مؤسسات حكومية مصرية، منها «المجلس القومي للشباب» و«جامعة القاهرة» و«مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري.

وتأتي المخصصات المالية لمؤسسة «كونراد أديناور»، بصورة حصرية من الحكومة الألمانية، وإلى حسابات بنكية مفتوحة في بنوك مصرية، تخضع لرقابة الجهاز المصرفي في مصر.

ويحمل العاملون الألمان في مؤسسة «كونراد أديناور» تصاريح عمل من وزارة العمل المصرية ويقومون بسداد حصص الضرائب والتأمينات المنصوص عليها في القانون.

وبحسب السفارة الأملمانية في القاهرة، تدعم مؤسسة «كونراد أديناور» بصورة حصرية مشاريع  وليس منظمات أو أحزاب أو أفراد،  كما تقوم بمشاريع بصفه حصرية مع شركاء مصريين بلغ عدد تلك الفعاليات 90 فعالية في عام 2011.

كما أن تحديد أهداف ومحتوى تلك الفعاليات، وكذلك تنفيذها، يتم وفقا لبرامج الشركاء المصريين دون تدخل فى المضمون أو اختيار المتحدثين أو المتدربين.

ولا تتعاون مؤسسة «كونراد أديناور» مع أحزاب أو جماعات سياسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي ميركل كونراد أديناور ألمانيا