العلاقات التركية الأمريكية.. هل ينجح «ترامب» فيما فشل فيه «أوباما»؟

الخميس 19 يناير 2017 09:01 ص

تعد جهود وقف إطلاق النار الحالي في سوريا والذي تم بتنسيق بين روسيا وتركيا محاولة روسية لفرض هزيمة سياسية نهائية على المعارضة السورية، ومحاولة تركية للتركيز على القضاء على الأكراد في سوريا عسكريا وسياسيا. وتحاول تركيا أيضا الضغط بشكل مكثف على الإدارة الأمريكية الجديدة للحصول على المساعدة. يؤكد اتفاق وقف إطلاق النار على همجية روسيا ونظام «الأسد» والاستجابة العاجزة من الغرب. لكن تركيا بحاجة إلى إعادة التعاطي بجدية مع الولايات المتحدة من أجل تقاسم حقيقي للمصالح إذا كانت تريد الأمن على المدى الطويل في المنطقة. وأمريكا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمنح تركيا النفوذ الذي تستحقه في المنطقة.

وفي حين أن الروس هم أقرب من أي وقت مضى لتحقيق الأهداف الخاصة بهم، فإن الأتراك قد يواجهون تحديات في حملة سحق الأكراد السوريين، وتحقيق الهيمنة شرق الفرات. ويحدد الروس إلى حد كبير ما يمكن أن تقوم به تركيا في سوريا. ولم تحدد موسكو بوضوح مسارها بشأن الأكراد الذين يقاتلون تنظيم الدولة، وما زالت تركيا لديها مشاكل تشغيلية في المحافظة على جهدها الكبير في سوريا وحدها. فقد طلبت تركيا دعما جويا من الولايات المتحدة للسيطرة على مدينة الباب بشكل يعكس ضعف أنقرة واستراتيجيتها لإقناع واشنطن بالتخلي عن الأكراد.

وهذا قد يكون صعبا حيث أن الهدفين الرئيسيين الحاليين للولايات المتحدة هما استعادة الموصل والرقة، والقوات الكردية هي المفتاح لكلا الحملتين. إذا كان وقف إطلاق النار سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية، فسوف يكون أساسا بشروط روسيا و«الأسد». وإذا انهار وقف إطلاق النار، فستعود روسيا و«الأسد» إلى الحرب. وعلى أمل أن وقف إطلاق النار سيكون مقدمة لمفاوضات السلام، تعتقد أنقرة أن الابتعاد عن الهدف الأصلي المتمثل بإزالة «الأسد» قد يؤدي إلى دعم روسي لهدف تركيا في مكافحة الأكراد.

تقوم تركيا بتصعيد الموقف لتجنيد الولايات المتحدة في خططها. إنها تطالب الإدارة الجديدة بتوفير الدعم الجوي حصرا للأتراك في سوريا في الوقت الذي تدعي أن الرئيس «أوباما» متواطئ مع تنظيم الدولة. وإذا كان الأتراك قد ساعدوا الولايات المتحدة ضد التنظيم منذ عدة سنوات، فإن الولايات المتحدة قد قامت باللجوء إلى المقاتلين الأكراد المحليين للتعامل مع خطر تضخم التنظيم. الآن، وللمرة الأولى، يقول وزير الخارجية التركي أن هناك أزمة بشأن وجود الولايات المتحدة في قاعدة إنجرليك الجوية وذلك من أجل إجبار الإدارة الجديدة للانصياع للمطالب التركية. لا ينبغي أن يكون هذا النهج غير متوقع. والسؤال هو ما إذا كان الأتراك سيلجئون لكسر حاد مع إدارة «ترامب» إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم.

الولايات المتحدة والأكراد

مثل هذا التغيير المفاجئ لإرضاء تركيا، بالإضافة إلى التنازل عن الأكراد في منتصف الهجوم على الموصل، قد يؤخر إلى حد كبير، وربما يعمل على تقويض زخم الحرب الأمريكية ضد تنظيم الدولة.

ولكن مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد، الجنرال «مايكل فلين»، بالفعل له سجل أكثر من داعم لصالح تركيا. وقد أعرب السيد «ترامب» بشكل واضح عن نواياه لإقامة علاقات أفضل مع روسيا. ولكن المشكلة للإدارة الجديدة ستكون أنه في حين أن روسيا لديها جيش «الأسد» والأتراك لديهم جيشهم لمحاربة تنظيم الدولة، فإن الأميركيين لا يملكون إلا قوات سوريا الديمقراطية التي تتكون من أغلبية كردية.

تنتشر الشائعات أن الرئيس المنتخب «ترامب» يرغب في إدخال قوة قوامها بين 20 إلى 30 ألف جندي لمحاربة تنظيم الدولة. في السابق، كانت فيها مثل هذه الخطوة خيارا قابلا للتطبيق. وكان ذلك قبل التدخل الروسي في سبتمبر / أيلول عام 2015. والآن فإن ذلك يأتي في أعقاب هزيمة المتمردين الوخيمة في حلب، والذي قضى على أي أمل بأن هزيمة تنظيم الدولة من شأنه أن يسمح للغرب بتحويل ذلك إلى هدف يصب في اتجاه تغيير النظام في دمشق. وستأتي النتيجة حتما في مواجهة شروط السلام التي تمليها روسيا.

تفهم تركي أمريكي؟

هل الولايات المتحدة حقا مستعدة لأن تظهر كشريك فاعل لروسيا في انتصار نظام «الأسد»؟ وبدلا من ذلك، هل ستتدخل الولايات المتحدة في سوريا لمواجهة مباشرة مع روسيا ومحاولة عكس الحقائق، بما في ذلك وقف إطلاق النار الحالي في مراحله الأولى وعملية السلام الجارية؟

إن أفضل طريقة هي الوصول لتفاهم بين تركيا والولايات المتحدة للمحافظة على مصالح الولايات المتحدة وتطوير سبل جديدة للتعاون. الأميركيون بحاجة للقضاء على خلافة تنظيم الدولة في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على تعزيز قوة العراق، ولعب دور إيجابي في تسوية سلمية في سوريا. ربما قصدت تركيا من الاجتماعات التركية العراقية في 7 يناير/كانون الثاني، مزيدا من الضغط على الولايات المتحدة من خلال سياسة تركيا تجاه الأكراد، وفي الواقع قد يعزز الاتفاق التركي العراقي على الوجود العسكري التركي في العراق، إلى ما بعد السيطرة على الموصل، و التعاون في مواجهة حزب العمال الكردستاني، على مكافحة تنظيم الدولة. لابد للولايات المتحدة أن تجتهد في إضعاف تهديد حزب العمال الكردستاني ضد تركيا، وهي أيضا تحتاج الى التعاون من تركيا و العراقيين للمساعدة في تحقيق الاستقرار في المنطقة.

وقد تلاعبت تركيا بوجهات نظرها من قبل مع الولايات المتحدة حول نواياها الحقيقية في دبلوماسيتها، مما جعل الولايات المتحدة تنظر أكثر من مرة في التحركات التركية. وإذا كانت تركيا على استعداد للدخول حقا في شراكة مع واشنطن، فإن على كلا البلدين تدارك أخطاء الماضي السابقة من أجل التركيز على تحقيق تقدم ملموس على حد سواء.

يجب على الولايات المتحدة دعم مصلحة الأتراك المشروعة في مستقبل الحكم في الموصل والتصدي لأي دعم للأكراد عبر الحدود من قبل حزب العمال الكردستاني في تركيا. لن تستقر سوريا لبعض الوقت، والأمن على الحدود الجنوبية لتركيا من جانب تركيا هو أولى اهتمامات تركيا وهو ما دفعها للتعاون مع روسيا. وقد أخذت موسكو الكثير، وأعطت القليل لتركيا مقارنة بوضعها الجيوسياسي الراهن.

يمكن لصعود رئيس أمريكي جديد أن يوفر فرصة أفضل في محاولة تسوية الخلافات والتوصل إلى سياسات داعمة. يمكن للولايات المتحدة دعم الوجود التركي القوي في منطقة غير مستقرة للغاية دون أن يؤثر ذلك على هدف تدمير الدولة الإسلامية. ولكن ذلك سيتوقف على كيفية استجابة إدارة «ترامب» للمطالب التركية .

المصدر | معهد الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

تركيا الولايات المتحدة أردوغان أوباما ترامب روسيا

فورين بوليسي: لماذا لا تثق تركيا بالولايات المتحدة الأمريكية؟