استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«ترامب» و«حافة الهاوية» الإيرانية

الثلاثاء 7 فبراير 2017 04:02 ص

في غضون أيام معدودة، بين التجربة الصاروخية والتحذير الأمريكي «الرسمي»، تعرفت إيران إلى ملامح المرحلة المقبلة في المواجهة مع الولايات المتحدة. لم يعد هناك أثر للميوعة التي اتسمت بها سياسة أوباما وأتقن نظام الملالي استغلالها لمصلحته. في مقابل «لطافة» أوباما التي تأكد أنها لم تكن مجدية يشهر دونالد ترامب الحزم عله يكفي لجعل طهران تعيد حساباتها. 

صحيح أن لا سياسة أمريكية بعد تجاه إيران إلا أن الاتجاه العام لا يطمئنها، فواشنطن لم تقصر مواقفها الأخيرة على مسألة الصواريخ البالستية، بل كانت لها مقاربة أولية لملفات أخرى، منها الإرهاب والعراق والتدخلات الأخرى. 

ولإدراك الفارق بين الإدارتين يمكن ببساطة تصور أن الهجوم الانتحاري بالزوارق ضد الفرقاطة السعودية في البحر الأحمر لو حصل في أيام إدارة أوباما لكانت هذه ربما دانت الحادث شكليا لتبذل كل ما وسعها للتقليل منه واعتباره من وقائع حرب دائرة، والأهم لاستبعاد أي اشتباه أو علاقة لإيران بهذه الواقعة.

لعل الهدف من إدراج إيران في قائمة الدول التي تحظر تأشيرات الدخول لمواطنيها التذكير بأن هذه الدولة لا تزال تعتبر داعمة للإرهاب، وهو ما كانت الإدارة السابقة أوحت بأنها تتناساه. لكن الحظر شكل رسالة إلى طهران بأن إدارة ترامب تعيد تفعيل هذا الاتهام والتصرف وفقا للتدقيق فيه. 

وما دام الرئيس الأمريكي الجديد يكرر يوميا أن هدفه الأول هو ضرب الإرهاب، فقد أصبح واضحا أن هذا التهديد يشمل إيران، إذ لا يمكن تنفيذه بتجاهل كل ما لدى واشنطن من معلومات عن الإيواء الإيراني لفلول تنظيم «القاعدة»، الذي لا يزال فاعلا في العديد من الدول، بالإضافة إلى دور إيران في تصنيع تنظيم «داعش» وتمكينه من التغلغل في سوريا قبل أن يمر بتحولات دفعته إلى تطوير مشروع «دولته» في العراق والشام وتوزيع أجندته وتمويله وخدماته بين أطراف شتى، منها من يحاربه ويقيم معه نشاطا تجاريا.

لكن إشارة «ترامب» إلى الاستحواذ الإيراني على العراق قد تكون أكثر إقلاقا لطهران. فهو في أفضل الاحتمالات يريد مراجعة شروط «تقاسم النفوذ»، الذي بدأ عمليا خلال فترة الاحتلال الأمريكي، عبر تفاهمات سرية، وما لبث أن اختل نهائيا بعد الانسحاب الأمريكي بفعل سياسات المجاملة الأوبامية لإيران، لكن ترامب يرى أن القسمة الحالية لا تتناسب مع الثلاثة تريليونات دولار، التي بددتها أمريكا في العراق. 

أما أسوأ الاحتمالات بالنسبة إلى طهران فقد يشير إلى أن ترامب يريد زعزعة هيمنتها على العراق، وهو لا ينطلق في ذلك من موقف سطحي؛ إذ أنه انطلق من انتقاد الإدارة السابقة التي «تركت فراغا يشغله الإيرانيون وداعش» وكان عليها أن «تضع يدها على النفط العراقي». 

وبالنظر إلى الأهمية القصوى لوجودها في العراق، الذي تعتبره إيران قنبلتها النووية التعويضية و«درة التاج» لنفوذها وعاصمة امبراطوريتها، فإن العقل السياسي لنظام الملالي بات يرى في أي مس بوضعه العراقي اعتداء مباشرا على أراضيه، وبالتالي فإن فتح هذا الملف ينذر بمواجهة، خصوصا مع احتدام الصراع على إدارة العراق في مرحلة «ما بعد داعش».

تبدو مرحلة ترامب بالنسبة لإيران مختلفة تماما عن مرحلتي جورج دبليو بوش وأوباما، ففي الأولى تعاونت مع النظام السوري على استخدام الإرهاب ضد القوات الأمريكية وانتزعت اعترافا بنفوذها في العراق ولبنان، وفي الثانية استخدمت المفاوضات النووية لتوطيد هذا النفوذ ومده إلى سوريا واليمن وحاولت تركيزه في البحرين. 

وفي هاتين المرحلتين عمدت مرارا إلى وضع المنطقة على شفير حرب مدمرة، متوسلة التصعيد والتهديد والتحرشات البحرية، لكن أيا من الرئيسين الأمريكيين لم يشأ وضع عربداتها موضع اختبار، إذ كان بوش منشغلا بتورطه العراقي وأوباما بتثبيت عدم التدخل أو التدخل في الحد الأدنى باعتبارهما «عقيدته» التي فاقمت الكوارث ولم تمنعها أو تعالجها. أما ترامب فيبدو في مزاج آخر، يتساوى في ذلك أن يكون متعقلا أو متهورا.

قد تعاود طهران اتباع سياسة حافة الهاوية، مطمئنة إلى أن أي إدارة أمريكية لن تفجر مواجهة عسكرية مباشرة معها، لكنها باتت تعرف أن الاستمرار في نهجها وتدخلاتها لم يعد خيارا مفتوحا ومنفلتا، لأن عناصر قوتها (الميليشيات) هي أيضا عناصر ضعفها.

فالعقبة التي لم تستطع إيران تجاوزها هي أن أي نفوذ إقليمي تسعى إليه لا بد أن يتحقق رغما عن أمريكا، ولا يمكن أن يكون بالصيغة التي تحاول فرضها على أرض الواقع.

* عبدالوهاب بدرخان - كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

أمريكا إيران أوباما ترامب صواريخ باليستية