مصر.. سكان «سيناء» يواجهون الحظر والرصاص وجحيم المطاردات

الأحد 12 فبراير 2017 08:02 ص

يواجه سكان مدن شمال سيناء، شمال شرق البلاد، ظروفا صعبة من المعاناة والخوف، جراء استمرار حظر التجوال، وفرض الطوارئ، واستمرار المطاردات بين قوى الأمن المصري، وعناصر التنظيمات المسلحة التي تنشط في مدن العريش ورفح والشيخ زويد.

ويروي سيناويون، مأساة المجهول في سيناء تحت زخات الرصاص، ودخان القنابل، وأصوات الانفجارات القوية التي تقطع سكون الليل، تحت سيطرة قناصة تطارد نيرانهم قوات الأمن والمتعاونين معهم.

يقول «إسماعيل الرياشي» من سكان مدينة «العريش»، إنه عاش مساء الخميس الماضي، لحظات صعبة حين كاد يقتل في كمين للشرطة بسبب السير الخاطئ اختصارا للوقت، لكن تعامل ضابط في الكمين مع الموقف منحه فرصة أخرى للحياة بعد أن همّ بإطلاق النار صوبه.

ويروى «الرياشي» لحظات الموت عند كمين «الخلفاء» في مدينة «العريش»، حين كان قاصدا منزله، واختصارا لطريق سيستغرق وقتا أطول، سيمر عبره على كمائن عدة. خاطر «الرياشي» بالسير عكس الاتجاه أمام الكمين لتخطيه، والاستئذان من ضباطه للمرور، لكنه لم يكن يفعلها لو علم أنه يخاطر في الحقيقة بحياته، بحسب صحيفة «الحياة».

ما إن اقترب «الرياشي» من الكمين حتى سمع بأذنيه أمرا من ضابط، لم يره لحظتها، لجندي بإطلاق النار، ثم سمع صوت سلاح آلي، تشد أجزاؤه تأهبا لإطلاق النار، فصرخ طالباً إمهاله فرصة، وترجل من سيارته رافعاً يديه فوق رأسه، فطلب من الضابط أن يتوقف، ليلتقط أنفاسه، قبل أن يبلغه أنه موظف حكومي، وأنه لا يبغي أي شر بأفراد الكمين، فطلب منه الضابط خلع بزته، وتفريغ كل ما في جيوبه، وبعدها خلع قميصه، حتى يتأكد أنه لا يخفي حزاماً ناسفا تحت ملابسه، بعدها سمح له الضابط بارتداء ملابسه من جديد، وسمح له بالاقتراب بعدما تأكد أن خطأه لا يستوجب القتل.

في تلك اللحظات كان «الرياشي» قد اقترب كثيرا من الموت، خصوصا أن غيره سبقه إليه بسبب أخطاء ربما غير مقصودة عند الكمائن الأمنية المتأهبة لمواجهة الإرهابيين في شمال سيناء، ولما فقد الرجل أعصابه إلى حد بعيد، سعى ضباط الكمين إلى تهدئته، فصافحه الضابط بحرارة وحاول تطمينه، بأنه أصبح آمناً. كما تلقى اعتذارا من الضابط ولوماً على تصرفه بالسير في شكل معاكس في اتجاه المكمن في ظل الاستنفار الأمني الذي تشهده المدينة، ليرد الرجل على الاعتذار باعتذار.

يقول الرياشي: «أنا مدين لهذا الضابط بعمري بعدما تمهّل للحظات فأنقذ حياتي، هو إنسان ذو خلق رفيع ومن أروع من التقيت في حياتي، فقد آذاه ترويعي إلى حد كبير، وكأنه من أخطأ ولست أنا».

أما «حميد محمد»، فاضطر أن يشوه حوائط متجره لانتزاع وصلات كهربائية مثبت في نهايتها كاميرات مراقبة داخل المتجر وأمامه، خشية دهمه من قبل المسلحين الذين لا يأمن أبداً جانبهم، فقد تنتهي المداهمة بقتله.

أقدم «حميد» على تلك الفعلة رغما عنه، بعدما حطم مسلحون متجراً قربه في مدينة «العريش» لانتزاع كاميرات المراقبة منه، وقد دخلوا المتجر وعاثوا فيه وبعدما تأكدوا أن صاحبه مسلم أبلغوه أن «مراقبة الناس بالكاميرات وتتبع عوراتهم حرام شرعاً»، وحذّروه من أنه سيدفع حياته ثمناً إن أقدم على تكرار تثبيت تلك الكاميرات.

وفي الحقيقة، المسلحون يستهدفون المتاجر المراقبة بالكاميرات، خشية كشف تحركاتهم أو منح أجهزة الأمن خيطاً لتتبع تحركاتهم.

أما المراسل الصحفي «أحمد السويركي» فعليه إرسال تقاريره بخصوص الأحداث الميدانية في مدن شمال سيناء، إلى مقر جريدته في القاهرة، عبر البريد الالكتروني، قبل انقطاع خدمة الإنترنت أو فصل التيار الكهربائي، حتى لو لم يكن أنجزها للنهاية، وإن أسعفه الحظ ولم تتعطل اتصالات الهاتف الجوال، فسيُمنح فرصة لإبلاغ زملائه في الجريدة بأي طارئ قبل فوات الأوان.

الظروف التي يحياها أهالي مدن «شمال سيناء» والصعوبات التي تواجههم في عيشتهم وتجارتهم وتنقلاتهم، دفعتهم إلى التفكير في تحرك من أجل طرح حلول لتلك المشكلات أو على الأقل تحسين ظروف المعيشة. وتُرتب قبائل سيناء الآن لتشكيل «مجلس شعبي» من أبناء القبائل، يتشكل من 10 من كل مدينة من مدن شمال سيناء، يمثلون كل عائلات وعواقل وقبائل المدينة، على أن ينضم إلى المجلس نواب المحافظة في البرلمان المصري، ليكون همزة وصل بين السكان ونوابهم، ويتولى هذا المجلس تحديد المشكلات التي تواجه أهالي سيناء واقتراح حلول لها وإبلاغ النواب بها ليسعوا لدى السلطات إلى تطبيقها، ويعتقد القائمون على هذا المشروع أنه قد يساعد في تحسين ظروف معيشة سكان شمال سيناء، ويسعون الآن الى التواصل مع النواب لإتمامه.

وتتعرض مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن، لهجمات مكثفة خلال الأشهر الأخيرة في شبه جزيرة سيناء؛ ما أسفر عن مقتل العشرات من أفراد الجيش والشرطة، فيما تعلن الجماعات المتشددة المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.

والشهر الماضي، أعلن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، مد حالة الطوارئ في بعض مناطق محافظة «شمال سيناء»، شمال شرق البلاد، وحظر التجوال في ساعات محددة، وذلك للمرة العاشرة على التوالي.

وأصدر «السيسي» قرارا جمهوريا نشر في الجريدة الرسمية، بمد حالة الطوارئ المعلنة في بعض مناطق «سيناء» 3 أشهر جديدة اعتبارا من الإثنين المقبل 30 يناير/ كانون ثان الجاري، وفق الوكالة الرسمية المصرية «أ ش أ».

وشهدت سيناء إعلانا لحالة الطوارئ منذ أكتوبر/ تشرين أول 2014 عقب هجوم على نقطة تفتيش كرم القواديس، خلّف مقتل نحو 30 جندياً، وتم مدّها 9 مرات خلال ما يزيد عامين حتى الآن قبل قرار المد الأخير.

ومنذ سبتمبر/أيلول 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية حملة عسكرية موسعة؛ لتعقب ما تصفها بالعناصر «الإرهابية» و«التكفيرية»، في عدد من المحافظات، خاصة سيناء.

ويتكبد الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، خسائر فادحة، في هجمات دموية متكررة يشنها تنظيم «ولاية سيناء»، الذي أعلن ولاءه لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وكان يطلق على نفسه سابقا «أنصار بيت المقدس».

 

  كلمات مفتاحية

سيناء العريش الجيش المصري تنظيم الدولة ولاية سيناء الشيخ زويد

«رويترز»: عدم الاستقرار قد يطول .. الجيش لم يحرز نجاحا كبيرا و«ولاية سيناء» أكثر ثقة

«المونيتور»: هجمات «ولاية سيناء» تزداد شراسة .. وتدابير الجيش تفقده الظهير الشعبي