استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مسالخ البشر في سجون «بشار».. من يحاكم القتلة؟

الاثنين 13 فبراير 2017 03:02 ص

يوم الثلاثاء الماضي نشرت “أمنستي” تقريرها المروع عما يحدث في سجون بشار منذ خمس سنوات ولغاية الآن. يقول التقرير الذي جاء بعنوان “مسلخ بشري: شنق جماعي وإبادة في سجن صيدنايا”، إنه “بين 2011 و2015، يتم كل أسبوع، وغالبا مرتين أسبوعيا، اقتياد مجموعات تصل أحيانا إلى خمسين شخصا إلى خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت”، مشيرة إلى أنه خلال هذه السنوات الخمس “شنق في صيدنايا سرا 13 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين الذين يعتقد أنهم معارضون للنظام”.

ويضيف التقرير أن “كثيرا من المحتجزين الآخرين في سجن صيدنايا العسكري قتلوا بعد تعذيبهم المتكرر وحرمانهم الممنهج من الغذاء والماء والدواء والرعاية الصحية”.

وقال التقرير إن عمليات الإعدام تمت سرا، وأن القتلى دفنوا في مقابر جماعية خارج العاصمة دون إبلاغ أسرهم بمصيرهم. وذكرت المنظمة أن تقريرها “يستند إلى مقابلات مع 84 شاهدا من بينهم حراس وضباط وسجناء سابقون في السجن بالإضافة إلى قضاة ومحامين.

في 2015، نشرت الجزيرة تقريرا مشابها عن أشخاص قتلوا تحت التعذيب في سجون بشار، كما نشرت تقارير مشابهة قبل ذلك، وسربت عشرات الآلاف من الصور التي تؤكد ذلك.

إذا قدر للتاريخ أن يكتب وقائع هذه المرحلة، فإن بشار الأسد وداعميه، وفي مقدمتهم خامنئي، سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه بقتلهم عشرات الآلاف من السوريين والفلسطينيين (إعداما)، أو تحت التعذيب، وسنسمع عن وقائع تشيب لهولها الولدان، مع أن ما نشر حتى الآن يبدو كذلك بكل تأكيد.

إن نظاما بدأ حملته لقمع ثورة الشعب بقتل الطفل حمزة الخطيب تحت التعذيب بطريقة تقشعر لها أبدان أي مخلوق يملك القليل من الإنسانية، لن يتوانى بعد أن حمل السوريون السلاح عن تكرار التجربة لآلاف المرات، لاسيما بعد أن ذهبت التعبئة الطائفية نحو مدياتها الأبعد.

لهذا النظام (الأب والابن) سجل حافل في ميدان القتل إعداما وتحت التعذيب، وثمة شهادات وروايات (رواية "القوقعة" نموذجا) يشيب الرضيع لهول ما فيها من وقائع، وشخصيا استمعت ذات مرة لخال صديق لي (وهو طبيب سوري) عن وقائع التعذيب التي تعرض لها وشهدها في سجن تدمر حيث مكث 12 عاما، وأكمل العشرين في “صيدنايا”، فكانت المشاهد فوق ما يستوعبه الخيال الآدمي، فمن يفعلون ما روى؛ وروى سواه ليسوا بشرا، بل هم أسوأ أنواع الوحوش.

منذ خمس سنوات أسفر النظام الدموي عن وجهه البشع، بعد سنوات باع خلالها طبيب العيون بعض التحضر على الناس حين لم تكن لديه حاجة لممارسة التعذيب في ظل الرعب الذي اجتاح البلد من ممارسات أبيه.

وما إن اندلعت الثورة قد أسفر المجرم عن وجه أكثر بشاعة من أبيه، كما أسفر عن وجهه الطائفي المقيت، وإن لم يكن خافيا في أي يوم عن الناس الذين كانوا يذوقون الأمرين منه على كل صعيد.

ليس السوريون فقط هم من ذاقوا ويلات التعذب في سجون بشار خلال الأعوام الخمسة أو الستة الماضية، بل انضم إليهم إخوانهم الفلسطينيون أيضا، وما نشر من وثائق يشير إلى أن جحافل من هؤلاء ماتوا أيضا تحت التعذيب، وليسجل للأسد الابن نصيبه من دماء الفلسطينيين، وذلك بعد أن سفك منها الأب الكثير الكثير خلال عقود، بخاصة في لبنان.

ليس لدى المرء ما يقوله على هذا الصعيد، فالوقائع أكبر من الوصف، حتى ما نشر إلى الآن، لكن ما سينشر لاحقا سيكون أكثر رعبا، وسيعرف التاريخ أي قاتل هذا، وأي قتلة ساندوه لاعتبارات طائفية مجنونة، وإن لم يخل المشهد من زبانية من كل الملل والنحل أدمنوا التعذيب حتى صاروا وحوشا لا بشرا.

نظام كهذا لا يمكن أن يبقى جاثما على صدر السوريين حتى لو استمرت الحرب سنوات طويلة أخرى، وما زرعه من موت وثارات سيجعل التعايش معه، ومع زبانيته مستحيلا، فهنا والآن ثمة إجرام يجعل من فكرة التسامح والنسيان أمرا مستحيلا بكل المقاييس، كما يجعل القصاص أمرا واجبا، وإن كان من الصعب أن يطال الجميع، لكن قصاص السماء سيتحقق بكل تأكيد.

إلى جانب داعميه بالمال والسلاح؛ ثمة مجرمون كثر يشاركونه الوزر. إنهم أولئك الذين يدافعون عن إجرامه، بصرف النظر عن اللغة التي يستخدمونها، أو الشعارات التي يختبئون خلفها. 

* ياسر الزعاترة - كاتب سياسي أردني/ فلسطيني

المصدر | الدستور الأردنية

  كلمات مفتاحية

سوريا الأسد صيدنايا النظام القمع التعذيب