معركة حزب الله في حلب: النصر بأي ثمن.. حتى على جثث المدنيين

الأربعاء 15 فبراير 2017 06:02 ص

يقوم القادة في حزب الله بإعادة حساب أكثر من 19 آلاف من خسائر وضحايا المعارك، والاشتباكات خلال القتال مع الحلفاء، من أجل تبرير إيقاع الآلاف من القتلى من المدنيين.

كانت المعركة التي خاضها حزب الله لا مثيل لها. وقد أمر القادة بالسيطرة على حلب بأي ثمن ولو من أنفسهم، وتوجهوا إلى الخطوط الأمامية لإعداد قواتهم للاستشهاد.

وعندما سقطت المدينة السورية أخيرا قبل شهرين، وجدت المليشيا اللبنانية نفسها تقوم بدور الجيش المحتل، وبالسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي المفتوحة و المناطق الحضرية المحطمة، من أجل تبرير دورها في مقتل الآلاف من المدنيين والحفاظ على تماسك التحالفات الهشة المحيطة بالرئيس السوري «بشار الأسد».

وفي مقابلات مع «ميدل إيست آي» في معقل حزب الله اللبناني في الضاحية، روى أحد قادة حزب الله الكثير عن أدوارهم وتجاربهم في المعركة، وماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل المنظمة.

وقال أحد القادة، الذي يحمل اسم أبو علي: «قبل المعركة، أوعز أمين حزب الله حسن نصر الله، إلى 200 من قادته العسكريين للاستيلاء على المدينة في معركة سريعة، حتى لو كان ذلك يعني فقدان 10000 من الرجال».

وقال أبو علي: «الموت هو أعظم هدية قد يهبها الله لي». وكان العديد من مقاتلي حزب الله قد خسروا حياتهم بالفعل في سوريا.

ومع ذلك، قال أبو علي في نهاية زيارته لمقاتليه: «إن زيادة الضغط على الإرهابيين تعمل على تقليص سيطرتهم على الأراضي». ويقول أبو علي: «لقد عملنا مع السوريين والإيرانيين والروس مباشرة».

«ولكن بحلول نهاية للحصار، تضاءلت الاشتباكات ولم تكن هناك معركة حقيقية في حلب، بسبب الصفقة الروسية الإيرانية التركية، حيث لم تكن المعارضة مهيأة لمقاومة كبيرة في الأيام الأخيرة».

بالنسبة لحزب الله، لم يتم التمييز بين المعارضة السياسية والثوار والدولة الإسلامية وجبهة النصرة، التي تعرف الآن باسم جبهة فتح الشام. ويقول أبو علي: «كل المعارضة السورية إرهابيون».

ويقول أبو علي إن مقاتلي حزب الله انتقلوا من خلال المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في ثلاث موجات: فريق هجومي لتأمين المنطقة، وفريق إزالة الألغام وأخيرا، قوات فريق الاستقرار، التي يمكن أن تبقى في المجالات الاستراتيجية للمدينة ما بين شهرين إلى سنتين.

«ولا يعمل حزب الله هناك، فقط بوصفه قوة من قوات حرب العصابات ولكن أيضا باعتباره جيشا تقليديا»، و يتم تدريب رجاله على أحدث الأسلحة الإيرانية، بما في ذلك صواريخ طوفان المضادة للدبابات، وكرار و الطائرات بدون طيار والصواريخ الحرارية.

ومع السيطرة على حلب فإن حزب الله لديه الآن وجود في مناطق استراتيجية في سوريا ويحتاج إلى قوى عاملة للحفاظ عليها. وقال أبو علي أن ما مجموعه 120 ألف مقاتل موجودون في معسكرات الحزب في سوريا، بما في ذلك منطقة القصير على الحدود مع لبنان كما أنشأت المجموعة العديد من مراكز التدريب.

ويشمل هذا الرقم 80 ألفا مخصصون لتشكيل قوة قتالية جديدة. وكان القائد قد التزم الصمت بشأن ماهية القوة الجديدة.

وبالرغم من ذلك قد تكون تقديرات أبو علي مبالغا فيها. فقد قابلت «ميدل إيست آي» أيضا مدربين أخرين قدروا العدد بنحو 10 آلاف في منطقة القصير.

وقال المدرب: «ويأخذ هذا التدريب من ثلاثة أيام إلى عدة أشهر اعتمادا على القدرات التي تتراوح بين القتال، القنص وإطلاق النار، والتعامل مع المتفجرات، والعمل الاستطلاعي والعمليات الخاصة أو حراسة المدفعية ضمن أشياء أخرى كثيرة».

الخلافات مع الضباط السوريين وإيران والروس

بالتأكيد لن يكون وجود حزب الله المتزايد في سوريا من دون عواقب، فقد أوردت مصادر مقربة من المنظمة تقارير حول تزايد الاشتباكات وتزايد الاستياء من الضباط السوريين تجاه مقاتلي حزب الله.

ومع ذلك، يعزو «أبو علي» انعدام الثقة بين الطرفين إلى قيام جنود سوريين بالتخلي عن مناصبهم ومهامهم خلال المعركة. ويضيف: «في الجيش السوري يتعرض الجنود لسوء المعاملة من قبل رؤسائهم، وهو ما يترجم إلى عدم وجود ولاء للجيش. وبالرغم من ذلك يبحثون الأمور الآن بشكل أفضل، مع المؤسسة العسكرية التي أعيدت هيكلتها».

لكن الاشتباكات لم تكن تقتصر على نظرائهم السوريين. فقد قال الرفيق أبو علي، الذي يطلق على نفسه اسم أبو حسن أيضا أنه كانت هناك معارك بين القوات الإيرانية وحزب الله، على الرغم من أنها نادرة.

وقال أبو علي:«كان هناك حادثة وقعت مؤخرا في تل عيس، عندما تصاعد الخلاف بين مقاتلي حزب الله والقوات الإيرانية بسبب عدم كفاية دعمهم خلال معركة في مواجهة دامية وقد قام مقاتل من حزب الله يدعى ذو الفقار بقتل العديد من الإيرانيين».

وحول روسيا قال أبوعلي: «موسكو ليست حليفنا، ولكنها طرف تشارك مثلنا في الحرب وهي شريك الرئيس الأسد، ولكن هي مثل أي دولة أخرى لديها جدول أعمال خاص بها، ونحن لنا جداول أعمالنا».

وتقدم روسيا لحزب الله الدعم الجوي، وكذلك المعلومات الاستخبارية. أما مع إيران، فالعلاقة مع حزب الله هي تكافلية كل واحد يعمل مع الآخر كما يقول أبو علي، وبمساعدة حزب الله أيضا تقوم إيران بتوسيع وجودها في جميع أنحاء المنطقة. ففي العراق على سبيل المثال «نشرنا خبراء في الموصل وكذلك مدربين، لكن ليس لديهم مقاتلين على الأرض».

ويقول «أبو علي»، القائد في حزب الله أن خبراء حزب الله موجودون أيضا في منطقة القنيطرة إلى جانب الإيرانيين الذين نشر وا جنودهم هناك.

تقع القنيطرة على حدود في هضبة الجولان، وهي هضبة تقع في جنوب غرب سوريا و لها أهمية استراتيجية. وقد استولت (إسرائيل) على مرتفعات الجولان في سوريا في حرب 1967.

بالنسبة لإيران وحزب الله فإن الحرب في سوريا هي حرب وجودية، وسقوط النظام سيعني نهاية التحالف «المقدس» بين الضاحية وطهران ودمشق.

وأخيرا، فيما يتعلق بموضوع القتلى المدنيين في حلب الذين عانوا لشهور من قصف الحكومة والقصف الروسي والهجوم البري، فإن أبو علي لم يندم، وقد قام بتهميش وفاة هؤلاء تحت عنوان: «الحرب على الإرهاب».

وأضاف: «المدنيون يموتون في كل حرب. اسأل فرنسا حول ما فعلوه في الجزائر، وطالب إسرائيل بمسؤوليتها حول ما فعلت في لبنان».

وتبع التعليق الماضي من أبوعلي صمت ثقيل، ليظهر التساؤل حول حاجة حزب الله الآن إلى استدعاء جرائم حرب من قبل العدو في لبنان لتبرير صحة حرب لا نهاية لها في سوريا.

  كلمات مفتاحية

حزب الله سوريا حلب إيران روسيا بشار الأسد