استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

البحرين.. بين التأزيم والحوار

السبت 18 فبراير 2017 06:02 ص

شهدت مملكة البحرين خلال الأيام القليلة الماضية تطورات مقلقة جديدة تمثلت في محاولة انتقال فارّين من السجن (سجن جوا) إلى دولة إقليمية عبر البحر، وقيام هؤلاء بإطلاق النيران على القوى الأمنية. وقد تمكنت هذه القوى من السيطرة على القارب المستخدم، واعتقال من فيه، وضبط مواد محظورة. 

هذا الحادث وما تبعه من وقوع تفجير ترويعي، والذي وقع الخميس الماضي، يدلل من جهةٍ، على يقظة قوى الأمن البحريني وكفاءتها في التعامل مع التجاوزات الجسيمة، كما يدلل من جهةٍ ثانيةٍ، على أن أطرافاً في المعارضة تُغلق طريق الحلول السياسية وتتبنّى أجندة خارجية. ويشكّل هذا التطور المؤسف حلقة جديدة من حلقات التأزيم، الذي ذهب أصحابه بعيداً في الخروج على القانون والطعن في شرعية الدولة التي ارتضاها البحرينيون جميعاً منذ فجر الاستقلال.

ومن المفارقات أن الخطوات الإصلاحية التي أطلقها النظام السياسي قوبلت بتشدد مفرط من طرف جماعات تنزع إلى تغيير هوية الدولة بالعنف، ولا تُلقي بالاً إلى مقتضيات الوحدة الوطنية،وإلى محددات المعارضة السياسية السلمية ضمن القنوات الدستورية الشرعية وفي مقدّمها البرلمان. كما تعتنق هذه الجماعات خطاباً يعتبر نسخة مستنسخة عن الخطاب السياسي الدعائي والعدائي الذي تبثه دولة إقليمية لا تكتم أطماعها في دولة البحرين، وبالعبث الخطير في الأوضاع الداخلية لدول خليجية وعربية أخرى.

من المؤسف حقاً أن تبدو قوى تقليدية في المعارضة، وقد وصلت إلى نقطة اللاعودة في أدائها وممارساتها وكذلك في خطابها؛ وذلك في جملة مواقفها التي تقوّض تطلّعات المشاركة وتعزيز الإخاء الوطني والاجتماعي، ولجوئها بدلاً من ذلك إلى العنف الأعمى، ومختلف صنوف التأجيج والتهييج، وإدارة الظهر للمساحات المشتركة التي تجمع الشعب الواحد في إطار وطني جامع، وتحت مظلة النظام الشرعي الحريص دوما على التطوير والتجديد، والأخذ بآليات ديمقراطية متفق عليها، ولطالما اتفق عليها البحرينيون، من أجل التطوير العام لبلادهم، والسهر على الاستقرار العام، والتقدم على طريق التنمية الشاملة، وتصويب الأخطاء متى وقعت أولاً بأول، وفقاً للقانون وضوابطه، وبما ينسجم مع التطلعات العامة الشعبية والرسمية. 

وخلال ذلك التمسك بالعلاقات الراسخة مع الدول الشقيقة في الإطار الخليجي كما في الإطار العربي، بما ينسجم مع هوية البحرين كدولة خليجية عربية مستقلة، وبما يضمن إقامة علاقات مستقرة مع دول الجوار تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وفقاً لما تقتضيه مبادئ حسن الجوار، وأحكام القانون الدولي التي تنظم العلاقات بين الدول والتي يلتزم بها العالم المتحضر.

ورغم وقوع هذه التطورات المؤسفة والتهديدات التي تُطلق بارتكاب المزيد منها، إلاّ أن ذلك لم يزعزع النظام العام بشيء، وإن كان ينطوي على قدر من التشويش في الفضاء الاجتماعي، وذلك في ضوء السعي المحموم لتصنيف المواطنين بعيداً عن مبدأ المواطنة وبالضد منها.

وهو أمر لا بد أنه يشكل عامل قلق للقوى الحية في البحرين وللشرائح العريضة في المجتمع، التي تتشبث بالوحدة الوطنية كأفضل خيار وضمانة لمواجهة شتّى التحديات حاضراً ومستقبلاً، وبالنظر إلى جملة ما تقدم، فلعلّ الواجب يقضي بأن تتنادى القوى الحية ذات الروح الوطنية الأصيلة، لقطع دابر العنف اللفظي والتأجيج الطائفي، والتقسيم المتعسّف لشرائح المجتمع، والعودة مجدداً إلى منطق الحوار والمشاركة، وتدارس المشكلات القائمة بروح موضوعية متجردة، من أجل وضع الحلول، وإقرار مبادئ ناظمة للتلاقي الوطني والاجتماعي تقوم في المقام الأول على نبذ العنف وإدانته، وتحريم الارتباطات بالخارج، والقبول بالنظام العام، والتباحث حول أوجه التطوير والتجديد، في سياق العودة إلى المشاركة السياسية والحياة البرلمانية لكل من نأى بنفسه عن استخدام العنف أو التهديد به أو تسويغه، وصولاً إلى تنمية المناطق المتضررة، ومعالجة المشكلات الاجتماعية الناجمة عن سياسة التأزيم التي تسببت بها قوى معارضة تقليدية. 

ولا شك أن حكماء البحرين الحريصين على نظامه واستقراره وهم كثرة كاثرة، هم الأقدر على وضع خريطة طريق لإخراج بلدهم من محنة التأزيم، ومن الطريق المسدود التي قاد إليها أسلوب العنف والخيارات القصوى، والراديكالية المزعومة التي ترمي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وفك العُرى التي طالما ربطت بين البحرينيين على مر التاريخ، والحفاظ على استقلال البلد وسيادته المنيعة ضد أي تدخلات خارجية، وفي إطار من تمتين العلاقات مع مكونات البيت الخليجي والعربي.

* محمود الريماوي كاتب وصحافي وروائي أردني/ فلسطيني مخضرم. 

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

البحرين التأزيم السياسي الحوار الوطني الطائفية العنف المعارضة البحرينية