على مشارف النادي النووي: هل تشعل أبوظبي سباق تسلح نووي عربي؟

الأربعاء 22 فبراير 2017 07:02 ص

ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة قريبا أول دولة عربية تفتتح برنامجا للطاقة النووية المدنية، وأول من ينضم إلى النادي النووي المدني في المنطقة خلال أكثر من ربع قرن.

ومن المقرر أن يتم تشغيل محطة "براكة" النووية، أول مفاعل نووي في الإمارات، خلال الربع الأول من عام 2020 ومن المرجح أن تدخل ثلاثة مفاعلات متبقية بطاقة 1400 ميجاوات تصممها كوريا الجنوبية إلى الخدمة في وقت لاحق.

ورغم توقيع الإمارات لاتفاقات صارمة لمنع تطوير التكنولوجيا النووية للاستخدام العسكري، تبقى هناك مخاوف قائمة أن التكنولوجيا النووية السلمية يمكن أن تستخدم لبناء سلاح في المستقبل. وفي العام الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق "موشيه يعلون"، إننا "نرى مؤشرات على أن الدول في العالم العربي تستعد لامتلاك أسلحة نووية".

وقبل ذلك بعام، قال وزير الدفاع الأميركي السابق "روبرت غيتس" أن "صفقة إيران ستثير قلق بلدان أخرى في المنطقة وستدفعها لمتابعة قدراتها النووية لتعادلها، ويكاد يكون من المؤكد أن المملكة العربية السعودية تسعى لذلك".

وفي عام 2013، ووفقا للنصوص الصادرة عن ويكيليكس، قالت وزير الخارجية الأمريكية السابقة "هيلاري كلينتون" إن "السعوديين لن يقفوا موقف المتفرج. إنهم يحاولون بالفعل معرفة الكيفية التي يتم الحصول على أسلحة نووية من خلالها. ثم إن الإماراتيين لن يدعوا السعوديين بمفردهم يمتلكون أسلحة نووية خاصة".

لكن دولة الإمارات العربية المتحدة، في سعيها لتحقيق أهدافها للطاقة النووية، قدمت حجة مقنعة أنها تحتاج للطاقة النووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ولتهدئة المخاوف بشأن نواياها، تعهدت أبو ظبي في أبريل/نيسان 2008 بالالتزام بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم. وقد انعكس ذلك في توقيعها اتفاق التعاون النووي رقم 123 عام 2009 مع الولايات المتحدة (الذي سمي على اسم القسم 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954)، والذي نص على منع التخصيب أو إعادة المعالجة.

وفتح هذا الاتفاق الأبواب أمام الإمارات للحصول على شراكات دولية نووية، وخلال عام 2008 وقعت دولة الإمارات اتفاقات مع الأرجنتين، أستراليا، كندا، فرنسا، اليابان، روسيا، والمملكة المتحدة تنطوي على نقل التكنولوجيا والخبراء والمواد النووية. وفي عام 2009، فازت شركة الطاقة الكهربائية الكورية بعقد لبناء المفاعلات الإماراتية.

الحاجة إلى التكنولوجيا النووية

على الرغم من كون أبوظبي دولة غنية بالنفط وتعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري، إلا أنها تسعى لإيجاد مصادر بديلة للطاقة من أجل توفير النفط لأغراض التصدير.

ويقدر أنه بمجرد الانتهاء منها، سوف تكون المفاعلات الجديدة في البلاد قادرة على تلبية ما يصل إلى ربع الطلب على الكهرباء في الإمارات. وعلاوة على ذلك، فإن هناك قدرا كبيرا من الدعم الشعبي لتطوير التكنولوجيا النووية كوسيلة لخلق فرص عمل والحد من التلوث.

وبطبيعة الحال، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى ليست بعيدة عن التهديد النووي الإيراني، وخاصة في ضوء الاتفاق النووي مع إيران فقد أشارت نتائج استطلاع أن الإماراتيين هم أكثر تشككا من السعوديين من الصفقة، وقد صرح 91 في المائة بأنهم لا يؤيدون الصفقة و قال 71 في المائة أن الاتفاق «جيد فقط بالنسبة لإيران، ولكنه سيئ على الدول العربية». وعلاوة على ذلك، إذا كان الاتفاق النووي يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم دون قيود في المستقبل لأغراض سلمية، فإن بلدانا أخرى في المنطقة لديها مبرر لبدأ برامج التخصيب الخاصة بها.

ومع إن دول الخليج العربي دعمت بحذر وبشروط اتفاق إيران النووي، إلا أن هناك بعض المؤشرات أن دولة الإمارات العربية المتحدة ترغب في إعادة التفاوض على «اتفاق 123» في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران. على سبيل المثال، بعد توقيع الاتفاق، أشار سفير دولة الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة»، إلى أن بلاده قد تعيد تقييم موقفها بشأن تخصيب اليورانيوم محليا، وربما يشير ذلك إلى أن الإمارات لم يعد تشعر أنها ملزمة بالاتفاق مع الولايات المتحدة. ووفقا للنائب «إد رويس» من كاليفورنيا، والذي يشغل أيضا منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، فقد قال له «العتيبة» في مكالمة هاتفية عام 2015: «أسوأ عدو لديك منحته هذا الحق في التخصيب. أصدقاؤك يريدون الآن هذا الحق ونحن لن نكون البلد الوحيد».

في الواقع، وضع الاتفاق النووي مع إيران دولة الإمارات في وضع غير مريح، لاسيما مع شعور بأن الاتفاق الذي وقعته أبوظبي مع واشنطن يحمل شروطا غير مريحة أكثر من الاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة مع إيران. على ما يبدو، كان التزام دولة الإمارات بصفقة «123» هدفا للانتقادات من حكومات عربية أخرى ولهذا السبب بالذات. وعلى سبيل المثال فإن الأردن والمملكة العربية السعودية، في انتظار توقيع اتفاقية تعاون نووي كامل مع الولايات المتحدة. حتى الآن، قاومت هذه الدول الضغوط الأمريكية وأصرت على ترك الخيار لهم لتخصيب اليورانيوم مفتوحا.

سباق عربي

لكن إيران لم تكن السبب الوحيد في المراحل الأولى من سباق التسلح العربي. السعوديون لا يريدون أن يسبقهم الإماراتيون، لذلك فإنهم أيضا قد شرعوا في خطة نووية طموحة جدا (لاسيما مع انخفاض أسعار النفط إلى حوالي 50 دولار للبرميل)، تشمل 16 من المفاعلات النووية التي سيتم بناؤها بحلول عام 2032. وقد وقعت الرياض بالفعل اتفاقيات للتعاون النووي مع الصين وروسيا، وكوريا الجنوبية، من بين أمور أخرى، وأعلنت أنها ستقوم باختيار موقع محطة الطاقة النووية «قريبا جدا».

تخطط مصر، والأردن، وتركيا أيضا لتطوير الطاقة النووية ببرامج مستقلة. وهناك أيضا خطر أن الإمارات سوف تشارك المعرفة النووية في المستقبل مع دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط هي أقل التزاما بحظر الانتشار النووي. وقال مسؤولو الإمارات بالفعل أن البلد على استعداد لتقاسم خبرتها النووية مع الوافدين الجدد الآخرين إلى النادي النووي، مثل تركيا والأردن.

بالنسبة لجيران إيران العرب، فإن الاتفاق النووي قد يخدم مصالح القوى الغربية، لكنه لم يفعل شيئا يذكر للحد من سلوك إيران الإقليمي أو حتى من طموحاتها النووية على المدى الطويل وعلى جيران إيران إعداد أنفسهم بشكل أفضل لصعود طهران.

برنامج عسكري إماراتي؟

على المدى الطويل، يمكن لبرنامج نووي مدني لدولة الإمارات العربية المتحدة أن يقلل من التكاليف المرتبطة بتطوير البرامج العسكرية. إذا قررت دولة الإمارات في مرحلة ما في المستقبل، أنه يجب أن يكون لديها قدرات نووية عسكرية، فلابد أن تكون جاهزة للعمل في برنامجها النووي المدني والتي يشمل الوحدات، والتقنيات والمواد ورأس المال البشري، وتراكم الخبرات الذي يمكن أن يمهد لمسار سريع نسبيا وسهل لامتلاك أسلحة نووية.

بطبيعة الحال، فإن المجتمع الدولي لديه الأدوات اللازمة لمواجهة هذا الخطر، وذلك في المقام الأول بفضل اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة على العمالة الأجنبية في الخبرات والبنية التحتية: حيث أن 57 بالمائة فقط من العاملين في الهيئة الاتحادية للإمارات للرقابة النووية هم إماراتيون. لكن الحكومة قد اعترفت بهذا الاعتماد المفرط على المغتربين، وتطالب الآن بالتوطين في كل مناطق العمليات. وعلاوة على ذلك، فالقرار الفعلي من قبل دولة الإمارات لاختيار الأسلحة النووية يعتمد على عوامل عدة. منها مدى امتثال واشنطن وطهران للالتزامات النووية والدرجة التي تنتبه بها الولايات المتحدة للمخاوف الأمنية من حليفتها.

على أية حال، لا تخدم عملية إعادة التفاوض أو التراجع عن التزامات منع الانتشار النووي مصالح دولة الإمارات في أي وقت قريب. فهذا من شأنه أن يعرض عملية الانتهاء من برنامجها النووي للخطر. وهناك أيضا مسألة ما إذا كان الاتفاق النووي مع إيران سيبقى على حاله في ظل حكم الرئيس «دونالد ترامب»، نظرا لتعهده بالتخلي عن الصفقة. وفي كلتا الحالتين، سيكون أمامنا ما لا يقل عن عقد من الزمن قبل أن تنظر دولة الإمارات العربية حتى في تطوير قدرات نووية عسكرية.

وعلى الأقل في الوقت الراهن، ينبغي لنا أن نبقى كثيرا من الهدوء والسماح لدولة الإمارات للاستمرار في برنامج الطاقة النووية التي يبدو من غير المحتمل أنه سيشكل أي مخاطر فورية.

المصدر | يوائيل غوزانسكي - فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

الإمارات تكنولوجيا نووية تسلح نووي إيران الأردن السعودية الاتفاق النووي