«بلومبيرغ»: تقييم السعودية لقيمة «أرامكو» مبالغ فيه.. وهذه هي قيمة الشركة الحقيقية

السبت 25 فبراير 2017 10:02 ص

قالت السعودية أنّ عملاقة النفط أرامكو السعودية تبلغ قيمتها أكثر من 2 تريليون دولار، وهو رقم يكفي لالتهام شركة أبل مرتين، ويتبقّى مجالًا لشركة جوجل الأم ألفابت.

ولكن قد يكون على المملكة التراجع إلى أقل من هذا. أقل من هذا بكثير.

يخبر تنفيذيون بالصناعة ومحللون ومستثمرون بلومبرغ أنّ تحليلاتهم، المبنية على احتياطات النفط وتدفّقات الأموال بالشركة وفق سيناريوهات ضريبية مختلفة، تشير إلى أنّ قيمة أرامكو لا تتخطّى نصف هذا الرقم أو ربّما لا تصل حتّى للخمس. ويعني هذا أنّ السعودية لن تربح سوى جزء صغير من الـ 100 مليار دولار التي توقّعت أن تحصل عليها ببيع 5% من الشركة في اكتتاب عام في عام 2018، كما خطّطت.

على سبيل المثال، خرجت وود ماكينزي المحدودة بتقييم تقريبي لقيمة أرامكو بـ 400 مليار دولار، وفق عملاء حضروا اجتماعًا خاصًّا في مكتب مدينة لندن لاستشارات النفط، رفضوا الكشف عن أسمائهم، ورفضت الشركة التعليق.

وقال متحدّث باسم أرامكو أنّ الشركة المنتجة للنفط لا تعلّق على شائعات أو تكهّنات.

وفي حين يوجد الكثير من التخمينات حول الشركة التي لم تدلي أبدًا ببيانات مالية أو ضريبية حول إنتاجها قبل الطرح العام الأول، تكشف هذه الفجوة في التقييم عن العقبات التي قد تواجه السعودية في الإعداد لعصر ما بعد النفط.

والهدف من الاكتتاب العام هو تمويل صندوق ثروة سيادي، والذي في حالة نجاح عملية البيع، سيولّد عائدات استثمار كافية داخليًا وخارجيًا للسيطرة على عائدات الدولة بحلول عام 2030. سوف يصل الطلب على النفط إلى ذروته قبل هذا التاريخ، وفق توقّعات شركة «رويال داتش شل»، وسيكتسب الوقود البديل والسيارات الكهربائية شعبية قبل هذا الوقت، الأمر الذي يضع منتجي الطاقة في الشرق الأوسط في موقفٍ مهزوز.

ظهور الشكوك

حتّى داخل الحكومة السعودية، تظهر الشكوك. وقال شخصٌ مطلعٌ على عملية التعويم الأسبوع الماضي، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنّ أرامكو بوضعها الحالي قد تبلغ قيمتها حوالي 500 مليار دولار لأنّ جزءا كبيرا من عائداتها تذهب في الضرائب. ولن يرغب المستثمرون في وضع أموالهم في المناطق غير الأساسية. وأشار شخصٌ آخر مطلعٌ على محادثات الاكتتاب العام إلى أنّ القيمة قد تكون أقل من 1 تريليون دولار، في حالة بنى المستثمرين تقديراتهم على قدرة أرامكو على توليد الأموال.

لكن يظل الحصول على 25 مليار دولار على الأقل ببيع 5% كافيًا ليقابل عملية بيع مجموعة علي بابا القابضة المحدودة غير المسبوقة، وما يكفي لتوزيع ملايين الدولارات على المستشارين الذين أداروا عملية البيع مثل جي بي مورجان تشيس وشركاه، ومويلس وشركاه، والمستشار المستقل «مايكل كلين».

وأول من أثار القيمة المقدّرة لأرامكو بـ 2 تريليون دولار هو ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» في مارس/آذار الماضي. ووفق مقابلات مع عشرات المحللين والتنفيذيين والمستثمرين بالصناعة، رفضوا ذكر أسمائهم نظرًا لحساسية الأمر، أنّ الأمير قد اعتمد في هذا التقييم على حسبة بسيطة، بأخذ 261 مليار برميل احتياطات نفطية تقول الحكومة السعودية أنّها تكمن أسفل حقول النفط، ثمّ ضربها في 8 دولار للبرميل (وهو معيار يستخدم في تقييم قيمة الاحتياطيات). وسيقوم مدقق مستقل بتقييم احتياطيات النفط السعودية، وهي ثاني أكبر احتياطيات في العالم، قبل الاكتتاب العام.

مستقبل النفط

بهذا المنطق، ستبلغ قيمة روسنفت الروسية 272 مليار دولار بدلًا من قيمتها الحالية بـ 64 مليار دولار، وتقييم شركة إكسون موبيل كورب، أكبر منتج للطاقة خاضع للتداول في العالم، سيكون أصغر بـ 53% ممّا هو عليه الآن.

وقال «باتريك بويان»، الرئيس التنفيذي لشركة توتال، موجّهًا حديثه للمستثمرين من خلال مؤتمر عبر الهاتف يوم 9 فبراير/شباط: «لا أعرف أنّ قيمة شركة نفط تقاس بقيمة احتياطيات الشركة. يجب أن تؤخذ العديد من العوامل في الاعتبار إذا أردنا أن نعرف القيمة الحقيقية لأرامكو».

ومع توقّع كفاية احتياطيات السعودية من النفط حتّى 73 عامًا، يبقى السؤال إلى متّى سيظل هناك طلب على خام النفط؟ وقد بدأ الحديث عن التحوّل للطاقة النظيفة والكهرباء. وقد حذّر مسؤولون، من بينهم محافظ بنك إنجلترا «مارك كارني»، المستثمرين أنّها مسألة وقت قبل أن «تعلق» الاحتياطات في الأرض.

ويوجد عامل آخر يلقي بالشك حول قيمة الشركة السعودية، وهو مركزية الضرائب وسياسة الحصص التي تضرب القيمة العادلة للشركة. فشركة أرامكو، التي تعرف رسميًا باسم شركة النفط العربية السعودية، تدفع 20% رسوم ملكية من العائدات وضريبة دخل 85%. وتقلل الجبايات بهذا الحجم من فرص الحصول على أرباح بالنسبة للمستثمرين.

حساب مختلف

قالت وود ماكنزي، وفقًا لاثنين من العملاء، أنّها بنت حساباتها على معدّل الضرائب الحالي، وتكلفة رأس المال بـ 10%، وتوقّعات أسعار النفط داخليًا. وقد استخدمت طريقة تسمّى بطريقة التدفّقات النقدية المخصومة لتقييم أعمال المنبع لأرامكو، وهي حسّاسة جدًا للضرائب.

لذا إذا سار الرئيس التنفيذي لأرامكو «أمين ناصر» في خططه التي كشف عنها النقاب في دافوس الشهر الماضي والتي تهدف لخفض الضرائب على الشركة بما يتماشى مع شركات أخرى مدرجة، سيرتفع تقييم وود ماكنزي كذلك. لكن قد يكون نطاق تخفيف الضرائب محدودًا نظرًا لأنّ النفط هو شريان الحياة بالنّسبة لميزانية الحكومة التي تجاهد في الأساس لسدّ عجز الموازنة الناتج عن انخفاض أسعار النفط.

ولا تأخذ وود ماكنزي في الاعتبار في تقييمها أعمال المصب في أرامكو أو عمليات التكرير. فقدرة هذا العمل لدى أرامكو مماثل لقدرة شركة فاليرو للطاقة بولاية تكساس، والتي تبلغ قيمتها السوقية 30 مليار دولار.

ضعف قيمة أبل؟

ويوجد تحذير آخر هنا وهو أنّ المستثمرين يميلون للحصول على خصومات مقابل المخاطر السياسية التي تحيط بالشركات المرتبطة بالدولة. فقد تسبّبت قضية فساد بهبوط أسهم شركة بتروليو البرازيلية إلى قاع تاريخي يرجع إلى 16 عامًا في وقتٍ سابق من العام الماضي. وفي الوقت نفسه، على المستثمرين في روسنفت التعامل مع العقوبات التي تحدّ من الاتّجاه الصاعد للأسهم مقابل نظيراتها في الأسواق الناشئة.

وبحسب محلل الطاقة «روهان ميرفي»: «لقد وجدنا بشكلٍ عام أنّ الاستثمار في الشركات شديدة الارتباط بالدولة ليس جذّابًا».

  كلمات مفتاحية

السعودية أرامكو اكتتاب أرامكو احتياطات النفط الثروة النفطية