نزوح الأقباط من سيناء عقب تهديدات «داعش» يبدد وعود الجيش ويزيد ثقة التنظيم

السبت 25 فبراير 2017 05:02 ص

«إحراج الدولة»، كان مبرر السياسيين المصريين على أزمة مسيحيي سيناء، الذين قاموا أمس واليوم بعمليات مغادرة واسعة، بعد التهديدات والاعتداءات التي وقعت بحقهم، من أنصار تنظيم «الدولة الإسلامية».

بينما يرى سياسيون ومعارضون أن «فشل الدولة» في مواجهة المتشددين، والعنف الذي يمارسونه على المعارضين، هو السبب فيما وصلت إليه البلاد، بعدما تبددت مزاعم الجيش في القضاء على الإرهاب، منذ أكثر من 3 سنوات في سيناء.

ويعد استدعاء البرلمان المصري، لرئيس الحكومة «شريف إسماعيل»، هو التحرك الرسمي الأبرز للأزمة التي تشهد تفاعلا واسعا في الأواسط السياسية والشعبية في البلاد.

في الوقت الذي اكتفى الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، بالقول إنه «لن يستطيع أحد المساس بهيبة الدولة»، وهو نفس التصريح الذي قاله رئيس الوزراء، حين أكد أن «الإرهاب لن ينال من عزيمة الشعب».

وليس هناك إحصاء رسمي عن أعداد المسيحيين في مصر، غير أن تصريحات كنسية رسمية تقدر تعداد أقباط مصر بنحو 15 مليونا، بينما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد الأقباط لا يزيدون عن 10% من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة، وبذلك يمثلون أكبر مجتمع للمسيحيين في الشرق الأوسط.

البداية

البداية، كان باستهدف وقع في 11 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، للمصلين المسيحيين اثناء قداس في الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية، مقر بابا الأقباط الأرثوذكس، والتي تتمتع بحماية كبيرة في حي العباسية في القاهرة، ما أدى إلى مقتل29 شخصا.

وقد وصف تفجير الكنيسة البطرسية، بأنه أكثر الهجمات التي وقعت في مصر، خارج شبه جزيرة سيناء، دموية.

وفي 20 فبراير/ شباط الجاري، نشر تنظيم «الدولة الإسلامية» تسجيلا مصورا هدد فيه أقباط مصر، وعرض ما وصفه بأنه الرسالة الأخيرة لمنفذ الهجوم على الكنيسة البطرسية بالقاهرة.

وظهر في التسجيل المصور، رجل ملثم يقول التنظيم إنه منفذ الهجوم واسمه «أبو عبدالله المصري»، وهو يحض المسلحين الموالين للتنظيم في مختلف أنحاء العالم على «تحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر».

ويتناقض الاسم الحركي لمنفذ الهجوم في التسجيل وهو «أبو عبد الله المصري»، مع الاسم الحركي الذي سبق أن أعلنته السلطات المصرية لـ«محمود شفيق» الذي اتهمته بتنفيذ الهجوم، وهو «أبو دجانة الكناني».

كما كشفت مصادر، أنه في الفترة بي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي و23 فبراير/شباط الجاري، قتل سبعة مسيحيين في العريش، المدينة الأكبر بسيناء.

جاء ذلك بعد أشهر من تبني التنظيم الموالي لـ«الدولة الإسلامية»، حادث اغتيال القس «روفائيل موسى» كاهن كنيسة مارجرجس في العريش بسيناء.

لماذا الاستهداف؟

إصدار «الدولة الإسلامية»، الذي دعا فيه أنصاره للهجوم على رموز ومرجعيات المسيحيين في مصر، مبررا قوله إن 3 من مسيحيي مصر يتربعون على رأس أغنياء مصر، ويمتلكون مجموعة من الفضائيات والمنابر الإعلامية التي وصفها بـ«المحاربة لدين الله»، كما أنهم علاوة على نفوذهم السياسي والاقتصادي، «يحظون بدعم مطلق من الدول الصليبية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ليكونوا بذلك أداة لدى المشروع الصليبي ورأس حربة في محاربة دين الله في مصر».

واعتبر التنظيم المسيحيين في مصر بأنهم «ليسوا بأهل ذمة ولا معاهدين»، مشيرا إلى أنهم أكثروا من ادعاء المظلومية، لكونهم أقلية في محيط مسلم مع أن لهم نفوذًا لدى النظام المصري خاصة في مفصله الاقتصادي والإعلام.

في تقرير نشره موقع «مدى مصر»، استعرض خلاله شهادات بعض الأقباط والمهتمين بالملف القبطي حول الوضع في سيناء بصورة عامة، وما آلت إليه التطورات الأخيرة وانعكاساتها على حياتهم بصورة خاصة، في ظل زيادة عمليات الاستهداف من قبل التنظيمات المسلحة خلال الأسابيع الأخيرة.

ونقلت عن «جرجس»، وهو قبطي مقيم بالعريش، قوله إنه وصل في الآونة الأخيرة إلى مرحلة الشك في كل من حوله، وأصبح يحتاط «في الإعلان عن خط سيره»، لشعوره أنه «أصبح هدفًا، ومن الممكن لأي من المحيطين به تسليمه للجماعات، بغرض الانتقام أو الإستنفاع أو غيره».

أما «إسحاق إبراهيم»، مسئول ملف الحريات الدينية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يرى أن الطبيعة العلنية لاستهداف الأقباط في الآونة الأخيرة، يشي بتنامي ما أسماه «غطاءً شعبيًا لتنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة»، موضحًا أن الاغتيالات المكثفة للأقباط، بالتزامن مع قيام ملثمين بتوزيع منشورات منسوبة لتنظيم ولاية سيناء في قلب مدينة العريش يوم الاثنين الماضي، حوت تأكيدًا للأهالي أن أعضاء التنظيم  «منهم»، وهذا مؤشر خطير.

هجرة داخلية

وأمس، غادر العشرات من الأسر المسيحية محافظة شمال سيناء، إثر التهديدات والاعتداءات التي تعرضوا لها.

وفي الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء حول أعداد الأسر التي غادرت سيناء، إلى مدينة الإسماعيلية (غرب قناة السويس)، قال مسؤولون كنسيون إن 100 أسرة من نحو 160 في شمال سيناء غادرت، كما غادر أكثر من 200 طالب مسيحي يدرسون في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء.

الهجرة الداخلية التي شهدتها المدينة، جاءت عقب اتصالات هاتفية، تحمل استغاثات من الأسر، تعبر عن خوفها من الانتظار بمنازلهم في سيناء بعد حالات القتل الأخيرة، ويسألون عن مدى إمكانية استقبال الكنيسة لهم، بحسب «الأناضول».

وأضاف مصدر كنسي: «بالفعل تمت الموافقة وتم تشكيل لجان سريعة لاستقبال الأسر النازحة وما يزال الأمر مستمرا».

الكنيسة المصرية، أكدت أنباء نزوح، الأسر المسيحية من شمال سيناء، وذلك عبر المتحدث باسم الكنيسة المصرية «بولس حليم»، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

وجاء تأكيد «حليم»، غداة إدانة الكنيسة عمليات استهداف المسحيين شمالي سيناء، باعتبارها «إرهابية»، دون التطرق لتقارير النزوح من تلك المنطقة إلى محافظة الإسماعيلية (الواقعة على تخوم شبه جزيرة سيناء).

فيما توقع مسؤول كنسي يتابع ملف الأسر النازحة، استمرار عملية النزوح.

وقال «حليم» في بيان اليوم إن «مطرانية الاسماعيلية أصدرت تنويها بخصوص الأسر القبطية النازحة من شمال سيناء أشارت فيه إلى أنها استقبلت كل الأسر التي جاءت إليها وأنها تواصل جهدها في هذا السياق بالتنسيق مع أجهزة الدولة».

معلناً عن الشروع في فتح باب التبرعات لصالحهم عبر حساب بنكي رسمي، في إشارة لإمكانية استمرار الأزمة لأمد أطول.

وأشار إلى أن «كاهن مطرانية الإسماعيلية القمص يوسف شكري المكلف من قبل الأنبا سارافيم أسقف الإسماعيلية يبذل جهداً كبيراً منذ بداية عملية النزوح بالاشتراك مع فريق عمل من المطرانية لاستيعاب الأسر النازحة من شمال سيناء وتلبية احتياجاتها».

وحول احتمال نزوح مسيحي جدد من شمال سيناء، توقع المسؤول الكنسي أن «تكون هناك أعداد جديدة (لم يحددها) اليوم بحسب ما تنقله أسر عن وصول متوقع لأقارب لها»، مستدركاً بالقول إن «الأمور حتى الآن غير مؤكدة».

الحكومة تتحرك

وبينما تأخر الرد الرسمي المصري على تقارير نزوح المسيحيين من سيناء، حتى ظهر اليوم، قالت «غادة والي» وزيرة التضامن الاجتماعي، إن مجلس الوزراء شكل غرفة عمليات بالتنسيق مع الكنائس المصرية لحل أزمة المسيحيين المهجرين من العريش.

وأضافت الوزيرة، في تصريح لوكالة «أ ش أ»، خلال زيارتها لمقر إقامة الأسر المسيحية بالإسماعيلية، أن الأولوية الآن لتوفير إقامة للأسر النازحة، معربة عن اعتقادها بأنهم «سيعودون إلى العريش في أقرب وقت» (دون أن تحدد الكيفية أو توقيت زمني).

الأزهر والكنيسة

المؤسستان الدينيتان الكبرتان في مصر، أعربا عن إدانتهما لما يجري مع المسيحيين، فأدانت مشيخة الأزهر الشريف، العمليات الإرهابية التي يتعرض لها الأقباط في محافظة شمال سيناء.

وأكد «الأزهر»، في بيان، السبت، أن محاولات استهداف المصريين المسيحيين في شمال سيناء لن تنال من الوحدة الوطنية للمصريين.

كما أعربت الكنيسة المصرية، عن إدانتها لحوادث قتل مسيحيين بسيناء، واعتبرتها اعتداءات «إرهابية».

وأشارت الكنيسة إلى أن تلك «الحوادث (لم يشر إلى تفاصيلها أو أعدادها) تتعمد إلى ضرب وحدتنا الوطنية، وتحاول تمزيق اصطفافنا جبهة واحدة في مواجهة الإرهاب الغاشم».

وتابعت أنها «في تواصل مستمر مع المسؤولين حسب مواقعهم ومع الأنبا قزمان أسقف شمال سيناء، ومع المحليات (جهات حكومية) لتدارك الموقف والتخفيف من آثار هذه الاعتداءات»، دون تفاصيل.

مفارقة

على صعيد القيادة السياسية للبلاد، كان التصريحات «فضفاضة»، فنقلت صحيفة «المصري اليوم»، في عددها الصادر اليوم، مفارقة أثارت تندر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نقلت في صدر صفحتها الأولى تصريحا لـ«السيسي» قال فيه إنه «لن يستطيع أحد المساس بهيبة الدولة»، وذلك خلال زيارته لطلاب أكاديمية الشرطة.

ليأتي تحته مباشرة خبرا آخر رئيسيا بعنوان «الإرهاب يجبر أقباط العريش على النزوح»، ليعلق النشطاء أن «مصر باتت مسخرة العالم فيس ظل نشر خبرين متناقضين في صفحة واحدة».

وأضاف النشطاء، أن الخبرين متناقضين «فهيبة الدولة ونزوح الأقباط يكشفان ما وصلت إليه مصر»، بينما سخر آخرون بالقول: «سلملي على سوريا والعراق».

وتساءل النشطاء: «هل مقتل 7 أقباط في أقل من شهر يشير إلى عودة هيبة الدولة من جديد؟، وماذا فعلت الدولة لحماية الأقباط خاصة بعد علمها بحجم التهديدات الموجهة لهم من التنظيمات المسلحة بسيناء؟».

تصاعد الأزمة، أخرج رئيس الحكومة عن صمته، ليعلن في بيان لمجلس الوزراء مساء السبت، أن «الإرهاب لن ينال من عزيمة الشعب».

وقال «إسماعيل»، إن «الدولة عازمة علي مواصلة جهودها للقضاء علي قوى الشر والتطرف»، موجها بتشكيل غرفة عمليات في مجلس الوزراء، لمتابعة أزمة الأسر النازحة.

في المقابل، تقدّم عدد من أعضاء مجلس النواب المصري ببيانات عاجلة، السبت، إلى رئيس البرلمان «علي عبد العال»، لاستدعاء رئيس الوزراء، والرد على أسئلة النواب بشأن تقصير أجهزة الدولة، ومسؤوليتها عن عمليات التهجير القسري للمسيحيين من شمال سيناء إلى محافظات أخرى، بعد الاعتداءات الأخيرة التي وقعت بحقهم.

وقال مصدر برلماني، في تصريح لـ«العربي الجديد»، إن «عبد العال» تحجج خلال لقائه بعدد من النواب، بصعوبة تأمين زيارة الوفد البرلماني إلى شمال سيناء، وتعليق الزيارة لدواع أمنية، إلى حين هدوء الأوضاع المتوترة في المحافظة التي تشهد، منذ أعوام عدة، هجمات من حين إلى آخر، ينفذها مسلحون موالون لتنظيم «الدولة الإسلامية» على قوات الجيش والشرطة.

استنكار سياسي

«فشل الدولة»، كان العنوان الأبرز لتعليقات السياسيين على أزمة المسيحيين في سيناء، حتى أصدر عدد من القوى والأحزاب السياسية، بينانًا تضامنيًا مع أهالي مدينة العريش، واعتبروا أن «مشهد الهجرة القسرية الأخير، الذي يعيشه عشرات الأسر المصرية المسيحية من سكان شمال سيناء، يعكس الحالة التي يعيشها أهالي المنطقة منذ أن تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة بين التنظيمات الطائفية المسلحة وقوات الجيش والشرطة، وهي حرب لا يدفع ثمنها سوى أهالي سيناء بعد وقوعهم فريسة لانتهاكات الطرفين، والتي تشكل أيضًا مستوى جديد من الاستهداف الموجه للمسيحيين منذ سنوات، بدءًا من الهجوم على الكنائس عقب الفض الدموي لاعتصام رابعة العدوية، والهجوم على الكنيسة البطرسية، حتى وصلنا اليوم لهذا المشهد».

وقع على البيان كلاً من: مركز النديم، وحركة الاشتراكيين الثوريين، وحركة شباب 6 أبريل، و6 أبريل الجبهة اليدمقراطية، وحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)، والتيار الشعبي، وحزب مصر الحرية، وحزب مصر القوية.

في الوقت الذي قال المرشح الرئاسي السابق «خالد علي» عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «إذا كان عجز السلطة أو تقاعسها أو فشلها فى مواجهة هذا الفكر الإرهابي المجرم والمتخلف لتركيزها فقط على المواجهة الأمنية، فالأمل يبقى دوماً فى وعي وفطرة هذا الشعب، وتضامنه ومقاومته ورفضه لتلك الأفكار والجرائم الإرهابية، التي لا تزرع إلا الخراب والتطرف، وتهدد طمأنينة واستقرار كل أبناء الشعب المصري».

بينما علق الناشط السياسي «شادي الغزالي حرب»، على الأحداث قائلا في تغريدة له على «تويتر»: «استهداف الأقباط وتهجيرهم من سيناء هو أكبر مؤشر على فقدان الدولة السيادة عليها، مرة أخرى يثبت النظام عدم قدرته الحفاظ على الأرض، سيناء مصرية».

كما استنكر «حرب» الوضع المآساوي في سيناء، من قتل وتهجير وغلاء معيشة، وسوء خدمات صحية وتعليمية، في الوقت الذي ينشغل فيه رئيس الدولة بـ«ركوب العجل»، في إشارة إلى قيادة «السيسي» أمس دراجة خلال زيارته لطلاب أكاديمة الشرطة.

أما «ممدوح حمزة»، فكتب على صفحته على «تويتر» إن «الدولة غير قادرة على حماية مواطنيها»، مبديًا اعتراضه على حديث «السيسي»، بأن الدولة عادت قوية كما كانت مرة أخرى، بحسب ما نقلته «نون بوست».

وطالب المحامي والحقوقي «نجاد البرعي»، بضرورة إعادة النظر في الاستراتيجيات المتبعة في سيناء، حيث كتب على حسابه الشخصي على موقع «تويتر»: «على الدولة أن تراجع إستراتيجيتها لمكافحة داعش في سيناء بشكل عام، وفي العريش وما حولها بشكل خاص، يجب إعادة المسيحيين إلى منازلهم وحمايتهم».

إحراج الدولة

بينما اتفق الداعية «مظهر شاهين» والبرلمانيان «مصطفى بكري» و«محمد أبو حامد» حول مصطلح «إحراج الدولة»، حيث أكدوا أن ما يحدث للمسيحيين في العريش، بالتزامن مع اقتراب موعد زيارة «السيسي» لأمريكا (مقرر لها الشهر المقبل) وسفر وزير الخارجية «سامح شكري»، إلى هناك، لترتيب الزيارة، أمرًا ليس عشوائيًا بل مخططًا، ومرتبًا لإحراج «السيسي» وإفساد الزيارة، وحداث إرباك في العلاقات المصرية الأمريكية بعد بوادر تحسنها.

كما طالبوا بفرض إجراءات أمنية مشددة، لحماية بيوت الأقباط في هذه المنطقة.

ودعوا أيضا إلى مواجهة القتلة ودحرهم، وتجفيف منابعهم، واتخاذ كل الإجراءات الاستثنائية التي يتضمنها قانون الطوارىء المطبق في هذه المناطق، كما يستوجب حشد كل القوى الشعبية للمساعدة فى مواجهة هذه الأعمال الإرهابية الجبانة، بحسب قولهم.

تحريض

وفي مقال له تحت عنوان «أقباط العريش والإبادة العرقية» حذر الكاتب القبطي «ماجد عزت»، (إسرائيل)، من خطورة ما يتعرض له الأقباط في سيناء، مشيرًا أنه يدفعون ثمن دعمهم للنظام الحالي، وعرقلتهم لحكم الإخوان المسلمين، على حد وصفه.

الكاتب القبطي في مقاله تساءل: «السؤال الذي يطرح نفسه أين حكومة المهندس شريف إسماعيل أو حكومة الأموات في مشهد إبادة أقباط العريش؟، وأيضًا بعض المناطق الأخرى فى مصر؟».

وتابع: «لابد من تدخل الدولة بإصدار بيان رسمي من مؤسسة الرئاسة بشأن ما يتعرض له الأقباط من إبادة وقتل وتشرد في محافظة سيناء الشمالية، وأيضًا يأخذ على الكنيسة موقفها السلبى بعدم صدور بيان رسمي من الدار البطريركية».

واستطرد: «مجرد سؤال، هل دور الكنيسة الصلاة على الجثامين فقط؟ ولابد من قيام المحافظة بالتعاون مع الوحدات العسكرية القريبة من محافظته، مع جهاز الشرطة بذات المدينة، وبنشر التشكيلات الأمنية لحماية المواطنين جمعياً من شرور هذه الجماعات الإرهابية تعود الأمور إلى طبيعته».

أما «مجدي خليل» وهو مدير منتدى الشرق الأوسط للحريات، فحرض المسيحيين في مصر بالقول: «على كل أسرة قبطية تم قتل أحد أفرادها أو خطف أحدى بناتها أو سيداتها، وعلى كل أسرة قبطية تم تهجيرها من العريش أو من أي مكان في مصر أن تتجه وتسجل أسماءهم فورا في المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في القاهرة، وأن يكتبوا أنهم معرضون للقتل والذبح والحرق والتهديد العائلي، وأن الدولة المصرية لا تقدم لهم أي حماية، وأنهم محرمون من حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم، وأن الأستهداف يتم على الهوية الدينية لكونهم مسيحيين، وأن الكنيسة القبطية لا تقدم لهم الرعاية ولا تحتج لدى الدولة على ما يحدث لهم، وأن العدالة في مصر غائبة فيما يتعلق بالجرائم التي تقع على الأقباط».

وأضاف: «السيسي سوف يأتي إلى واشنطن قريبا في مارس المقبل، فهل ستخرجون تطبلون وتزمرون وترقصون له، أم ستحتجون على ما يحدث لشعبكم ولبناتكم ولأسركم؟، وهل ستظهرون للعالم أنكم أقلية مضطهدة وغير محمية أم ستقولون أننا نعيش في العصر الذهبي كما يكذب بعض رجال الدين لديكم؟، وهل ستشعرون بمعانأة أهلكم أم ستتبلد مشاعركم تجاه ما يحدث لشعبكم؟، وهل ستتحلون بالرجولة والشجاعة أم ستعيشون في استعذاب الإضطهاد؟، وهل ستكونون عند المسئولية أم ستصمون أذانكم عن سماع صرخات الشعب المتألم؟، وهل ستكونون شهودا للحق أم شهودا للزور والظلم؟».

الجيش يتراجع

تأتي كل هذه التطورات، رغم إعلان عسكري رسمي على لسان مصدر بالجيش المصري، في سبتمبر/ أيلول 2013، قال إن القوات المسلحة بصدد إعلان أراضى شمال سيناء، خالية من أوكار الإرهاب والعنف والجماعات المسلحة خلال الاحتفال بالعيد الأربعين لذكرى انتصارات حرب أكتوبر/ تشرين الأول، لتعلن القيادة العامة للجيش خلالها، «تحرير سيناء للمرة الثانية من قبضة العناصر الإرهابية وبؤر الإجرام»، وهو الأمر الذي لم يتم حتى الآن، رغم تكرار الحديث عن هذا الأمر في أكثر من مناسبة طوال السنوات الثلاثة الماضية.

ولا تزال ازمة الطيران فوق سيناء مستمرا، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، عندما علقت موسكو ودول أخرى رحلات الطيران إلى مصر، بعد شهر من تحطم طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء، بعيد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، نتيجة عمل إرهابي، ما أدى إلى مقتل جميع ركابها الـ217، وأفراد طاقمها الـ7.

وهي الحادثة التي أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» مسؤوليته عنها، مشيرا إلى أنه فجر الطائرة بعبوة ناسفة وضعها داخلها.

وقبل أيام، قال نائب وزير الخارجية الروسي «أوليغ سيرومولوتوف»، إن الحوادث على غرار عمليات إطلاق الصواريخ الأخيرة من سيناء على (إيلات) الإسرائيلية قد تعقد مسألة اتخاذ قرار حول عودة السياح الروس إلى مصر.

يشار إلى أن القرار الروسي بمنع سياحها، تسبب في صدمة كبيرة للعاملين بالقطاع السياحي في مصر.

أما ألمانيا، فرفعت الشهر الماضي، حظر طيرانها عن مناطق بجنوب سيناء، دون شمالها، حيث أصدرت وزارة النقل الفيدرالية الألمانية إعلانا تعفي فيه شركات الطيران الألماني من الالتزام بالطيران على ارتفاع 26 ألف قدم فوق جنوب سيناء، خاصة أن تقديرات الاستخبارات الألمانية تشير إلى مخاطر على الطيران المدني فوق شمال سيناء، ومن ثم تم التفاهم على رفعه عن الجنوب وتعديل مسار الرحلات المتجهة إلى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء.

وتنشط في شبه جزيرة سيناء عدة تنظيمات مسلحة، أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغير اسمه لاحقا إلى «ولاية سيناء».

وتتعرض مواقع عسكرية وشرطية وأفراد أمن، لهجمات مكثفة خلال الأشهر الأخيرة في شبه جزيرة سيناء؛ ما أسفر عن مقتل العشرات من أفراد الجيش والشرطة، فيما تعلن الجماعات المتشددة المسؤولية عن كثير من هذه الهجمات.

وتشهد سيناء إعلانا لحالة الطوارئ منذ أكتوبر/ تشرين أول 2014، عقب هجوم على نقطة تفتيش «كرم القواديس»، خلّف مقتل نحو 30 جندياً، وتم مدّها 10 مرات خلال ما يزيد عامين حتى الآن.

ومنذ سبتمبر/أيلول 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية حملة عسكرية موسعة؛ لتعقب ما تصفها بالعناصر «الإرهابية» و«التكفيرية»، في عدد من المحافظات، خاصة سيناء.

ويتكبد الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، خسائر فادحة، في هجمات دموية متكررة يشنها تنظيم «ولاية سيناء»، الذي أعلن ولاءه لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وكان يطلق على نفسه سابقا «أنصار بيت المقدس».

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سيناء تهجير مسيحيين مصر ولاية سيناء الدولة الإسلامية الجيش المصري