استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

سياساتنا وسياساتهم

الثلاثاء 7 مارس 2017 02:03 ص

من تابع الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتصريحات التي وقفت ضده من كبار رجال الولايات المتحدة، ومن تابع جلسات منح الثقة لوزرائه من قبل الكونغرس، والقسوة والجدية والشفافية التي مارسوها حيال المرشحين، ويقارن كل ذلك بما تلا من مواقف وتصريحات، فإنه سيدرك لا محالة اللعبة الديمقراطية بوجهها الماكر، والتي جعلت من الحملة الانتخابية مهرجاناً دعائياً وتجارياً، قادت العالم ليعيش حالة من التشويش، والمحللين إلى حالة من عدم اليقين والتشكيك. 

كل ذلك انقلب إلى ضده حين يتعلق الأمر بالخضوع إلى الأمر الواقع وحكم المؤسسات، والأخيرة لم ينج منها الرئيس المنتخب نفسه، فكان أن بدأ يغير مواقفه تدريجياً، حتى وصل إلى مرحلة القبول بالسياسات العامة التي انتهجها أسلافه من الرؤساء الأمريكيين، ففي الوقت الذي كان قد أعلن شعاره (أمريكا أولاً)، وأنه سيهتم كثيراً بالشأن الداخلي، ها هو يعلن عن ميزانية هائلة للجيش الأمريكي ليحافظ على كونه أقوى جيش في العالم.

الإعلام الأمريكي، اتهمه كثيرون بلعب دور مضلل في الحملة الانتخابية لتأجيج الصراع، كما يحدث في الدراما، إذ كانت كل التوقعات تقف إلى جانب هيلاري كلينتون، وتصفها بالحكمة والخبرة، لكن وسائل الإعلام إياها، صفقت فيما بعد للمرشح الفائز، بل ووصفه السيناتور غراهام ليندسلي بأنه رجل التغيير، ووصف كلينتون بالمرشحة الرديئة، بينما كان موقفه عكس ذلك، تمويهاً من المؤسسة الديمقراطية لجعل الانتخابات حدثاً عالمياً بامتياز. 

ومقارنة بالانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تجري بهدوء، باستثناء ما تبثه قناة «فرانس 24» العربية والفرنسية، فإن الإعلام في العالم يبدو متجاهلاً، بما فيه الإعلام العربي، ربما لضآلة حجم الدور الفرنسي في سياسات المنطقة والعالم، أو ربما لأن فرنسا لا تتدخل بالشكل (الوقح) بسياسات الآخرين، حين يتعلق الأمر بتنصيب رئيس أو مسؤول كبير.

كل ما يشغل بال الكونغرس الأمريكي حالياً، ويناقشه بشكل يدعو للضحك، إمعاناً في إيهام الآخرين باللعبة الديمقراطية، هو محاولات التدخل الروسي في الانتخابات لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، وتستمر اللعبة بين مشكك ومؤكد ورافض، والبعض يطالب بفرض عقوبات على روسيا لتأديبها، لأن السكوت على مثل هذا الأمر كما يقول السيناتور غراهام، سيفتح المجال أمام الصين وإيران لتقوما بنفس الدور، أي التدخل في السياسات الأمريكية الداخلية، وهو أمر مضحك وصفه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف قائلاً «إن الحديث عن فضيحة حول اتصال السفير الروسي بمقربين من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشبه إلى حد كبير «مطاردة الساحرات».

كما يشغل بال الكونغرس الاتفاق النووي الإيراني، وإثارة موضوع التجارب على الصواريخ الباليستية، والمطالبة بفرض عقوبات أخرى تخص موضوع الصواريخ بمعزل عن الاتفاقية النووية، بينما قضايا مثل انتهاكات «إسرائيل» لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وضربها بعرض الحائط الاتفاقيات التي وقعتها مع الفلسطينيين والعرب، وقيامها بسرقة الأراضي الفلسطينية التي تقع في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي اعترفت بها «إسرائيل» في اتفاقيات أوسلو، وتخطيطها لضم الضفة الغربية من جديد.

كل ذلك لا يعني رجال الكونغرس، ولا الرئيس ترامب نفسه، لأنه كما يبدو، لم يعد يعني شريحة كبيرة من السياسيين العرب، الذين يدعون أنهم أوقفوا قرار دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بينما في الواقع، إن عدم نقل السفارة قرار أمريكي سابق لدونالد ترامب، ولا أثر للعرب في إلغائه أو تأجيله، لأن الولايات المتحدة نفسها تعلم أن مثل ذاك القرار مخالف للقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن.

ما نود قوله هنا بعد انتهاء المهرجان الانتخابي الأمريكي، الذي عقد العرب على مخرجاته سياسات كثيرة، وربما آمالاً كثيرة، هو أن السياسة العربية، ورغم كل الدمار الذي أحدثته سياسات (الصديقة) أمريكا، وخذلانها للشعوب التي حلمت بالديمقراطية والحرية وتحسين فرص العيش، لا تزال تلك السياسة العربية، تراهن على من سيحكم البيت الأبيض، ومن سيفوز في رئاسة وزراء بريطانيا، بل ومن سيكون رئيس الوزراء الذي سيخلف بنيامين نتنياهو، وكأن سياسات الثعالب تتغير بمجرد استبدال ثعلب بآخر.

لن يقوم رئيس أمريكي بتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، أو يقف إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني، ولنا درس في سياسات أوباما المماطلة على مدى ثماني سنوات، ولن يأتي رئيس وزراء «إسرائيلي» يقر بحقوق الشعب الفلسطيني، لأن السياسات العامة لكلتا الدولتين تقوم على إقامة نزاعات مستمرة ودائمة في الشرق الأوسط، وتبقيه سوقاً لأسلحتها وبضائعها ومنتجاتها وتجارتها، وستعمل الدولتان على تقويض أي مساعٍ جادة تحقق الاستقرار في المنطقة.

ولهذا، فإنها تعمل على توسيع رقعة الأعداء، وقد نجحت، حتى وصلت إلى حالة جعلت العرب يتقاتلون ويسفكون دماء بعضهم البعض، وجعلت المسلمين يتناحرون طائفياً ومذهبياً، وهو الصراع الذي لن يهدأ بسهولة، لأنه يتطلب وعياً وثقافة وتسامحاً، لم تتوفر هذه القيم بعد في المجتمعات العربية، التي تعاني من الأمية والجهل والفقر، وها هي الآن تعاني من التشريد والهجرة، وبعض الدول تم تصنيفها على أنها دول فاشلة.

ألم يحن الوقت ليشكل العرب سياساتهم بمعزل عن تأثير الآخر، تكون مبنية على المصلحة العليا والمصير المشترك؟ سؤال يتكرر كثيراً، ورغم ذلك، لا يزال يبحث عن إجابة.

* د. عبد الله السـويجي كاتب من الإمارات. 

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إدارة ترامب نتنياهو الاستيطان الصهيوني السياسات العربية المصلحة العربية العليا المصير المشترك