خمسة أمور تجنب «ترامب» أزمة مالية جديدة

الثلاثاء 7 مارس 2017 05:03 ص

استعرض الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» خلال حملته الانتخابية شؤون النظام المالي الأمريكي بصورة عامة.

وأشار في هذا السياق إلى رغبته في إعادة إقرار قانون (جلاس - ستيجال) الخاص بالبنوك الكبيرة وإلغاء قاعدة فولكر، والتخلي عن قاعدة الواجب الائتماني الخاصة بوزارة العمل.

إلا أنه منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، خفف «ترامب» من حدة مواقفه في قضايا أمثال الهجرة وقانون الرعاية الصحية لمحدودي الدخل.

لكن اهتمامه سوف يتركز بالتأكيد على الأنظمة المالية للأسواق خلال الأسابيع والشهور المقبلة، ونحن نود تشجيعه على التمسك بالاعتدال في ذلك السياق.

هناك بالتأكيد مجال واسع لتحسين إصلاحات «دود – فرانك» لبورصة وول ستريت وقانون حماية المستهلكين.

ومما لا شك فيه أن تلك القوانين التي تم تشريعها وتصديقها في أعقاب أكبر أزمة مالية عالمية خلال أكثر من 70 عاماً، كانت ضرورية للمساعدة في وقف خسائر البنوك.

ونظراً لضيق الوقت والرغبة القوية في إعادة الثقة للأسواق، كان لا مفر من أن تفضي تلك القوانين إلى نتائج غير مرغوب بها.

إضافة إلى ذلك، تمت مناقشة تلك القوانين وصياغتها قبل ستة أشهر من التقييم الذي طال انتظاره للخلل الذي حدث وكيفية تفادي تكرار حدوثه.

ونستطيع التأكيد بالتالي أنه يجب تعديل إصلاحات «دود – فرانك» من دون أن نرمي بها بالكامل في القمامة، لأن ذلك لن يخدم مصالح النظام المالي أو انطلاق البرنامج الاقتصادي لإدارة ترامب من الصفر، ولن يفلح في إصلاح أجزاء مهمة من تلك الإصلاحات بحيث تتمكن من تخفيف حدة أزمة مالية جديدة.

وينطبق نفس الشيء على قانون حماية المستهلكين وغيره من الإصلاحات التي تم تشريعها لمواجهة الأزمة المالية العالمية.

وبصفته حامل راية معايير قطاع إدارة الأصول في مجالي الالتزام بالمهنية والقواعد الأخلاقية، يحث معهد المحللين الماليين المعتمدين إدارة «ترامب» على التمسك بهذه الإصلاحات التنظيمية الخمسة لتفادي أزمة مالية جديدة.

1 - الواجبات الائتمانية لمشورات الاستثمار الشخصية: أصدرت وزارة العمل الأمريكية قاعدة الواجب الائتماني التي زادت الالتزامات الائتمانية المترتبة على مستشاري الاستثمار ولكنها زادت أيضاً من مخاوف الوسطاء الذين يقدمون الاستشارات لصغار المستثمرين. ونتيجة لذلك، لا يمكننا اعتبار تلك القاعدة مثالية.

ويدعم معهد المحللين الماليين المعتمدين وزارة العمل الأمريكية من حيث المبدأ، ولكننا نعتقد أن الطريق الأبسط لتطبيق الواجب الائتماني يتمثل في فرض مصطلحات، وسوف نواصل تبني مثل هذا المعيار الموحد.

وتوفر قاعدة وزارة العمل الأمريكية درجة أكبر من أي وقت مضى من الحماية للمدخرين من المتقاعدين. وأياً كانت الصيغة النهائية التي سوف يتم التوصل إليها، فنحن نشجع تطبيق قاعدة ائتمانية واحدة على جميع المشورات الاستثمارية الشخصية.

2 - ضرورة زيادة رؤوس أموال البنوك: كانت رؤوس أموال العديد من المؤسسات المالية والبنوك الاستثمارية قبيل حدوث الأزمة المالية العالمية، تشكل كارثة على وشك الوقوع. وكانت البنوك تكافح لتفادي الإفلاس نظراً لبدء تكشف فصول أزمة الرهونات العقارية السكنية حيث تمت دعوة دافعي الضرائب لإنقاذها.

وتعتبر إصلاحات «دود – فرانك» التي دعت إلى زيادة رؤوس أموال البنوك الكبرى أحد العناصر الحيوية للمحافظة على الانضباط وعلى ثقة المستثمرين واستعادة الثقة العامة بالأسواق.

3 - شفافية المشتقات المالية: احتاجت صياغة قواعد التعامل باستثمارات المشتقات المالية في السوق الموازية إلى سنوات طويلة من المفاوضات، إلا أن هناك اليوم مجموعة من القواعد المنضبطة التي تسهم في جعل الأسواق المالية العالمية أكثر شفافية وأقل خطورة من أي وقت مضى.

وفي نفس السياق، تعتبر القواعد الجديدة التي طرحتها مفوضية بورصة الأسهم الأمريكية في أعقاب الأزمة المالية العالمية للإفصاح والتسجيل، خطوات مهمة لإعادة بناء أسواق الأوراق المالية الخاصة بالأصول والأوراق المالية المدعومة بضمانات ملموسة والتزامات المديونيات المدعومة برهونات عقارية.

4 - حظر اتجار مؤسسات قبول الودائع بالأصول الممتلكة: تحظر هذه القاعدة المعروفة باسم قاعدة فولكر قيام البنوك الكبرى بالاتجار المضارَبي بتلك الأصول، ما يخفف من احتمالات حدوث انهيارات مفاجئة تهدد المؤسسات المؤمن عليها.

إذ إنه حين تقبل البنوك ودائع محمية بأموال دافعي الضرائب بغية التحول إلى بنوك عملاقة تتاجر بصناديق التحوُّط ضد مخاطر المشتقات المالية، تزداد احتمالات حدوث كوارث مشابهة لتلك التي شهدناها عامي 2008 و2009 بشكل هائل.

وتخفف إصلاحات «دود – فرانك» من تلك المخاطر عبر اعتماد أسلوب الاتجار بـ«الأصول الممتلكة».

5 - مساءلة التصنيفات الائتمانية: تزامنت مشاكل التعامل بالمشتقات المالية في الأسواق الموازية مع فشل وكالات التصنيف الائتماني في توفير تصنيفات ائتمانية دقيقة للمشتقات المالية.

ونتيجة لذلك وبشكل غير مسؤول، اعتمدت شركات الاستثمار على تلك التصنيفات بدلاً من الاعتماد على بحوثها الخاصة وحكمتها.

وكانت إصلاحات «دود – فرانك» قد غيَّرت معايير أفضل ممارسات وكالات التصنيف الائتماني بما يضمن تحميلها مسؤولية البيانات غير الصحيحة أو تلك التي تستهدف الغش.

وكان «ترامب» قد قال: «سوف يكون المزيد من الاعتدال المحدود أمراً جيداً، وبالطبع، لم تكن حياتي حياة معتدلة إذا صح القول».

إلا أن المزيد من الاعتدال هو بالضبط ما نأمله من الرئيس خلال نظره في إصلاح الأنظمة المالية.

وفي هذه المجالات التنظيمية الخمسة، حققت إصلاحات «دود – فرانك» والقائمون على تسيير الأسواق المالية تقدماً كبيراً إلى درجة أن أي عكس للاتجاه سوف يضر أكثر مما يفيد في المحصلة النهائية.

ورغم أن إصلاحات «دود – فرانك»، أثارت بعض المشاكل التنظيمية الخارجة عن نطاق السيطرة إلا أننا نعتقد أنها متوازنة في المجالات الخمسة التي سبق ذكرها.

إضافة إلى ذلك، نحن نعتقد أن إعادة عقارب الساعة إلى عام 2008 سوف يخون في النهاية مصالح المستثمرين والأسواق ودافعي الضرائب.

* بول سميث الرئيس التنفيذي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين

  كلمات مفتاحية

إدارة ترامب مخاطر أزمة مالية جديدة الاقتصاد الأميركي زيادة رؤوس أموال البنوك شفافية المشتقات المالية الاتجار بالأصول المملوكة التصنيفات الائتمانية