«خامنئي» يحذر المسؤولين من كشف ضعف البلاد بإبراز المشكلات الاقتصادية

الثلاثاء 7 مارس 2017 08:03 ص

طالب المرشد الإيراني «علي خامنئي» كبار المسؤولين في بلاده بإظهار القوة لا الضعف لتجنب الهجوم على بلاده، معتبراً الإحساس بالضعف على الصعيد الاقتصادي «خاطىء» وذلك في وقت تواجه فيه الحكومة انتقادات حادة بشأن الوضع الاقتصادي، وتقترب فيه البلاد تدريجيا من موعد معركة الانتخابات الرئاسية.

 وحملت تصريحات «خامنئي» انتقادات ضمنية لقطبي السلطة في إيران (المحافظين والمعتدلين) بسبب تبادل الاتهامات حول الضعف الاقتصادي وضعف الخزانة الإيرانية وذلك في تحذير ضمني من اتساع رقعة الاتهامات المتبادلة، نظرًا لرهان الأطراف السياسية على ورقة الاقتصاد في الانتخابات، بحسب «الشرق الأوسط».

 وقال «خامنئي»: إن «سبب بداية الحرب (1980) هو احساس النظام العراقي (الأسبق) بوجود ضعف لدينا، ولو لم يكونوا على ثقة من دخول طهران في غضون أيام لما بدأت الحرب»، محذرًا من أن «الإحساس بالضعف يشجع الأعداء على الهجوم».

وفي السياق ذاته أضاف المرشد الإيراني: «إذا أردتم أن يغض الأعداء الطرف عن الهجوم يجب علينا تجنب ذكر الضعف وإظهار نقاط القوة الكثيرة التي نملك».

وحمل «خامنئي مسؤولية مشكلات الاقتصادية الحالية لـ«الاستيراد الواسع وبلا حدود مقابل تراجع الإنتاج الداخلي»، حسب ما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.

واستغل «خامنئي» كلامه لتوجيه الانتقادات لما وصفه باستيراد المنتجات الثقافية في إطار ما قال إنه «مشروع الأعداء لتغيير جيل الشباب من الجيل الثوري إلى عناصر تابعة للثقافة الغربية».

وقال «خامنئي»، في إشارة ضمنية إلى أطراف داخلية من دون التطرق إلى اسمها، إن «الخطأ الذي ارتكبه البعض في التحدي الاقتصادي الكبير الذي يواجه البلد هو إعلان الضعف في المجال الاقتصادي»، مشيرًا إلى أن مَنْ وصفهم بالأعداء «استغلوا ذلك لممارسة الضغط المضاعف».

وكان «خامنئي» يتحدث أمس وسط حشد من قيادات القوات المسلحة من ضمنهم قائد فيلق «القدس قاسم سليماني»، حول أهمية الرحلات السنوية التي يرعاها الحرس الثوري الإيراني والمنظمات التابعة له إلى مناطق شهدت الحرب الإيرانية العراقية في الحدود الغربية وتشمل خمس محافظات هي الأحواز وكردستان وكرمانشاه وإيلام وأذربيجان، تطلق إيران عليها «راهيان نور».

وشدد «خامنئي» على ضرورة الاحتفاء بتراث الحرب في الثمانينيات التي دارت رحاها بين إيران والعراق في مناطق واسعة من غرب البلاد معتبرًا الرحلات «مبادرة كبيرة وتقنية عصرية للاستفادة من الثروة ومعدن الذهب (ذكرى الحرب).

وتشمل الرحلات برامج تستهدف الطلاب وفئة الشباب لتخليد الحرب وآثارها بما فيها إيديولوجيا الحرس الثوري الإيراني. وتطلق إيران لقب «الدفاع المقدس» على سنوات حرب الخليج الأولى.

وفي هذا الصدد قال «خامنئي»، أمس «يجب ألا ننسى الدفاع المقدس ودروسه أبدًا».

كما حذر «خامنئي» من منتجات ثقافية على مستوى الأفلام السينمائية ونشر الكتب اعتبرها خطرًا على ذكرى الحرب قائلا: «يجب على المسؤولين الحذر في هذا الخصوص؛ يجب عليهم ألا يسمحوا بإنتاج أفلام أو كتب وقضايا أخرى تستهدف مبادئ الحرب». وتعتبر مؤسسة حفظ تراث الحرب من المؤسسات التابعة لـ«خامنئي» ولا تدفع المؤسسة ضرائب للحكومة الإيرانية كما أن مواردها المادية تعد من جملة الموارد المادية التي تدخل حسابات المرشد الإيراني.

وبالتزامن مع الانتخابات الرئاسية تجري إيران في 19 مايو/أيار المُقبل انتخابات مجلس شورى البلدية في عموم إيران وذلك كأحد الإجراءات التي اتخذتها السلطة الإيرانية لضمان مشاركة الإيرانيين في الانتخابات.

 وجاءت تصريحات الرجل الأول في النظام الإيراني في وقت دخلت فيه البلاد ذروة التلاسن الكلامي بين «حسن روحاني» ومنتقدي سياسة حكومته وذلك قبل أقل من ثلاثة أشهر على الانتخابات الرئاسية؛ ويُركز خصوم «روحاني» في الوقت الحالي على ما يعتبرونه فشل سياسة «روحاني» في تحقيق أبرز وعوده في المجال الاقتصادي.

وسجلت تحذيرات «خامنئي» أمس حول التطرق إلى الضعف الاقتصادي تراجعًا ملحوظًا عما قاله في خطاب سابق له في 15 من فبراير/شباط؛ إذ انتقد «خامنئي الضعف الاقتصادي في البلد، وقال: «إن الشعب الإيراني منزعج من التمييز والعجز في تجاهل مشكلاته، مُطالبًا المسؤولين بالحديث بصراحة مع فئات الشعب حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على صعيد «الاقتصاد المقاوم» محذرا من خيبة الشعب بسبب تفاقم الضغوط الاقتصادية».

 واتهم الرئيس الإيراني السابق «محمود أحمدي نجاد» في بيان له، الأحد الماضي، الرئيس الحالي «حسن روحاني» لنشره معلومات وإحصائيات مضللة عن الوضع الاقتصادي الإيراني خاصة الأرقام التي تتعلق بالخزانة الإيرانية، مُضيفًا أنه لم يسلم خزانة فارغة إلى «روحاني».

وانتقد «أحمدي نجاد» توجيه اتهامات «واهية» ضد حكومته من كبار المسؤولين في الحكومة وذكر «نجاد» أن الاتهامات «حجة لتبرير القرارات المغلوطة والتغطية على مواطن الضعف وعجز الحكومة في الإدارة». ولفت إلى أن حكومة «روحاني» تسلمت «صندوق التنمية الوطني برأسمال يبلغ 55 مليار دولار والبنك المركزي 108 مليارات دولار ودائع مالية و22 مليار دولار من نفقات بيع النفط».

وكان «روحاني» قد وجه أصابع الاتهام إلى الحكومة السابقة بشأن المشكلات الاقتصادية والبطالة. وقال: «إن إيران في زمن أحمدي نجاد تراجعت مائة عام إلى الوراء زمن (النظام القاجاري)، الذي حكم إيران في القرن التاسع عشر.

وفي تصريحاته الأسبوع الماضي على هامش الاجتماع السنوي للبنك المركزي الإيراني طالب «روحاني» بتعديل قوانين تساعد البنوك الإيرانية في إقامة علاقات مع المنظومة الدولية المالية. كما جدد «روحاني» مواقفه السابقة من دخول المستثمرين الأجانب لتعزيز الذخائر المالية الإيرانية.

 وتواصل الصحف المُقربة من الحرس الثوري والتيار المحافظ هجومها على «روحاني» وسياسة حكومته على الصعيد الاقتصادي وذلك رغم إعلان الحكومة تحسين التضخم والسيطرة على الركود وارتفاع صادرات النفط نحو مليون برميل.

ويتهم سكان المدن التي لحقت بها خسائر كبيرة جراء الحرب الإيرانية العراقية السلطات الإيرانية بتجاهل إعادة الإعمار إلى مدنهم، وتعاني مدينة المحمرة شرق شط العرب من آثار الحرب رغم مرور ما يقارب ثلاثة عقود على وقف إطلاق النار بين العراق وإيران بموجب القرار الصادر من الأمم المتحدة 598.

وتقيم إيران في المناطق العربية والكردية مخيمات سنوية تابعة للحرس الثوري فضلاً عن تخصيصها المدارس ومراكز التعليمية لاستقرار أكثر من مليوني وافد من المناطق الإيرانية، وتحولت الرحلات إلى مناسبة تقليدية يرعاها الحرس الثوري بهدف ترويج خطابه «الثوري» بين الطلاب وفئات الشباب الذين تستهدفهم الرحلات.

في غضون ذلك، قدم قائد أركان القوات المسلحة الإيرانية «محمد باقري» تقريرًا إلى «خامنئي» حول رحلات «راهيان نور» مُعلنًا جاهزية 10 قواعد عسكرية تابعة للحرس الثوري وأكثر من 150 من منتسبي الحرس الثوري والباسيج لاستضافة أكثر من ستة ملايين هذا العام في موسم رحلات الحرس الثوري إلى مناطق الحرب والتي تتزامن مع عطلة رأس السنة في إيران بمناسبة عيد النيروز.

 وقبل يومين قال القيادي في الحرس الثوري الإيراني «علي فضلي» إن «رحلات الحرس الثوري هذا العام ستضم 6 آلاف من مواطني 54 دولة أجنبية».

المصدر | الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

خامنئي تحذير مواطنون تراجع اقتصادي ضعف