«جيوبوليتيكال فيوتشرز»: ما الذي يعنيه إرسال قوات خاصة روسية إلى الحدود مع ليبيا؟

الجمعة 17 مارس 2017 11:03 ص

ذكرت وكالة رويترز في 14 مارس/آذار أنّ القوّات الخاصة الروسية قد نشرت في قاعدة جوّية غرب مصر على بعد 60 ميلًا من الحدود الليبية. وبينما لم تتمكّن رويترز من الحصول على تأكيد من مصدر مستقل حول تواجد القوّات الخاصّة الروسية، أخبرت مصادر أمنية مصرية ومسؤولون أمريكيون لم يكشفوا عن هوياتهم الوكالة الإخبارية أنّ وحدة من 22 عضوًا من القوّات الخاصة قد انتشرت، لكن لم تؤكّد مهمّتها.

وأثارت تلك الأخبار التساؤلات حول ما إذا كانت روسيا ستصعّد من مشاركتها في ليبيا وما إذا كانت ستزيد من دعمها للواء «خليفة حفتر»، الذي فقد مؤخّرًا العديد من حقول النفط لصالح سرايا الدفاع عن بنغازي، وهي جماعة إسلامية مسلّحة تأسّست في يونيو/حزيران عام 2016 لمعارضة «حفتر» والجيش الليبي الوطني.

ومع ذلك، فقد طالب المسؤولون المصريون والروس بالدقّة حول هذا التقرير، بما في ذلك وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف». وسواءً كان التقرير حقيقيًا أو لا، فهو يرسم صورة مضلّلة عن الوضع في ليبيا. وبالتّالي، تستحق مشاركة روسيا في البلاد بعض التدقيق.

ليس لدى روسيا مصالح في النتائج النهائية للحرب الأهلية في ليبيا، ولا يخدم التدخّل الروسي إلّا روسيا نفسها لكي تظهر كلاعب رئيسي في جيوسياسية الشرق الأوسط، قادر على ممارسة القوّة في شمال أفريقيا والبحر المتوسّط.

ومنذ مقتل الديكتاتور «معمّر القذّافي» عام 2011، دخلت ليبيا في حالة خطيرة من عدم الاستقرار وفشلت في تكوين حكومة موحّدة مقبولة من جزء كبير من الشعب. وتشعر الدول الأوروبية، وخاصةً إيطاليا، بالقلق إزاء تقسيم ليبيا، نظرًا لأنّها واجهة رئيسية للاجئين القادمين من ليبيا. لكن بعيدًا عن كونها مصدرًا للاجئين إلى أوروبا، ليس لليبيا الكثير من الأهمية الجيوسياسية. ولدى دول، مثل روسيا، القليل لتربحه والكثير لتخسره، بالوقوع في شرك الأزمة الليبية.

وبالنّظر إلى أنّ احتياطيات النفط في ليبيا هي الأكبر في أفريقيا، قد يزعم شخصٌ ما أنّ التدخّل الخارجي في الصراع بدافع النّفط. مع ذلك، لا تحتاج روسيا للمزيد من النفط. فلديها احتياطيات هائلة، ويعاني مصدّرو النفط حاليًا من انخفاض أسعار النفط وتضخّم المخزون. وقد وقّعت شركة النّفط الروسية روسنفت والشركة الوطنية الليبية للنفط مذكّرة تفاهم الشهر الماضي. وفي حين يؤكّد ذلك على جاذبية صفقات النّفط، فمن غير المرجّح أن تسير عمليات استكشاف النفط بنجاح في ظلّ عدم الاستقرار في ليبيا.

وتتمتّع ليبيا أيضًا بساحل على البحر المتوسّط يصل إلى 1100 ميل، وقد ينظر إلى المدن الساحلية مثل بنغازي وطبرق كمدن مهمّة استراتيجيًا. مع ذلك، لكي تستخدم موانئ البحر المتوسّط، سيكون على روسيا إثبات نفسها كقوّة بحرية لا يستهان بها في البحر المتوسّط. ونظريًا، يمكن لروسيا الوصول للموانئ في المنطقة عبر البحر الأسود، لكن لتركيا العديد من الأسباب لعدم إتاحة الفرصة لروسيا لمزيد من الوصول إلى البحر المتوسّط عبر مضيق البوسفور. كما أنّ روسيا ليست في موضعٍ يسمح لها بتحدّي القوّة البحرية الأمريكية، لكنّ التواجد في مناطق مثل سوريا وليبيا يعطيها مظهرًا أقوى.

ولا يعطي النشر المزعوم لوحدة من 22 عضوًا إشارة حول زيادة المشاركة الروسية. وإذا كان لذلك شئٌ يثبته، فهو يقدّم دليلًا على عدم استعداد روسيا لتقديم التزامات كبيرة، سواء في سوريا أو ليبيا. وفي الواقع تشبه المشاركة الروسية في ليبيا مشاركتها في سوريا. لا تهتم روسيا كثيرًا بالبلدين من الناحية الاستراتيجية، لكنّ تدخّلها يعطي صورة عنها كدولة قوية على السّاحة العالمية. ولدى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» اهتمام بتوجيه الانتباه بعيدًا عن السّاحة الداخلية التي يواجه فيها اقتصادًا متخبّطا. إنّه يريد إقناع الروس أنّ روسيا لم تفقد قوّتها، وقد وجد الفرصة في سوريا وليبيا ليظهر أقوى ممّا هو عليه.

لكنّ ذلك وهم، وفقط من يفهم مصالح روسيا والقيود المفروضة عليها يمكنه كشف حقيقة ادّعاء نشر روسيا لقوّات بمصر لتعزيز نفوذها في ليبيا. وبعيدًا عن قدرتها الحقيقية في ممارسة القوّة بعيدًا عن حدودها، فموسكو سعيدة من وسائل الإعلام التي تساعدها في نشر الانطباع بقدرتها على توسيع وجودها في الشرق الأوسط الكبير.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

بوتين روسيا حفتر ليبيا