«الخليج الجديد» ينشر تقييمات «المكتب العام لإخوان مصر» لمرحلة ما بعد الثورة

الثلاثاء 21 مارس 2017 08:03 ص

«عدم وجود رؤية وطموح سياسي.. ضعف التفاعل الثوري.. سيطرة التنظيم على العمل الحركي.. الانصياع للدور الذي تحدده الدولة.. وتزواوج الحزب والجماعة والدولة».. بهذه النقاط، خرجت «تقييمات أداء الإخوان المسلمين» خلال السنوات الست التي تلت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والصادرة عن المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر، الممثل للقيادة الشبابية.

ملف التقييمات التي حصل «الخليج الجديد»، على نسخة منه، لم يشر إلى قرار الجماعة بالترشح للرئاسة، أو فترة ما بعد تولى الرئيس الأسبق «محمد مرسي» مسؤولية الحكم كأول رئيس مدني منتخب، ولا فترة ما بعد انقلاب الجيش على «مرسي»، في يوليو تموز 2013.

تأتي هذه التقييمات، رغم إعلان القيادة التاريخية للجماعة، على لسان متحدثها الرسمي، أنه «لم يصدر عن أي من مؤسساتها أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييم لأحداث»، مؤكدة عدم صلتها بالبيان الصادر الأحد عن البعض والذي تناولته بعض وسائل الإعلام بهذا الخصوص.

وكان المكتب العام، الممثل للقيادة الشبابية للجماعة، قال في بيان له أمس الأول، إن «جهود التقييم والمراجعة أنجزت منتجاً أولياً تحت عنوان (تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة علي الماضي)»، يتضمن «خلاصات لدراسات وأبحاث وورش عمل قام بها عدد من المتخصصين في علوم الاجتماع والسياسة والقانون والشريعة، كما شارك فيه بعض قيادات وكوادر الإخوان بالداخل والخارج».

وأوضح البيان أن اللجنة التي أشرفت على التقييمات «اعتمدت منهجية علمية سارت عليها تنطلق من السياق والتناول المبدئي الموضوعي وليس الموقفي الشخصي»، مشددا على أن المنتج الذي سيصدره لا يجب أن يُنظر إليه على أنه «تصفية حسابات ولا نقدا شخصيا لأحد أيًا من كان».

وفي هذا التقرير، نرصد ملخصا لهذه التقييمات والمراجعات:

أولويات

الورقة التي طرحها المكتب العام، في إطلالاته على الماضي ومراجعات السنوات الستة التي تلت الثورة بدأت بالحديث عن «غياب ترتيب الأولويات في العمل العام وأثر ذلك على الثورة»، مشيرة إلى خلال العقود الثلاثة التي سبقت الثورة طوال عهد (الرئيس الأسبق حسني) «مبارك»، كان التركيز التنظيمي التنفيذي للإخوان المسلمين على الجانب المجتمعي، وسط خلط شديد بين رموز العمل الخدمي والدعوي ثم خروج تلك الرموز إلى مساحات العمل السياسي.

ولفتت الورقة، إلى اقتصار العمل المجتمعي في سواده العام على الجانب الخدمي، وأدى ذلك إلى العمل مع شريحة ضيقة جدًا من المجتمع، كانت في المعظم من المنتفعين، و«لعل هذا أسهم ولو بشكل بسيط في تبريد حدة الاحتجاج والاعتراض الشعبي على نظام مباك».

واعتبرت الورقة أن ذلك، سبب ابتعادًا عن فئات كثيرة كان من الواجب الانتباه للتعامل معها بشكل أعمق، من بينها كيانات مجتمعية أخرى تجمعها أرضية مشتركة.

واعترفت الورقة، أن التعامل الأمني هو القناة الوحيدة للاتصال، سواء في المعتقلات وحركتها دخولاً وخروجًا، أو في فترات الصفو النادرة، أو حتى فترات المشاركة السياسية، وقالت: «لم تنجح الجماعة طوال تلك الفترة من تحويل ملفها الأمني إلى ملف سياسي على أي مستوى من مستويات التعامل».

ولفتت الورقة، إلى فراغ أدبيات الإخوان من التنظير لمشروع سياسي متكامل لإدارة الدولة، «فلم ينتبه الإخوان أنهم في يوم من الأيام ربما يتصدرون المشهد السياسي في الحكومة أو البرلمان أو المحليات وربما الرئاسة، وتم التغييب العمْدي لحركة التنظير، أي الكتابة والبحث الأكاديمي وربما النقاش في هذا الأمر».

ووجهت الورقة أيضا اللوم بعدم السعي في توجيه المكاسب لحيازة منصب حكومي سياسي مؤثر، خلال تلك الفترة، مشيرة غلى أن «الانتخابات البرلمانية كانت تنطلق من منطلق اجتماعي صرف، غرضه توسيع أطر التعامل مع المجتمع، وإيجاد غطاء سياسي مناسب للتعامل مع المجتمع فقط».

وأشارت الورقة إلى أن الإخوان لم تسعى للتجهيز الأكاديمي أو العملي لكوادرها المتخصصة، فضلا عن عدم امتلاكها مراكز أو مؤسسات متخصصة تصنع هذه الكوادر ولو بشكل جزئي محليًا، فضلا عن غياب التعامل الأكاديمي المتخصص في إدارة وتحليل المعلومات.

كل ذلك، بحسب الورقة، كان نتيجته «عدم الجاهزية السياسية بالشكل الكافي فيما بعد لتولي المناصب السياسية في فترة الثورة».

العلاقة مع الثورة

وعن العلاقة بالثورة، والتي وصفتها الورقة بأنها «متصلة منذ بدأت شرارتها الأولي في تونس وتبعتها بمصر وليبيا واليمن وسوريا»، فاعترفت بضعف التصورات الفكرية عند الإخوان تجاه الثورة، وكذا النظريات السياسية لحسن التعامل مع نتائجها وتفاعلاتها، مشيرة إلى أن ذلك لم يكن عند الإخوان وحدهم، ولكن لدي الجميع.

إلا أن الوقرة عادت وقالت إن «أدبيات الإخوان مليئة بالفكر الثوري، منذ نشأة دعوتهم، وطوال فترة وجود المؤسس حسن البنا، وكتاباته وممارساته طوال هذه الفترة كانت تتسم بروح الثورة، إذاً لم تكن الثورة غائبة عن الفكر الأصيل للجماعة، لا في دائرة التنظير ولا التطبيق، وإنما غُيِبَت تلك الروح في الجيل التالي للبنا والذي خرج من سجون جمال عبد ناصر وأنور السادات السادات، فانتهج آليات إصلاحية صرفة، اختياراً طوعياً منه لتلافي حالة الصدام بين الجماعة والنظام».

وأضافت: «استمر ذلك اختيارا تنتهجه الجماعة ضمن ما أرسته أدبياتها، حتى أصبح بمرور الوقت الاختيار الأوحد لها، وبدأت الجماعة كتنظيم تستبعد كل ما يؤدي إلى التلبس بحالة الثورة من المناهج والشعارات والتطبيقات والاختيارات حتى أصبحت قراراتها متوقعة واختياراتها معلومة سلفاً».

وتابعت: «كان الخيار الإصلاحي الذي انتهجته الجماعة، يكتفي بالنزال السياسي المنضبط بشروط وحدود المساحة التي يمنحها النظام في الانتخابات الطلابية والنقابية والمحلية والنيابية».

وفي ظل هذه الآلية في التعامل، قامت ثورة، فكانت ردود أفعال الإخوان تسعى لوضع سياق تنظيمي يترجم حالة الثورة لإجراءات وهذا ما يتنافى مع فكرة الثورة المتدفقة المتفاعلة الحاسمة، بحسب الورقة.

رفقاء الثورة، كانوا جزء من الورقة، التي عابت عليهم هجومهم المستمر على الجماعة، حتى جعلوها غير مطمئنة لهم، وقراءة الأمر في سياق رغبة الرفقاء أن تسير الأمور وفق نظرية «المخ والعضلات» ووضع إطارين تسير داخلهما الأحداث، الأول متعلق بـ«النخبة» المسيطرة والمتحكمة في القرار الثوري وهذا ما يُستبعد منه الإخوان أو يُضيق عليهم فيه لأبعد حد، والثاني في إطار «الحشد الثوري» الذي يطلب من الإخوان فيه النصيب الأوفى بغير أن يكون لذلك أثر ملموس في مساحة إطار النخبة.

كما انتقدت الورقة، اضطراب الخطاب الإعلامي للجماعة أثناء وبعد الثورة، ضاربة المثل بتصريحات وشعارات رموز الثورة من الإخوان في أيام الثورة الأولى واتسامها بالثورية والوعي النابع من حرارة الميدان، بينما تأتي تصريحات وقرارات التنظيم هادئة أو متوازنة تنظيميا أو ما زالت تراوح في قراءة المشهد.

ولفتت إلى أن ذلك أدى في بعض الأحيان إلى صدور تصريحات ثم نفيها، وصدور تصريحات مغايرة، مشيرة إلى أنه «كان الأولى حسم آلية التمثيل الإعلامي على أرضية الثورة، بأن يكون متحدث الإخوان من البنية الثورية التي بدأت تتشكل داخل الجماعة وتقود الميادين في كثير من الأحيان».

وبينت الورقة أن «الحرص الزائد من الجميع على عدم إبراز الهوية الإسلامية في فاعليات الثورة إلى اضطراب في الخطاب الإعلامي للإخوان، فهم بين حرصهم على نجاح الثورة، وألا يغلب عليها لون معين، وبين الرغبة في تمييز خطابهم عن خطاب غيرهم».

وأبرزت الورقة في هذه المرحلة، انتقادا بعدم الاستفادة المثلى من الرموز الثورية، معاملتهم وفق الخلفية التي رسخوها عن أنفسهم قبل الثورة والتي جعلتهم محل سهام النقد التنظيمي والتأخير في المكانة والدور والتسلسل القيادي فلما أصبحوا رموزا ثورية لجاهزيتهم لهذا الدور وتوافق صفاتهم وخطابهم مع الحالة الثورية تجددت حالة التخوف، ومعالجة ذلك بتقديم التنظيميين عليهم مخافة حيادهم عن نهج الجماعة، ما أدى إلى خسارة مساحات كبيرة كانت هذه الرموز قد اكتسبتها من طريقة تعاملهم داخل الميدان، ورسوخ أقدامهم به، وثقة كثير من أطياف الثورة بهم، وأدى ذلك إلى إحراجهم والمزايدة عليهم واهتزاز حالة الإجماع التي كانت عليهم .

ولفتت الورقة، إلى عدم الجاهزية السياسية للجماعة لإدارة مرحلة الثورة الانتقالية، وذلك بالعمل على قضايا مرحلية بآليات المعارضة السياسية الإصلاحية، وليس بالفكر الثوري، كما لم يتم مع قوى الثورة الاتفاق على ترتيب الأولويات، مشيرة إلى أن هذا الأمر لم يقتصر على الإخوان فحسب، بل شمل جميع أطياف الثورة.

وفي ذات النقطة، أشارت الورقة إلى أن من أخطاء الإخوان والقوى الأخرى «عدم الانتباه لخطورة انفراد العسكر بوضع الأسس والأطر الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وهو الشيء الذي جعل المجلس العسكري مستفيداً بكل التباينات الموجودة بين القوى الثورية، خبرة وعددا وحجما وتأثيرا.

العلاقة مع الدولة

الورقة قالت إن جماعة الإخوان المسلمون، كأي جماعة من مبادئها وأهدافها ممارسة العمل السياسي وذروة هذا العمل الحكم أو على الأقل المشاركة فيه أو معارضته الحقيقية بالآليات السياسية الموجودة، وزيادة رقعة هذه المعارضة شيئا فشيئا للوصول إلى الحكم في يوم ما وهذا هو المفترض في عالم السياسة.

إلا أن الجماعة بعد الثورة، بحسب الورقة، ارتضت أن تعمل تحت السقف والأفق الذي فرضته الدولة، ولم تسعي لرفع هذا السقف أو تجاوزه.

وأشارت إلى أنه عبر تاريخ الإخوان، سعت الدولة دائما إلى إبعاد الإخوان عن دائرة الحكم، بل عن دائرة ممارسة السياسة ذاتها من الأصل، ضاربة المثل بالانقلاب الذي جري عللا الدكتور «محمد مرسي» كأول رئيس مدني منتخب، إلا أنه في المقابل لم تطرح الجماعة نفسها بديلا للحكم القائم، ولم تسعى لنيل العدد اللازم بالبرلمان عن طريق الترشح المناسب، والذي يستطيع تشكيل الحكومة بشكل مستقل أو عن طريق التحالف مع غيرها من الكتل داخل البرلمان، حتى لو من قبيل المناكفة السياسية أو جس النبض أو المغامرة المحسوبة.

ولفتت الورقة، إلى أن الجماعة ارتضت بكونها «ملف أمني للدولة» طوال الوقت، ولم تسعى لنقله لـ«ملف سياسي»، ما سهل مهمة الدولة في صراعها الثنائي مع الإخوان.

وأضافت: «ظلت العلاقة الأمنية على حالها حتى قامت الثورة في 2011، فوجدت الجماعة نفسها وجها لوجه مع الدولة في علاقة سياسية مباشرة، سواء أثناء أيام الثورة الأولي مع المجلس العسكري، كأكبر فصيل سياسي، أو بعد إنشاء حزب (الحرية والعدالة)، وقد بدأت الجماعة نجاحا نسبيا في التحول نحو الندية السياسية مع الدولة، إلا أنها لم تكن مستعدة لهذه المرحلة استعدادا كاملا وظهر ذلك في الخيارات السياسية والتحالفات الانتخابية والاختيارات للمهام السياسية».

وتابعت: «فلما دخل الإخوان إلى العملية السياسية، ووصلوا لأعلي سلمها الوظيفي في الرئاسة والمشاركة في الحكومة والأغلبية البرلمانية، إلا أن اختياراتهم السياسية تأثرت كثيرا بغياب تلك الحنكة السياسية الناتجة عن الاحتكاك المباشر بالوسط السياسي، والتعامل علي أرضية سياسية مباشرة طوال الفترة الماضية، وذلك بالرغم من أن نشأة الجماعة شهدت طفرة في التعامل السياسي مع الحكومات المتوالية في عهد الملكية».

وانتقدت الورقة، غياب أي مؤشرات للطموح السياسي للإخوان عمليا أو في مساحة تطوير الفكر السياسي أو التنظير له في مجالات التعلم والتدريب الأكاديمي والتأليف، قسرا أو رضا بتلك المساحة المتدنية في المشاركة السياسية التي احفظت فيها النظم بنصيب الأسد.

وتابعت: «إلا أن الجماعة غابت أيضا من مساحة هامة في صناعة الطموح السياسي، وهذا كان متيسرا رغم التضييق، ولكن تركت هذه المساحة للاجتهاد الشخصي دون غطاء مؤسسي».

وعلقت الورقة على الدراسة والمناهج الداخلية الإخوانية، فقالت: «غاب عنها أيضا صناعة التكامل من هذه الزاوية، فاقتصرت علي تغذية الجوانب التربوية والوجدانية والأخلاقيةن إلا أنه كان من الواجب تمتين الجوانب الفكرية التي لها علاقة بالجوانب السياسية وصناعة بيئة مناسبة لتخريج الرموز السياسية التي احتاجتهم الجماعة عند قيام الثورة».

وتابعت الورقة: «غابت أيضا المحاولات التنظيرية في التأليف والكتابة التي تقدم المفاهيم والدراسات المرجعية والأدبية لعرض فكرة الإسلام السياسي، كما يطلق عليه، والاجتهاد في عرض المشروع بشكل أكاديمي، يخفف من حدة الانتقادات المتعمدة لهدمه أو تشويهه من قبل المشروعات المنافسة أو خصوم الثقافة الإسلامية بوجه عام».

نقطة أخرى، أخذتها الورقة على الإخوان، اعتبرتها «عدم انتهاز فرص الانفتاح والتمدد فيها، أبرزها برلمان 2005 حال انضغاط النظام واضطراره لإدارة عملية انتخابية شبه شفافة»، مشيرة إلى أنها «كانت الفرصة سانحة فيه لإنجاز تحالف ما مع قوي المعارضة، رغم هزالها أو المستقلين لتكوين كتلة الثلث التي تستطيع تحريك الحياة السياسية للأمام، إلا أن تجربة الإخوان اقتصرت علي الاكتفاء بالممارسة البرلمانية،، التي وإن كانت رائعة وفق مؤشرات العمل البرلماني إلا أنها من جانب آخر لم تصنع تطورا ملحوظا في رفع سقف الطموح السياسي أو الانفتاح والتمدد داخل الفضاء السياسي المتاح».

وانتقدت الورقة، عدم انتهاز الجماعة وضعيتها الجديدة بعد الثورة، في التمدد والانفتاح السياسي، و«لم تستطع حيازة الوضعية القانونية اللازمة، ولعل الوقت بالفعل لم يسعفها لذلك إلا أن التقييم يوجب علينا رصد عدم قيام الجماعة أصلا بالبدء في ذلك ولو بخطوات تمهيدية».

ولفتت الورقة، إلى أن أحد أبرز الانتقادات في التعامل مع الدولة، هو عدم العمل الجاد لجعل حرمان منتسبي جماعة الإخوان المسلمين من التواجد في المؤسسات العامة للدولة، قضية رأي عام ضاغط أو مطلب عادل، والاستسلام في ذلك للواقع.

الجماعة والحزب

وفي العلاقة بين حزب «الحرية والعدالة» والجماعة، أشارت الورقة إلى حديث الكثير من المعنيين بالحركة الحزبية والسياسية، الذي كان يراه (الحزب) أسيرا للجماعة وهيكلها، وأنه حزب منفذ لتكليفات الجماعة بآليات الجماعة، وليس حزبا سياسيا بالمعنى المتعارف عليه، بآليات العمل السياسي خاصة مراحل ما بعد الثورات

وشرحت الورقة لذلك، بالإشارة إلى أن الحزب من الناحية الوظيفية، كان أقرب للقسم السياسي للجماعة، منه إلي حزب سياسي مستقل عن هيكل الجماعة، و«كانت الجماعة في الكثير من الأحيان، تعامله كباقي الأقسام الأخرى، فبات الحزب يمارس المنافسة السياسية باسم الجماعة، والجماعة تواجه منافسيها باسم الحزب».

وأضافت الورقة أن هناك تداخلا في المقاصد وقعت بين الحزب والجماعة، فتم تحميل الحزب بأنشطة تسحب كثيرا من وظيفته الحقيقية، وتؤثر عليها بالسلب فصارت مقرات الحزب بمثابة مقرات للجماعة تمارس كافة الأنشطة من خلالها في مقدمتها الخدمي والطوعي والتعليمي والصحي، وبالرغم من أن هذه الأمور قد تزيد من شعبية أي حزب ناشئ، إلا أنها أثرت علي الوظيفة الرئيسية للحزب، وشغلته بهموم كثيرة، ووفرت بيئة من النقد واستدعاء كل سلبيات الماضي، التي يراها الناس في الجماعة ولصقها بالحزب بالرغم من حداثة نشأته.

وتابعت الورقة: «وبعد دخول الجماعة في حالة المنافسة السياسية، وفق هذه الوضعية، جعل العامة ينظرون إليها كبديل لأجهزة الدولة، وأكدت الجماعة ذلك فقامت بتدشين حملات النظافة وعمليات إصلاح المدارس ورصف الطرقات، وتطوير الميادين العامة، وتوصيل الخبز للمنازل، وتوزيع اسطوانات البوتاجاز وغيره من الأمور التي وضعتها وحزبها في موضع الدولة».

وعن التداخل بين رموز الجماعة والحزب، قالت الورقة، إن رموز الإخوان عندما باتوا رموز حزبية سياسية، اصطحبوا معهم كل علاقات الماضي لمساحة جديدة وضعتهم في نظر الناس محل الدولة، وبالتالي استصحبت نظرة المنافسات القديمة وسلبياتها، بما فيها من خصومات مستورة ظهرت بقوة، وسببت حرجا للمؤسسة الحزبية، وحملت التجربة الناشئة أمور ليست لها يد فيها بلا داعي.

ولفتت الورقة إلى أنه كان الادعاء السائد بين رفقاء الثورة، وفق حسن أو سوء النية، هو أن الإخوان هم الفصيل الوحيد الذي تتوفر له الجاهزية السياسية والكوادر اللازمة لملأ الفراغ الناتج بعد الثورة، والإخوان أنفسهم كانوا يؤكدون ذلك وفق تصرفاتهم، وإن كانوا يحاولون اثبات العكس دوما بأنه ليست لديهم النية للاستحواذ وأنهم حريصين على مشاركة الجميع، إلا أن جميع منافسي الإخوان وحتي شركائهم كانوا ينطلقون في علاقتهم بالإخوان من هذا الادعاء بالجاهزية، ما جعل الجماعة تحت القصف المبكر في كافة تحركاتها برغم أن ذلك ليس سبة أو نقيصة.

وانتقدت الورقة، دخول الجماعة وحزبها الناشئ بكامل هياكلهما في حالة منافسة مع الجميع، سواء نقابية أو برلمانية، أو دستورية، فتسبب ذلك في «حرق رموزها»، وتأثرت رمزيتها، ونظر لها الجميع كمنافس «قرر فرد عضلاته»، ورآها البعض ساعية للاستحواذ علي السلطة، حتي وصل الأمر إلي تناول ماضيها ومحاولة هدمه وفق هذا الادعاء، حتي وصل الأمر إلى الزعم بأن ما كانت تقدمه الجماعة سابقا من دعم عيني ومالي للبسطاء أو ما قدمته من المهام الدعوية كان الغرض منه التمهيد لمرحلة «السيطرة».

نقطة أخرى، أشارت إليها الورقة، بأن الطاحونة السياسية التي دارت رحاها بعد الثورة لك تمهل الجماعة والحزب من التقاط الأنفاس لترتيب أوضاع الحزب فكان العام الأول للحزب سعيا حثيثا لإدارة عملية انتخابية ناجحة، ما أدى إلى عدم الحسم في قضية التداخل بين صلاحيات الحزب وصلاحيات الجماعة، سواء في اختيار القيادات أو المرشحين للمقاعد البرلمانية والحزبية أدي إلي عدم ديناميكية الحياة الحزبية وسيولتها والترقي الطبيعي بين كوادرها

كما أدت ذات النقطة، بحسب الورقة، إلى تخوف الجماعة من الانسحاب التام من إدارة الحزب، مما يؤدي لانهياره، أو بعده عن أهدافها.

واعترفت الورقة بالتقصير في الإعداد لمرحلة إدارة الدولة، خاصة أن الجماعة وحزبها تحملا النصيب الأكبر من دولاب إدارة الدولة، حتى حازت الأغلبية البرلمانية والنقابية، والاتحادات الطلابية، وبعض المناصب الحكومية، وفوق كل ذلك رئيس الدولة.

وأضافت: «إلا أن السياق الدرامي الذي سارت فيه مصر في مرحلة ما بعد الثورة، عجل بانكشاف هذا القصور، والذي كان من الواجب الانتباه له مبكرا قبل الثورة، بزمن كبير».

وانتقدت الورقة، وقوع الجماعة فيما أسمته «مصيدة الأخونة»، بعدما سارع المنافسون لاتهام الجماعة بالسيطرة والأخونة، رغم أن ذلك مقبولا كأحد نتائج الممارسة الانتخابية الديمقراطية، وزادت وتيرة الاتهام بالأخونة، عقب قيام الرئيس باختيار الحكومة واختيار نوابه ومساعديه، وأصبحت الجماعة بين شقي الرحي فلا هي بادرت بملأ فراغ الدولة الوظيفي والسياسي ولا هي استطاعت التحالف مع غيرها من القوي.

وأضافت: «وعلى الرغم من أن هذه الوضعية كانت بسبب تعنت بعض القوي السياسية، وطمع البعض الآخر من جهة وتبييت المجلس العسكري ومن ورائه لنية الانقلاب على مكتسبات الثورة من جهة أخري، إلا أن ذلك لا يمنع من تحميل الإخوان لمسئوليتهم الأدبية والسياسية سواء بالاستجابة للابتزاز أو عدم الجاهزية للتصدر أو عدم انتهاج مناهج المناورة السياسية».

 

  كلمات مفتاحية

الإخوان مصر مراجعات تقييمات المكتب العام

«المكتب العام لإخوان مصر» يعلن تقييمات شاملة لأداء الجماعة بعد الثورة

مراجعات إخوان مصر.. هل تمهد لمصالحة بين المعارضة وتسوية مع النظام؟