«ذا ديبلومات»: لماذا ترسل باكستان قوّات مقاتلة إلى السّعودية الآن؟

الأربعاء 22 مارس 2017 02:03 ص

ذكر تقرير صدر مؤخرًا عن «ميدل إيست آي»، نقلًا عن مصدر مجهول، أنّ باكستان تخطّط لنشر كتيبة من قوّاتها المقاتلة في السّعودية لحماية الحدود الجنوبية للمملكة من هجمات الحوثيين من اليمن. ويقصف تحالفٌ عسكري من دول سنية، تقوده السّعودية، اليمن منذ عام 2015 من أجل إعادة تنصيب آخر حكومة مدعومة من الرياض في السلطة. ويقود الحوثيّون المدعومون من إيران مجموعات الأقلية الشيعية اليمنية المسلّحة، وقد لجئوا لحروب العصابات من أجل تحقيق أهدافهم.

وقد نفى وزير الدفاع الباكستاني، «خواجة آصف»، التقارير حول الانتشار العسكري الباكستاني في السّعودية. ومع ذلك، في 15 مارس/آذار، عندما كان في مقابلة مع قناة محلية، قال أنّ هناك محادثات بين إسلام أباد والرياض بهذا الصدد، وقال الوزير: «لم نأخذ القرار النهائي بإرسال قوّات باكستانية إلى السّعودية حتّى الآن، ومع ذلك، لدينا هدف مشترك وهو مكافحة الإرهاب».

ومن المهمّ أيضًا أن نلاحظ أنّ التقرير يزعم أنّ الكتيبة الباكستانية ستبقى داخل حدود المملكة و«لن تستخدم خارج حدودها». وبجانب ذلك، فإنّ الجيش في باكستان، والذي يعتبر المحدّد النهائي للأمن والسياسة الخارجية، لم ينف التقرير بعد.

بالتأكيد، إذا كان التقرير صحيحًا، فإنّ قرار باكستان بنشر قوات في السعودية قد يكون مفاجأة، لأن البلاد على مدار العامين الماضيين، تحاول الابتعاد عن النهج التقليدي لدعم المملكة العربية السعودية على حساب علاقاتها مع إيران. وقد تعمّقت العلاقات بين إسلام أباد والرياض خلال العقود الأربعة الماضية مع وجود تحالف بينهما يستند إلى المنفعة المتبادلة. ويشمل هذا أيضًا، من بين أمورٍ أخرى، إضفاء الطابع المؤسسي على النزعة المعادية للشيعة في باكستان، التي أودت بحياة الآلاف في البلاد. وقبل عامين، كان الجزء الأكبر من أعمال الإرهاب في باكستان يهيمن عليها العنف الطائفي. ومع ذلك، منذ تشكيل خطة العمل الوطنية (NAP)، وهي استراتيجية لمكافحة الإرهاب في البلاد تتكوّن من 20 نقطة، يبدو أن العنف الطائفي في باكستان قد انخفض.

وتأتي آخر التقارير الإعلامية في أعقاب قرار إسلام آباد في وقتٍ سابق برفض مطالب الرياض بنشر قوّات باكستانية في اليمن للقتال ضدّ الحوثيين. وفي حين انضمّت باكستان العام الماضي للتّحالف الذي تقوده السّعودية من 34 دولة، على مضض، أعادت القيادة السياسية التأكيد على أنّ إسلام أباد لن تدعم أيّ تحركٍ قد يزيد من زعزعة استقرار سوريا أو يهدّد العلاقات الثنائية مع إيران.

الموازنة الصعبة

وبينما لا تعدّ النقاشات الظاهرة على السّطح حول قرار باكستان بإرسال قوّات إلى المملكة محايدة تمامًا، ينبغي النّظر إلى حقيقة دخول باكستان في مثل هذا النقاشات مع الرّياض في إطار محاولات إسلام أباد المتكرّرة للفصل في معاملاتها بين إيران والسّعودية. ويبدو من خلال انتهاج باكستان لسياسة المشي على الحبل بين محاولة الحفاظ على العلاقة القديمة والقيّمة مع المملكة من جهة، ومن جهةٍ أخرى مراعاة مصالحها مع إيران، أنّها لن تختار بلدًا واحدًا على حساب الآخر، في المدى القريب.

وبطريقةٍ ما، استطاعت باكستان إيجاد مكانٍ لها بين البلدين، حيث لم يعد الاختيار بينهما أمرًا إلزاميًا. وفي حين تفكّر باكستان في إرسال قوّاتها إلى السّعودية، وصلت قيادة البلاد إلى اليمن وإيران للتخفيف من مخاوفهما.

علاوة على ذلك، في الأسبوع الماضي، سافر الرئيس الإيراني «حسن روحاني» إلى باكستان للمشاركة في قمّة منظّمة التعاون الاقتصادي (ECO) في إسلام أباد. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ألمح قائد الجيش الباكستاني، «قمر جاويد باجوا»، خلال اجتماعه مع السفير الإيراني إلى تعزيز «التعاون العسكري بين باكستان وإيران».

وذكر في الأخبار أنّ لجنتين برلمانيتين من باكستان وإيران تستعدّان لزيارة مشتركة إلى موانئ تشابها وجوادر، في محاولة لتسليط الضّوء على أنّ كلا البلدين لا تحاولان تقويض مصالح بعضهما البعض خلال تطوير هذه الموانئ. وقد أعلنت باكستان دعمًا إنسانيًا إلى اليمن بقيمة 1 مليون دولار.

وقد تساعد الاعتبارات التالية على فهم هذه التطوّرات المذكورة. لقد تعمّقت العلاقات بين السّعودية والهند، المنافس اللدود لباكستان، في السنوات الأخيرة، ويتوقّع من كلا البلدين إنشاء مرافق صناعية للإنتاج المشترك لمعدّات الدفاع. وهذا أمرٌ ينبغي لباكستان مراقبته عن كثب، لكن من غير المرجّح أن تبدي تحفّظاتها. ولن يفيد فعل ذلك سوى بإحراج باكستان، لأنّ السّعودية لن تتراجع عن مثل تلك الخطوة من أجل عيون إسلام أباد.

إضافةً إلى ذلك، ومع تطوير ميناء تشابهار الإيراني الذي يحظى بدعم الهند، تكون طهران في وضعٍ جيّد يسمح لها بتعزيز أهميّتها الجيوسياسية، وهو الأمر الذي قد يسبّب إزعاجًا لباكستان. وهنا أيضًا، ستفضّل باكستان الصمت، لأنّ طهران لم تخلّ أبدًا بالشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين. وفي الواقع، على العكس، كانت باكستان متردّدة بشكلٍ أكبر في المضي قدمًا في تعزيز العلاقات بين البلدين. على سبيل المثال، خط الأنابيب المشترك بين إيران وباكستان، تأخّر فقط بسبّب تأخر إسلام أباد، وليس طهران.

وبالنّسبة لإسلام أباد، نتفهّم هذا الوضع البراغماتي في سياق استقلالها الاقتصادي المتزايد نتيجة الاستثمارات الصينية الحالية في البلاد. وبالتأكيد، من جانب باكستان، فهي استجابة للتغيّر السريع في المشهد الاقتصادي والجيوسياسي الذي يتطلّب تعاونًا مكثّفًا من إسلام أباد مع كلٍّ من إيران والسّعودية.

وفي السّابق لم يكن لدى باكستان الوسائل الاقتصادية اللازمة لإغضاب حليفتها القديمة، السّعودية. ومع ذلك، مع الفرص الاقتصادية الجديدة في الأفق، وجدت باكستان حاجة أكبر للمناورة بين طهران والرياض. وبوضوح، تدرك باكستان أنّ إمدادات الغاز الإيراني، بدلًا من النّفط السّعودي، ستشكّل مسار مستقبل الطاقة في البلاد.

الحاجة إلى المناورة

علاوة على ذلك، يمكن النّظر إلى توسيع بكين لتعاونها المالي والدبلوماسي مع إيران، كضغطٍ إضافي على باكستان قد يجبرها على إعادة النّظر في سياستها التقليدية مع إيران والسّعودية. وتحتاج احتياجات بكين المتنامية من الطّاقة لعلاقة عمل وثيقة مع إيران، والتي تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم. وعلاوة على ذلك، تدرس الصين ربط خط الأنابيب المشترك بين إيران وباكستان بمشروعها «حزام واحد، طريق واحد» من خلال الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، والذي سيتيح لبكين وصولًا مباشرًا لإمدادات الغاز الإيراني.

وعلى عكس بعض التقديرات التي ترى نشر الجنود الباكستانيين في السّعودية استمرارًا لسياستها التقليدية في دعم المملكة، تظهر التقارير حول التطوّرات الأخيرة مؤشّرًا على أنّ إسلام أباد قد غيّرت من تفكيرها السياسي تجاه السّعودية بإبقائها قريبة، في حين تضمن ألّا تدفع البلاد إيران بعيدًا، والتي قد تعمل على المدى الطويل على تقويض المصالح الاقتصادية والأمنية لإسلام أباد.

المصدر | ذا ديبلومات

  كلمات مفتاحية

باكستان السعودية حرب اليمن قوات خاصة الحوثيين