استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

سبع سنبلات خضر: الثورة السورية

الخميس 23 مارس 2017 03:03 ص

على مر سنوات، أغارت الطائرات الإسرائيلية على الأراضي السورية. وفي كل غارة، حققت أهدافها. ومرة بعد أخرى، عادت إلى قواعدها بسلام كأنها كانت في نزهة. أهم من هذا كله أن بشار الأسد ماجرؤ مرة أن يأمر بإطلاق سلاح حقيقي على الطائرات الإسرائيلية، وكانت ردوده محصورة بين التنديد والاستنكار من جهة، والتأكيد على احتفاظه، الذي يبدو مؤبدا لانهاية له ولامصداقية عملية، على «الحق بالرد في الوقت المناسب»! 

ما الذي حدث إذن خلال غارة الأسبوع الماضي؟ لماذا أطلق الأسد صواريخ وأعلن نظامه، كذبا، إسقاط طائرة؟ هل شرب الأسد حقا «حليب السباع»، كما يقولون؟ أم أنه أصيب بالجنون لعلمه بدلالات وجود أحدث الدفاعات الجوية الروسية على مرمى حجر من دمشق، فضلا عن طائراتها الحديثة. ورغم كل هذا، تحصل الغارة الإسرائيلية وكأن الروس يغطون في نوم عميق!

بشيء من التحليل، تبدو الغارة حدثا مفصليا مليئا بالإشارات، إذ تتزامن تماما مع انطلاق العام السابع لثورة سورية، ثمة مؤشرات عديدة على أنه سيكون عاما تظهر فيه تدريجيا تباشير النصر. مامن فسحة لأحلام النهار في الموضوع. فالموضوع يتعلق بالمتغيرات الكثيرة والجذرية والسريعة المحيطة بالشأن السوري. ولامجال، أيضا، لحديث عن نصر نهائي وسريع وكامل. 

فهذه الثورة عملية تحرر وتطهير من إرث تقليدي مهترىء دام عقودا، بحساب، وقرونا، بحساب آخر.. وهي، بعدها، انبثاق من أرض الثورة، التي سقيت بدماء السوريين، لإنسان ثورة مختلف تماما عن سوري سابق، مامن شك أنه سيحتفظ بكل ماكان في تكوينه من خير، وهو كثير. لكنه سيخلع عنه أثوابا تراكمت من الجهل والتقليد والآبائية والأمية في الثقافة والسياسة والعمل العام، بحيث يصنع بنفسه ولادة ثقافة جديدة بكل المعايير.

عودة للغارة ومعانيها، مع ربطها بالتوقع المذكور أعلاه. يبدو تصرف بشار وقراره في الموضوع ناتجا عن إدراك نهائي بقرب قطع الحبل السري الذي يربطه بالرحم الروسية. مع علمه أن هذا القطع يعني إلقاءه في العراء، وأنه لايعني أبدا استقلالا يعرف قبل أي شخص آخر أنه لايطيق شيئا منه. مع علمه بأن الحبل الآخر المتعلق بالإيرانيين يتصل باطراد بالحبل الروسي. وأن حكام طهران، التجار، يبيعون كل شيء في نهاية المطاف حين ترجح كفة البيع على كفة الشراء.

بكل الحسابات الاستراتيجية: رحيل بشار قادم. لا فسحة هنا للتفصيل في تغييرات استراتيجية تجري في المنطقة سراعا موحية بذلك، وسيكون لهذا وقت آخر. لكن هذا يبقى مقام استذكار السوريين لواجبهم، هم دون غيرهم، مع التغييرات المذكورة حكما، وبدونها، فيما يتعلق بمسؤوليتهم ودورهم، بعد كل هذه التجربة.

لهذا نؤكدها مرة أخرى. بكل مقاييس الحضارة والإنسانية، ثبت للعالم بأسره أن بشار (قزم). لكن هذه الحقيقة لن تصل بالثورة السورية إلى النصر إلا عندما يخرج الشعب السوري كمونه الحقيقي الذي يظهر كم هو (عملاق).

من أجل هذا، تحتاج سوريا اليوم لكل أبنائها، بعيدا عن أي معنى من معاني (السلبية) أو (الحياد) أو (اليأس) التي يمكن أن تتلبس بعض السوريين، فتكون أخطر على ثورتهم من كل عنصر قوة يملكه النظام.

تتعدد أسباب السلبية والحياد واليأس، لكن النتيجة تظل دائما واحدة: خسارة الثورة لطاقات كان يمكن أن تحملها إلى منصة النصر، وخسارة الطاقات لثورة، لفرصة فريدة يصعب أن تتكرر، فرصة حياتها لتحقق أشواقها وتطلعاتها وآمالها بالحرية والكرامة وتقرير المصير. وأيا كانت خلفيتك وطريقة تفكيرك أيها السوري، ثمة ألف سبب وسبب تعطيك، أيها السلبي وأيها المحايد وأيها اليائس، مشروعية لممارستك. أنت تعلم ذلك في أعماقك. وماأسهل أن تستخدمه لتبرير سلبيتك وحيادك ويأسك.

ما أسهل أن يجد السوري اليوم سببا للاستقالة من ثورة بلاده. ليس المقام هنا مقام مناقشة صواب هذه الأسباب أو خطئها، وإنما التساؤل عما يمكن أن تفعله بخصوصها. أنت. أنت السوري الذي لايستطيع أن يخلع جلده أو يأخذ إجازة من انتمائه للوطن.

* د. وائل مرزا - كاتب وأكاديمي سوري

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

سوريا الثورة السورية النظام السورية رحيل بشار الحسابات الاستراتيجية