فيلم الجميلة والوحش: «ديزني» تصور لصغار العالم أن الغوريلا الأمريكية ستؤدبهم!

الخميس 23 مارس 2017 07:03 ص

تعرف الولايات المتحدة تقسيم جهدها لطبع صورة، غير حقيقية، في أذهان الملايين حول العالم، وعبر استخدام التقنيات المادية الاقتصادية المختلفة، ومنها السينمائية تدريجياً وبهدوء لتغيير صورة الوحش الكاسر الذي يلتهم الأخضر واليابس في عالم اليوم إلى العكس تماماً.

لدينا في النسخة الثانية من فيلم «الجميلة والوحش» لـ«والت ديزني»، إذ سبق تحويل نفس القصة إلى فيلم للرسوم المتحركة في عام 1991م، ورُشحَ لجائزة الأوسكار لأول مرة لفيلم تحريك، ونال جوائز دونها، وعمل على  رسم الفيلم 600 رسام وفنان قضوا ما قرابة 4 سنوات فيه مستخدمين تكنولوجيا الحاسبات الآلية (الكمبيوتر) لصناعته.

 وبحسب موقع «كوزموبوليتان». فإن «والت ديزني» عمل على إنتاج الفيلم مرتين من قبل، مرة عام 1930، والثانية عام 1950م، وفي المرتين فشل لأن كُتّاب السيناريو أخبروه أن الفيلم سيكون مكلفاً جداً.

ولكن الشركة فعلتها عام 1991م، وبعد 26 عاماً تقريباً بتكرار نفس المحاولة بتقنيات مختلفة وتعديلات في القصة، في استراتيجية واعدة بمزيد من المال نظير تحويل أعمال أخرى للأطفال من مثل «سندريلا» و«أليس في بلد العجائب»!

التجربة الأولى المُريعة

جريدة «النبأ» المصرية الإنقلابية نشرت، اليوم الخميس، أن الفيلم حقق 2 مليون جنيه مصري (أكثر من 100 ألف دولار أمريكي)، ومن المُنتظر أن يحقق الفيلم أرقاماً وصفتها الجريدة بالوهمية متفوقاً على جميع الأفلام المعروضة.

وللحقيقة فإن الفيلم بعد 3 أيام من عرضه حقق 350 مليون دولار حول العالم، منها 170 مليون في أمريكا، رغم أن تكلفته 160 مليون دولار فحسب، ومن المُنتظر تضاعف الأرقام خلال الأيام والأشهر المقبلة.

إننا أمام تجارب مُريعة في حياة حضارة مادية ترفض أن تترك متنفساً للروح لكي تحيا، بخاصة حينما تتعامل مع صغار السن والمُقبلين على مرحلة الشباب من الفتبان والفتيات، ويكفي أن نعرف أن أرباح الفيلم ستتضاعف قريباً جداً بمجرد طرح موضات الملابس والاكسسوارات التي كانت ارتدتها «بيل» في الفيلم (الممثلة إيما واتسون) صاحبة أوسكار أفضل مُمثلة عن فيلم «لا لا لاند» لهذا العام.

والفيلم «الجميلة والوحش» يُمثل التجربة الأولى في إعادة «بعث ديزني» من جديد، 

لذلك جاء كالتجربة المضطربة في حياة المُخرج الأولى، وتمتاز«ديزني» بالسيطرة التامة على مُجريات أفلامها، وإن تعدد المنتجون والمخرجون .. وفي فيلم «الجميلة والوحش» الممثلون، ففي الفيلم لدينا خلطة قصة «سندريلا»، وأيضاً «أليس في بلاد العجائب» ..أو الفيلمان القادمان لـ«ديزني» لاحقاً.

تغيير وتشوية مزدوج

الطفل والفتى والرجل، والمُشاهدات لـ«ديزني» اللواتي والذين اعتادوا أن يروا فيلماً للرسوم المُتحركة على الشاشة، يدور في مساحة من الخيال البحت في المضمون أو المحتوى، وبالتالي في الشكل، لصق بأذهانهم جميعاً أن هذه الأفلام لا يمكنها مطاردة أجواء الماديات والتحضر الغربي المزعوم حتى النهاية..من ممارسة الخطيئة بين الرجل والمرأة، أو الرجل والرجل، أو المرأة والمرأة، و«ديزني» التي ترى أنها تتراجع في ظل عالم مادي ومُنظومة لا تُبقي على قيمة أو عادة أو تقليد أو دين يجب أن تطور أداءها لخدمة الصغار والكبار، ولو كانت خدمة مُزرية تخدم الحس الجنسي المتعدد، من هنا جاء فيلم «الجميلة والوحش» الذي بدأ عرضه في يوم الخميس الماضي (17 من مارس/أذار) مخاضاً وميلاداً صعباً للجمع بين فن التحريك والكمبيوتر، وفن التمثيل، عبر تقنيات أكثر ضراوة من الرسوم المتحركة تنتمي إلى عالم الجرافيك والتصاميم المُتعددة السياقات التكنولوجية، وأيضاً التمثيل في ظل وجود نجوم للسينما، وفي المقابل التعرض لخطايا البشر في صورة محببة للصغار والمقبلين على الحياة وضعاف الأرواح!


قصة مُلوثة

الفتاة بيل (إيما واتسون) تمل الحياة في بلدة ريفية إيقاعها ممل، ولذلك تحلم بالثراء والأرض المُنفتحة، فيما «موريس» الأب «إيان ماكيلين» يُخفي عنها سر وفاة أمها مسحورة، وفي المقابل فإن الوحش، وهو في الفيلم بلا اسم «دان ستيفنز»، كان أميراً فرنسياً على قرية قريبة لكنه تمادى في الشهوات وفرض الضرائب على الناس حتى سحرته مشعوذة وحشاً، يعيش طوال العمر شبه غ

وريلا وجاموس معاً بحاشيته المسخوطة، إن لم تتداركه امرأة بحبها.

ويسافر «موريس» إلى القصر في رحلة تيه مع «فيليب» الحصان الخاص به، (دلالات الأسماء المُنتمية للعصور الوسطى لا تُفارقنا) وهناك تلحق ابنته به ليحتجزها الوحش، وفي نفس الوقت يتحرك الأشرار الذين هم عبارة عن «غوستون» «لوك إيفانز الذي يعيبه أنه 

غني لكنه ليس أميراً في نظر «بيل» أو الفتاة السندريلا وأليس (في طرح لثلاثة أفلام دفعة واحدة من ديزني)، وبمعاونة« لوفو «جوش غاد»، يحاول «غوستون» شحذ الهمم وجر القرية كلها لقتل الوحش في القلعة لتعلق قلب «بيل» به، لكنهم يفشلون وتنجح «بيل» في إعادة الوحش إلى أمير لتصبح أميرة بعد فشل العزول وأهل القرية في تحقيق أغراضهم فضلاً عن الأضرار التي تقع بهم..

لدينا نسخة معوجة من سندريلا التي تحاول جذب اهتمام الأمير، وأيضاً أليس التي تخترق العالم المخيف للبحث عن الراحة، والأخيرة تساوي علاقة جنسية مع الأمير، فالوحش في لحظة وقوعه في غرامها يسأل نفسه:

ـ كيف سأطبق بمخلبي على شفتيها؟!

فضلاً عن ان أهل القرية يواجهون «غوستون» بأنه إنما يُريد مضاجعة «بيل، فيما خيالهم يستحضر العلاقة الآثمة بينهما، أي أن رمز الحب لدى فتيات العالم يجب أن يلتصق بممارسة الجنس مع أحدهم! والجميع يبحث عن الثراء والشهوات بلا ضمير..

أخراج الفيلم «بيل كوندون» وألفه «ستيفن تشبوسكي» و«إيفان سبيليوتوبولوس»، ليقدموا خلطة عجيبة تليق بأمريكا التي لا تُبقي على قيمة أو عرف أو تقليد في سبيل الربح المباشر، وتُعيد صياغة مفردات القرون الوسطى لتحاول الإبقاء على حضارتها مُتربعة على العالم، أما الموسيقى التصويرية لـ«ألان مينكن» فساعدت على إيجاد عمل يحبس أنفاس المشاهد دون مضمون في النهاية إلا الخواء والفراغ، وظل «إيما واتسون» فاغرة الفم طوال الفيلم محاولة جاسم على أنفاسنا يحاول إقناعنا بأن امرأة في الوجود يمكن أن تترك أهلها والعقلاء أو أصحاب الخطايا أو حتى الشذوذ من أجل أن تعشق وحشاً وهي مُخيرة في ذلك، وفي المقابل رأينا «دان ستيفنز يخالف المنطق والعقل ليبدو وحشاً يقرأ لـ«شكسبير» ويحب المواقف الرومانسية، مع أنه حينما تملأ «بيل» قلبه يفكر في الإطباق بشفتيها عليها، في فجاجة من مثل تناوله الطعام بمد شفتيه ووجهه في الإناء!


الحياة بالمقلوب

أمريكا التي لا تدع ديمقراطية تستطيع دعم الانقلاب عليها إلا وتحاول هدمها في هذا الفيلم تريد القول أن الوحوش يمكن التعايش معهم، وجعلهم آدميين يمارسون الجنس، ورغم فجاجة المعنى المُراهق المباشر، وتعمد إفساد الأذهان بعد إرهاق العالم بسىء الأفعال، والانتقال إلى الحرص على إرهاق أذهان الصغار والضعاف عقلياً من الكبار حول العالم (نسبة مشاهدة الأطفال للفيلم 22% والباقي للكبار بحسب الجزيرة نت) بأن الأشرار في الحياة ملؤوا العالم ويستحقون الإفناء (أهل قرية بيل كلهم أشرار عدا البطلة وأبيها وحتى المرأة التي ساعدت الأخيرة انضمت للأشرار)، وبالتالي فإن الأخيار قليلون يستحقون الصفح والمغفرة، ولو كانوا وحوشاَ، وهو نفس المنطق المُعوج المُنعدم الضمير الذي تطالب «أمريكا ترامب» اليوم العالم بتقبلها بناء عليه، فهي وحش كاسر أو غوريلا بوجه جاموس، كما بطل الفيلم، في مقابل أشرار إرهابيين يملؤون الكون، وعليها تأديبهم بمخالبها ثم العودة إلى وجه الإنسان بعد إفنائهم!

 

المصدر | الـخليــــج الجــديــد

  كلمات مفتاحية

الجميلة والوحش ديزني الغوريلا أمريكا تأديب