اليمن بعد عامين من الحرب.. صراع على النفوذ وأوضاع كارثية ومستقبل مجهول

الأحد 26 مارس 2017 11:03 ص

بدأت المملكة السعودية على رأس «التحالف العربي» بشن ضربات جوية ضد «الحوثيين» وحلفائهم، في 26 مارس/آذار 2015، ووفرت لقوات الرئيس اليمني المعترف به دوليا «عبدربه منصور هادي» دعما ميدانيا مباشرا، ما أتاح لها استعادة محافظات جنوبية، بينها عدن، إلا أن المتمردين حافظوا على سيطرتهم على العاصمة والشمال اليمني.

ومنذ استعادة القوات الحكومية للمحافظات الجنوبية الخمس في 2015، لم تحقق هذه القوات أي اختراق عسكري كبير، باستثناء سيطرتها بداية العام الحالي على مناطق عند ساحل البحر الأحمر في غرب اليمن وتقدمها نحو ميناء الحديدة الرئيسي إثر معارك قتل فيها مئات من الطرفين.

وتحتفظ القوات الحكومية بنفوذها على 8 محافظات جنوبية تشكل نحو 70% من المساحة الكلية للبلاد، مقابل 11 محافظة شمالية وغربية كثيفة السكان(80% من السكان) ما تزال خاضعة لسيطرة «الحوثيين»، في وقت تتنازع فيه هذه الأطراف، نفوذا متفاوتا في 3 محافظات هي مأرب وتعز والجوف.

وتسيطر حكومة «هادي» على كامل المحافظات الجنوبية والشرقية تقريبا التي تمثل نحو ثلثي المساحة الكلية للبلاد (عدن، لحج، الضالع، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة، وسقطرى)، غير أن «الحوثيين» وقوات الرئيس المخلوع «علي عبدالله صالح» تحتفظ بجيوب متفاوتة الأهمية في محافظات شبوة وأبين والضالع ولحج.

ويستميت تحالف «الحوثيين صالح» من أجل الحفاظ على نفوذ إداري ومالي في محافظات الشطر الشمالي السابق من البلاد بما فيها العاصمة صنعاء.

لكن هذا التحالف الداخلي، يواجه تحديات عسكرية وأمنية كبيرة خاصة في محافظات حجة والبيضاء، وذمار حيث سيبسط «الحوثيون» وحلفاؤهم نفوذهم على «بلدية صنعاء (أمانة العاصمة)، محافظة صنعاء (ريف العاصمة)، عمران، صعدة، حجة، الحديدة، المحويت، ذمار، إب، البيضاء، ريمة)».

ومن الناحية العملية تبدو محافظة مأرب النفطية كما لو أنها العاصمة الشمالية للحكومة المعترف بها دوليا، لكن الخطر لا يتوقف مع احتفاظ «الحوثيين» و«صالح» بنفوذ عسكري مؤثر في مديرية صرواح غربي المحافظة.

كما تعد محافظة تعز هي مركز الثقل السكاني جنوبي غرب البلاد، حيث يشكل سكانها ما نسبته 13% من إجمالي عدد سكان اليمن.

وتضم محافظة تعز الممتدة إلى مضيق باب المندب 23 مديرية يبسط حلفاء الحكومة نفوذهم على 11 مديرية منها، بما فيها مركز المحافظة، فيما يسيطر «الحوثيون» وقوات «صالح» على 9 مديريات تتحكم بطرق إمداد ومنافذ رئيسة غربا نحو سواحل البحر الأحمر، وشرقا نحو مدينة عدن وشمالا نحو العاصمة صنعاء، في حصار محكم على المدينة منذ منتصف العام 2015.

ويتنازع الطرفان السيطرة على ثلاث مديريات غربي وشرقي مدينة تعز.

أوضاع إنسانية كارثية

وحول الأوضاع الإنسانية، تقول «الأمم المتحدة» إن الحرب التي تمزق اليمن منذ عامين خلفت أسوأ كارثة إنسانية في العالم من حيث عدد السكان المحتاجين للمساعدات التي يقدر قيمتها بأكثر من ملياري دولار.

وخلفت الحرب 10 آلاف قتيل، و42 ألف جريح، و18.8 ملايين شخص بحاجة لأي شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، و10 ملايين شخص بحاجة لمساعدات إنسانية فورية للبقاء على قيد الحياة، و2 مليون طفل يعانون من سؤ التغذية الحاد، و3 ملايين نازح، و3 ملايين فقدوا أعمالهم ومصادر الرزق.

ووسط فوضى العنف والسياسة، تقول «الأمم المتحدة» إن المدنيين هم أكثر من يدفع ثمن استمرار النزاع، فبالإضافة إلى خطر المجاعة، وعمليات القتل ونزوح مئات الآلاف عن منازلهم، توقفت نحو 1640 مدرسة عن التعليم حارمة 1.84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1.6 ملايين طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ فترة ما قبل النزاع.

مسار سياسي متعثر

وعقدت الأطراف اليمنية المتحاربة 4 جولات من المفاوضات متنقلة بين سويسرا والكويت، وكان أبرز ما تنص عليه أحدث خطة للسلام (انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء، تسليم الحوثيين وحلفائهم للأسلحة الباليستية لطرف محايد، تشكيل حكومة وحدة وطنية، نقل صلاحيات الرئيس هادي إلى نائب توافقي، صياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات بعد عام من التوقيع على اتفاق سلام.

صراع على الأرض

ووفق التقارير الأممية تحولت إيران إلى مصدر رئيس لشحنات الأسلحة المهربة التي تنتهي في أيدي «الحوثيين»، حيث كشف تقرير لفريق الخبراء التابع لـ«الأمم المتحدة» الذي يراقب العقوبات المفروضة على اليمن، عن وجود مؤشرات على عمليات نقل لأسلحة نوعية مضادة للدروع إيرانية المنشأ حصل عليها «الحوثيون» مستدلا بخمس سفن تم احتجازها وضبط أسلحة مهربة فيها، بينها ثلاث سفن كانت تحمل أسلحة إيرانية الصنع.

كما تقدم إيران علاوة على ذلك دعما لوجستيا ومهاريا وغطاء دبلوماسيا وإعلاميا كبيرا لتحالف «الحوثيين» والمخلوع «صالح».

من جهة أخرى، تشارك الإمارات في التحالف الذي تقوده السعودية بغالبية القوات البرية على الأراضي اليمني، وكانت خسائر هذه القوات على صعيد العمليات العسكرية، في الأراضي اليمنية، هي الأكبر.

كما تجرى اليوم العمليات البرية والتغييرات السياسية في عدن والمحافظات الجنوبية تحت السيطرة الكاملة للإمارات.

وتهيمن جماعة «الحوثيين» على ترسانة تسليحية هائلة غنمتها من معسكرات الجيش اليمني، ويعتقد زعيم جماعة «الحوثيين»، «عبدالملك الحوثي»، أن الرئيس «هادي» الذي أفلت من قبضة جماعته إلى عدن، فقد كامل شرعيته كرئيس للبلاد، بينما تستميت الجماعة وحلفاؤها العسكريون في الدفاع عن معاقلها الشمالية وصنعاء كمركز سياسي للحكم.

وفي ذات السياق، التزم الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال عن الشمال مسارا سلميا لتحقيق مطالبه، قبل أن تشكل كوادره العسكرية قوة كبيرة في تحالف الحرب ضد «الحوثيين» و«صالح» في المحافظات الجنوبية.

وتتحالف فصائل الحراك الجنوبي، بصورة واضحة مع من يدعمها في استعادة الدولة الشطرية، وقد تكون على أهبة الاستعداد للانقلاب على التحالف الهش مع حكومة «هادي» القادمة من الشمال.

ويسعى «هادي» إلى الهيمنة على حكم ذاتي في الجنوب، بدلا من أن يكون كبش فداء لتسوية جديدة في البلاد تحت إشراف سعودي، بينما يواصل «صالح» استماتته من أجل دور لنجله أحمد بمستقبل اليمن.

وبعد إجبار تنظيم القاعدة على الانسحاب قسرا من مدينة المكلا في حضرموت وعواصم محافظات لحج وأبين وشبوة، ما تزال الجماعات المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية» تنشط في المدن الثانوية لهذه المحافظات.

وتنشط التنظيمات الجهادية في غالبية مدن محافظات ابين وشبوة والبيضاء، وتتواجد خلايا للتنظيمات الجهادية بدرجات متفاوتة في محافظات حضرموت ولحج وعدن، وتتواجد في القتال إلى جانب الجماعات السلفية ضد الحوثيين في ضواحي مدينة تعز، وتستقطب هذه التنظيمات المزيد من الجهاديين المحليين وآخرين من السعودية وتونس وسوريا والعراق.

وتقول الأمم المتحدة إن تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب ما يزال قادرا على استخدام اليمن كمنصة لشن هجمات على دول غربية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات اليمن إيران التحالف العربي الحوثيين هادي صالح الأمم المتحدة