الاستثمارات السعودية في المالديف.. قلق وآمال بتحويلها للريفييرا الفرنسية

الثلاثاء 28 مارس 2017 08:03 ص

مع تزايد خوف بعض سكان جزر المالديف من الأموال السعودية التي ينتظر تدفقها على الجزر، وأثرها في تغيير نمط حياتهم الذي اعتادوا عليه، تراهن مجموعات أخرى على أهمية تلك الاستثمارات في القضاء على البطالة وتطوير تلك الجزر البديعة على غرار الريفييرا الفرنسية.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير لها إن هناك حالة من الخوف لدى السكان على مستقبل جزيرة مادهو، إحدى 1200 جزيرة تشكل معاً جمهورية المالديف، الدولة الواقعة إلى الجنوب الغربي من الهند إلى المحيط الهادي.

وتدور الحياة هناك حول الصيد والاستجمام تحت أشجار النخيل، ويخشى السكان هناك من تغيير نمط الحياة بعد إعلان الرئيس المالديفي في يناير/كانون ثاني الماضي، أنَّ قادة السعودية كانوا يُخطِّطون لاستثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في مجموعة الجزر.

وكان أكثر ما يثير القلق لدى السكان هي التقارير التي أفادت بأنَّ الحكومة كانت تتخلَّى عن سياسةٍ طويلة الأمد لتأجير الجزر التي تُمثِّل موطناً لبعض أبرز المنتجعات في العالم، وأنَّها ستبيع الجزيرة كاملةً إلى السعوديين. ويخشى السكان من تهجَّيرهم من الجزر.

لكن لا يخشى جميع سكان الجزيرة من القدوم السعودي المحتمل. إذ يأمل الكثيرون في أنَّ الاستثمار السعودي سيجلب معه الوظائف والتنمية، حتى وإن كانوا يشعرون بالقلق من أنَّهم قد يُرغمون على مغادرة الجزيرة.

ويتكدَّس أكثر من ثلث سكان المالديف الذين يقاربون 350 ألفاً في الجزيرة العاصمة، ماليه، على مساحة 2.2 ميل مربع (5.7 كم مربع) فقط من الأرض، التي تبعد فقط مسافة ساعتين ونصف الساعة بالقارب السريع شمال شرقي آتول فافو.

ويرى الرئيس المالديفي عبد الله يمين، أنّ السعوديين لديهم تصوُّرات حيال تطويرات متعددة الاستخدام على غِرار الريفييرا الفرنسية.

وقال إنَّ مليون شخص سيُجذبون إلى الجزيرة، التي ستقام عليها مطارات ومنتجعات، ومساكن راقية.

وقال إسلام أحمد، 24 عاماً، لنيويورك تايمز، إنه وآخرون يستعدون لتغييرٍ في نمط الحياة يخشون أنَّه ربما يكون كارثياً، إلا أنه قال إنَّه مستعد لمغادرة الجزيرة، لكن في ظل ظروفٍ مناسبة.

وأضاف "أي شخص لديه القليل من الثروة سيذهب إلى ماليه لتعليم أطفاله. وإذا حصلتُ على مالٍ كاف، سأذهب أنا أيضاً لأمنح طفلي تعليماً".

لكن مع التطوير السعودي المحتمل، يشعر أحمد بالقلق من إمكانية إرغامه هو وعائلته على المغادرة، سواء رغبوا في ذلك أم لا.

ويخشى الكثير من السكان من أنَّهم قد يُنقَلون إلى شُققٍ تبنيها الحكومة فوق جزيرةٍ اصطناعية بالقرب من ماليه، ومُموَّلة جزئياً بقرضٍ بلغ 80 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية.

وأشارت نيويورك تايمز إلى أنه حينما زار الرئيس يمين جزيرة مادهو، في أواخر يناير/كانون ثاني الماضي، حاول أن يُهدِّئ هذه المخاوف. إذ جاء الرئيس ليُعلِن أنَّ الملك سلمان قد تبرَّع ببناء مسجدٍ جديد لسُكَّان مادهو.

وتعهَّد يمين بأنَّ مزيداً من التطويرات السعودية ستأتي. وقال: "لقد خطَّطوا مشروعاً عملاقاً من أجل آتول فافو. وقد انتهت جميع المُخطَّطات والرسومات".

وفي ظل توزُّع السكان القليلين للبلاد على مئاتٍ من الجزر المماثلة، تعاني الحكومة من أجل تلبية احتياجات السكان من الماء العذب، والصرف الصحي، والتعليم.

وللحكومة تاريخٌ في إبعادها للسكان من الجزر الصغيرة إلى الجزر الأكبر، حيث يمكنها تقديم خدمات مركزية، وهو الأمر الذي يزيد مخاوف سكان مادهو.

لن تباع

ونفى الرئيس المالديفي، عبدالله يمين، أنَّ الجزيرة ستُباع، وقالت السفارة السعودية إنَّه لم يكن لديها أية نية للاستثمار في مشروعاتٍ عملاقة أو شراء إحدى الجزر أو الجزر المرجانية في المالديف.

لكن حقيقة أنَّ الرئيس يمين قد دفع باتجاه تغيير الدستور في 2015 للسماح ببيع الممتلكات للكيانات الأجنبية، استمرت في تغذية الشائعات بشأن البيع المُحتمل.

ونشرت السعودية على مدى عقودٍ تصوُّرها المُحافِظ للإسلام في المالديف من خلال إرسال القادة الدينيين، وبناء المساجد، وتقديم المنح للطلاب للحضور إلى جامعاتها.

وتبني السعودية مبنى جديداً في المطار، وتعهَّدت بتقديم عشرات الملايين من الدولارات في صورة منح وقروض للبنية التحتية والإسكان في إحدى الجزر الاصطناعية بالقرب من العاصمة.

وبصورةٍ مشابهة، تعهَّدت الصين، التي تنظر إلى المالديف باعتبارها نقطةً استراتيجية في سعيها من أجل الهيمنة الإقليمية، بمئات الملايين من الدولارات في صورة قروض من أجل بناء مدرج جديد للمطار وجسرٍ يبلغ طوله ميلاً (1.6 كم) يربط بين المطار والعاصمة.

وبدا الاستثمار السعودي البالغ 10 مليارات دولار إنجازاً كبيراً للرئيس يمين، لكن يبدو الآن أنَّ السعوديين قد أرجأوا الأمد بسبب الدعاية السلبية، وقد تُلغى الصفقة.

احتجاجات المعارضة

وكانت أنباء عن نية حكومة المالديف بيع جزر للسعودية قد أثارت احتجاجات من المعارضة المالديفية مؤخرا، إلا أن الحكومة نفت هذه المزاعم.

وقال وزير خارجية جزر المالديف السابق «أحمد نسيم»، للصحفيين في كولومبو: «سنعلن بشكل واضح جدا للعائلة المالكة السعودية أننا ضد بيع أراضينا».

وأشار إلى أنباء في جزر المالديف حول شراء الحكومة السعودية أو شركة تجارية سعودية أرخبيلا من 28 جزيرة مرجانية صغيرة بمليارات الدولارات.

ويأتي إعلان «المعارضة المتحدة في المالديف»، ومقرها كولومبو، غداة نفي حكومة الرئيس «عبد الله يمين» بيع الجزر للسعوديين أو غيرهم.

ومع ذلك، أصر الائتلاف على ان الحكومة ستمضي قدما في صفقة يمكن أن تصل قيمتها الى ضعف اقتصاد المالديف البالغ 5.2 مليارات دولار.

ويسكن الأرخبيل 340 ألف نسمة من المسلمين السنة.

وتتهم المعارضة «يمين» بالتنازل عن أرخبيل «فاتو» غير المأهول إلى السعودية. وفي 2015، رفع «يمين» حظرا مفروضا على ملكية الأجانب للعقارات.

والأراضي نادرة في جزر المالديف حيث تشكل المياه 99.9% في المئة من البلاد في حين تبلغ مساحة 1192 جزيرة صغيرة حوالى 300 كلم مربع.

ورغم ذلك، فان موقع الجزر استراتيجي كونها مبعثرة على مسافة 800 كلم عبر خط الاستواء، كما أنها على جانبي الممرات الرئيسية لخطوط الشحن البحري بين الشرق والغرب.

ويعتبر هذا البلد من الوجهات الرئيسية لقضاء العطلات، لكن صورته اهتزت بسبب الاضطرابات السياسية في السنوات الأخيرة.

والجزر المنخفضة مهددة بارتفاع منسوب مياه البحر، وقد حذرت الأمم المتحدة من أن المياه قد تغمرها بحلول عام 2100.

  كلمات مفتاحية

السعودية ريفييرا جزر المالديف العلاقات السعودية المالديفية

«ذا ديبلومات»: هل ستشتري السعودية جزيرة مرجانية كاملة من جزر المالديف؟

السعودية تقرض المالديف 100 مليون دولار لتطوير مطارها الدولي

«بن لادن» السعودية تفوز بعقد بناء مبنى ركاب في مطار المالديف بـ800 مليون دولار

العاهل السعودي يستقبل رئيس المالديف في مطار الملك خالد بالرياض

انخفاض عوائد الأصول السعودية المستثمرة في الخارج خلال 2016

هيئة سعودية تغرم مواطنتين 107 آلاف دولار بسبب الإساءة للمالديف