اقتصادي سعودي: 1.6 مليون وظيفة بانتظار قرار توطينها في المملكة

الاثنين 10 أبريل 2017 11:04 ص

أكد الكاتب الصحفي والمحلل الاقتصادي السعودي «عبد الحميد العمري»، أنه يمكن حل مشكلة البطالة فورا وبقرار عاجل؛ عبر توظيف 1.6 مليون سعودي في وظائف تتطلب مؤهلات وشهادات ويحتلها الوافدون حاليا؛ كاشفا عن ثغرة خطيرة في برامج التوطين بالمملكة، تتمثل في أن القطاع الخاص يوفّر فرص عمل متدنية الشهادات والدخل.

بينما حوالى 91.4% من العاطلين المواطنين يحملون شهادة الثانوية العامة فأعلى وهو ما أدى إلى زيادة معدلات البطالة بين المواطنين، مقابل زيادة استقدام وتوظيف العمالة الوافدة؛ وكأننا في سباق لبطالة المواطن وزيادة الاستقدام.

وفي مقال له بعنوان (كيف نوقف رالي البطالة والاستقدام؟) بصحيفة الاقتصادية، رصد «العمري» سباق البطالة والاستقدام في سوق العمل السعودي عبر النشرة الأخيرة لهيئة الإحصاء (سوق العمل) للربع الرابع 2016، التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي.

وقال «العمري»: ليس أمراً جديداً أن نكتشف أن سوق العمل المحلية، وقعت رهينة رالي زيادة معدلات البطالة والعاطلين من المواطنين من جانب، ومن جانب آخر زيادة استقدام وتوظيف العمالة الوافدة تلكم الحقيقة القديمة التي لم تأتِ بجديد حولها النشرةُ الأخيرة لهيئة الإحصاء (سوق العمل) للربع الرابع 2016، التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي.

 خلال الفترة 2010- 2016، قفزت أعداد العاطلين عن العمل من نحو 501.3 ألف عاطل وعاطلة بنهاية 2010، إلى أن بلغت نحو 918 ألف عاطل وعاطلة بنهاية 2016؛ أي بزيادة بلغت نِسبتُها 83.1% خلال الفترة.

 وفي الوقت ذاته ارتفعت العمالة الوافدة في القطاع الخاص من 6.3 مليون عامل نهاية 2010، إلى أن بلغت نحو 8.6 مليون عامل نهاية 2016؛ أي بزيادة بلغت نسبتها 36% خلال الفترة نفسها.

وأكد «العمري» أن البطالة وتراكمَ أعداد العاطلين هي القضية الجوهرية، قائلا إن صلب التحدي التنموي العتيد الذي نواجهه جميعاً، المتمثل في تراكم هذا العدد الهائل من العاطلين أو الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات، ثم لا تتوافر لهم فرص عمل كريمة مستحقة.. في الوقت الذي تتنامى فيه أعداد العاطلين من المواطنين بتلك الوتيرة اللافتة، نجد أن القطاع الخاص تَمَكّن خلال الفترة نفسها من استقدام وتوظيف أكثر من 2.2 مليون عامل وافد».

ورصد «العمري» وظائف القطاع الخاص متدنية الشهادات والدخل، والتي تتركز في عمال البناء، وعمال البيع بالتجزئة، وتساءل: لماذا استطاع القطاع الخاص استيعاب تلك الملايين من العمالة الوافدة، وفي الوقت ذاته شَهِدنا عجزه عن استيعاب أقل من نصف أعداد العمالة الوافدة، وأنه مرتبط بدرجة كبيرة بنوعية الوظائف التي برع القطاع الخاص في إيجادها، التي ترتبط بدورها في الأساس بالأنشطة الاقتصادية التي برع فيها القطاع؛ نتيجة تركّز تلك الأنشطة في الغالب على تنفيذ المناقصات الحكومية (الإنشاءات)، وعلى الاستيراد بالجملة من الخارج والبيع بالتجزئة في الداخل، وهي الأنشطة التي لا تتطلب أعلى من الشهادة الابتدائية في أحسن الأحوال».

عاطلون بمؤهل جامعي

وفي مقابل وظائف القطاع الخاص، رصد «العمري» مؤهلات العاطلين بالمملكة، وقال: «في الوقت ذاته ستجد أن نحو 91.4% من العاطلين المواطنين، يحملون شهادة الثانوية العامة فأعلى؛ مما يعني بدوره أن أغلب الوظائف التي برع القطاع في إيجادها عاماً بعد عام، والمنسجمة مع طبيعة أنشطته الرئيسية، وبما لا تتطلب أو تشترط أغلبها شهادات أعلى من الشهادة الابتدائية؛ في الوقت ذاته دفعت أروقة التعليم العام والجامعي بمئات الآلاف من الخريجين والخريجات سنوياً إلى سوق العمل؛ إلا أنها اصطدمت أولاً بهذه الفرص متدنية الشهادات والدخل، واصطدمت ثانياً ببرامج توطين لم تأخذ في عين الاعتبار هذا الاختلاف الكبير بين ما يحمله الباحثون عن عمل من شهادات، وبين تلك الوظائف متدنية التأهيل والدخل، وتريد تلك البرامج للتوطين أن تحشرهم عنوة فيها؛ وهو ما أرهق كثيراً الأطراف كافة".

وعن آثار هذه الثغرة بين وظائف القطاع الخاص ومؤهلات العاطلين في المملكة، قال «العمري: «تسببت هذه الثغرة الخطيرة جداً في برامج التوطين، في العديد من الآثار السلبية؛ لعل من أبرزها:

(1) زيادة معدلات البطالة والعاطلين عن العمل خلال الفترة 2010- 2016.

(2) زيادة استقدام العمالة الوافدة ذات الشهادات المتدنية.

(3) زيادة أشكال التوطين الوهمي، التي وجدت من خلاله منشآت القطاع الخاص منطقةً آمنةً للتكيف مع متطلبات برامج التوطين؛ لتلبي -وفق أدنى المعايير- اشتراطات وقيود وزارة العمل من جهة، ومن جهة أخرى تحظى بنصيبها من العمالة الوافدة التي تُحقق أهدافها النهائية، وتتوافق مع طبيعة نشاطاتها الفعلية، وتُحقق بذلك قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، دون النظر من قريب أو بعيد إلى حجم الأضرار الفادحة التي انعكست على الاقتصاد والمجتمع على حد سواء نتيجة تفاقم أشكال هذا النوع من التوطين الوهمي.

(4) زيادة سيطرة العمالة الوافدة على المناصب التنفيذية والقيادية؛ لضعف سطوة برامج التوطين عليها، أو حتى يمكن القول إنها لم تَمَسّها من قريب أو بعيد. وارتفاع نسبة استحواذ العمالة الوافدة على تلك المناصب من أقل من العشر إلى نحو نصف أعدادها بنهاية الفترة؛ إلا دليل قاطع على ضعف تلك البرامج، وعدم أخذها بعين الاعتبار هذه المتغيرات على أرض الواقع.

وعن واقع القطاع الخاص الحالي، قال «العمري» «لن يجود القطاع الخاص بأكثر مما لديه، وهو القطاع الذي انكشفت حقيقة وضعه بصورة جلية بعد انخفاض أسعار النفط، وترشيد الإنفاق الحكومي، وبدء سياسات تحرير أسعار أستهلاك الطاقة؛ فسرعان ما انكفأ على ذاته محاولاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ ولهذا شهدنا العام الماضي عمليات واسعة من إنهاء عقود العمالة الوطنية، ووصل صافي نتائجها إلى انخفاض العمالة الوطنية في القطاع الخاص خلال 2016 بنحو 57 ألف مواطن ومواطنة، وسرعان ما انتقلت وتيرة إنهاء العقود خلال الربع الأخير من العام الماضي إلى العمالة الوافدة، وترتب عليها إنهاء عقود نحو 102 ألف عامل قبل نهاية العام».

ورأى «العمري» أن الحلول متاحة برغم الظروف غير المواتية التي يعبُرها الاقتصاد الوطني خلال المرحلة الراهنة، والقطاع الخاص على وجه الخصوص؛ لعل من أبرزها وضعُ الإجراءات العاجلة بسرعة إحلال العمالة الوطنية في الوظائف التي تتطلب مؤهلات وشهادات الباحثين عن العمل من المواطنين نفسها، وهي الوظائف الكافية جداً من حيث العدد (1.6 مليون وظيفة) التي يمكن إحلالها بمواطنين ومواطنات، والعمل أيضاً على إقرار سياسات وبرامج تُسهم في تعزيز قدرة القطاع الخاص على تنويع القاعدة الإنتاجية، والتركيز في الدرجة الأولى على نشاط الخدمات، عبر سياسات تحارب احتكار الأنشطة ذات العوائد العالية، وسياسات أخرى تحفّز الأنشطة الغائبة عن المشهد الاقتصادي المحلي.

  كلمات مفتاحية

السعودية البطالة توطين