الفساد يزداد تجذرا في مفاصل الاقتصاد المصري في ظل حكم «السيسي»

السبت 15 أبريل 2017 10:04 ص

عندما أراد «حسن» بدء مشروع عقاري جديد في مصر من دون دفع رشى هدد موظفون في الإدارة المحلية بوقف الإجراءات بل ذهبوا إلى حد القول إن قطعة الأرض التي يود البناء عليها فيها كنوز أثرية، ولم يكن أمام الرجل إلا الرضوخ لطلباتهم، ويقول «حسن الذي فضل استخدام اسم مستعار «كل إجراء يُكلف المال».

والفساد آفة يواجهها المصريون يوميًا، ويُندر ألّا يضطروا إلى دفع رشى في الإدارات الحكومية للحصول على أوراق أو تصاريح رسمية، كما أنهم اعتادوا على وضع النقود في يد الشرطي للإفلات من مخالفات مرورية، وهو وضع يرجع في بعض الحالات إلى تدني الرواتب إلى درجة كبيرة إذ تبلغ أحيانا 1200 جنيه (قرابة 60 دولاراً) وهو الحد الأدنى لأجور الموظفين في مصر، ولكن ظاهرة الفساد موجودة كذلك على أعلى المستويات، بحسب «العربي الجديد».

وكان الاحتجاج على الفساد أحد أسباب نزول ملايين المصريين إلى الشوارع في العام 2011 وإسقاط «حسني مبارك» الذي كان متهما بالاستفادة هو وأبناؤه من الفساد المستشري.

ويعتقد «حسن» أنه منذ الثورة على مبارك لم يتغير شيء «سوى الوجوه».

إصلاحات منتظرة

ورغم ذلك، حظيت عدة قضايا فساد باهتمام إعلامي كبير، وأحيلت إلى القضاء أخيرًا، ومنذ وصوله إلى السلطة عقب إطاحته الرئيس المنتخب «محمد مرسي» في العام 2013، لا يكف الرئيس «عبد الفتاح السيسي» عن التأكيد على أن مكافحة الفساد هي إحدى أولوياته مشددا على أنه «لا أحد فوق القانون».

وفي نيسان/أبريل 2016، صدر حكم على وزير زراعة سابق في عهده بالسجن 10 سنوات لتلقيه رشوة.

وكل أسبوع تقريبًا، تعلن هيئة الرقابة الإدارية عن توقيف موظفين متهمين بالفساد ومن بينهم موظفان في وزارة الأوقاف ألقي القبض عليهما في يناير/كانون الثاني الماضي بتهمة تلقي رشى في عملية بيع أراض.

وانتحر قاض في مجلس الدولة في  يناير/كانون الثاني الماضي بعد توقيفه في قضية فساد مالي، ورفضت هيئة الرقابة الإدارية طلبات وكالة «فرانس برس» لإجراء مقابلات مع مسؤوليها.

ويُقر «ولاء جاد الكريم»؛ وهو مسؤول في منظمة «شركاء من أجل الشفافية غير الحكومية» بأن «الخطاب السياسي قوي جدا في ما يتعلق بالفساد إذ يتحدث الرئيس عن ذلك دائمًا». ولكنه يضيف، «غير أن هذا يجب أن ينعكس بشكل أسرع في التشريعات».

ويطالب الخبراء بإصلاحات تتعلق بحرية الحصول على المعلومات وحماية المبلِّغين عن قضايا فساد واستقلالية الهيئات الرقابية ودور أكبر للمجتمع المدني.

وفي انتظار هذه الإصلاحات، فقدت مصر نقطتين في عام 2016 مقارنة بالعام 2015 على مقياس الفساد الخاص بمنظمة الشفافية الدولية الذي يقيس مدركات الفساد في القطاع الحكومي.

وتقول «كندة حتر»، مستشارة إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة الشفافية الدولية إن هذا التراجع يعود إلى «القيود المفروضة على المجتمع المدني وعلى أجهزة الرقابة الحكومية في ما يتعلق بالحديث عن الفساد».

وهي قيود كشفت عنها قضية «هشام جنينة»، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، فبعد أن أدلى «جنينة» بتصريحات صحفية حول حجم الفساد في البلد، أُقيل من منصبه وحكم عليه بالحبس لسنة مع وقف التنفيذ إذ اتهم بنشر أخبار كاذبة تضمنت «تضخيمًا» لكلفة الفساد.

وقال «جنينة» في نهاية العام 2015 إن كلفة الفساد في القطاع الحكومي تصل الى 600 مليار جنيه (ما يزيد عن 60 مليار دولار وفقا لسعر الصرف آنذاك) استنادًا إلى حاصل جمع التقديرات الواردة في تقارير أعدها الجهاز المركزي للمحاسبات ما بين عامي 2012 و2015.

ويقول «أسامة دياب» الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وهي منظمة غير حكومية، إن «جنينة تجاوز خطًا أحمر في غاية الأهمية إذ إن الاستقلالية التي منحت للجهاز المركزي للمحاسبات كانت دائما مشروطة بأن تظل البيانات والأرقام التي يتحصل عليها سرية».

أما تأثير الفساد على المصريين فيتخذ أشكالا عدة، وتشير «حتر» إلى أن «مصر معروفة بانهيار البنايات فوق رؤوس سكانها بسبب مخالفة المبنى للشروط الفنية».

وتُوضح أن المقاولين المتلاعبين لا يترددون في دفع رشى للموظفين لشراء سكوتهم على مخالفات البناء، وثمة صورة أخرى شائعة للفساد، فبعد أن دفعت «دانيا» غرامة قدرها 500 جنيه (قرابة 27 دولارا) لأنها كانت تقود سيارتها برخصة قيادة منتهية الصلاحية، تلقت نصيحة ثمينة من أحد الضباط: «لو أنك اعطيت 50 جنيها (2.7 دولار تقريبًا) للشرطي في لحظتها لما اضطررت إلى تسديد الغرامة». 

  كلمات مفتاحية

الفساد تجذر مفاصل الاقتصاد حكم السيسي

ثروات مصر الضائعة بين الفساد والكبار

«رايتس ووتش»: محاكمة «جنينة» تقوض استقلالية هيئات مكافحة الفساد في مصر