«ستراتفور»: الرئيس التركي يفوز بسلطات غير مسبوقة في تصويت مثير

الاثنين 17 أبريل 2017 10:04 ص

في انتصارٍ اتسم بالإثارة حتى فرز آخر صندوق، من الواضح أنّ حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس «رجب طيب أردوغان»، قد حصلوا على انتصارٍ حاسم، سيعزز الرئاسة بشكلٍ كبير، رغم التحدّيات التي لا تزال قائمة من قبل المعارضة. وقد أدلى 48 مليون من أصل 55 مليون ناخبٍ مؤهل بأصواتهم حول مجموعة من 18 تعديل دستوري من شأنها أن تغير الحكومة التركية بشكلٍ جوهري، وتصبح سارية المفعول في الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2019.

ومع فرز جميع الأصوات تقريبًا، حصدت «نعم» على 51.34% في حين بلغت نسبة المصوتين بـ «لا» يقترب من 48.66% من الأصوات، وفقًا لما ذكرته وكالة الأناضول التي تديرها الدولة. ومع ذلك، أظهر الاستطلاع مدى استقطاب الناخبين الأتراك بشكلٍ عميق. ولقد حقق «أردوغان» انتصارًا على الرغم من فقدان أكبر ثلاث مدن في التصويت، إسطنبول وأنقرة وأزمير. ويبدو أنّ القيادة الضعيفة نسبيًا لحزب العدالة والتنمية هي السبب الرئيسي الذي يجعل «أردوغان» يشعر بأنّه مجبرٌ على اللجوء إلى تدابيرٍ استثنائية لتعزيز السلطة.

وتعد الاستفتاءات الدستورية شائعة في التاريخ التركي الحديث، مع ستة استطلاعاتٍ وقعت منذ عام 1961. وامتدت الحرب بين منح الصلاحيات للبرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية والجيش على مدى عقود في تركيا. لكنّ الاستفتاء الأخير الذي أُجري في 16 أبريل/نيسان الماضي، يسمح بإجراء أكبر التغييرات في تقسيم السلطة بين السلطة التنفيذية والتشريعية، الأمر الذي سيزود الرئيس بسلطاتٍ إضافية بطريقةٍ غير مسبوقة في تركيا.

ويعد التصويت تتويجًا لجهود «أردوغان» المستمرة منذ سنوات لإضفاء الطابع الرسمي على بعض السلطات التي كان قد مارسها بالفعل كرئيس. وسوف تنتقل إليه الآن صلاحيات رئيس الوزراء الذي لم يعد له صلاحيات تذكر الآن، وسوف يكون قادرًا على تجنب التخلي عن حزبه وسيقود حزبه السياسي، ويمكنه حل البرلمان، واختيار القضاة ، وإعلان حالة الطوارئ، وسن بعض القوانين بموجب مرسومٍ رئاسي. وتسمح التغييرات أيضًا لـ«أردوغان» بالترشح لفترتين رئاسيتين أخريين، الأمر الذي يسمح له بالبقاء في الحكم حتى عام 2029.

ومن غير المعتاد أبدًا أن يحرز النصر الانتخابي في تركيا دون الفوز بأصوات المدن الكبرى. وكانت إسطنبول وأنقرة مضمونتين في معسكر حزب العدالة والتنمية منذ أعوام، وكانت أزمير، التي كانت معقل حزب الشعب الجمهوري المعارض، تتجه نحو حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة. ووفقًا لنتائج وكالة الأناضول التي تديرها الدولة في اسطنبول، فإنّ التصويت بـ «لا» في إسطنبول قد مثّل 51.34% مقابل 48.66% بـ «نعم». وفي أنقرة، 51.14% بـ «لا» مقابل 48.86% بـ «نعم». وفي إزمير، 68.78% بـ «لا» مقابل 31.22% بـ «نعم». ولم يكن التصويت بـ «لا» مفاجئًا في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا، ولكن الفارق كان أصغر مما كان متوقعًا.

وفي حين يشكك معسكر «لا» في قرار المجلس الانتخابي التركي بالاعتماد على أوراق الاقتراع التي لم تكن مختومة، إلا أنّ هذا يعد حدثًا شائعًا في الانتخابات التركية الأخيرة. وتشكك أحزاب المعارضة المؤيدة للتصويت بـ «لا»، ومن بينهم رئيس حزب الشعب الجمهوري، علنًا ​​في شرعية التصويت.

ولا شك أنّ تحول تركيا نحو نظامٍ أكثر سلطوية تحت حكم «أردوغان» سيثير مزيدًا من غضب الاتحاد الأوروبي، لكنّ القوى الأوروبية تفهم أيضًا أنّها لا تزال بحاجة إلى تعاون تركيا في احتواء حركة المهاجرين والإبقاء على أعينها مفتوحة على روسيا. وقال رئيس الوزراء التركي «بن علي يلدريم» الأسبوع الماضي أنّ الحكومة ستعيد النظر في القضية العالقة التي تخص السماح للمواطنين الأتراك بدخول الاتحاد الأوروبي دون الحاجة إلى تأشيرة، وهدد أيضًا بأنّ الحكومة التركية قد تعيد تقييم اتّفاق المهاجرين مع الكتلة بعد الاستفتاء. وإذا أصبح حزب العدالة والتنمية أكثر جرأة بعد الاستفتاء، سيعني هذا مزيدًا من تعقيد مفاوضات تركيا، الهشة أصلًا، مع الاتحاد الأوروبي. ومع تحسن الظروف المناخية وتزايد حركة المهاجرين، سيكون ذلك شاغلًا ملحًا للاتحاد الأوروبي للعمل عليه مع تركيا.

وفي حين يشير التصويت إلى تغييرٍ جذريٍ للداخل التركي على المدى الطويل، فإنّ سياسة تركيا الخارجية ستبقى إلى حدٍ كبير دون تغيير. وبصرف النظر عن الانتصار أو الهزيمة في الاستفتاء، فإنّ تركيا ستواصل تعميق تركيزها ووجودها في شمال العراق وسوريا، في محاولةٍ لاحتواء التوسع الكردي ومواجهة إيران في معركة واسعة النطاق بالوكالة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان الدستور التركي