استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الإرهاب.. رواية غربية مشوهة

السبت 22 أبريل 2017 06:04 ص

في مدينة غربية كبرى، تصطدم سيارة بحشد من المشاة، وتقتل عدة أشخاص. كان هذا المشهد في لندن في 22 مارس/‏ آذار. كما كان في ملبورن (أستراليا) في 20 يناير/‏ كانون الثاني. وأوجه الاختلاف والتشابه في ردود الفعل على الحادثين، تبوح بالكثير عن تصوّر وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية للإرهاب والتهديدات المحتملة الأخرى. 

في إحدى الحالتين كان المهاجم رجلاً مدمن مخدرات من أصل يوناني، هاجم دونما سبب معقول يعترف به الناس العاديون. وقد خلف «ديمتريوس غارغاسولاس» وراءه أثراً من الرسائل على فيسبوك، يتبجح فيها عن «المستنيرين» (جماعة دينية ظهرت في إسبانيا في القرن السادس عشر)، وسماع أصوات من الله. 

وفي الحالة الأخرى، كان خالد مسعود يستهدف البرلمان البريطاني، في ما تقول الشرطة إنه كان هجوماً إرهابياً مستوحىً من الإسلام. وقال نائب مفوض الشرطة «نيل ياسو» إن المهاجم «كان لديه اهتمام بالجهاد، فيما يبدو». 

وقالت الشرطة في ملبورن، إن الحادث الذي وقع فيها، لم يكن هجوماً إرهابياً، ولذلك، يستحق هجوم وستمنستر تغطية إعلامية أكثر، أو هكذا يُظنّ. ولم يكن هنالك نقص في التعليقات. 

دونالد ترامب نشر تغريدات على تويتر، هاجم فيها عمدة لندن (المسلم) دونما سبب. وكتب الممثل الأمريكي «أندرو مكارثي» معلقة طويلة في المجلة الأمريكية المحافظة البارزة «ناشيونال ريفيو»، ينعت فيها الإسلام بأنه «معادٍ للغرب»، ويُردد في الوقت نفسه، السؤال الذي يُطرح على نطاق واسع «ما الذي يجب القيام به؟».

من بعض النواحي، ردّ الفعل مفهوم تماماً. فالإرهاب الذي تقوم وراءه دوافع سياسية أو دينية، وحشٌ مختلف عن العنف العشوائي. ففي الأول أجندة، ونيّة مشتركة بين عدد كبير من الناس، للقتل وفرض التغيير السياسي. وإذا كان هنالك مصدر موحد وسبب للمشكلة، يمكن حلهما عندئذٍ، أو الحدّ منهما على الأقل. 

على الصعيد العالمي، خطرُ الإرهاب الآن أعلى مما هو عليه منذ 1970، وفقاً لقاعدة بيانات الإرهاب العالمي، الموجودة لدى الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والاستجابات للإرهاب في جامعة ميريلاند. 

ويظل خطر الموت برصاص بندقية - أو تحطم سيارة، أو أي حادث آخر- هو ما يجب على الأمريكيين أن يخشوه فعلاً، إذا كان لا بُدّ من وجود شيء يخشونه. 

ومع ذلك، ثمة خطر يكمن في احتمال ذهاب التعميمات بعيداً جدّاً. وعلى سبيل المثال: عندما صدم «غارغاسولاس» المشاة في وسط مدينة ملبورن، سارع ناشطون مناهضون للمسلمين إلى التخمين بأن الهجوم «جهاد» قبل أن تتضح الحقائق. كتب (المؤلف والباحث) روبرت سبنسر في مدونته «مراقبة الجهاد»، أن المهاجم هتف «الله أكبر»، بناء فيما يبدو على ادعاءات غير موثقة لشاهد وحيد، وادّعى لاحقاً بأن الرجل «كان قد تحوّل إلى الإسلام». 

وما فعله سبنسر وغيره من أمثاله، على أية حال، هو إيجاد قالب لكيفية تعاملنا مع العنف. فإذا كان يطابق مجموعة من المعايير، القائمة على دين أو عرق مرتكب الجريمة، وطريقة الهجوم، وما إلى ذلك، يجري رفعه إلى درجة كونه خطراً مزعوماً أكبر، ويتطلب بالتالي تغطية إعلامية إضافية. وسبنسر شفاف جدّاً في هذا الصدد، ولكن وسائل الإعلام السائدة قد تنساق وراء تلك التعميمات من دون وعي. 

وهكذا، ندخل في حلقة مفرغة. فكلما وقع عمل جديد من أعمال العنف، يجري تفحّصه بحثاً عن علامات الإرهاب. فإذا كانت هوية المهاجم تطابق تلك المعايير، يُعتبر العمل إرهاباً بصورة تلقائية، على الرغم من أن أتباع الإسلام يمكن أن يرتكبوا أعمال عنف عشوائية (أي ليست إرهاباً)، مثلهم مثل أتباع الديانات الأخرى. 

هي خطوة سهلة، إذاً، أن تُستخدم كلمة «إرهاب» للإشارة حصرياً إلى أعمال العنف التي يرتكبها مسلمون. وبسبب هذه التعميمات تدخل القصص المبالغ فيها، أو غير الصحيحة جزئياً حول هجمات فردية، حيز السرد، ثم يجري تمريرها بعد ذلك باعتبارها أدلة لاحقة، تضاف إلى جبل من أمثالها. والهجمات التي لا تطابق ذلك السرد، يجري تجاهلها. 

وفي أمريكا، على وجه الخصوص، السردُ مشوهٌ بشكل خاص، لأن الأمريكيين فيما يبدو، يعتبرون كل ما يحدث في أوروبا، ينطبق على بلادهم بدرجة مساوية. فالرئيس ترامب تمكن من الاعتماد على الخوف من المهاجرين والتصوّرات لأزمة مهاجرين، عندما أغرقت صور المهاجرين الذين يغمرون شواطئ أوروبا، موجات الأخبار. 

الإرهاب يستحق عنايتنا. ولكن، تستحق عنايتَنا أيضاً عملياتُ إطلاق النار في المدارس، وقضايا الصحة العقلية، والأخطار العسكرية التقليدية. ويجب ألا يغطي الإرهاب على كل ما عداه.

* ميتشيل بلات صحفي مستقل مقيم في الصين.

المصدر | تشاينا ديلي | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

رواية غربية مشوهة الإرهاب إطلاق النار بالمدارس الصحة العقلية الأخطار العسكرية التقليدية خالد مسعود هجوم ويستمنستر هجوم ملبورن