الإعلام المصري يفشل في دحض «تسريب سيناء».. وبيان سابق للجيش يؤكد صحته

الاثنين 24 أبريل 2017 08:04 ص

أصداء مقطع الفيديو الذي تم تسريبه لعمليات إعدام خارج إطار القانون في سيناء، لا تزال مستمرة، خاصة في ظل فشل الإعلام المصري في إثبات عدم صحته، والكشف عن أسماء المتورطين في عمليات القتل، وأسماء الضحايا.

وكان «تسريب سيناء»، أظهر فيديو لعدد من الأشخاص، يطلقون النار بشكل مباشر على رأس اثنين من شباب سيناء العزل، فيما يشبه الإعدام الميداني بدون محاكمة أو تحقيقات.

كما كشف الفيديو عن قيام منفذي عملية الإعدام، بإلقاء أسلحة آلية بجوار جثث الضحايا، والتقاط صور لهم، لإظهار مصرعهم، وكأنه حدث إثر اشتباكات، لم تحدث من الأساس، بحسب التسريب.

ويظهر الفيديو أيضا عضوا في جهاز المخابرات العسكرية المصري، يراقب ويوجه عملية الإعدام الأولى، وقد استخدم الجنود مدرعات «همفي» التي قدمتها الولايات المتحدة لمصر لنقل المحتجزين.

وتعرفت مصادر من سيناء على القاتل، وهو عنصر معروف في ميليشيات محلية، تعمل بناء على طلب من الجيش المصري.

وعلى الرغم من إنكار الإعلام المصري للواقعة، ومحاولة التشكيك في صحة الفيديو، إلا منشورا تم تسريبه منسوب للجيش، اكد صحة الواقعة، بعد تطابق ما ورد فيه مع ما ذكرته المصادر حول الواقعة ومرتكبيها.

فبركة

وسعت الصحف المصرية، للترويج أن الفيديو «مفبرك»، وغير صحيح، وأن هذه مشاهد تمثيلية، في مساعي إحراج المعارضة من الإسلاميين وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، للجيش المصري.

الإعلامي وعضو مجلس النواب «عبد الرحيم علي»، المقرب من السلطات المصرية، قال إن «الفيديو مفبرك»، ودلل على كلاامه بالقول إن «هناك 7 مشاهد تثبت فبركة الفيديو»، دون أن يذكرها.

وذكر آخرون، أن هذا الفيديو لا أساس له من الصحة، ومفبرك بجودة عالية، مستندين إلى بعض مشاهد الفيديو، مثل ظهور أحد الأشخاص بـ«لحية كثيفة».

وأفرد موقع «دوت مصر»، تقريرا مطولا دعمه بما أسماه صورا من الفيديو، تثبت فبركته.

صحف أخرى، نقلت عن المخرج السينمائي «محمد علم الدين»، وصفه للفيديو بأنه «فبركة ضعيفة المستوى»، مؤكداً أنه يحوي الكثير من مواطن الخلل، وهي كلها أمور بديهية وكاشفة لهذا التزييف، مؤكداً أن «هناك 5 أدلة يمكن من خلالها اكتشاف ضعف الفبركة، وتأكيد براءة القوات المسلحة المصرية مما نسب إليها بارتكاب جرائم ضد المدنيين».

ويلخص الإعلام مشاهد «الفبركة» في ملابس الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو بين الصيفي والشتوي، وبين الملابس المدنية والنصف مدنية، وإخفاء وجوه الضباط والجنود، فضلا عن وضعيات القتلى، واللهجة البدوية غير المصرية، واللحية التي ظهر بها أحد ضابط الجيش.

بيد أن صحيفة «الشروق»، نقلت عن مصدر وصفته بـ«السيادي»، قوله إن «الفيديو مفبرك ومزيف ويهدف للإساءة إلى الجيش المصري».

وأضاف المصدر، بحسب الصحيفة، أنه «بات واضحا أنه كلما تعرض الإخوان والإرهابيون لضربات موجعة، يأتي ردهم دائما عبر هذه الفيديوهات المركبة».

ولفت المصدر النظر إلى ما وصفه «بكم الأكاذيب والأخطاء الساذجة»، في الفيديو، حيث قال إنه «لا يوجد ضباط وجنود مصريون يطلقون لحاهم»، كما ظهر في الشريط، مضيفا أن الجيش لا يقوم بتسليح أهالي سيناء ولا يسمح للجنود باستخدام الهواتف الجوالة، ناهيك عن «الهواتف الذكية» التي يمكن اختراقها.

وأشار المصدر إلى أن الفترة التي يتحدثون عنها لا يمكن أن يرتدي فيها الجندي زيا صيفيا، إضافة إلى الأخطاء الفنية العديدة في الفيديو، واللهجة الغريبة التي يتحدث بها بعض الجنود، وهي «لهجة غير مصرية ولا حتى تخص بدو سيناء».

وأضاف المصدر أن الفيديو «اعتمد على بعض الصور الصحيحة العادية، من صفحة المتحدث العسكري، وقام بتركيبها مع مقاطع أخرى مزيفة، ليظهر الجيش وكأنه يقوم بتصفية أبناء سيناء».

بيان الجيش

هذه المساعي الإعلامية، كشف تسريب جديد، أنها لا تأتي إلا في إطار نفي التهمة عن الجيش، رغم تأكيد منظمات حقوقية دولية بصحته. (طالع المزيد)

صحيفة «العربي الجديد»، كشفت عن منشور كان الجيش المصري، قد وزّعه بطريقة غير رسمية، على السكان في مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، نهاية ديسمبر/ كانون الأول من عام 2016، يشير إلى استبعاد الشخص الذي ظهر في فيديو من قائمة المتعاونين، الذين أعدموا مدنيين في سيناء.

المنشور، الذي كُتب بخط اليد، ودون أي توقيع أو خاتم رسمي، أكد حقيقة الشخصيات التي ظهرت في الفيديو المسرب الذي بثته قناة «مكملين»، وصوّر عمليات الإعدام غير القانونية في سيناء.

وكان مواطنين سيناويين، تعرفوا على أحد الشخصيات التي ظهرت في الفيديو، وتحديداً الشخص الذي استجوب فتى معصوبَ العينين، ثم قام بإطلاق النار على رأسه، وقالوا إنه شخص يدعى «أ ح» وينتمى لفرقة «الصحوات» التي يستعين بها الجيش في عملياته بسيناء.

وأشار بيان الجيش، الذي وزّعه على السكان نهاية 2016، بطريقة غير رسمية، حتى لا يعتبر اعترافاً رسمياً منه بأنه يتعاون مع مدنيين لتنفيذ عمليات خارج إطار القانون، إلى أنه استبعد ذلك الشخص الذي ظهر في الفيديو من قائمة المتعاونين.

وجاء في البيان: «بدايةً نتقدم بالشكر والتقدير لكافة أهالي الشيخ زويد على ما قدموه من جهد ودماء لحماية الوطن من خطر الإرهاب والدفاع عن الدين من الفكر المتطرف، فكر التكفير والتفجير الذي لا يعلم شيئًا إلا كيف تخرب الأوطان».

وأضاف: «اعترافاً منّا بالجميل ولأننا لا نرضى أن يستخدمنا أحد لظلم أهالي الشيخ زويد، وحفاظاً على ما بيننا من ثقة واحترام، قررنا استبعاد كلّ من أساء معاملة الناس، واستغل الثقة الممنوحة له في أهداف شخصية ولا يحق لهم التعرض لأي من أبناء الشيخ زويد، وهم: إبراهيم حماد إبراهيم حماد، وحسين أحمد محمود حسين شويطر، ومحمد سالمان إسماعيل محمد (الهندي)، ومحمود أحمد محمود حسين شويطر، ومحمود علي، ونتمنى دوام الثقة والاحترام ولكم جزيل الشكر».

بشمركة مصرية

ويؤكد البيان ما سبق أن أكدته مصادر أهلية سيناوية، من أن الجيش يستعين بأفراد مدنيين في سيناء لتنفيذ عمليات اعتقال وتحقيق وإعدام. (طالع المزيد)

وكشفت مصادر أهلية أن الجيش قام بتوزيع البيان بعدما اشتكى عدد من كبار عقلاء المدينة من ممارسات «البشمركة»، كما يطلقون عليهم في سيناء.

وأضافت المصادر أن الاسم الأول في البيان هو نفسه الشخص القاتل الذي ظهر في الفيديو، وأن باقي الأسماء هي فرقة «بشمركة» شكلها هذا الشخص.

وقالت المصادر إنه بعد إذاعة الفيديو المسرّب بيوم واحد، قامت «البشمركة»، بعمل نقطة تفتيش في الشيخ زويد، وتحديدا عند مزلقان «الشعراوي»، وألقت القبض على مجموعة كبيرة من الشباب.

وكانت مصادر أهلية متعددة في سيناء، أكدت بشكل حاسم أن الفيديو المُسرب، أبطاله أفراد من تلك المجموعات، كما أنه يُظهر أيضاً جنوداً نظاميين في القوات المسلحة أو كما أطلقوا عليهم حرفياً «من أبناء الوادي».

وأكثر من ذلك، فإن المصادر حددت اسم الشخص الذي ظهر في الفيديو، وهو يسأل أحد الضحايا قبل إطلاق النار على رأسه عن اسمه، وقالت إنه يُدعى «أحمد حماد»، وينتمي إلى قبيلة «الترابين»، وهو شخص معروف أنه مندوب للجيش ويتعامل تحديداً مع قائد معسكر «الشروق»، وأكدت أن الشخص الآخر الذي تحدث إليه هو جندي من جنود القوات المسلحة.

ويقول أهالي سيناء إن «الجيش في الشيخ زويد ورفح ما بيتحرك من دون الصحوات، لأن هم اللي يعرفون المناطق كويس.. والصحوات ما بتتحرك غير بالجيش لأنها بتتحمي فيه».

وتضيف الأهالي أن القصص دي إحنا نعرفها من زمان وعندنا روايات كتير مشابهة، وبالنسبة للفيديو فيه الطرفين (جيش وصحوات)، وإحنا كسيناوية عارفين كويس إن في تصفيات بتتم في حق الأهالي، لكن دي أول مرة يظهر شيء موثق كده بالصوت والصورة، والقاتل اللي في الفيديو البدوي معروف اسمه أحمد حماد وشهرته (عشماوي الزهور)، وكان شغّال في التهريب عبر الأنفاق، وهو شغّال مندوب مع الجيش في معسكر الزهور، وهو مطلوب الآن حياً أو ميتاً، وما خفي كان أعظم»

ونشر نشطاء من سيناء عدة صور قالوا إنها للشخص البدوي ويُدعى «إبراهيم حماد»، الذي ظهر في التسريب، وقالوا إنه يقطن بمدينة الشيخ زويد، وتوعدوا بقتله.

ومع مقارنة الصورة المتداولة وبيانات الشخص مع الشريط المصور، تردد اسمه أكثر من مرة خلال قيامه بتصفية المدنيين العزل، من خلال الشخص الذي قام بتصوير الفيديو، بداية من الثانية 55.

وذكر النشطاء أن «حماد» ينتمي لعائلة «المشوخي»، ومعروف عنه منذ فترة طويلة مشاركة قوات الجيش في الحملات العسكرية، باعتباره يعرف العائلات والقبائل والطرق الصحراوية.

واعتاد الجيش اصطحاب عدد من الشباب في حملات ويعرفون في سيناء بـ«الدليل»، نظرا لعدم معرفة قوات الجيش للطرق الصحراوية ومناطق نفوذ المسلحين.

وأثار ظهور «حماد» في الشريط المصور، ردود أفعال غاضبة في المجتمع السيناوي خلال اليومين الماضيين، وسط توقعات بأن يتم تهريبه من سيناء تماماً خلال الفترة الحالية، خوفاً من أن يبطش الأهالي به.

وأشارت مصادر قبلية إلى أن هذا الشخص وغيره من المتعاونين مع الجيش والشرطة يقيمون في وحدات الجيش، ولا يظهرون بمفردهم، خوفاً من استهدافهم من قبل مسلحي تنظيم «ولاية سيناء»، التابع لتنظيم «الدولة الإسلامية».

وكان الجيش قد أصدر بيانًا ونشر صوراً في 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يُظهر الضحايا ذاتهم الذين ظهروا في الفيديو المسرب، مدعياً أنهم قُتلوا في أثناء تبادل لإطلاق النار.

يأتي ذلك، في الوقت الذي كشفت فيه منظمة حقوقية محلية، تفاصيل أسماء الضحايا الذين تمت تصفيتهم في الفيديو المسرب. (طالع المزيد)

ونفذت السلطات المصرية عمليات تصفية عديدة طالت عددا من النشطاء والمعارضين، أغلبهم من الشباب، وتبين لاحقا أنهم من المختفين قسريا.

ظهرت «فرقة الموت» أو المجموعة 103 في العام 2015 في شوارع مدينة الشيخ زويد ومنطقة الكوثر وحي الزهور وموقف مواصلات المدينة وسط الركاب والأهالي.

وقبل الانتشار الميداني في شوارع المدينة، كان دور المدنيين المساندين لعمليات القوات المسلحة من أهالي سيناء يقتصر على التواجد داخل معسكرات الجيش الذي كان يستخدمهم في التحقيق مع المحتجزين لتسهيل انتزاع المعلومات منهم، نظرا لانتماء كل من المحتجزين والمحققين لعائلات وقبائل المنطقة. في أحيان أخرى كان هؤلاء المدنيون يرافقون حملات الجيش أثناء مداهمتها لقرى جنوب الشيخ زويد وجنوب مدينة رفح وغربها وشرق الماسورة.

وشهدت سيناء مؤخرا حالات من التهجير القسري وثقتها المنظمات الحقوقية خاصة في رفح والعريش، فيما بلغ إجمالي القتلى خارج إطار القانون 107 مدني، منهم 10 نساء و9 أطفال خلال الأشهر الثلاث الأولى فقط من 2017 وبلغ إجمالي المصابين ما لا يقل عن 111 مدني، منهم 28 امرأة، و21 طفلاً في نفس الفترة، طبقا لما ذكرته «منظمة سيناء لحقوق الإنسان» (مستقلة).

وتعيش محافظة شمال سيناء أوضاعا أمنية متدهورة، تحكم حكم الطوارئ منذ أكثر من 3 سنوات، ازدادت سوءا في مدينة العريش، عاصمة المحافظة، ويبدو أن التسريب الجديد الذي يخصم من رصيد الجيش المصري، ربما يدفع بالأوضاع في المنطقة إلى عمليات ثأر وانتقام قبلية تكبد السلطات المصرية خسائر فادحة على كافة المستويات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سيناء تسريب فيديو فبركة حقوق الإنسان قتل تصفية