«ستراتفور»: حماس تخفف نغمة خطابها.. ولكن مبادئها التوجيهية لم تتغير

الأربعاء 3 مايو 2017 04:05 ص

حماس تغير نهجها اليوم، ولو قليلًا. فعندما كشفت الحركة الفلسطينية عن ميثاقها الجديد في الأول من مايو/أيار، من خلال مكتبها السياسي في الدوحة بقطر، كررت الوثيقة إلى حدٍ كبير مضمون برنامجها السابق الذي أنشئ عام 1988. ويعد الميثاق الجديد، على سبيل المثال، باستمرار مرجعية الفكر الإسلامي والمعارضة لـ (إسرائيل)، التي ترفض الحركة الاعتراف بها. لكنّ التغيرات التي حدثت، وإن كانت صغيرة، تعد كبيرة.

وأصدرت الوثيقة بلهجة أكثر ليونة، ودعت إلى الاعتدال والوحدة في المجتمع الإسلامي العالمي، مع تعديل اللغة السابقة عن اليهود في محاولة لتوسيع نطاق دعوة الحركة واسترضاء الجهات الفاعلة الأجنبية. وإذا كانت النسخة النهائية تعترف بالحدود الفلسطينية التي أقيمت فى عام 1967، إلا أنّها تشهد إصرارًا قويًا من الحركة بشكلٍ ثابت على الحدود القديمة التاريخية لفلسطين.

وتعكس هذه التعديلات، إلى جانب التحولات القيادية في صفوف الحركة، الضغوط الكثيرة التي تواجهها حماس داخليًا وخارجيًا. وبينما تحارب حماس من أجل شرعيتها في معقلها بقطاع غزة، وداخل باقي الأراضي الفلسطينية وخارجها، من المرجح أن تقدم حماس بعض التنازلات. ولكن عندما يتعلق الأمر بأمن غزة، فإنّ الحركة تتشدد للغاية، ويمكن أن يؤدي تعنتها إلى تعقيد علاقاتها مع الحلفاء والخصوم على حدٍ سواء.

أزمة اقتصادية وسياسية

تعيش حماس في خضم أزمة اقتصادية. ومما زاد الأمور سوءًا، أنّ السلطة الفلسطينية توقفت مؤخرًا عن دفع مرتبات الموظفين العموميين في قطاع غزة، ووقفت تسليم الوقود إلى محطة توليد الكهرباء الرئيسية في القطاع. ويقصد بهذه التحركات الانتقام من قيام مسؤولي حماس باقتطاع ضرائبٍ على مساعدات الوقود التي تتلقاها غزة من اثنين من كبار متبرعيها وهما تركيا وقطر، كانت تحصل عليها السلطة. وقد عرضت حركة فتح التي تحكم السلطة الفلسطينية، وهي المنافس السياسي الرئيسي لحماس، التخلي عن الضرائب والمساعدة في تخفيف المشاكل المالية التي يعاني منها القطاع، ولكن فقط إذا وافقت حماس على منحها رقابة أمنية وإدارية أكبر. (تواجه حكومة الضفة الغربية مشاكل اقتصادية خاصة، وقد انخفض الدعم المالي للسلطة الفلسطينية إلى أدنى مستوى له في الأعوام الأخيرة). ولكن بالنسبة لحماس، فإنّ تلبية مطالب السلطة الفلسطينية سيكون غير ممكن من الناحية السياسية. وتعتمد الحركة، في نهاية المطاف، على سلطتها على غزة للحفاظ على شرعيتها القائمة بالفعل.

ولزيادة الضغط على حماس، أعلنت السلطة الفلسطينية في 27 أبريل/نيسان أنّها لن تدفع مقابل إمدادات الكهرباء القادمة من (إسرائيل) إلى غزة. واتهم مسؤولو حركة حماس، ردًا على ذلك، رئيس حركة فتح والرئيس الفلسطيني «محمود عباس» بمضاعفة معاناة سكان غزة في محاولة لكسب ود الإدارة الأمريكية قبل رحلته إلى واشنطن، المقرر إجراؤها في 3 مايو/أيار. ومع استمرار الطرفين الفلسطينيين الرئيسيين في أزمتهما الثنائية، قد تؤجج الظروف المتدهورة في غزة المزيد من الاضطرابات بين السكان. وعلى المدى الطويل، يمكن أن تدفع أيضًا مؤيدي حماس في القطاع إلى التحول بدلًا من ذلك إلى الجماعات السلفية المنافسة، مثل جيش الأمة أو حتى تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي قد يقلل من نفوذ الحركة في غزة. وهكذا، لن يكون أمام حماس خيار سوى التسوية مع فتح في نهاية المطاف، على الأقل في القضايا الاقتصادية.

الضغط من كل الاتجاهات

إلى أن يتم ذلك، سيواصل داعمو حماس من الخارج تقديم المساعدات إلى قطاع غزة، وستشجع قطر وتركيا حماس على التفاوض مع فتح في محاولة للحفاظ على علاقاتٍ ضرورية مع السلطة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، فإنّ تركيا لديها أيضًا علاقاتها الدبلوماسية المستعادة مؤخرًا مع (إسرائيل). وتقدم الحكومة التركية المساعدة لحماس، بما في ذلك خطط لإنشاء مركزٍ جديدٍ للهلال الأحمر التركي في غزة. كما تعهدت مصر بتوريد شحنات من المواد الأساسية إلى غزة إذا تخلت الحركة عن بعض سيطرتها على المعبر الحدودي في رفح.

وشهدت علاقة حماس بمصر انفراجةً غير مستقرة نشأت بسبب الضرورة، وهي الأولى منذ اندلاع التوترات بين الطرفين عام 2013، بعد أن أطاح الجيش المصري بحكومة الإخوان المسلمين من السلطة في القاهرة. وتحتاج مصر إلى مساعدة حماس لاحتواء تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء، في حين تحتاج الحركة إلى تخفيف الضغط المصري للحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة.

ويتيح إبقاء الأبواب مفتوحة مع حماس لهذه الدول التأثير على المفاوضات المحتملة مع فتح وكذلك مع (إسرائيل). ويوفر لها أيضا النفوذ الذي يمكنهم استخدامه في تعاملهم مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى في المنطقة. ولكن بقدر ما تحتاج حماس إلى الدعم، فإنّها ستتردد في التخلي عن سيطرتها على الأمن في قطاع غزة. وبصرف النظر عن التغييرات التجميلية في ميثاقها الجديد، تبقى المبادئ التوجيهية للحركة هي نفسها كما كانت في أي وقتٍ مضى.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

حماس وثيقة حماس (إسرائيل) فتح السلطة الفلسطينية