المسلمة الجزائرية رئيسة اتحاد طلاب بريطانيا: «اتهموني بالتطرف ومعاداة السامية»

الثلاثاء 9 مايو 2017 07:05 ص

وصفت الرئيسة الحالية لاتحاد الطلاب الوطني في بريطانيا «ماليا بوعطية»، العام الذي قضته في رئاسة الاتحاد المليء بالاضطرابات بأنه أصعب وقتٍ قضته في حياتها، وقالت إنَّه تسبَّب في إيداعها المستشفى عدة مرات بسبب إصابتها بأمراضٍ تتعلق بالتوتر.

 

التوتر والإجهاد النفسي

وقالت الشابة ذات الأصول الجزائرية، والتي تبلغ 29 عامًا، بعد خسارتها في انتخابات رئاسة الاتحاد يوم 26 أبريل/نيسان في أحد اللقاءات المؤثرة، إنَّها اضطرت إلى الذهاب للمستشفى لتلقي العلاج 5 مرات على الأقل بسبب التوتر، وإنَّها كانت تتناول الأدوية لعلاج قرحة المعدة، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

ودافعت «ماليا» عن عملها خلال فترة رئاستها، وقالت إنَّها تشعر بالفخر كونها أول امرأة سوداء وأول مسلمة تُنتَخَب لهذا المنصب، لكنَّها اعترفت بأن هذا العام الذي قضته في رئاسة الاتحاد كان له تأثيرٌ سلبي عليها، بسبب تكرار الهجوم عليها من جانب كارهي المسلمين، واتهامها بمعاداة السامية، بالإضافة إلى المنشورات المليئة بالكراهية الساخرة منها على الشبكات الاجتماعية.

حيث عانت «ماليا» من الصداع النصفي والإجهاد البدني، وقالت إنَّها شعرت بالانهيار في بعض المرات، وصرَّحت في أول مقابلة لها منذ هزيمتها قائلةً: «كان أصعب عامٍ في حياتي. يا إلهي. لقد عاصرتُ حربًا أهلية، لكن هذا العام كان شاقَّاً للغاية».

وكان طلاب من جامعات بريطانية عدة بينها كامبريدج وأوكسفورد قد هددوا بالانسحاب من اتحاد الطلبة البريطانيين، احتجاجًا على انتخاب الطالبة المسلمة من أصل جزائري «ماليا بوعطية»، رئيسة له، وفق ما ذكر تقرير لقناة الجزيرة.

وتعد «بوعطية» أول امرأة من أصول غير بيضاء تنتخب لرئاسة الاتحاد. وبينما يقول معارضوها إن لديها أفكارًا معادية لليهود ولمحاربة التطرف، تنفي «ماليا» ذلك قائلة: «أعلم أن كثيرين رأوا اسمي يمرغ في الوحل من قبل الإعلام المتطرف، وكتبوا أني إرهابية وسياستي مليئة بالكراهية».

 

 

معاصرتها الحرب

وقد عاصرت «ماليا» عندما كانت طفلةً الحرب الأهلية في مدينة قسنطينة الجزائرية، إذ شهدت تبادلاً لإطلاق النار بين الشرطة والإرهابيين عند مدرستها الابتدائية. وقد هرب والداها الأستاذان الجامعيان إلى المملكة المتحدة بحثًا عن الأمان عندما كانت «ماليا» تبلغ من العمر 7 أعوام. وأصابهما الذعر بسبب تجارب ابنتهما كقائدة للاتحاد الوطني للطلاب في بريطانيا.

وقالت حول ذلك: «كانت مشاعرهما متناقضة، أعتقد أنَّهما كانا فخورين للغاية، ولكنهما تفاجآ بما حدث. فمنذ الإعلان عن فوزي بالانتخابات، تدافع الصحفيون إلى منزلنا». وأضافت: «أتذكر أنَّ والدتي كانت تصرخ قائلةً: تفتخر هذه الدولة بكونها ديمقراطية. وقد اتبعت ابنتي العملية الديمقراطية وفازت، فلماذا لا تقبلون بالأمر؟ كانت تسأل بعصبية: لماذا؟».

وأردفت «ماليا»: «لم يكونا مدركين كيف سيتقبَّل الآخرون الأمر. وقد أصيبا بالذعر لذلك. فكانا يفكران: لقد هربنا بحثًا عن الأمان، لكن ابنتنا الآن وسط هجمةٍ شديدة. لقد كان الأمر صعباً عليهما للغاية».

أما «ماليا» فقد تفاجأت أيضًا بالعداوة الشديدة المُوجَّهة إليها، لكن بدرجةٍ أقل من والديها، فقد كانت ممثلةً مسبقاً عن الطلاب السود في اتحاد الطلاب الوطني لمدة عامين، ووُجِّهَت إليها خلال هذه الفترة اتهاماتٍ بالتعاطف مع الإرهابيين بعد رفضها اقتراحًا بإدانة تنظيم الدولة الإسلامية، وقد وضَّحت وقتها أنَّ اعتراضها كان بسبب صياغة الاقتراح وليس بسبب هدفه، ومع ذلك تلقت تهديداتٍ بالقتل. وقد علقت على ذلك بقولها: «كنتُ أعلم أنَّ هناك ثمناً لهذا المنصب».

وستنتهي فترة رئاسة «ماليا» بنهاية شهر يونيو/حزيران المقبل، وستخلفها الرئيسة الجديدة «شاكيرا مارتن»، النائبة الحالية لرئيسة الاتحاد والمسؤولة عن التعليم المستمر. وأضافت «ماليا»: «لم يكن الأمر ليمضي بسهولة قط، فحدوث أي أمر لأول مرة لا يمضي بسلاسةٍ أبداً».

وقد ظهرت «ماليا» في المقابلة محاطةً باثنين من الداعمين لها، وقد بدا عليها الضعف في بعض الأوقات، لكن لا زالت دوافعها السياسية ثابتة، إذ قالت: «جسدي كان يعبِّر عما يحدث بالانكفاء فحسب، إذ كان يقرر أنَّه لن يتحرك. ولكن أفضل طريقة كنتُ أتعامل بها مع الأمر هي الاستمرار في الحركة. فدائماً ما تحدث العديد من الأمور، وأفضل شيء أعلم كيفية فعله هو مواصلة المقاومة».

 

الإسلاموفوبيا

وقالت إن فترة انتخابها كرئيسةٍ للاتحاد تزامنت مع الفترة التي أصبحت فيها الإسلاموفوبيا أمرًا طبيعيًا، وأصبحت مستهدفة بوضوح. وأضافت: «أعتقد أنَّه كانت توجد العديد من الإهانات، والعمل على التحقير من إنسانيتي بعدة طرق. كنا نتوقع ذلك، لكنك لا تعلم إلى أي مدى قد يصل الأمر إلا عندما تعيشه وتشهده بنفسك. لقد كان الأمر غاية في الصعوبة».

وقالت: «لقد ذهبت إلى المستشفى عدة مرات، خاصةً عندما كان يصل الأمر إلى وسائل الإعلام وتتوالى الهجمات الساخرة على الشبكات الاجتماعية، وأتعرض للمضايقات من المارين في الشوارع الذي يتعرَّفون عليّ».

وأضافت: «لم يكونوا طلابًا، كانوا مجرد أشخاص عاديين شاهدوني في الأخبار ويحوِّلون إحباطاتهم أيًّا ما كانت تجاهي دون فهم السياق الذي جرت به الأحداث. كانت تحركهم مشاعرهم الكارهة للمسلمين. فقد تلقيت سيلاً لا ينتهي من الرسائل المليئة بالكراهية عبر البريد الإلكتروني».

وتابعت: «أراد الناس أن يقولوا بوضوح إنه رغم التزامي بجميع إجراءات العملية الانتخابية السياسية، فإنهم لن يتقبلوا فكرة أنني فزت بها، أو أنني رئيسة لاتحاد وطني، وقد واصلتُ عملي بصرف النظر عما كان يُوجَّه إليّ من اتهامات».

ولا تشعر الشابة المسلمة بالندم على الفترة التي قضتها في رئاسة الاتحاد، ولا زالت تصر على شعورها بالفخر لفوزها في الانتخابات، وتحمُّلها الصراعات والإساءات، وتمكنها من الترشُّح مرة ثانية برغم عدم نجاحها في نهاية الأمر.

 

اتهامات بمعاداة السامية

وقد قالت إنَّ أكثر شيء يستدعي الفخر هو عملها فيما يخص مناهضة العنصرية والحث على الإندماج. لكن أيًا كانت إنجازاتها، فستُذكَر رئاستها للاتحاد بأنَّها كانت محلاً للخلافات: «فبعد انتخابها، كانت هناك أصوات في 26 اتحاداً طلابياً تنادي بالانفصال عن اتحاد الطلاب الوطني، وقد صوَّتت ثلاثة اتحادات لصالح الانفصال».

وقد تبع تقلُّدها لمنصب الرئاسة اتهامات لها بمعاداة السامية بعدما وصفت جامعة برمنغهام بأنَّها «بؤرةٌ صهيونية» في عام 2011، وانتقدت بعدها بثلاث سنوات «المنصات الإعلامية السائدة التي يقودها الفكر الصهيوني».

وقد نفت «ماليا» مرة أخرى في المقابلة أنَّها معادية للسامية، وقالت إنَّها طبَّقت أفضل سياسة شاملة للتعامل مع معاداة السامية في تاريخ اتحاد الطلاب الوطني. وقالت إنَّها ندمت على ما قالته منذ سنوات، واعتذرت عنه، ومع ذلك ظل العديد من الطلاب اليهود يعتبرونها شخصيةً مزعجة.

وعن «شاكيرا مارتن»، التي ترشحت أمامها وفازت بالمنصب، والتي تعتبر نفسها وسطية وعملية، وأنَّها ستعمل على رأب صدع اتحاد الطلاب الوطني المتشقق، قالت «ماليا»: «لا أختلف مع أي شيء قالته. لقد قرر الناس المرشح الذي يريدونه، لكنَّني لا أرى اختلافاً كبيراً بين سياساتنا. سيكون الأمر حماسياً للغاية للناس».

 

مواصلة شغفها بالسياسة

وتخطط ماليا لتكريس الأسابيع الأخيرة في فترة رئاستها لإدارة حملتها للترشح في الانتخابات العامة. وفي وقتٍ ما، ستعود إلى دراستها العليا لدراسة نظرية واللغة ما بعد الاستعمارية في جامعة برمنغهام، كما تنوي مواصلة شغفها السياسي على المستوى المحلي وليس على مستوى الأحزاب، إذ ستدير حملة مناهضة للبرنامج الحكومي «Prevent - المنع» لمكافحة الإرهاب، وستعمل كذلك على معارضة عمليات الترحيل. كما أنها مخطوبة وتنوي الزواج.

وبالتأمل في العام السابق، اختتمت حديثها قائلة: «عادة ما أخبر الناس أن ذلك العام كان أشبه بركوب الأفعوانية، ولكن بدرجة أشد، لقد أحسّ العديد منا بالقوة عند معرفة أن شخصًا بتاريخ مثل تاريخي، وله آراء سياسية يؤيدها الكثيرون، يمكنه أن يشغل منصب رئاسة اتحاد وطني».

المصدر | الخليج الجديد + هافينغتون بوست

  كلمات مفتاحية

الجزائر إسلام اتحاد طلاب رئيسة انتخاب معاداة اضطهاد إسلاموفوبيا بريطانيا