«فاينانشيال تايمز»: شروط صندوق النقد تضع فقراء مصر على حافة الجوع

الخميس 11 مايو 2017 05:05 ص

في أثناء انتظار «زينب أحمد» وصديقتها لأرغفة الخبز المدعوم والتي اشترياها للتو لتبرد، كانتا تتحدثان عن مدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكيف يجبر ذلك عائلتيهما على تغيير عاداتها الغذائية.

وتقول «زينب»: «لقد أصبحت الأسعار مجنونة. وقد تضاعف سعر الأرز حتى صرنا نأكل الخبز بدلًا منه»، وذلك خارج مخبز في إمبابة، وهي منطقة فقيرة في القاهرة. وقالت زوجة الحداد أنّها قد ضاعفت كمية الخبز التي تشتريها في الأشهر الأخيرة.

وتقول «بشرى طلعت»، صديقتها، أنّ عائلتها المكونة من خمسة أفراد قد استبدلت الخبز مكان الأرز والمعكرونة في الوجبات الثلاث.

وهي ليست وحدها في ذلك. ففي الأشهر الأخيرة، اضطر العديد من المصريين الفقراء إلى زيادة اعتمادهم على الخبز المدعوم من الحكومة، في محاولة لمواجهة التضخم في أسعار الأغذية والذي بلغ 41% في شهر مارس/آذار. وهي ظاهرة تؤكد أنّ الفئة الأفقر بين المصريين تشعر بألم الإصلاحات التي نفذتها الحكومة لتأمين حزمة قروض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. وتوضح كيف أنّ برنامج الخبز الحكومي المدعوم، الذي يكلف الرغيف منه 5 قروش فقط، يعمل كحماية حيوية ضد الجوع وصمام أمان لمنع الاضطرابات الاجتماعية.

ويقول «أشرف سيد أحمد»، وهو خباز في إمبابة، أنّه اعتاد خبز 18 جوالاً من الدقيق كل يوم، لكنّ هذا قد ارتفع الآن ليصل إلى ما بين 24 و26 جوالًا.

وأضاف: «تعب الناس من ارتفاع الأسعار، وكذلك نحن.. كل شيء قد ارتفع سعره».

ويقول «علي مصيلحي»، وزير التموين والتجارة الداخلية، المسؤول عن برنامج الخبز المدعوم ب 2.5 مليار دولار: «كان المتوسط ​​ثلاثة أرغفة للشخص الواحد في اليوم، والآن هو أكثر من ذلك. ونرى هذا أكثر وضوحًا في الريف منه في المدينة».

ويعتقد أنّ جزءًا من الزيادة في المناطق الريفية نتيجة لتغذية الناس للحيوانات الزراعية بالخبز لأنّه أرخص من علف الماشية.

وأضاف: «لا يوجد شيء أقل تكلفة من كيلوغرام واحد من الخبز المدعوم لا يزيد عن 50 قرشًا فقط».

ويحق لنحو 90% من السكان، أي 84 مليون نسمة، الحصول على خمسة أرغفة يوميًا في إطار برنامج الدعم الحالي، ويعيش 28% من المصريين تحت خط الفقر، في حين يقف الملايين فوق هذا الخط مباشرةً.

ويعد أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار المواد الغذائية قرار الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني بتعويم الجنيه، وهو أحد شروط قرض صندوق النقد الدولي، وبعد ذلك انخفضت قيمة العملة المحلية مقابل الدولار.

كما طلب الصندوق من القاهرة خفض دعم الوقود، حيث تساعد الإصلاحات على استعادة ثقة المستثمرين في اقتصاد مصر. غير أنّ المقرض ظل بعيدًا عن التخفيضات المطلوبة لبرنامج دعم الخبز الذي تعتبره الحكومات المصرية المتعاقبة أمرًا حاسمًا لتحقيق الاستقرار السياسي. وفي عام 1977، انتشرت أعمال شغب في المدن المصرية بسبب الخبز، بعد أن ألغت السلطات الدعم الغذائي في محاولة لتأمين قروض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

ولا يزال دعم الخبز مسألة حساسة جدًا، فحين حاول السيد «مصيلحي» تعديل النظام في شهر مارس/آذار، اندلعت احتجاجات في عدة مدن مصرية. وكانت خطته فقط هي تقليل عدد الأرغفة التي يمكن أن يبيعها الخبازون للأشخاص الذين لا يحملون البطاقات الإلكترونية اللازمة لإثبات أنّهم مؤهلون للحصول على الخبز المدعوم. لكنّه أُجبر على عكس القرار، على الرغم من أنّه يقول أنّ العديد من الخبازين يسيئون استخدام النظام.

ويبلغ سعر رغيف الخبز في السوق المفتوحة 15 مرة على الأقل من سعر ذلك الذي تنتجه المخابز التي تعاقدت معها الحكومة لتقديم الأرغفة المدعومة.

ويقول السيد «مصيلحي» أنّه يرغب في إدخال إصلاحات من شأنها أن تجعل النظام أكثر كفاءة وتكبح تسريب الدقيق المدعوم إلى السوق السوداء، والتي يقدرها بنسبة تتراوح بين 15 و20% من الكمية الموردة للخبازين.

ويقول أنّ إحدى الطرق للقيام بذلك هي زيادة سعر الخبز وتعويض الناس عن الفارق بدعم نقدي مباشر. غير أنّه يدرك أنّه في وقتٍ يتسم بالتضخم المرتفع وتقلب الأسعار، فهي ليست اللحظة المناسبة لتنفيذ هذا النظام.

ويضيف: «نحن بحاجة إلى كل جنيه لتقليل العجز في الميزانية وتحسين الاقتصاد. لكن الآن الأسعار ليست مستقرة والتضخم مرتفع للغاية. وإذا استطعنا جلب الاستقرار للتضخم، فأنا تمامًا مع الدعم النقدي المباشر. لكنّ الهدف من الدعم هو حماية الفقراء والمحتاجين من أجل تزويدهم بالسلع الأساسية. وإذا لم نحقق هذا الهدف، فإنّ ما نفعله سيكون شيئًا خاطئًا».

  كلمات مفتاحية

مصر صندوق النقد تعويم الجنيه خفض الدعم

رايتس ووتش تعلق على دعوة السيسي للمصريين بقبول الجوع كثمن للتنمية